علي الرغم من أن البورصة المصرية تعد واحدة من أقدم البورصات التي تم إنشاؤها في الشرق الأوسط، حيث تعود جذورها إلي القرن التاسع عشر عندما تم انشاء بورصة الاسكندرية في عام1883 وتلتها بورصة القاهرة عام1903 إلا أنه مازال الجدل مستمرا حول تحليل وتحريم الاستثمار في الأوراق الماليه خاصة عن طريق آلية المضاربة التي لا ينكر وجودها أي من القائمين علي سوق المال. وتلقت دار الإفتاء المصرية، خلال الأسبوع الماضي تساؤلات حول حكم الشرع في التربح من البورصة عن طريق المضاربة أو عن طريق أسهم الشركات التي تتعامل في السياحة أو الخمور علي سبيل المثال. وقالت دار الإفتاء المصرية: إن شراء أو بيع الأسهم بالبورصة بغرض المضاربة لا يجوز شرعا. وأضافت أن التعامل في البورصة بشراء أسهم الشركات التي تتعامل فيما أحله الله تعالي جائز شرعا، بشرط أن يكون الشراء بقصد المشاركة في التجارة أو الصناعة، أما إذا كان بقصد المضاربة علي هذه الأسهم فلا يجوز شرعا. وأوضحت في ردها علي سائل أخر، أن البورصة في الأصل هي وسيلة للتمويل وليست سوقا للقمار، فمن حولها عن مقصودها فهو آثم شرعا. و خبراء البورصة يرون أن المضاربة هي إحدي الآليات الموجودة في السوق المصري، ويلجأ إليها العديد من المستثمرين خاصة الأجانب من أجل تحقيق الربح السريع لكنها تختلف عن التلاعب الذي تجرمه قوانين سوق المال. وقال محسن عادل، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن هناك فرقا جوهريا بين المضاربة الصحيحة التي تسهم في زيادة السيولة والمضاربة بهدف التلاعب المخالفة لقوانين السوق، وهو أن المضاربة بهدف التلاعب يكون الهدف الأساسي منها التأثير في سعر السهم ثم بيعه أو شراءه، وليس تملك السهم تحسبا لارتفاعه أو بيعه تحسبا لانخفاضة بشكل سريع نسبيا، ولا يكون التلاعب فقط عن طريق المضاربة، وإنما هناك أساليب وممارسات مختلفة.وأضاف أن التلاعب يكون باستخدام أي وسيلة لإظهار السهم أو أي ورقة مالية بمظهر خادع مخالف للواقع، مثل نشر الاشاعات غير الصحيحة، وعمل تداول وهمي لإظهار اهتمام مصطنع من قبل السوق للسهم أو لمجموعة من الأسهم، أو زيادة كبيرة وهمية في كميات الطلب بهدف البيع، أو زيادة كبيرة وهمية في كميات العرض بهدف التجميع، وعادة ما تكون الزيادة كبيرة جدا في الأسعار القليلة للطلب والأسعار المرتفعة للعرض. وتابع: بينما تكون المضاربة بناء علي معلومات مهمة يعتقد المضارب أنها ستؤثر علي سعر السهم، حيث تكون السرعة في اتخاذ القرار هي العامل الأساسي في الصفقة، لأنه قد يستغرق من الآخرين وقتا أطول لاتخاذ قرار البيع أو الشراء. وأوضح أن المضاربة لها فوائد فهي تحقق الربح للمضارب وتوفر السيولة بشكل أساسي عن طريق صانع السوق كميات العرض والطلب وزيادة معدلات التداول عن طريق المضاربين الآخرين حجم الصفقات، وبالتالي فهي داعم لاستمرار عمل السوق بشكل جيد، ولكنها لا تكون من دون مخاطر كبيرة، فعادة ما يعاني المضاربون من خسائر كبيرة بشكل مفاجئ تمحو أرباحا تم تجميعها علي مدي فترات طويلة. وقال محمد النجار، محلل أسواق مال، إنه علي الرغم من أن السؤال عن الحلال والحرام في البورصة ليس بجديد، وغالبا ما يكون من المتعاملين الجدد علي مر السنوات، إلا أنه في النهاية يرجع إلي سلوك المستثمر، الذي لا يكون مصريا فقط، ولكن هناك أفرادا علي اختلاف دياناتهم ومستثمرين عربا وأجانب. وأضاف أن الجميع يعرف أن المتعامل الأجنبي في الغالب يكون مضاربا وليس مستثمرا فهو يبحث عن ربح سريع، حيث إنه إذا وجد في السوق المصري فرصة للاستثمار فهو موجود لاقتناصها، دون الاعتماد علي الاستثمار الطويل الأجل. وأضاف أن الأصل في البورصة هو أن تكون وسيلة للتمويل، ووسيلة لعمل مشروعات كبري عن طريق الاكتتابات في أسم رأس المال للشركات، أما كونها مرتعا للمضاربين فهو ما يتنافي مع القيم والمباديء وقوانين سوق رأس المال. وأكد أن لقيادات سوق المال، دور في ذلك وهو تشديد الرقابة علي التداولات، واتخاذ إجراءات من شأنها أن تقنن المعاملات، موضحا أنه علي سبيل المثال فقد قامت الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرا بتعديلات في تنظيم مزاولة شركات السمسرة في الأوراق المالية وأمناء الحفظ لعمليات شراء الأوراق المالية بالهامش أهمها أقصي من التمويل الممنوح من الشركة للعميل للاستثمار في ورقة واحدة وهو ما يقلل من المضاربات، فضلا عن إحالة شركتين للمضاربة في العملات للنيابة العامة. وفي محاولة لإنهاء حالة الجدل الدائر، سعت الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي لعمل مؤشر خاص بالأسهم المتوافقة مع الشريعة في البورصة المصرية. وقال محمد البلتاجي، رئيس الجمعية، إن المؤشر لن يدعو المستثمر إلي شراء أسهم أو الابتعاد عن أخري لكنه يقدم يد العون للمستثمر الذي يتوخي الجوانب الشرعية في تعاملاته.