العولمة الرأسمالية وحدت قواعد الاختلاس والتلاعب بأموال الفقراء وحدت العولمة" الرأسمالية " قواعد الاختلاس والتلاعب بأموال الآخرين ، من الفقراء والطبقة الوسطي في العالم ، عن طريق عولمة " أسواق المال" ومنها بورصات بلادنا التي تقودها "وول ستريت" بالاستحواذ علي مدخرات الناس وأموال صناديق المعاشات عن طريق اشاعة التفاؤل في الأرباح السريعة والأرباح المستقبلية الضخمة !! لتسود حمي الشراء والاستهلاك والاقتراض بفوائد عالية وتتوالي عمليات المضاربة علي أوراق الأموال الوهمية ( أسهم/ سندات .. الخ) علي حساب الاقتصاد الحقيقي الذي يتراجع أمام تلك الأوهام وحين ذلك لا تعبر تلك (الأوراق) بأي صورة من الصور عن القيمة المادية للأصول والممتلكات القائمة في الاقتصاد الحقيقي ، فيحدث الانهيار كما حدث في أزمة 2008 ، وتسود حمي بيع الأوراق بأي قيمة ولو اقتربت من القاع ، وهنا تسقط الثمار في خزائن "خفية" يعيدون تدويرها في السوق العالمي في دورة أخري . انه اقتصاد الريع والفائدة والسمسرة وعولمة طبقة الادارة العليا الجديدة (الفاسدة) ، انها عولمة اختلاس " أموال الأخرين " وهو عنوان كتاب صدر في عام 1914 بعنوان other peopels money لرجل القانون الاقتصادي الأمريكي " لويس براندز" ، استعان به الرئيس " وودرو ويلسون" الذي تولي رئاسة الولاياتالمتحده في 1912 وتبني حزمة من الأفكار التقدمية في مواجهة احتكارات البنوك والمؤسسات المالية ، وأساليبها الخفية في استنزاف مدخرات الشعب الأمريكي لصالح الأقلية المالية المحتكرة في ذلك الحين ، وسيطرتها علي الشركات الصناعية ، والسكك الحديدية وشركات الخدمات عن طريق الألعاب المالية والتداخل بين تلك الأقلية المالية والبنوك ، والسيطرة علي الحكومة ومن أشهر ممثلي هذه الاحتكارات j.p.morgan و charles mellen ) وفي 1991 أنتجت "هوليوود" فيلم other peopels money the عن تلك الفترة (بدايات القرن العشرين في u.s.a ) للمخرج القدير " نورمان جيوسون" بطولة الايطالي القدير " داني دي فيتو"، وجريجوري بيك ، وتيموثي أن ميللر " ، ويعرض هذا الفيلم الذي مازال مطلوباً للمشاهدة حتي اليوم ومن خلال رؤية عميقة عن كيفية سيطرة اقتصاد رأس المال المالي علي كيانات الاقتصاد الرأسمالي الصناعي ، و"تقطيعها"! وبيعها بالاستحواذ علي الأسهم من خلال بورصة " وول ستريت" والمضاربة بها ، وكيف يتحقق النجاح المالي دون أدني مشاعر انسانية ، وتضيحة رجل البورصة ( داني دي فيتو) بالعاطفة والرغبة التي شعر بها تجاه المحامية الموكلة عن رجل الصناعة " جريجوري بيك" من أجل انتزاع الشركة منه!! مصانع الوهم واختلاس الآخرين .. اسمها " أسواق المال " تحرير " أسواق المال " هو أحد أهم عناصر سياسات العولمة الرأسمالية السائدة ، يتولي ادارتها الثالوث البيروقراطي الدولي ( البنك والصندوق ومنظمة التجارة العالمية ) باقرار حرية انتقال رؤوس الأموال عبر الحدود في سبيل تحقيق النمو والتشغيل في النطاق العالمي !!! وهي حرية انتقال أموال الأغنياء عابري الحدود والحكومات للاستحواذ علي ثروات وأموال الأخرين في بلادنا ، وجني الفوائد والأرباح الرأسمالية واكتنازها لاعادة اقراضها لحكوماتنا " المحوكمة" !! الشق الثاني من سياسة " التحرير " هو خصخصة " القطاع المالي" داخل الحدود بما يضمه من بنوك / شركات تأمين / شركات الوساطة في الأوراق المالية / شركات للاستشارات والتقييم المالي ... لماذا ؟ لأن عمودي هيكل معبد الخصخصة لا ينفصلان ، فالأول يمثل جانب العرض بما يضمه من بيع القطاع العام والخدمات العامة ، والثاني يمثل جانب الطلب من استحواذ رؤوس الأموال " المتنقلة " عبر الحدود علي عملية الشراء ، في معبد "سوق المال" بادارة واشراف الكهنة من البنوك وشركات الترويج والوسطاء ... !! وكان أول التزامات الحكومة المصرية في اطار تحرير التجارة الدولية بعد اعتماد اتفاقية منظمة التجارة العالمية في 1995 هو الالتزام بالتحرير الكامل للقطاع المالي دون ضوابط أو قيود ، عدا القيد علي العمالة الأجنبية ، وكان قد صدر قبل ذلك قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 الذي وضع الأحكام اللازمة لعودة البورصة المصرية العامة (بورصتي القاهرةوالإسكندرية ) بعد توقفها عام 1961 اثر اجراءات التأميم، وكذلك النص علي السماح بانشاء بورصات خاصة - لم يتم ذلك في الواقع - كذلك السماح بتأسيس أشكال من الشركات المالية الجديدة علي السوق المصري مثل " الترويج " و " التوريق " - أي تحويل الديون النقدية الي أوراق مالية - وشركات رأس المال المخاطر والتي تقوم علي شراء الشركات الخاسرة أو المتعثرة ماليا واعادة هيكلتها ثم بيعها . وبعد بداية النشاط الفعلي للبورصة المصرية رسميا بعامين وفي غضون عام 1997 وقع صغار المستثمرين في " الوهم " المحلي حينما تم طرح نسب من أسهم عدد من الشركات العامة ( المطاحن ) و( الكابلات ) و(العامرية للغزل والنسيج) وغيرها وذلك بأسعار مبالغ فيها لسعر السهم نتيجة التقييم الوهمي غير العادل وسرعان ما انخفضت الي 10 أو 20 % علي اقصي تقدير من سعر شرائها حينما تم تداولها مرة أخري لصالح كبار المستثمرين أو المضاربين المحليين . ظل نشاط البورصة المصرية محليا ومحدودا حتي عام 2003 ، وفي عام 2004 ومع تولي أحمد نظيف رئاسة الحكومة بدأ النشاط يتزايد بفعل الترويج لدي المستثمرين العرب وهم في الغالب مجموعات مالية تعمل بالمضاربة في البورصات العربية وتنتقل فيما بينها ، مع ادخال جزء من أموالهم غير الشرعية القادمة من أوروبا بغرض غسيل الأموال الي حين الانتقال بالاموال والمكاسب مرة أخري الي أسواق المال العالمية بعد تنظيفها في البورصات العربية ومنها البورصة المصرية . الا ان المخاطر الكبري جاءت حينما نشأت علاقات الارتباط العضوي بأسواق المال الدولية وصناديق الاستثمار الأجنبية من خلال مسارين : الأول : حينما تم قيد عدد من الشركات المصرية في بورصة لندن عن طريق الأداة المالية (شهادات الايداع الدولية ) التي يتم تداولها هناك وتمثل الشهادة قيمة معينة لأسهم الشركة ومن أهم هذه الشركات " أوراسكوم تليكوم وأوراسكوم للانشاء والصناعة والمصرية للاتصالات والبنك التجاري الدولي وحديد عز وهيرمس" وحيث تمثل تلك الشركات أكبر نسبة من حجم الأسهم وقيمة رأس المال السوقي في البورصة المصرية ، فان ما تتعرض له بورصة لندن المرتبطة ببورصة " وول ستريت " من خلال أنشطة المضاربة تتاثر به علي الفور البورصة المصرية ، وقد ظهر ذلك بوضوح في الأزمة المالية العالمية في عام 2008 الثاني : صناديق الاستثمار الأجنبية والتي تمثل نسبة متزايدة في اجمالي قيمة التداول في البورصة المصرية منذ عام 2006 وحتي الآن ، حيث ارتفعت من 12،3 % في 2006 ووصلت في عام 2008 الي 19،5 % ، وتلك النسبة تتراوح ما بين 15 % - 20% حسب ظروف السوق . وهي نسبة مؤثرة لأنها تمثل تكتلات مالية في مقابل الأفراد المصريين. بدأ تحفز الأجانب لدخول البورصة المصرية منذ عملية طرح أسهم شركة الأسكندرية للزيوت البترولية " أموك" في عام 2005 ، وكذلك أسهم الشركة المصرية للاتصالات في نفس العام ، التي اندفع الي شراء أسهمها كتلة كبيرة من صغار الموظفين والحرفيين وربات البيوت دون وعي منهم أو خبرة بهذا السوق المتوحش أملين في الفوز وتحدوهم طموحات الاستثمار والملكية وتداعبهم أحلام الثراء وربما سيارة أوشالية في الساحل الشمالي أو الشرقي أو علي أقل تقدير تحقيق " الستر" في المعيشة ، ولكن الحلم ضاع في صناديق الاستثمار الأجنبية التي استحوذت علي الأسهم بأقل من قيمتها الاسمية . المسارات السابقة لا تخلو من دلالات ويؤيدها الوقائع المتكررة في التداول ، حيث أن "البورصة المصرية " هي البورصة الأولي في المنطقة العربية التي يلعب فيها الأجانب دورا مؤثرا وتستطيع أن تري بوضوح كيف يرتفع مؤشر الأسعار حينما يشتري الأجانب ، وكيف يتراجع حينما يبيعون وهم يتحكمون في السعر من خلال الكميات الكبيرة يساعدهم علي ذلك مجموعات من المضاربين المحليين في " سوق المال" ومن الدلالات المهمة علي ارتباط البورصة المصرية بالعمليات الأجنبية مؤشر حجم رأس المال السوقي " قيمة الأوراق المالية الاجمالية المتداولة " الذي يهبط ويصعد حسب نشاط الأجانب بيعا وشراء ، ففي عام 2006 كان رأس المال السوقي 534 مليار جنيه، زاد في عام 2007 الي 768 مليار جنيه " من المعروف أن البورصة المصرية حققت أرباحا كبيرة في ذلك العام نتيجة دخول الأجانب بشكل متزايد الي البورصة " ، وانخفض في عام 2008 الي 474 مليار جنيه " عام الأزمة المالية العالمية " وهو في الوقت الحالي تصل قيمته الي 420 مليار جنيه حاليا ، فالمحصلة الحقيقية من الأرقام السابقة " خسائر " من تدفقات الأموال الأجنبية " الساخنة " والتي يتم احتسابها في " تدفقات الاستثمار الأجنبي " التي تتحاكي بها " حكومة تنظيف جيوب المصريين "!! بينما هؤلاء المصريون من صغار المستثمرين الافراد هم أنفسهم الذين ساندوا البورصة في " أيامها السوداء " ما بين عامي 2008 و2010 ، بمشترياتهم الأسهم حينما ينسحب العرب والأجانب، فتبلغ نسبة المصريين فيما بين 65% الي 75% من حجم السوق، وفيما يبدو أن المصريين ادمنوا الديون والخسائر!