التصنيع الزراعي هو بوابة التنمية الشاملة في بلد في ظروف مصر, ذلك لأن تصنيع المنتجات الزراعية يحقق العديد من الأهداف أهمها دعم القطاع الزراعي لأنه يوفر فرصة لما يعرف بالقيمة المضافة الي جانب خفض هدر المنتجات الزراعية وشراء المحاصيل من المزارعين باسعار اعلي وتصدير فائض الانتاج الي الخارج الي جانب المساهمة في إدخال تكنولجيا جديدة ودعم خطط التنمية في المناطق الريفية والمحافظات الثانية وتوفير الآلاف من فرص العمل لأبناء هذه المناطق. بداية تشير البيانات الي أن فاقد الخضر والفاكهة في مصرتصل الي قرابة30% من انتاج حجمه23 مليون طن لايصدر منه غير3 ملايين طن, ومايتم تصنيعه لايتجاوز3% فقط مما يتطلب تشجيع مشروعات التصنيع الزراعي وتوفير البنية المطلوبة التي تحتاج إصلاحا تشريعيا للعديد من القوانين التي مضي علي بعض منها مائة عام وأخري منذ النظام الاشتراكي وثالثة تعتبر أداة للفساد. وبداية يقول الدكتور جمال صيام الاستاذ بزراعة القاهرة انه من المفترض ان يكون التصنيع الزراعي قاطرة إنقاذ للاقتصاد الوطني والتنمية الزراعية والصناعية ايضا وهذه الرؤية لها مبرراتها المتعددة لأن مصر عندما تقوم بتصنيع المنتج الزراعي فها يعني قيمة مضافة لذلك المنتج سواء كان من محاصيل الخضر والفاكهة وهذه خدمة تضاف لقطاعي الزراعة والصناعة, ايضا. فمثلا الخضار له ثلاث طرق تسويقية, إما استهلاكه طازجا او التصدير او التصنيع ومصر تنتج سنويا23 مليون طن خضر وفاكهة لاتصدر أكثر من3 ملايين طن بسبب سوء النوعية وعدم مطابقتها للمواصفات التي يطلبها المستهلك الأوروبي او غيره عموما ومن هنا فإن الفاقد لا يقل عن30% أي ثلث الانتاج لأن مايتم تصنيعه من هذا الانتاج السنوي لايتجاوز3% فقط إذن الفاقد كبيرجدا ويعني هذا انه لا يوجد تنسيق بين الصناعة والزراعة وهذا لايحدث إلا في الدول المتخلفة ويسمي بضعف الروابط بين القطاعات الصناعية والزراعية مما يضعف نسبة التصنيع ويجعلها قليلة وهذا الضعف بين الزراعة والصناعة له أسباب منها عدم مطابقة المنتجات الزراعية للتصنيع او التصدير بحصة كبيرة تستوعب الفائض عن الاستهلاك المحلي فمثلا انتاج مصر من الطماطم7 ملايين طن سنويا ونسبة التصنيع للفائض كصلصة لا يتجاوز نصف في المائة وذلك بسبب عدم مطابقة الانتاج للمواصفات المطلوبة وفي ذات الوقت الباقي لاستهلك محليا ولا يصدر خارجيا وبالتالي تفقد مصر هذا الجزء. السبب الثاني يتمثل في عدم وجود قنوات تسويق ترتبط المنتج الزراعي بالمصنع وهذا يستلزم وجود نظام الزراعة التعاقدية من أجل التصنيع وهذا نظام غير موجود بمصر, أيضا لكي يصبح التصنيع الزراعي أداة نهوض بالاقتصاد الوطني. فإن إنشاء محطات تعبئة وتغليف عامل أساسي في طلك لأنها ترتبط بين المنتج والمصنع ايضا, حيث يمكن لهذه المحطات توريد وتوفير مايحتاجه التصنيع من كميات سواء في الخضار او الفاكهة من خلال وسائل الحفظ التي تتبعها هذه المحطات. يضيف د. صيام أن كل هذا يحتاج الي ضخ استثمارات كبيرة من القطاع الخاص في التصنيع الزراعي مع تحفيز من الحكومة لهذه الاستثمارات وهذا من خلال اعفاءات ضريبية او قروض ميسرة بفوائد معقولة وتسهيلات في السداد وذلك لتشجيع القطاع الخاص علي ضخ الاستثمارات. ويري ايضا ان يتم ذلك من خلال تقوية التعاونيات لتصبح قادرة علي القيام بالزراعة التعاقدية التي تمثل أداة رئيسية لقيام التصنيع الزراعي. فيما يري طارق توفيق نائب رئيس اتحاد الصناعات ان حجم صادرات الصناعات الغذائية بلغ20 مليار جنيه العام الماضي وهذه شهادة ثقة في المنتج المصري ومواصفاته بدليل انه يصدر لقرابة70 دولة مابين اوروبية, افريقية, عربية, وايضا مقومات نجاح التصنيع الزراعي موجودة بمصر ولكنها تحتاج الي إدخال بعض الخطوات والسياسات والإصلاحات التشريعية لتحقق نجاحات اكبر كالتي وصلت اليها بعض الدول الأخري, ومن بين ما يحتاجه التصنيع الزراعي ضرورة تخصيص الاراضي لأصحاب المشروعات والمستثمرين لاستصلاحها وزراعتها لتوفير مدخلات المنتج التي تعد كلها زراعية وهذا يتطلب من الحكومة انهاء اجراءات التراخيص الخاصة بهذا التخصيص الذي نجده يحتاج من المستثمر الحصول علي موافقات من جهات ووزارات عديدة واتساءل اين نظام الشباك الواحد السابق الاعلان عنه ؟ المطلوب ان تقوم الحكومة بتحديد جهة معينة يتعامل معها المستثمر وليس عدة وزارات وان تكون الارض المخصصة مكتملة الاجراءات حتي تشجع المستثمرين علي ضخ استثماراتهم وان تكون مسئولية المستثمر وتعاملاته مع جهة محددة بها كل مايلزم القيام به من اجراءات لإنهاء الترخيص الخاص بالحصول علي ارض مشروعة. ويضيف ان اكتمال منظومة التصنيع الزراعي يدعم الاقتصاد الوطني ومن المهم صدورقانون سلامة الغذاء وقرار الهيئة المنوط بها مراقبة الغذاء المعروض بالأسواق والتأكد من سلامته ومطابقته للاستخدام الآدمي لأن هيئة سلامة الغذاء هذه تتنازع عليها سبع وزارات مابين الصحة, الزراعة, البيئة, الصناعة, الي غيرذلك. كما يطالب نائب رئيس اتحاد الصناعات بضرورة تطوير التشريعات والقوانين الموجودة حاليا لأن هناك2500 تشريع منها ما يرجع الي مائة عام ومنها ما يعود للنظام الاشتراكي وهذه التشريعات التي لم تطرأ عليها تعديلات او إصلاح آلية للفساد وايضا أحد معوقات الاستثمار والمستثمرين. كما يقتضي الأمر تطوير آلية البحث العلمي بحيث يتعامل مع متطلبات السوق وان يشارك القطاع الخاص في تكلفة هذاالتطوير لأنه سيكون وفقا للمشاكل التي يعانيها القطاع الخاص كل في تخصصه الصناعي. ايضا لابد من تعديل قانون التعاونيات الزراعية لأنها الجهة الوحيدة التي يمكنها ايجاد التجمعات الزراعية الكبيرة التي تساعد علي تطبيق الدورة الزراعية, الارشاد الزراعي, انشاء مشروعات للتصنيع الزراعي لوجود مستلزمات المشروعات من الانتاج الزراعي. وأخيرا ضرورة تطوير التجارة الداخلية ومنافذ البيع كما في الدول الأخري. ويقول الدكتور محمد الشافعي رئيس شعبة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات ان التصنيع الزراعي هو تحويل المنتج الزراعي من انتاج لا يخزن الي سلعة يتم تخزينها وهذا يتم في اللحوم البيضاء والألبان والخضر بحيث يمكن تخزين هذه السلعة المصنعة صلصلة لمدة تصل الي عدة شهور وهذا يساعد علي توفير الفاقد الناتج من عمليات الحصاد والنقل والتخزين وهذا يساعد علي فتح اسواق تصديرية بالخارج مما يعود بالعملة الصعبة. التصنيع الزراعي يحسن من اقتصاديات المحاصيل الزرعي كما أنه يوفر فرص عمل لشباب كثيرين مما يعود علي المواطن المصري بتحسن حالته الحياتيه وهذا يعني حدوث طفرة في الإقتصادي الوطني لأن اقتصاد مصر في حاجه إلي تشجيع الاستثمارات فيه وإنشاء المشروعات وان الزراعة اداة الصناعه الرئيسية التي تعتمد عليها ويأتي التصنيع الزراعي في مقدمة الصناعات التي تمنح المنتج الزراعي قيمة مضافة وهذا ما يجب التوجه إليه المرحلة المقبلة لإضافه عائد إقتصاد للمحصول الزراعي. ومن وجهة نظر الدكتور يحيي سلام استاذ الصناعات الغذائية بزراعة القاهرة ان التصنيع الزراعي ضرورة للاقتصاد الوطني لأنه تصنيع للفائض عن حاجه الاستهلاك المحلي وذلك بهدف تعظيم الفائدة ما يزيد في النهاية من فترة استهلاك المنتج ويجعله تداولا بالأسواق طوال العام وفي ذات الوقت من الممكن ان يصدر المنتج الزراعي المصنع إلي الأسواق الخارجية وهذا أداة لجلب العملات الصعبه للدولة مما يساعدها علي العمليات الاستيرادية الأخري سواء في السلع الغذائية أو أي واردات تحتاجها في قطاع من قطاعات الدولة. كما أن التصنيع باعتباره قيمة مضافة نظرا علي المنتج أو السلعة فهي تزيد من سعره مما يسهم في تحسين معيشه الفلاح وينعكس علي اقتصاد الدولة ولكن كل ذلك وغيره يحتاج من الدولة إلي إعداد سياسات زراعية واضحة ومحدودة للهدف المطلوب وطرق الوصول إليه وآليات التنفيذ مع ضرورة الابتعاد عن التقليد, وان تكون للدولة خطه استثمارية حقيقيه مدروسة لاحتياجاتها الغذائيه وكيفيه تحقيقها. ويري أن علي الدولة دراسة الامكانات والزراعات التي تجود في كل محافظة علي حدة والاستفادة من مميزات المناخ والمحاصيل التي تتمتع بها وتوضح خطة استثمارية لمشروعات التصنيع الزراعي المناسب لها فلا يعقل أن تبني مصانع لضرب الأرز في الوجه القبلي أو مصانع لسكر القصب بالوجه البحري, لأن كل مشروع يتم في المكان المناسب له. كما أن الأمر يقتضي احياء دور التعاونيات وحل مشاكلها لتستطيع هي حل مشاكل اعضائها وتوفير مستلزمات الانتاج الزراعي لهم حتي يمكن في النهاية توفير المواد الخام المطلوب لأنه صناعة غذائية سواء من الخضار أو الفاكهة أو أي سلع زراعية أخري.