شهدت السنوات السابقة التى جاءت بعد ثورة 25 يناير 2011 ، تعاقبا سريعا وتغييرا للحكومات بشكل يعكس طبيعة المرحلة والسيولة فى الشارع السياسى التى تتسم بها الثورات، حيث تعد حكومة المهندس شريف إسماعيل رقم 8، منذ ذلك الوقت، وقد انعكس تغيير الحكومات فى وقت زمنى قصير على الأداء، كما ترتب عليه عزوف بعض الشخصيات عن تولى الحقائب الوزارية. ولكن بدأ الوضع يختلف بعد إقرار الدستور وانتخاب الرئيس السيسى، والتحول من مرحلة الثورة إلى الاستقرار، ولا سيما بعد انتخاب مجلس النواب، واستكمال بناء المؤسسات، حيث تعد حكومة إسماعيل، الثانية منذ انتخاب الرئيس السيسى، حيث يميل الرئيس إلى إعطاء الفرصة كاملة للمسئولين، مع عدم إغفال حق المجتمع فى التغيير عندما تقتضى الضرورة سواء لعدم الكفاءة أو التقصير، أو الأداء دون المستوى المطلوب الذى تتطلبه هذه المرحلة. التعديل الوزارى وتغيير بعض الوزراء نظرا لأدائهم المتواضع الذى لا يتناسب مع طبيعة المرحلة الراهنة أصبح ملحا، وهو ما كشف عنه الرئيس السيسى فى حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية الأسبوع الماضى، كما يطالب به عدد ليس قليلا من نواب البرلمان، ولا سيما فى بعض الوزارات الخدمية وكذلك الاقتصادية، وإذا كان التغيير مطلوبا، فإنه من الإنصاف القول بأن التغيير يجب ألا يقتصر على الأشخاص بل يجب أن يمتد ليطول السياسات، من خلال وجود خطة واضحة فى كل وزارة، مرتبطة بجدول زمنى محدد، قد تكون هذه الخطة وفقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يمتد لثلاث سنوات حتى نهاية العام المالى 2018/2019، إضافة إلى استراتيجية التنمية 2030 التى أعدتها الحكومة وتعهدت بتنفيذها من أجل رفع تنافسية مصر لتصبح ضمن أقوى 30 اقتصادا عالميا بحلول عام 2030 . أهمية وجود خطة واضحة لدى كل وزارة ضمن استراتيجية التنمية للدولة على المدى المتوسط، أمر أساسى حتى يمكن قياس أداء كل وزير بناء عليها وفق جدول زمنى محدد، ما الذى تم تنفيذه، وماذا أخفق فيه، ومن هنا نضمن سرعة التصحيح، واستقرار السياسات العامة بكل وزارة وعدم تغييرها مع كل تغيير للوزير، كما أنه لا يمكن التقييم والمحاسبة بدون منح اختصاصات لكل وزير. من هنا يضحى التساؤل مهما حول معايير اختيار الوزراء والمسئولين، فإذا كان اختيار رؤساء الشركات أو حتى رؤساء القطاعات داخل الشركات الكبرى يخضع لمعايير الكفاءة والخبرة وامتلاك الرؤية، فإنه يصبح حتميا فى اختيار الوزراء. على أن التعديل الوزارى المرتقب، يجب أن يصاحبه تغيير فى رؤساء الهيئات والأجهزة الحكومية ولا سيما الخدمية الذين لم يثبتوا جدارة وكفاءة فى الأداء، حيث إن رفع كفاءة أداء هذه الأجهزة والهيئات من شأنه أن ينعكس إيجابيا فى تحسين الخدمات العامة للمجتمع بما يسهم بدوره فى تخفيف حدة ارتفاع الأسعار، خاصة أن بعض الأجهزة يتعلق أداؤها بشكل مباشر بضبط الأسواق، ومكافحة الممارسات الضارة بحقوق المستهلك. كما يجب المضى قدما فى دمج بعض الوزارات - كما يتردد - من أجل تقليص عدد الوزارات، ليتماشى مع طبيعة المرحلة التى تقتضى ترشيد الإنفاق الحكومى، وقد يكون من الضرورى تعيين نائب لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، حيث تتطلب هذه المرحلة بناء ركائز قوية ومتينة للاقتصاد، والتحول من الاقتصاد الذى يعتمد على القطاعات الريعية كمصدر أساسى للنقد الأجنبى، إلى قطاعات إنتاجية قوية للإحلال محل المستورد والتصدير للأسواق الخارجية، وهو ما يتطلب تعميق الإنتاج المحلى من خلال تعظيم المكون المحلى فى الصناعة، وإعطاء دفعة للصناعات الصغيرة والمتوسطة، ودمج القطاع غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، وبالضرورة يستدعى ذلك مزيدا من التنسيق فى اتجاه ترشيد الاستيراد وتشجيع الإنتاج المحلى وتنمية الصادرات، بما يخفف الضغط على العملة الصعبة، ويسهم فى تعظيم إيرادات النقد الأجنبى، بما ينعكس إيجابيا على استقرار سعر الصرف واستعادة الجنيه قيمته العادلة، وبالتالى تراجع الأسعار واستقرارها، إلى جانب إعادة تكوين الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى.