تقوم الحكومات المصرية بالسعي الي توفير حوافز مالية للمستثمرين الا ان ذلك لايجدي فإن الاستثمارات هي مشروعات باهظة التكاليف طويلة الأجل, ولإمكان إقدام اصحاب رأس المال من شركات وافراد علي الاستثمار فإن الأمر في حاجة الي مناخ عام يشجع ويساعد علي الاستثمار فضلا عن توفير الاحتياجات الخاصة اللازمة لنجاح مشروع استثماري. أولا: المناخ العام للدولة: المناخ العام الذي يشجع ويؤثر في الإقبال علي الاستثمار له العديد من الجوانب يذكر منها: سيادة القانون: لا بديل عن الحرية والعدالة والمساواة لتوفير الامن والاستقرار والرخاء,والسبيل الي ذلك هو قضاء عادل قادر علي البت السريع مما يتطلب استقلالية في ظل قانون مدني وجنائي محكم الأركان مع وجود حكومة قوية حريصة علي تطبيق القانون وقادرة علي تنفيذ الاحكام فالعدل اساس الملك. اداء الحكومة: البطء والاهمال هما صفة عامة في اداء اجهزة الحكومة المصرية, ولتمكين الاجهزة والادارات والهيئات الحكومية من اداء خدمات جيدة فإن الأمر يتطلب وضع نظم واجراءات مبسطة حسب اختيار وتدريب العاملين تخفيض العمالة وزيادة الأجور. فإن الفقر والحرمان يدفعان الي الفساد ولن يمكن الحد من الفساد الا بزيادة اجور العاملين في اجهزة الدولة والقطاع العام بما يتناسب مع الأسعار فالطبقة المتوسطة من القضاة والاطباء والضباط واساتذة الجامعات والمدرسين والعاملين في المؤسسات الإنتاجية والخدمية وهم عماد المجتمع في معاناة. التخطيط: انفقت مصر اموالا طائلة علي البنية التحتية في انشاء الطرق والكباري والموانيء البحرية والجوية والتليفونات والصرف الصحي والكهرباء والاسكان دون تخطيط والمطلوب التنسيق وتحديد أولويات الانفاق علي المستوي القومي. السياسات المالية النقدية: العجز المتزايد في الميزانية هو سبب التضخم وتدهور سعر الصرف وبدلا من خفض المصروفات والتنمية لجأت الحكومات المتتالية الي الجباية مما زاد الفقراء فقرا والمطلوب اتخاذ الاجراءات لتحقيق العدالة الاجتماعية ومنع الاحتكار والاسراف. وعلي ان تكون القرارات مدروسة, وعلي خطوات مخططة ومعلنة وبدون مفاجآت حتي يكون هناك استقرار وشفافية تساعد علي الاستثمار. من الامور التي في حاجة الي اصلاح عاجل زيادة ايجارات المساكن القديمة وزيادة الاجور والمعاشات مع الغاء الدعم بما في ذلك المحروقات فإن دعم السلع يذهب الي غير مستحقيه. النظم الاقتصادية: قام الرئيس عبدالناصر بتأميم البنوك والشركات وتحولت مصر الي الملكية العامة والاقتصاد الموجه,وغادر مصر رواد الصناعة والزراعة والتجارة وهم المحرك لتقدم الاقتصاد غادروا للعمل والاستثمار في الدول العربية او قاموا بالهجرة الي اوروبا وامريكا واستراليا, ثم جاء الرئيس السادات واعلن سياسة الانفتاح والتي تحولت الي فوضي وعدم التزام بالقانون وانعكس ذلك علي البناء والتشييد واصبحت الصورة مزرية ليس فقط في العشوائيات ولكن في سائر المدن الجديدة منها والقديمة, كما أن التحول السريع الي اقتصاد السوق الحر دون قيود وضع عبئا كبيرا علي القطاع العام وهو مكبل وغير قادر علي المنافسة امام الشركات الخاصة وتركت الكفاءات القطاع العام للعمل في القطاع الخاص. ثم كانت الخصخصة وبيعت الشركات الرابحة, وتركت الشركات الخاسرة دون دعم فني او قيادي واكتفي بالدعم المالي حتي تضخمت الديون وتهالكت الأصول واخيرا جاءت العولمة لتضع عبئا جديدا علي القطاعين العام والخاص معا. والسبيل الي الاصلاح هو الاتجاه إلي اقتصاد السوق ومع وجود حوكمة ومراجعة الموقف وتقرير ما يلزم عمله لكل قطاع علي حدة فكل قطاع له احتياجات وظروف مختلفة وماهو مطلوب للغزل والنسيج ليس بالضرورة مناسبا لصناعة السيارات او صناعة الكيماويات. ثانيا: الاحتياجات الخاصة اللازمة لنجاح مشروع استثماري هي التمويل والخبرة والموارد البشرية وبدون اي من هذه الدعائم الثلاث لا يمكن لاي صناعة ان تنشأ وتنتج وتقوي علي المنافسة في الاسواق. الخبرة الفنية والعلمية والهندسية: لكل صناعة اسرارها الفنية والعلمية والهندسية لذلك فإن المؤسسات الصناعية تحرص علي ان يكون لها مراكز متخصصة في البحث والتصميم. واذا اخذنا صناعة الدواء مثلا فإن معامل الشركات العالمية تقوم باستنباط واختيار مركبات كيميائية عضوية جديدة في سرية تامة ولا تبوح بأسرارها لأحد اما في مصر فإن نتائج البحوث متاحة للجميع. الموارد البشرية: المشروعات الاستثمارية في حاجة الي موارد بشرية من عمال وفنيين ومهندسين وعلميين واداريين وقادة ولاعداد الكوادر اللازمة فانه يلزم الارتقاء بالتعليم والتدريب ليكون جادا وموجها والسبيل الي ذلك هو الدعم المالي من الحكومات والشركات والأشخاص مع استقبال الجامعات والتوسع في التدريب المهني والوظيفي والاهتمام بإعداد القادة فإن القيادة هي المسئولة عن توجيه ومتابعة العمل تقييم وتطوير الأداء تحديد وتحقيق الاهداف. التمويل والتسويق: أصعب شيء هو أن يكون شخص ما صاحب عمل وأن يقوم بتمويل وادارة مشروع خاص والمطلوب هو توفير المساعدات المالية والفنية والتسويقية والإعفاءات الضريبية للمشروعات الصغيرة وهي كثيفة العمالة قليلة الربح. أما المشروعات الكبيرة فهي في حاجة الي اموال طائلة والتمويل من الميزانية محاط بالمخاطر, لذا فإن الجهاز الحكومي لا يمتلك الخبرات اللازمة لذلك فإنه يرجي اعطاء الشركات الصناعية العالمية الضمانات المشجعة للإنتاج في مصر سواء بصفة مستقلة او بالمشاركة مع القطاع الخاص, فالشركات العالمية لديها الخبرة في الإنتاج و القدرة علي حسن اختيار وتدريب الموارد البشرية و توفير التمويل والتسويق.