داليا عبد الرحيم: الإخوان أسست حركات لإرهاب الشعب منذ ثورة 30 يونيو.. خبير: عنف الجماعة لم يكن مجرد فعل على الثورة.. وباحث: كان تعاملهم برؤية باطنية وسرية    باحث ل«الضفة الأخرى»: جماعة الإخوان الإرهابية تتعامل برؤية باطنية وسرية    خبير ل"الضفة الأخرى": الإخوان قرورا استخدام العنف قبل ثورة 30 يونيو ب 6 أشهر    عيار 21 الآن يرتفع من جديد.. أسعار الذهب اليوم السبت في مصر «بيع وشراء» بالمصنعية (تفاصيل)    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    الحكومة تكشف حقيقة استثناء العاصمة الإدارية من قطع الكهرباء (فيديو)    الأسهم الأمريكية تتباين عند التسوية وتسجل خسائر أسبوعية    تعليق مثير من ليفاندوفسكي قبل مواجهة «الكلاسيكو» ضد ريال مدريد    قطر تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد قبول العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    خبير ل«الضفة الأخرى»: الغرب يستخدم الإخوان كورقة للضغط على الأنظمة العربية المستقرة    الهلال الأحمر الفلسطيني: فقدان الاتصال بطواقمنا داخل مخيم نور شمس    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    إعلام عراقي: أنباء تفيد بأن انفجار بابل وقع في قاعدة كالسو    وزير دفاع أمريكا: الرصيف البحري للمساعدات في غزة سيكون جاهزا بحلول 21 أبريل    «المليارديرات الأشرار».. آخر كلمات رجل أشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب    وزير الرياضة يتفقد المدينة الشبابية بالغردقة    الجزيري: درسنا دريمز جيداً ونسعى للحسم في القاهرة    دخول مفاجئ للصيف .. إنذار جوى بشأن الطقس اليوم وبيان درجات الحرارة (تفاصيل)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    «الأرصاد» تحذر من حالة البحر المتوسط بسبب نشاط الرياح.. ماذا يحدث؟    بليغ حمدي الدراما.. إياد نصار يكشف سر اللقب الذي أطلقه الجمهور عليه بعد «صلة رحم»    إياد نصار يكشف تأثير شخصيته في صلة رحم على أبنائه    وصول دنيا عبد العزيز ومحمد العمروسي ل حفل زفاف نجل محمد فؤاد    إطلالة بسيطة ومميزة.. سعر صادم لفستان زفاف زوجة نجل محمد فؤاد    انطلاق ليالي العرض المسرحي الحياة حدوتة ببورفؤاد    سر الثقة والاستقرار: كيف تؤثر أدعية الرزق في حياتنا اليومية؟    أدعية الرزق: دروس من التواصل مع الله لنجاح وسعادة في الحياة    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    مرض ضغط الدم: أسبابه وطرق علاجه    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    تجنب تشوه العظام.. أفضل 5 مصادر غنية بفيتامين «د» يجب عليك معرفتها    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    تسجيل الدخول منصة مدرستي للطلاب والمعلمين 1445    وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    انطلاق حفل آمال ماهر بأحد مولات القاهرة وسط تفاعل جماهيري    تقليل الاستثمار الحكومي وضم القطاع غير الرسمي للاقتصاد.. أهم ملامح الموازنة الجديدة    يوفنتوس ينجو من الهزيمة أمام كالياري في الدوري الإيطالي    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    الأهلي يكتسح أويلرز الأوغندي في افتتاح مبارياته ببطولة الBAL    عاجل.. مفاجأة في تقرير إبراهيم نور الدين لمباراة الأهلي والزمالك    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    معلومات الوزراء يكشف أهداف قانون رعاية حقوق المسنين (إنفوجراف)    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أيمن رفعت المحجوب: الاقتصاد المصري بلا هوية

'مصر ينقصها معرفة الاقتصاد السياسي فمنذ رحيل د. عاطف صدقي من رئاسة الوزارة في1993 وحتي يومنا هذا هناك من يضع خططا اقتصادية رائعة علي الورق لكن يغيب عنها مراعاة البعد الاجتماعي وهؤلاء من يطلق عليهم أصحاب مدرسة النفعيين التي تسعي إلي تحقيق أعلي ربح ممكن في الاقتصاد بغض النظر عن المستفيد حتي لو كان شخصا واحدا علي العكس من مدرسة التعويضيين التي تعمل علي تعوض الفقراء من الأغنياء وهو ما يطلق عليه الاقتصاد السياسي. تلك كانت كلمات د. أيمن رفعت المحجوب الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلي للصحافة ونائب رئيس المعهد المصرفي المصري. للتعرف أكثر علي مزيد من آرائه الاقتصادية أجري معه الأهرام الاقتصادي هذا الحوار المفصل.
قرض صندوق النقد الدولي
في عام1987 اقترح رئيس الوزارء السابق د. عاطف صدقي علي الصندوق ان يترك لمصر حرية الحركة في وضع برنامجها الاقتصادي المناسب ثم الحكم علي نتائجه. واستطاع د. صدقي وضع سياسات جيدة تراعي البعد الاجتماعي مغايرة لسياسات الصندوق وتبني الصندوق منذ ذلك الحين فكرة أن تضع كل دولة الروشتة الخاصة بها شريطة تحقيق ما يريده من نتائج.
وبالنسبة للوضع الحالي في مصر أنا أري ان أي اصلاح اقتصادي سوف تتبناه الحكومة الحالية محمود شريطة الا يتحمل تبعاته الفقراء بل الأغنياء. فحصول مصر علي القرض ليس بقدر أهمية النجاح في تبني خطط توظف القرض لإحداث تنمية حقيقية في المجتمع وخلق فرص عمل مما يعود بقيمة مضافة علي الناتج القومي. وأنا أكاد اجزم أنه لن يتم تبني خطة تنمية حقيقية قبل تشكيل حكومة قادمة من أحزاب ممثلة في مجلس الشعب ومستندة إلي ظهير جماهيري عريض فكل مسئول حالي يخشي من الخطأ ومن ثم المساءلة لأنه لا يستند إلي دعم شعبي.
بدائل الاقتراض
أنا لست ضد الاقتراض بشرط أن تكون قروضا متوسطة أو طويلة الأجل والبعد التام عن القروض قصيرة الأجل التي تمول نفقات جارية لان هذا سوف يؤدي إلي مزيد من الاستدانة وبالتالي تكبيل الأجيال القادمة. وبدائل الاقتراض من وجهه نظري هي الشراكة الاستثمارية بين الدولة والقطاع الخاصp.p.p وتشجيع الشراكة الفردية بين المستثمرين المصريين والأجانب بالقطاع الخاص وتكتلهم معا لجمع مبالغ طائلة تمكنهم من بناء مشروعات عملاقة يتمتعون بحق ادارتها والانتفاع بها لمدة25 سنة ثم تؤول ملكيتها بعد ذلك للدولة بما يزيد من أصول الدولة دون تحميل ميزانيتها مزيدا من الأعباء.
كما يجب العمل علي استيراد الاستثمار بدلا من الاقتراض من الخارج وهناك مثال فاضح يدلل علي قولي هو أنه خلال الشهرين الماضيين قامت قطر بإقراض مصر حوالي خمسة مليارات دولار منها وأربعة مليارات كوديعة تسترد بينما استثمرت في نفس الوقت حوالي عشرين مليار دولار في انجلترا وذلك نتيجة عدم وجود مناخ استثماري مشجع في مصر.
ملف الضرائب
أنا لا أعارض فرض ضرائب تصاعدية علي الأفراد أو ضرائب رأسمالية علي المؤسسات علي الإطلاق بل علي العكس أري انها واجبة بضوابط معينة لتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل المعطيات الحالية في مصر. بما انني لا استطيع الاستغناء عن الدعم في الوقت الحالي إلا إذا ارتفعت الدخول الحقيقة, وإلي ان يحدث ذلك, لابد من تطبيق الضرائب التصاعدية لثلاثة أسباب أولها انه علي المواطن العادي ان يدفع الضرائب المستحقة عليه إذا ما كان دخله يزيد علي12 ألف جنيه. ثانيها يجب علي المواطن ان يدفع ضريبة فوق المستحقه عليه لتسديد ما تسرب إليه من دعم لا يستحقه فأنا لا استطيع منع أي مواطن لا يستحق الدعم من أخذ خبز أو بنزين أو علاج مدعم لكنني استطيع ان أسترده منه في شكل ضرائب. ثالثها في الشرائح المرتفعة تصعد الضريبة للمرة الثالثة لتمويل الفقراء وأداء حق المجتمع علي المستثمر الناجح وهو ما يعرف في الاقتصاد بالتضامن القومي المالي وهو ما نعرفه في الإسلام والمسيحية باسم التكافل الاجتماعي.
أنا لست من أنصار فرض حد أعلي للضريبة كما نادي نموذج مدرسة العرض لآرثر لافر في عام1982 كحل لمشكلة الركود التضخمي حيث قال لافر انه كلما زاد معدل الضريبة زاد العائد منها إلي ان يصل إلي نقطة تسمي الحد الأمثل الذي إذا ما زاد بعدها المعدل في الضريبة يقل العائد منها وان كنت اتفق جزئيا مع هذه النظرية لكنني أري أنه لا يصلح تبنيها في ظل وجود الدعم كما أنها غير صالحة للتطبيق في جميع القطاعات علي حد سواء وهذا ما اعترف به آرثر لافر نفسه نظرا لتغير الحد الأمثل من قطاع إلي آخر.
كما انني مع فرض ضرائب رأسمالية علي البورصة في حالة إذا ما تم تطبيقها مرة واحدة في نهاية السنة المالية علي مجمل الأرباح وليس التعاملات.
الحد الأعلي والأدني للأجور
زيادة الإنتاج سوف تؤدي بدورها إلي ارتفاع الأجور وتوفير فرص عمل تستوعب جموع البطالة فالمنطق الاقتصادي السليم يقتضي أن ترتفع الأجور بقدر ما ترتفع به إنتاجية العمل. حتي نتفادي ارتفاع الأثمان ارتفاعا تضخميا, ينتهي بأن يفرغ أي ارتفاع في الأجور من مضمونه. وفي تقديري ان ذلك سوف يستغرق من خمس الي ست سنوات ونحن لا نستطيع مطالبة الشعب المصري بعد القيام بثورة عظيمة نادت بتحقيق العدالة الاجتماعية الانتظار كل هذا المدة بدون جني ثمار الثورة لذلك يجب العمل فورا علي عدالة توزيع الدخل القومي من خلال تطبيق الحد الأدني للأجور لضمان حد الكفاية والحد الأعلي للأجور لإحداث شيء من العدالة الاجتماعية في القطاع الحكومي.
وقد تمت الإشارة في الدستور إلي ارتباط الأجور بالإنتاجية مما يعني انه لا مانع من إعطاء حافز غير مربوط بنسبة مئوية معينة بل مربوط بالإنتاجية للعاملين في القطاع الحكومي إذا حقق موظف ما تميز وزيادة ملحوظة في الإنتاج حينها يمكن ان يزيد راتبه ليضاهي مثيله في القطاع الخاص وبالتالي لا يكون الحد الأعلي عنصرا طاردا للكفاءات من القطاع العام ومن هنا تصبح العدالة الاجتماعية قائمة لان هذا الموظف ادخل للدولة ربحا وبالتالي لا مانع في ان يأخذ جزءا منه.
ملف العدالة الاجتماعية
تعريفي الاقتصادي للعدالة الاجتماعية يخلص في ان يكون لكل مواطن قادر فرصة عمل شريفة وان يأخذ مقابلا عادلا لعمله بما يضمن لكل فرد في حدود الإمكانات المتاحة للدولة من موارد المستوي اللائق للمعيشة يكفي لتغطية نفقات الإنسان المعاصر المادية والمعنوية. بالإضافة إلي توفير الخدمات العامة الضرورية وخاصة الخدمات الصحية والتعليمية لأكبر قدر ممكن من الشعب وهو ما ينقل المواطن المصري مما يعرف بحد الكفاف إلي حد الكفاية. ويتم تنفيذ ذلك من خلال آليتين أولاهما رفع معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي مع الزيادة السكانية المطردة لملاحقتها وبالتالي تتوزع الثروة علي عدد السكان بما لا يقلل من حصة كل فرد وهذا يرجع إلي نظرية' الوضع الأمثل لباريتو' التي تقول ان اضافة عنصر جديد في المجتمع إلي العناصر القائمة لا ينبغي ان يقلل من أحقية الأخيرة في الحصول علي نصيبها من الخدمات شريطة ان يكون العنصر الجديد مؤهلا للإنتاج والعمل وذا خلفية تعليمية وصحية جيدة تقدمها الدولة تمكنه من كونه عنصرا منتجا ايجابيا وليس سلبيا ومن هنا تتحول الزيادة السكانية إلي زيادة ايجابية ولا تصبح عبئا علي المجتمع. وهذا عكس ما كان قائما قبل الثورة حيث كنا نقدم خدمات صحية وتعليمية مجانية شكلية نتيجة الاهتمام بالكمية علي حساب النوعية. فالدولة ليس واجبا عليها توظيف المواطنين بل واجبها خلق بيئة مناسبة لعمل هؤلاء المواطنين.
دور الدولة في تخطيط الاستثمار
أنا أؤيد أن يكون للدولة دور في التخطيط الإلزامي للقطاع العام بمعني تحديد ما سوف ينتجه القطاع العام وفقا لخطة تخدم جموع الشعب بالإضافة إلي دورها في التخطيط الإشرافي علي القطاع الخاص. وهنا يبرز دور وزارة التخطيط والهيئة العامة للاستثمار لحصر احتياجات مصر علي المدي القصير وفي ضوء ذلك يتم تحديد نوعية المشروعات وأماكن توزيعها علي أنحاء القطر المصري. وهذا مطبق في الدول الرأسمالية العتيدة مثل الولايات المتحدة حيث تدخلت الدولة لإدارة الأزمة المالية في2007. أيضا قام' نلسون مندلا' بعد توليه السلطة بإغلاق جنوب افريقيا لمدة عام أمام الاستثمار الأجنبي بهدف إعادة تخطيط الدولة ومن ثم تحديد ما سوف يتم إنتاجه في كل محافظة بناء علي مواردها المتاحة واحتياجاتها. وبالتالي يكون دور الدولة إشرافيا وليس إلزاميا بمعني توجيه المستثمر إلي إنتاج احتياجات الدولة الفعلية وترشيح مناطق استثمارات بعينها لإقامة تلك المشروعات في إطار خطة كلية للدولة. علما بان هذا لا يخيف المستثمرين بل علي العكس يشجعهم لان الدولة قد أزالت عن كاهلهم عمل دراسة جدوي مبدئية لاحتياجات السوق المحلية الفعلية عوضا عن إنتاج منتج لا يحتاجه هذا البلد إلا إذا كان هدف المستثمرين هو استخدام ذلك البلد كنقطة إنتاج لإعادة التصدير.
الصكوك
تقديم أي أداة نقدية أو مالية جديدة في السوق يحفز علي الاستثمار ويدفع بمعدلات التنمية الاقتصادية وفي النهاية السلعة الجيدة تطرد السلع الرديئة من السوق شريطة ألا يكون هناك أي ضغط أو إجبار من قبل الدولة علي البنوك والمؤسسات المالية المحلية علي شراء الصكوك.
لذلك فلا مانع من إصدار صكوك حكومية أو غير حكومية, مادام سوف يتم ضخ أموال نقدية جديدة من الخارج في الاقتصاد المصري بحيث لا تزاحم الصكوك البنوك والمؤسسات المالية داخل البلاد في اصطياد الأوعية الادخارية الموجودة بالفعل مما يؤدي إلي ارتفاع أسعار الفائدة بالبنوك ومن ثم تحول الركود الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ ثورة يناير2011 وحتي الآن إلي كساد عام أشبه بما عانت منه الولايات المتحدة الأمريكية عام1926. مع التأكيد علي ضرورة عدم استخدام الصكوك بشكل مباشر وغير مباشر في تمويل أبواب الموازنة من نفقات جارية أو نفقات تحويلية أو سد فجوة أموال التأمينات والمعاشات أو في تمويل بيع مشروعات حكومية قديمة تراكمت عليها الديون.
خطوات عاجلة لإنعاش الاقتصاد
محرك الاقتصاد في الفترة القادمة من وجهة نظري يعتمد علي أولا: تفعيل كل ما هو مرن من قطاعات الاقتصاد المصري التي تمتلك عوامل جاهزة للإنتاج وما ينقصها هو الطلب الذي هو مضاعف الاقتصاد. وهذا ينطبق علي قطاعات مثل السياحة والزراعة والصناعات الزراعية. ثانيا: ضرورة ضخ أموال جديدة من الخارج في الاقتصاد المصري إلي جانب التريليون جنيه الموجودة في البنوك المصرية لتمويل المشروعات الجديدة المراد إنشاؤها لان التمويل المحلي وصل إلي ما يعرف بالكفاية الحدية لرأس المال وهو عدم قدرة البنوك علي إقراض وتمويل مزيد من المشروعات. ثالثا: تطوير البنية التحتية لإنعاش الاقتصاد عن طريق مشاريعp.p.p. رابعا: تعديل قوانين الاستثمار بما يسمح ويحفز دخول المستثمرين غدا وليس بعد غد وبدء صفحة جديدة مع كل المستثمرين العرب والأجانب بناء علي القوانين الجديدة الملزمة للجميع.
و أنا اعتقد ان ما بني خلال الثلاثين عاما الماضية كان أعلي من المتوسط والموروث ليس بسيئ لكن استخدامه ليس بالجيد لان مصر لديها جهاز انتاجي غير جامد. لذلك للعبور من عنق الزجاجة يجب الاهتمام بتنمية الموارد البشرية عن طريق التدريب والتعليم العالي الجودة بما يمكن للاقتصاد المصري ان ينطلق كالنمور الآسيوية خلال السنوات القليلة القادمة.
السياسة النقدية
شهد الجهاز المصرفي المصري إصلاحات هيكلية أكثر من ممتازة منذ عام2004 أدت منذ هذا الوقت وإلي ما قبل الثورة إلي ضبط الاسعار ومعدلات الاستثمار والادخار والاقراض. كما تم ضبط ومراجعة سعري الفائدة والعملة ورفع كفاءة العاملين بالبنك المركزي المصري. فوق ذلك استثمر البنك المركزي خارج مصر حصيلة الاحتياطي النقدي استثمارا جيدا في سندات حكومية لدول أجنبية مما أدي إلي تضاعفه. واصدر البنك المركزي قانونا خاصا بقطاع البنوك أدي إلي دمج البنوك الصغيرة وتحويل البنوك العائلية إلي مؤسسات للتغلب علي مشكلات نهب قروض البنوك وتهريبها إلي الخارج. كما أدي رفع الملاءة المالية والكفاية الحدية لرأسمال البنوك إلي خصخصة اغلب البنوك مع الحفاظ علي الهوية المصرية في أوراقها وسجلها التجاري وهذا ما ساعد القطاع المصرفي المصري في تخطي الأزمة المالية العالمية في2007.
لكن في رأيي الشخصي القصة تبدلت بعد قيام الثورة حيث قام البنك المركزي بتبني سياسة واحدة فقط وهي الحفاظ علي ثبات سعر الجنيه مقابل الدولار لمنع حدوث زيادة في الأسعار بما اننا نستورد80% من احتاجتنا وذلك لتهدئة الشارع مما أدي إلي استنزاف الاحتياطي النقدي من35 مليار دولار إلي13.5 مليار دولار تشمل الوديعة القطرية والذهب والجزء المربوط في الخارج مما دفع بعض الاقتصاديين المتشائمين إلي القول بان الاحتياطي المتوفر يساوي صفر.
وبالتالي لم يكن هناك أي تفكير خلاق خارج الصندوق وانا كنت أري انه كان من الأفضل ترك سعر الدولار يرتفع تدريجيا مع تشجيع أدوات الاستثمار البنكية من خلال السياسة النقدية المحفزة للاستثمار الداخلي بمعني إعطاء فترة سماح أطول للمتعثرين في سداد القروض نتيجة أحداث الثورة مع خفض سعر الفائدة علي الإقراض وليس رفعه لأنه لا يجوز رفع سعر الفائدة علي الإقراض في أوقات الركود لأنه سلاح ذو حدين حيث يشجع الإيداعات ويطرد الاستثمار خصوصا ان البنوك كانت حينها متخمة بالودائع وفي هذه الحالة كيف لها ان تدفع الفوائد للمودعين دون استثمار.
و بناء عليه ليس من المتصور ان يزيد سعر الفائدة علي الإيداع في ظل أوضاع مصر الراهنة بعد الثورة من7.5% إلي12.5% لمجرد الحد من ظاهرة الدولرة كمخزن للقيمة لان النتيجة كانت في النهاية رفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة27% بما يفوق سعر الفائدة علي الإيداع في البنك مما أدي بدوره إلي رفع سعر الفائدة علي الإقراض إلي16.5%. وهذا ما نفر المستثمر الأجنبي الذي يستطيع ان يأخذ قرضا من باريس بفائدة3% علي اليورو أو من دبي بفائدة4% أو المملكة العربية السعودية بفائدة لا تتجاوز2.5%. علاوة علي ذلك باعتراف وزارة التخطيط فان معدل التضخم وصل إلي13% مما يجعل سعر الفائدة الحقيقي سالب2% ومن المتوقع ان يزيد معدل التضخم في آخر2013 إلي30%.
الاقتصاد والدستور
شرفت بالمشاركة في بعض الهيئات الفنية المعدة للجزء الاقتصادي في الدستور الحالي لكن للأسف لم يؤخذ بتوصياتنا في وضع نص حاكم لطبيعة النشاط الاقتصادي بما لا يليق بالاقتصاد المصري بعد ثورة يناير الا يكون له توصيف كما في دستور1971 ودستور1936 اللذين كانا يحتويان علي فصل كامل خاص بالاقتصاد.
وكنا نتمني ان يشير الدستور الحالي إلي المقومات الأساسية في الاقتصاد المصري ألا وهي الدولة كلاعب أساسي وقطاع الأعمال العام وقطاع الأعمال الخاص وهذا ما كان قائما بالفعل قبل الثورة حيث كان يمثل قطاع الأعمال الخاص حوالي نسبة66% وقطاع الأعمال العام34% من المكون الاقتصادي مما يجعل مصر اقرب إلي النموذج الاقتصادي الوسطي المختلط الذي يسعي إلي أولا: تدخل الدولة بالإنتاج من خلال قطاع الأعمال العام المتمثل في143 شركة المملوكة للدولة لضبط أسعار السوق وإحداث قدر من العدالة الاجتماعية نتيجة عرضه سلعا بأسعار مقبولة لدي شريحة عريضة من المجتمع فيما يعرف باسم الضرائب السلبية وبالتالي خلق توازن مع قوي السوق الأخري. ثانيا: تدخل الدولة في الإنتاج بهدف الحد من الاحتكار فلا يجوز علي الإطلاق ان تخضع قطاعات الاسمنت أو الحديد أو الدواء أو السلع الاستراتيجية المتعلقة بحياة المواطنين اليومية لاحتكار القلة أو الفرد خصوصا انه من الصعب تطبيق قوانين منع الممارسات الاحتكارية لان الأمر قد يستغرق سبع سنوات للوصول إلي المحتكر الحقيقي الذي قد يمارس ألاعيب الدمج والاستحواذ مع شركات أجنبية لطمس أثره. ثالثا: بسبب ظروف مصر السياسية والاجتماعية الخاصة فقطاع الأعمال يعد ضامنا للأمن القومي فلا نستطيع في ظل الوضع الراهن ترك الصناعات الإستراتيجية الحيوية بالكامل في يد القطاع الخاص المحلي والاجنبي إلي ان تتغير الظروف ويتحقق الاستقرار.
وهذا لا يقلل من أهمية القطاع الخاص ذي الطابع الرأسمالي المحقق للمصالح الفردية والأرباح الرأسمالية والمستوعب للبطالة والمسرحين من قطاع الأعمال العام.
تبعات تخفيض تصنيف مصر الائتماني
فكرة التصنيف الائتماني هي بباسطة مؤشر علي درجة الثقة في قدرة اقتصاد ما علي رد الأموال المقرضة إليه. وتخفيض تصنيف مصر الائتماني يؤدي إلي مشكلتين أساسيتين هما: أولا: ابعاد المستثمر الاجنبي الفردي من الاستثمار في مصر خشية ليس فقط أن يكون العائد غير مربح بل أن لا تعود إليه امواله علي الإطلاق خصوصا في ظل وجود بدائل أخري متاحة, ثانيا: توجس المؤسسات العالمية من التعامل مع مصر.
المشروعات الصغيرة
نشأ فكر يتم تنميته الآن علي مستوي العام يعرف باسمSelfDevelopingCommunity ومن هنا يبرز دور الصندوق الاجتماعي في العمل علي تنمية المجتمعات الصغيرة ذات الموارد والطبيعة الخاصة, فعلي سبيل المثال في حال تميز قرية ما بزراعة محصول زراعي معين يمكن لأهل تلك القرية ان يتخصصوا بالكامل في زراعة وتصنيع وتغليف هذا المنتج ثم تسويقه وتصديره للخارج وبالتالي يتم استغلال موارد القرية في موطن نشأتها باقل تكلفة ممكنة مما يساعد علي خلق صناعات مكملة تؤدي إلي جعل هذه القرية منتجة.
الثقة في الاقتصاد المصري
الرأسمال المحلي والأجنبي جبان ولا ينتمي إلي هوية أو دولة بعينها وإذا كنا نريد خلق الثقة في الاقتصاد المصري يجب عدم ملاحقة رجال الأعمال المتعثرين دون إرادتهم نتيجة اضطراب الاوضاع في مصر بعد الثورة. بل يجب تقديم ما يعرف باسم
''SubsidiesLessSurplusofGovernmentEnterpires وهو نوع من الدعم من الحكومة للمستثمر الأجنبي مقابل تشغيل عدد محدد من العاملة الوطنية كما أنه لا يجوز تطبيق قوانين جديدة بأثر رجعي علي رجال الأعمال علي تعاملات كانت في حينها غير مجرمة في القانون. لذلك فالتعسف في التعامل مع رجال الأعمال ما هو إلا رسالة' تطفيش' للمستثمر المحلي قبل الأجنبي ودفعه للاستثمار في دول أخري.
أيضا الإعلان عن القبض علي رجال الأعمال قبل إصدار احكام نهائية في حقهم في غير صالح الاقتصاد ويجب ان تتم محاكمتهم في سرية والإعلان عن نتيجة الحكم البات النهائي فقط بشفافية لمنع الإساءة إلي سمعة أبرياء وأسرهم.
علاوة علي ان ما نفعله بأيدينا كمصريين يسيء إلي البورصة بشدة فحجم تعاملات البورصة قبل الثورة وصل إلي اثنين مليار في اليوم والآن أصبح لا يتعدي200 مليون في اليوم.
عوامل تنشيط الاستثمار
يجب ان نتفق ان هناك قواعد أساسية محفزة لجذب الاستثمار ففي كل كتب الاقتصاد محددات الاستثمار أو ما يطلق عليه الاقتصاديون الطلب علي الاستثمار تنحصر في درجه ثقة المستثمر في الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في الدولة وأي مستثمر في الخارج من خلال مستشاريه يستطيع الإلمام بتلك المحددات الثلاث. وفي مصر وبالرغم من وجود رئيس جمهورية منتخب إلا ان الوضع السياسي مضطرب وكذلك الوضع الأمني.
أما بالنسبة للوضع الاقتصادي فمصر سوق واعد به90 مليون مواطن بالرغم من القوي الشرائية الضعيفة حاليا. كما تتميز مصر برخص تكلفة العمالة مما يعطي شيئا من الامل في المستقبل. وهذا ما يسمي في الاقتصاد الفرق بين معدل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي يتسم بالضعف الآن والذي تسعي الدولة لان يصبح3% العام القادم بينما يعرف بالناتج المحلي الممكن الجيد جدا بالنظر إلي المعطيات الموجودة حاليا لكنها غير مستغلة الاستغلال الأمثل لعدم وجود إدارة رشيد تستطيع توظيفها.
علاوة علي ان مصر تتمتع بموقع جغرافي متميز حيث تمر بها قناة السويس وتطل علي البحرين الأحمر والمتوسط إلا ان هذا الموقع لم يتم توظيفه بالشكل الأمثل. كما ان مصر لديها قدرات تقنية مرتفعة جدا في بعض القطاعات و يمكن تطوير البعض الآخر المتدني الكفاءة عن طريق عمل دورات تدريبية للعمال والمهندسين.
كما ان سياسات خروج ودخول الأرباح الرأسمالية والنظام الضريبي المتخبط والجمركي في مصر غاية في السوء وتعد عوامل طاردة للمستثمرين. فمادام حقق المستثمر أرباحا بطريق مشروع ودفع عليها ضرائب فلا مانع ان يحولها للخارج ثم يعيد إدخالها مرة أخري مع وجود آليات لضبط هذه المسألة بالطبع.
استرداد الأموال المهربة
يجب عمل لجنة لمحاولة استرداد الأموال بضوابط اقتصادية وقانونية محددة ومستندات موثقة. لكن هذا يجب الا يصبح شغلنا الشاغل ولا ان يقام البناء الجديد علي أنقاض القديم بمعني انه يجب الا يعوقنا شيء عن البدء في بناء الاقتصاد المصري فيمكن ان نسترد أكثر من تلك الأموال إذا ما تم تحريك البورصة. فما نفعله بأيدينا كمصريين يسيء إلي البورصة بشدة فحجم تعاملات البورصة قبل الثورة وصل إلي اثنين مليار في اليوم والآن أصبح لا يتعدي200 مليون في اليوم.
آليات ترشيد الإنفاق الحكومي
مازالت هناك مسافة كبيرة أمام الحكومة يجب ان تقطعها لترشيد الإنفاق العام للدولة من خلال آليات تبحثها وزارة المالية. فيمكن الاستغناء عن بنود كثيرة والاستعاضة عنها بأخري تؤدي إلي تحقيق كفاءة اقتصادية عالية دون المساس بأداء الدولة. أولا: يجب إعادة توظيف العمالة في وظائف تدر عائدا بحيث يأخذ الموظف مقابلا نقديا لعمل يقوم به بالفعل من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية. ثانيا: ترشيد الإنفاق الحكومي فمثلا تكلفة طباعة الكتب الحكومية سنويا تقدر بحوالي مليار جنيه فلماذا لا تتم إعادة تدوير للكتب القديمة أو إصدارها في صورة الكترونية. بالاضافة الي ترشيد إنفاق الوزارات من استهلاك الكهرباء واستخدام السيارات الفارهة المستوردة لإرسال رسالة للمواطن الذي يتخذ الحكومة أسوة له علي غرار ما يحدث في العديد من الدول الأوروبية. وأيضا ليس هذا الوقت المناسب علي الإطلاق لإعطاء مكافأة100 ألف جنيه لكل لاعب في منتخب الشباب رغم تقديري لانجازهم لان هذا يستفز مشاعر الشعب المطحون.
الدعم
المعضلة ان الدعم العيني عادة ما يتسرب لغير المستحقين فيتم بيع السلع المدعمة في السوق السوداء كما ان هناك صعوبة بالغة في إيجاد آلية مناسبة تضمن ذهاب الدعم النقدي إلي مستحقيه بالرغم من ان اللجوء اليه سوف يوفر من30% إلي50% مما ينفق علي الدعم الآن.
يمكن حل مشكلة دعم الطاقة بكل سهولة عن طريق استبداله من مازوت وديزل إلي غاز ويمكن للدولة إنشاء شبكات جديدة للغاز عن طريق خلق شراكة بين الدولة والقطاع الخاصp.p.p كما حدث في تركيا والهند. فاستخدام الغاز سوف يقلل التكلفة الي7 دولارات للوحدة بدلا من المازوت الذي يتكلف14 دولارا للوحدة. كما يجب تحويل جميع أتوبيسات مصر إلي غاز عن طريق شركات قطاع خاص تتحمل تكلفة التحويل ثم تأخذ جزءا من الأرباح مقسطة بعد ذلك وإصدار قانون بمنع استيراد اتوبيسات النقل الحكومي والخاص التي تعمل بالديزل كما هو الحال في أوروبا.
أما بالنسبة لرفع سعر البنزين فيمكن تفادي ذلك في الوقت الراهن عن طريق تطبيق الضريبة التصاعدية لان مشكلته زيادة سعر البنزين تكمن في الأثر المتسلسل الذي سوف يتبع رفع السعر مما يؤدي إلي التضخم في النهاية لذلك يجب ان تعمل الحكومة علي وصول الكوبونات إلي مستحقيها ان تطبق آليات مرنة تراعي الظروف البيئية والمجتمعية للأفراد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.