منع أعضاء التدريس والعاملين من نشر أخبار تتعلق بنظام العمل داخل جامعة المنيا    "تضامن النواب" توصي عدم الكيل بمكيالين واستخدام حقوق الإنسان ذريعة الأهداف سياسية    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    رئيس الوزراء يؤكد على العلاقات الوطيدة بين مصر وييلاروسيا بمختلف المجالات    وزير خارجية الأردن لنظيره الأمريكي: يجب منع أي هجوم إسرائيلي على رفح    تويتر الآن بث مباشر مباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك    كلاسيكو أوروبي.. زيدان يطلق تصريحات مثيرة بشأن مباراة ريال مدريد ضد بايرن ميونخ    جنايات المنصورة تحيل أوراق الأم المتهمة بقتل ابنها إلى مفتى الجمهورية    بطولة دنيا سمير غانم.. محمد رضوان ينضم ل «الجارداية»    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    «معروفة من 2021».. الصحة تكشف احتمالات حدوث جلطات بعد التطعيمات بلقاح كورونا    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    الجمعة.. الأوبرا تنظم حفلا للإنشاد الديني بمعهد الموسيقى العربية    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    الشوري القطري والبرلمان البريطاني يبحثان علاقات التعاون البرلماني    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    قواعد صارمة من مدرب ليفربول المنتظر بعد أزمة محمد صلاح وكلوب    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    «التنمية الشاملة» ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة بالأقصر (تفاصيل)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مستشارة أوباما السابقة: أمريكا تسعى لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن    كولر يدرس استبعاد رباعي الأهلي أمام الإسماعيلي    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    رفع مستوى الإنذار وإغلاق مطار دولي.. ثوران بركان جبل إيبو في إندونيسيا|فيديو    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    متحدث الزمالك: أخطاء إدارية فادحة في 14 قضية على النادي تستحق المساءلة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتلال الإسرائيلى ينفذ إستراتيجية شاملة للسيطرة على المياه العربية
نشر في الأهرام العربي يوم 06 - 11 - 2016


العزب الطيب الطاهر


رئيس الوزارى العربى للمياه: مطلوب التحول من الكلام إلى الفعل وتوفير الآليات والموارد المالية للمحافظة على حقوقنا العربية

الجامعة العربية : الأمن المائى العربى مهدد والسرقات ما زالت مستمرة

وزير الموارد المائية العراقى : إسرائيل تحطم شروط البقاء والمقاومة لدى المواطن الفلسطينى

لم يغتصب الكيان الصهيونى الأرض والحقوق فحسب، لكنه أصر منذ تأسيسه على سرقة المياه العربية، وتعد أطماعه فيها من أكبر المخاطر على الأمن المائى العربى بصفة خاصة، وعلى الأمن القومى العربى بصفة عامة، مما جعل مشكلة المياه فى المنطقة تأخذ أبعادا سياسية واقتصادية وأمنية لاتنفصل عن طبيعة الصراع العربى - الصهيونى، وقد أدرك قادة الكيان بحسبانه السلطة القائمة بالاحتلال أهمية المياه لإقامة دولتهم، لذلك كانت السيطرة على المياه العربية هدفا إستراتيجيا دائما، فإثر عدوان 1967 استحوذ الكيان بشكل كامل على نهر الأردن وروافده، وعلى الأراضى الغنية بالمياه فى قطاع غزة والضفة الغربية ومرتفعات الجولان السورى والجنوب اللبنانى، مما أعطاه بعدا إستراتيجيا كبيرا على المستوى الجغرافى والطبيعى من مياه وأراض زراعية عربية خصبة .
ولا شك أن هذا التحدى الخطير للأمة العربية وحقوقها وثرواتها، يتطلب حشد الجهود والإمكانات العربية والإقليمية والدولية، من أجل المحافظة على الحقوق العربية فى المياه ومقاضاة إسرائيل -السلطة القائمة بالاحتلال- لمصادرتها، وسرقتها للموارد المائية فى المناطق العربية المحتلة وتحويل مساراتها بالقوة، وبناء المشاريع عليها باعتبار هذه الممارسات انتهاكا خطيرا لقواعد القانون الدولى، بما فى ذك القانون الإنسانى وللشرعية الدولية التى تكفل مبدأ السيادة الدائمة للشعوب، الواقعة تحت الاحتلال الأجنبى على مواردها بما فيها الأرض والمياه.
ضمن هذا المنظور تجلت أهمية المؤتمر الدولى حول “المياه العربية تحت الاحتلال”، الذى احتضنته القاهرة الأسبوع الماضى برعاية الرئيس الفلسطينى محمود عباس، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بناء على 4 قرارات للمجلس الوزارى العربى للمياه، ومكتبه التنفيذى خلال عامى 2009 و2010، وأشرفت على تنظيمه إدارة البيئة والإسكان والموارد المائية والتنمية المستدامة والأمانة الفنية للمجلس الوزارى العربى للمياه بالجامعة العربية وحكومة دولة فلسطين (سلطة المياه)، وقام بتمويله كل من العراق وبنك التنمية الإسلامى والصندوق العربى للإنماء الاقتصادى.
خطر جسيم
ووفقا لرئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور جمال الدين جاب الله، فإن المطلوب هو تسليط الضوء على هذا الخطر الجسيم الذى يواجه الأمة، ولم يعد يحظى بالاهتمام بفعل تفاقم الأزمات والصراعات، فى عدد من الدول العربية على نحو غير مسبوق فى تاريخ الوطن العربى، ولاشك – كما يضيف – فإن انعقاد المؤتمر يعكس حقيقة، تتمثل فى أن الجامعة العربية لم ولن تنسى القضية المركزية، وهى قضية فلسطين بتجلياتها المختلفة، على الرغم من انشغالها بالصراعات والتناحر المتفاقم فى المنطقة ومحاولات التكالب على الأمة .
تحذير من الانتهاكات
وجاءت رؤية أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية لتعكس هذا المنظور، فقد حملت تحذيرا قويا من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ومواصلة استلاب الموارد المائية فى أراضى فلسطين وسوريا ولبنان ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولى والمواثيق الدولية التى تقر الحقوق المائية العربية، الأمر الذى يهدد الأمن المائى العربى، مشددا بشكل خاص على ضرورة العمل على تأمين موارد المياه للشعب الفلسطينى، خصوصا أن إسرائيل وضعت نصب أعينها الاستحواذ على هذه المصادر منذ انطلاق مشروعها التوسعى، مشيرا فى هذا السياق إلى أن القمة العربية التى عقدت عام 1964 ناقشت السرقات الإسرائيلية لمياه الأردن، وقد ترتب على ذلك عدوان الدولة العبرية على الدول العربية الثلاث، مصروسوريا والأردن فى الخامس من يونيو 1967.
وفى ظل أزمة المياه – الكلام لأبو الغيط - فإن أبناء الشعب الفلسطيني، يواجهون واقعا من الظلم والإقحاف، حيث إن حصة المواطن الفلسطينى تبلغ 15 لترا فى اليوم قياسا إلى 300 لتر يحصل عليها الإسرائيلى، كما أن 97 فى المائة من الموارد المائية التى يتم ضخها فى قطاع غزة غير صالحة للاستخدام الآدمى، إلى جانب صعوبة الوصول إلى موارد المياه فى الضفة الغربية.


ممارسات تعسفية
وفى رأى حسن الجنابى، وزير الموارد المائية العراقى، فإن الكيان الصهيونى، يقوم بممارسات تعسفية فى الأراضى المحتلة على نحو يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، التى تنص على احترام الحقوق العربية فى الأرض والمياه، كما أن سلطات الاحتلال تزيد الأمر قسوة فى التضييق على فرص السكان فى الحصول على كفايتهم من المياه لأغراض الشرب أو السقاية أو التصنيع، بينما تتيح للمستوطنيين الحصة الأكبر من المياه، بما فى ذلك الاستجمام المائى، على حساب تدمير الاقتصاد الوطنى الفلسطينى وتحطيم شروط البقاء والمقاومة لدى المواطنين الفلسطينيين، ما يؤدى للهجرة القسرية وفرض واقع استيطانى، يكرس سلطة الاحتلال وأصحاب الأرض على نحو يعمق الفجوة بين المستوطنين الأغراب .
ويحمل الجنابى بقوة على سياسات التعسف والتمييز والاستخدام المفرط لمصادر المياه العربية والسيطرة عليها، مؤكدا دعم العراق للحقوق الفلسطينية المشروعة والتزامه مع أشقائه العرب دوليا بدعم هذه الحقوق، باعتبار القضية الفلسطينية “قضية العرب الأولى .
ولم تغب التحديات التى تواجه العراق فى المرحلة الراهنة عن مداخلة الجنابى، فقد أشار إلى “الهجمات الإرهابية البشعة”، التى طالت منشآت تخزين المياه واستهدافها والموارد المائية لأغراض تحقق أهداف التنظيم الإرهابى – داعش، ومع ذلك فقد تمكنت القوات المشتركة من تحرير سدي” الرمادي” و”الفلوجة” على نهر الفرات وسد “الموصل “على نهر دجلة، وتقوم حاليا بعملية تحرير مدينة الموصل ومحافظة نينوى بالكامل من قبضة هذاالتنظيم، فالاحتلال لن يدوم مهما كانت قوته وأدوات القمع التى يلجأ إليها .
تهديد للأمن القومى
وحسبما يقول المهندس معتز موسى، وزير الموارد المائية والرى والكهرباء السوداني، والذى تحدث أمام المؤتمر باعتباره يرأس الدورة الحالية للمجلس الوزارى العربى للمياه، فإن الصراع حول المياه يهدد الأمن القومى العربى فى ظل تمدد الأطماع الإسرائيلية، مما يستوجب حشد الجهود للمحافظة على الحقوق العربية فى المياه فى وجه الاختراقات الإسرائيلية التى تتعارض مع القوانين الدولية، التى تكفل سيطرة الشعوب على مواردها الطبيعية فى الأرض والمياه وبشكل خاص تأكيد الحق الفلسطينى فى سيادته على موارد المائية خاصة وأن قرارات الأمم المتحدة تدعم هذه الحقوق، ويقول إن المطلوب فى هذه المرحلة هو التحول من الكلام إلى الفعل، وتوفير الآليات والموارد المالية لتطبيق مخرجات وتوصيات المؤتمر، فالمياه هى من أهم العناصر الأساسية وحجبها والتحكم فيها من قبل الاحتلال، يعطل استمرار الحياة بالنسبة للشعب الفلسطينى، وذلك من خلال التحرك لبلورة الحلول العادلة على أسس ومرتكزات الشرعية الدولية، فانعقاد المؤتمر هو تأكيد على حق الشعب الفلسطينى فى سيادته الكاملة على مصادر مياهه، وتعبير عن دعم الدول العربية له لاسترداد مياهه المسلوبة من خلال خارطة طريق محددة وواضحة الملامح .
سرقة وإهدار المياه
وعكست مداخلة الدكتورة ريما خلف الأمين التنفيذى للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آٍسيا ( الإسكوا )والتى ألقتها نيابة عنها الدكتورة رولا مجدلانى رئيس قسم سياسات التنمية المستدامة باللجنة، موقفا متقدما تجاه سياسات الاحتلال الإسرائيلى على صعيد سرقة وإهدار موارد المياه، فهذا الاحتلال هو من أطول الاحتلالات فى التاريخ المعاصر ويستهتر بحقوق الإنسان والقانون الدولى دون رادع، وتقوم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بقتل الفلسطينيين وقمعهم عن المقاومة، والتمسك بالأرض والحقوق رافضة تطبيق القوانين والقرارات الدولية وانتهاك المبادئ الأساسية، وأهمها عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة وعدم التمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس، كما استولت سلطات الاحتلال الإسرائيلى على موارد المياه الفسلطينية، فضلا عن العربية، فتوقفت استفادة المزارعين الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين من مصادر المياه فى دولهم.
وقد تحولت قضية المياه – كما تضيف – من عامل تعاون إلى مصدر نزاع وحروب واقتتال، وتسيطر إسرائيل على الموارد المائية فى الأراضى المحتلة دون أن تكتفى بمنع الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين من مياههم، بل تستخرجها وتوزعها بكرم سخى على المستوطنين، والذين يزيد استهلاكهم بمقدار 7 أضعاف على استهلاك المواطن الفلسطينى من المياه، وتلفت إلى أنه على الرغم من كل الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطينى فإن الاحتلال الإسرائيلى يرفض حفر بئر ارتوازية واحدة، أو تطوير القائم منها وقمع من يحاول القيام بذلك والاستحواذ على كل مصادر المياه، كما يرفض تطوير تجديد شبكات الصرف الصحى فى قطاع غزة، مما أدى إلى اختلاط مخرجاتها بالمياه الجوفية، وذلك يؤشر إلى أنه لايمكن فصل سياسة إسرائيل المائية عن إستراتيجيتها الشاملة للسيطرة على الأرض العربى واستمرار احتلالها من خلال رفض التجاوب مع المبادرات المطروحة لإنهائه .
السطو الصهيونى
وعلى الرغم من ذلك، فإن الحقوق التاريخية للعرب وبالذات للفلسطينيين فى المياه، ألا يجب تزعزعها سلطة السطو الصهيونى عليها وفرض إرادة الأمر الواقع، طبقا لتأكيدات أحمد بن محمد الجروان، رئيس البرلمان العربى أمام المؤتمر، الذى يرى أن أطماع الكيان الصهيونى فى المياه العربية تعد من أكبر المخاطر على الأمن القومى العربى بأبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية، مما يجعل المياه العربية تحت الاحتلال الصهيوني، من أكبر التحديات الإستراتيجية لكل الدول العربية، ما يستوجب ضرورة التنسيق من أجل التصدى لمصادرة وسرقة الموارد المائية العربية فى الأراضى العربية المحتلة، والتى تمثل خرقا خطيرا لقواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى والاتفاقيات المبرمة برعاية دولية، فى الوقت نفسه دعوة المجتمع الدولى لمساندة المطلب العربى الشرعى فى استعادة الحقوق المسلوبة، لا سيما أن مشكلة المياه من القضايا المدرجة على جدول أعمال المفاوضات النهائية بين دولة فلسطين وإسرائيل، إلى جانب السيادة والمستوطنات والقدس واللاجئين والأمن، والتى سيظل الجانب الفلسطينى متمسكا فيها بحقه المشروع فى السيطرة على مصادره المائية، وأن جميع الأنشطة الإسرائيلية أثناء الاحتلال كالمستوطنات وما يتبعها من منشآت عسكرية، وكذلك الامتيازات على مصادر المياه ستظل باطلة.


الاستمرار فى التجاوزات
وعلى الرغم من وجود العديد من الاتفاقيات الموقعة وبرعاية الدول الكبرى والأمم المتحدة، - الكلام للجروان - فإن إسرائيل لم تلتزم بما ورد فى هذه الاتفاقيات، وما زالت مستمرة فى تجاوزاتها، تستنزف المياه الفلسطينية بشكل يهدد الخزان الجوفى بالنضوب أو عدم صلاحية مياهه للاستهلاك لجميع الأغراض، كذلك تفرض حصارها المائى على التجمعات السكانية الفلسطينية، وترفض زيادة كمية المياه اللازمة للقرى والمدن الفلسطينية، كما أثنى على ما تضمنه تقرير لجنة الشئون الخارجية فى البرلمان الفرنسى، والذى كشف عن أن إسرائيل تمارس التمييز العنصرى بكل ما يتعلق بتقاسم المياه فى الضفة الغربية.
ويضيف: إن التحديات التى تواجه قطاع الموارد المائية فى الدول العربية عديدة ومتشعبة، خصوصا فى ضوء التغيرات المناخية وظاهرة الجفاف التى تجتاح بعض مناطقنا العربية، لذا لا مناص من التعامل مع هذه المتغيرات فرديا وجماعيا، بكل سرعة وجدية ومهنية، واضعين نصب أعيننا أن قضايا المياه أصبحت من أولويات الأجندة الدولية، وأن موضوع المياه يتطلب جهدا أكبر وأوسع يتعلق بالكفاءة المائية والاحتياجات البشرية والإنمائية فى العالم العربي، ومن ثم فإننا مطالبون جميعا بمزيد من الجهود لتعبئة رأى عام عربى ودولى للتضامن والدفاع عن الحقوق المائية العربية، وفقا لقواعد القانون الدولى للمياه، وقرارات الشرعية الدولية، التى تكفل سيادة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال على مواردها الطبيعية ومنها المياه، أملا فى الوصول إلى رؤى وإجراءات ملموسة، ضمن إستراتيجية عربية للتحرك لحماية المقدرات العربية وعلى رأسها المياه فى ظل الانتهاكات الصهيونية المستمرة، الأمر الذى يتطلب توافر تضامن عربى حقيقي، لحماية الأمن المائى كأحد أضلع الأمن القومى العربي.
استنزاف واضح للموارد الفلسطينية
وتكفلت مداخلة مازن غنيم، رئيس سلطة المياه فى فلسطين بتقديم تشخيص واضح لاستنزاف الكيان الصهيونى للموارد المائية وتعسفه فى استهلاك المياه
وحسب رؤيته، فإن ملف المياه الفلسطينى هو ملف سياسى بامتياز وقضية المياه الفلسطينية هى حالة فريدة فى العالم، فالاحتلال الإسرائيلى يسيطر على 85 % ، وهو ما يعنى أن الشعب الفلسطينى يعيش تحت حصار إسرائيلى جائر، ومن ثم فإنه إذا لم يتوافر الأمن المائى لن يكون هناك أمن قومى فلسطينى، وفِى غياب الأمن القومى لا يمكن أن يكون هناك مستقبل للدولة الفلسطينية، وفِى ظل ما تمارسه إسرائيل من تقسيم الدولة الفلسطينية إلى مناطق “ أ” و “ ب” بالإضافة إلى “ج” التى تمثل 64 % من الأرض الفلسطينية، فإنه محظور على الجانب الفلسطينى أن يعمل فى تلك المنطقة أم يحاول تنفيذ أى مشاريع سواء إعادة تأهيل، أم مشاريع جديدة لإيصال الخدمات للتجمعات المهمشة والحدودية، لأن لجنة المياه المشتركة المشكلة حسب اتفاقية أوسلو معطلة ولا تعمل منذ أكثر من 6 سنوات بسبب أن إسرائيل تربط الموافقة للمشاريع الفلسطينية بالموافقة على المشاريع الاستيطانية، وثمة جهود كبيرة لإعادة تفعيل هذه اللجنة، لأن الشعب الفلسطينى متضرر من تعطلها ولا يستطيع إقامة أى مشروع خدماتي، فى ظل استمرار الكيان الصهيونى فى إنشاء المستوطنات اليهودية غير الشرعية فى الأراضى الفلسطينية، والتى تكرس عملية اغتصاب حقوق الشعب الفلسطينى منذ العام 1948 وهو الأمر الذى لا يمكن القبول باستمراره.
وفى ضوء هذه المعطيات فإنه اذا استمر الوضع الراهن على ما هو عليه -يقول غنيم - ستتفاقم مشكلة المياه فى الأراضى المحتلة، مما يتطلب تكثيف التحرك العربى - الفلسطينى، من أجل الضغط على الجانب الإسرائيلى لوقف الحصار المائى على فلسطين وأى تصعيد فى موضوع المياه سيكون له انعكاس مباشر على جميع القضايا الأخرى بما فيها السياسية.


خطر فى غزة
وفيما يتعلق بالوضع فى قطاع غزة، فإن 97 % من الخزان الجوفى الساحلى فى قطاع غزة - حسب تأكيد غنيم - غير صالح للاستخدام الآدمي، وسينهار الخزان عام 2020 وفق التقارير الدولية، وبذلك تصبح غزة منطقة غير صالحة للسكن، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية، فسيتحول الأمر إلى وضع كارثى، وذلك بسبب تلوث الصرف الصحى بالإضافة إلى ذلك فإن الطاقة الإنتاجية المقدرة وفقا للأساسات الخاصة بالخزان تبلغ 55 مليون لتر مكعب سنويا، فى حين أن ما يتم استخراجه هو200 مليون لتر مكعب نصفهم للقطاع الزراعي، ما أدى إلى دخول مياه البحر للخزان، فأصبح هناك خطران يواجهان المياه فى قطاع غزة وهما التلوث والملوحة، الأمر الذى يحتاج معالجة فورية، وهو ما تحاول أن تقوم به سلطة المياه الفلسطينية، التى تعمل حاليا على معالجة وقف التلوث من خلال معالجة مياه الصرف الصحى، من خلال إنشاء 3 محطات مركزية لمعالجة مياه الصرف فى غزة لوقف التلوث، إلى جانب إنشاء محطة مركزية لتحلية المياه بقدرة 55 مليون لتر مكعب، بتكلفة مالية 592 مليون دولار، التى تعهد البنك الإسلامى للتنمية بتغطية نصف تكلفتها، كما تم الاتفاق مع البنك الدولى والاتحاد الأوروبى وبنك الاستثمار الأوروبى والبنك الإسلامي، على تشكيل لجنة تحضيرية لمتابعة عقد مؤتمر المانحين الخاص بمحطات التحلية قبل نهاية مارس 2017 لحشد ما تبقى من تمويل لهذه المحطة، التى أصبحت خيارا إستراتيجيا وفرضا لا يمكن تجاهله فى غزة، فضلا عن ذلك فإن مشكلة انقطاع الكهرباء فى غزة، التى تفاقمت بعد العدوان الإسرائيلى 2014 الذى طال البنية التحتية، بما فيها مرافق المياه أدت إلى تقليص عدد الساعات التى تعمل الكهرباء فيها بالقطاع، إلى ما بين 6 أو8 ساعات يوميا، مما انعكس بدوره على قطاع المياه .
وفى السياق ذاته، يشير ديب عبد الغفور مدير عام سلطة المياه الفلسطينية إلى أن الأمطار هى المصدر الرئيسى للمياه فى الأراضى المحتلة، حيث تقدر الأمطار فى الضفة الغربية ب 460 مليون لتر فى السنة، أما قطاع غزة فتصل إلى 365 مليون لتر، أى ما يعادل 2400 مليون متر مكعب سنويا، وهناك 4 أحواض مائية جوفية فى فلسطين مشتركة مع إسرائيل، وقد بلغ استخدام الضفة الغربية للمياه خلال عام 2015 نحو 109 ملايين متر مكعب سنوي، علما بأن حصة الجانب الفلسطينى وفق اتفاقية أوسلو 118 مليون متر، وهذه الاتفاقية أصبح لها أكثر من 20 عاما موقعة، بينما حصة إسرائيل السنوية 483 مليون متر مكعب وفق الاتفاقية لكنها تستخدم 646 مليون متر مكعب.
ويشير عبد الغفور إلى أن فلسطين لها حصة حسب الحدود السياسية فى البحر الميت، والذى يتجاوز طول شاطئه 35 كيلو مترا، ولا يتمكن الجانب الفلسطينى من الوصول إليه لأسباب أمنية مفروضة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما أجبره القيام بشراء المياه من الشركة الإسرائيلية بمعدل 67 مليون متر مكعب خلال 2015 موزعة كالآتى 57 مليون للضفة الغربية، و 6 ملايين لقطاع غزة لعدم وجود البديل، واللافت للنظر أن استهلاك الجانب الإسرائيلى يزيد أربعة أضعاف على استهلاك الجانب الفلسطيني، حيث إن المواطن الفلسطينى يستهلك 79 لترا فى اليوم بينما يستهلك الإسرائيلى 320 لترا يوميا، فى حين يستهلك المستوطن اليهودى 500 لتر يوميا.
إستراتيجية شاملة
وقد أوصى فى ختام أعماله التى استمرت يومين بضرورة اعتماد إستراتيجية شاملة لمواجهة مخطط الاحتلال الإسرائيلى المائي، وخلق بيئة لتوحيد الموقف العربى ودعمه، على أن تكون معتمدة على مفهوم الإدارة المتكاملة للمياه.
كما أوصى بالعمل على إبراز الجرائم الإسرائيلية بالاستناد إلى القوانين والاتفاقيات الدولية، بهدف تحقيق الأمن المائى العربى عموما والفلسطينى على وجه الخصوص، وطلب من المجلس الوزارى العربى للمياه تشكيل فريق عمل للقيام بترجمة مخرجات المؤتمر فى المجالات المختلفة، وكذلك تشكيل شبكة أمان عربية لقضية المياه فى فلسطين.
وخصص المؤتمر توصية خاصة بقطاع غزة، تمثلت بالعمل على توفير الدعم المطلوب والإسراع فى بناء محطة التحلية فى القطاع، وكذلك محطات المعالجة لمياه الصرف الصحى لتحسين الوضع الصحى والبيئي، “حتى يتم تلاشى كارثة أن غزة لن تصلح للحياة بحلول عام 2020”.
وشدد توصيات المؤتمر على ضرورة الاستخدام الأفضل لإدارة أدوات المعرفة لقضايا المياه العربية تحت الاحتلال، ونشرها بين الدول العربية، الأمر الذى يتطلب توعية بقضايا المياه من ناحية القانون والاتفاقيات الدولية.
وشددت على ضرورة توحيد البيانات وتجميعها فى ملف عربى واحد، وكذلك المصداقية فى اقتباس المعلومات والترابط بين قضايا: الطاقة، والمياه، والبيئة، والصحة، والغذاء، والتغير المناخي، إضافة للعمل على تدقيق ومراجعة كل الأنشطة الإسرائيلية بخصوص المياه والبيئة، وكذلك إعطاء الإعلام دورا أكبر فى قضايا المياه والبيئة لإبرازها وتسليط الضوء عليها.
توفير شبكة أمان
ومن جهته طالب مازن غنيم، رئيس سلطة المياه بدولة فلسطين خلال تصريحاته للصحفيين، بضرورة توفير شبكة أمان عربية مسئولة عن متابعة الوضع المائى من جوانبه القانونية والسياسية والحقوقية والإعلامية، المتعلقة برصد الانتهاكات الإسرائيلية المتعلقة بالمياه العربية والعمل على مقاضاة إسرائيل دوليا .
كما دعا إلى استصدار قرار عربى موحد يتم تبنيه من جميع الجهات العربية دون استثناء بالإضافة إلى المحافل والمنظمات الدولية، للضغط على الجانب الإسرائيلى والوقف الفورى لما يمارسه من سرقة وتلوث للمياه العربية خصوصا فى فلسطين، مرحبا بعقد مؤتمر دولى من أجل مقاضاة إسرائيل دوليا والضغط على الجانب الإسرائيلى لتوفير مياه صالحة للشرب وليس البحث عن ادانة، وشجب، وإنما البحث عن إجراءات عملية توقف الحصار المائى المفروض على الشعب الفلسطينى من قبل الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.