وزير الأوقاف ل السيسي: إطلاق البرنامج التثقيفي للطفل 2025-2026 بمشاركة 20880 مسجدًا    وزارة العمل: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات بينها خلال 19 يومًا فقطس    ورش عمل مشتركة بين جامعة حلوان والجامعة الأوروبية بألمانيا لتعزيز تدويل التعليم    محافظ المنوفية يتفقد التجهيزات النهائية لمشروع مكتبة مصر العامة بكفر المصيلحة    الإنتاج الحربي تبحث سبل تطوير مكاتب التموين وزيادة المكون المحلي    حكومة أبوظبي تطلق أول موظف حكومي ذكي في العالم    الكرملين: روسيا مستعدة لتوسيع التعاون مع إيران في جميع المجالات    اليوم.. الأهلي يواجه منتدى درب السلطان في نهائي بطولة أفريقيا لليد    محمد شريف يغيب عن الأهلي 3 أسابيع ومحاولات لتجهيزه للسوبر المصري    السيطرة على حريق محدود بعقار سكني في أبو الغيط بالقليوبية دون خسائر بشرية    الأرصاد: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة.. والقاهرة تسجل 32 درجة (فيديو)    ندوة بصيدلة قنا تناقش مكافحة الإدمان    أبرز تصريحات شريف عرفة خلال ندوته بمهرجان الجونة السينمائي    ردا على هذيان السيسى حول زيادة الوقود .. فايننشال تايمز والايكونوميست: الإصلاح أبعد ما يكون عن سياسات حكومة الانقلاب    مصر تواصل الدعم الإغاثي لغزة.. وتستعد لمرحلة جديدة من إعادة الإعمار    القاهرة الإخبارية تكشف فعاليات اليوم الثاني والختامي من مؤتمر أسوان للسلام والتنمية المستدامة    مدرب المغرب: لم أتمكن من النوم قبل نهائي كأس العالم للشباب    بعد الكشف عن استهداف ترامب.. كم مرة تعرض الرئيس الأمريكى لتهديد الاغتيال؟    عائشة معمر القذافى تحيى ذكرى اغتيال والدها: فخر المسلمين والعرب    إسرائيل تهنئ رئيسًا جديدًا لدولة قطعت العلاقات معها بسبب حرب غزة    غدا.. مفوضي القضاء الإداري تودع رأيها في طعون مرشحي انتخابات مجلس النواب (تفاصيل)    «الفاصوليا» ب25 جنيهًا.. استقرار أسعار الخضروات في المنيا اليوم الإثنين 20 أكتوبر    «شرفتم الكرة العربية».. الأهلي يهنئ منتخب المغرب بلقب العالم    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في الدوري.. والقنوات الناقلة    أبطال أوروبا - أدار نهائي اليورو.. لوتكسيه حكما لمواجهة ليفربول أمام فرانكفورت    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    76 ألف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    مفاجأة..رفض عرض مدحت خليل لشراء شركته راية لخدمات مراكز الاتصالات لتدني السعر    إصابة 7 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بالسويس    والد الطفل المتهم بقتل زميله بالإسماعيلية ينفي اشتراكه في الجريمه البشعه    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    مراقب برج ينقذ سيدة من الموت أسفل قطار في المنيا    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21 لتيسير حركة المرور أوقات الذروة    مصر في عصر السيارات الكهربائية.. كل ما تحتاج معرفته عن الفرص الحكومية والتوسع الصناعي    لليوم الثاني على التوالي.. متحف اللوفر مغلق غداة عملية السرقة    هاني شاكر يُشعل مسرح الأوبرا بأغنية "نسيانك صعب أكيد" والجمهور يشاركه الغناء| صور    محافظ الجيزة: الانتهاء من تطوير 14 محورا حول الأهرامات والمتحف الكبير    يديرها عباس أبو الحسن.. بدء جلسة شريف عرفة بمهرجان الجونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    اليوم العالمي لهشاشة العظام.. ما أهمية الكالسيوم للحفاظ على كثافته؟    هشام جمال: "حفل زفافي أنا وليلى كان بسيط"    فى احتفالية 50 سنة على مشوارها الفنى..نجيب وسميح ساويرس يقبلان يد يسرا    الدكتور مجدى يعقوب للقاهرة الإخبارية: منتدى أسوان منصة سلام وتنمية لإفريقيا    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    باكستان ترسم الخطوط الحمراء: لا سلام دون أمن    هيئة الدواء تحذر من تداول عبوات مغشوشة من دواء "Clavimox" مضاد حيوي للأطفال    مدير تعليم أسيوط يفتتح بطولة كرة القدم والشطرنج بالمحافظة    في زيارة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد    حظك اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025.. وتوقعات الأبراج    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قتل "ناهض حتر"؟
نشر في الأهرام العربي يوم 02 - 10 - 2016


عزمي عبد الوهاب
ثقافة غارقة في العنف والدم لا يمكن أن تنتج شيئا غير هذا المشهد: جثة لرجل يذهب إلى المحكمة، بتهمة "إثارة النعرات المذهبية والعنصرية" بعد أن احتجز لمدة شهرين، ثم أفرجت عنه السلطات السياسية في بلاده، بكفالة مالية، وأمام قصر العدل، كما يسمونه هناك، يقترب رجل ملتح، ليحتل قلب المشهد، كان عائدا للتو من أداء فريضة الحج، وقبلها كان يقاتل في سوريا، ضمن صفوف الإخوة المجاهدين.

ثلاث رصاصات، أطلقها الملتحي، أودت بحياة الرجل، الذي لم تكن بضاعته سوى الكلمات، بعدها طار الخبر: اغتيال الكاتب والسياسي "ناهض حتر" أمام باب قصر العدل بالأردن، لأنه شارك في نشر كاريكاتير "مسيء للذات الإلهية" على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رغم أنه حذف الكاريكاتير، وكتب معتذرا:"شاركت منشورا يتضمن كاريكاتيرا بعنوان "رب الدواعش" وهو يسخر من الإرهابيين، وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الإرهابيون".

صنف "ناهض حتر" من غضبوا من الكاريكاتير إلى: أناس طيبين، لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين، وتنزيها للذات الإلهية، عما يتخيل العقل الإرهابي، وهناك صنف آخر عبارة عن داعشيين، يحملون الخيال المريض نفسه، لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية، وهؤلاء استغلوا الرسم، لتصفية حسابات سياسية، لا علاقة لها بما يزعمون".

تلك هي نظرة الطائر لما حدث، لكن ما وراء الدم الذي سال على باب العدل، شيء آخر، له علاقة بأزمة تعانيها السلطات السياسية العربية، في التعاطي مع الدين، شأنها في ذلك شأن الإرهابيين وجماعات الإسلام السياسي، فتوظيف الدين هو المشترك في معادلة الحكم بين الإرهابيين والسلطويين، وما حدث في الأردن أن السيد رئيس الوزراء الأردني "هاني الملقي" قد أوعز إلى وزير داخليته، للقبض على "حتر" والتحقيق معه على خلفية نشر الكاريكاتير الفج (حتى الآن لا يعرف من رسمه) وعلى هذا تم التحقيق مع "حتر" واحتجازه، ثم إطلاق سراحه على ذمة القضية، ليكون القاتل في انتظاره بالقرب من سلالم العدل العريضة.

هنا يدخل رئيس الوزراء الأردني ساحة المزايدة على جماعات الإسلام السياسي، بتقديم رأس "ناهض حتر" عربون محبة أمام الشعب المتدين بطبعه، وبذلك يتخلص الحكم من خصم عنيد، رفض اختيار "الملقي" رئيسا للوزراء، وسجل انتقاداته للانتخابات البرلمانية، ووضع الأقليات فيها، وبالتالي لابد من تأديبه، ربما لم يكن في الحسبان، أن هناك يدا متربصة، تنتظر اللحظة، التي تضغط فيها على الزناد، خصوصا أن "حتر" تعرض من قبل لمحاولة اغتيال فاشلة، عام 1998.

معركة "حتر" كانت في أكثر من اتجاه، فهو مثلا كان يرفض أن يمنح الفلسطينيون الذين يعيشون في الأردن الجنسية الأردنية، وهاجم ياسر عرفات، لأنه طرح حل الفيدرالية على الأردن، بعد وفاة الملك حسين، لكنه كان يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وضرورة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وهو منحاز لخيار المقاومة، كما قدمه "حزب الله" وله كتاب في هذا اسمه "المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ" ويرفض الوجود الأمريكي في المنطقة وله أيضا كتاب بعنوان "العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأمريكي" وفي كل الأحوال كانت مواقفه السياسية تدفع السلطات لاعتقاله، وفي إحدى المرات وجهت إليه "تهمة إطالة اللسان".

كان «حتر» يقول:"الواقع أن مشروعي هو أن أكون مثقفا مستقلا، وهذا المشروع ينطلق من قناعة بأن المجتمع دائما، يحتاج إلى نموذج المثقف المستقل، يحتاج إلى مثقفين يرفضون التعامل مع التواطؤ العام" إذن التهمة الحقيقية التي أخذتها السلطات السياسية في الأردن على "ناهض حتر" أنه يرفض التعامل مع التواطؤ العام، لأن المثقف النقدي المستقل يكشف عما هو مضمر، عما هو مسكوت عنه، ويساجل في التواطؤ العام، ويكشفه بإظهاره إلى السطح.

بشكل شخصي لا أعفي الحكومات العربية من التواطؤ مع تنظيمات الإرهاب، التي تضرب في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من بلاد العرب، فطريق هذه التنظيمات الإرهابية إلى الدم، مفتوح بمباركة هؤلاء، وسيظل المثقفون العرب يقدمون أكثر من "ناهض" قربانا للدم، ما دام أولئك المثقفون يسعون للتواطؤ مع السلطات السياسية، التي تسعى لاستخدامهم في معركة السلطة.

وبمجرد أن تنتهي معركتها تنفض يدها منهم، ألم يكن رحيل نصر حامد أبو زيد عن مصر، واغتياله بداء الغربة عن الوطن، جزءا من هذا السيناريو القبيح؟ فالرجل صدق هو وغيره أن الدولة المصرية، ترفع راية التنوير، فانبرى مدافعا عن قيم الحرية والعدل، لكن الدولة كانت قد انتهت من حربها ضد جماعات الإرهاب وأطلقت الزغاريد في فرح "مبادرة وقف العنف".

على المثقفين ألا يصدقوا ما يقال عن تجديد الخطاب الديني والثقافي، حتى لا يجدوا أنفسهم في مواجهة مصير "فرج فودة" أو "إسلام البحيري" ولننتظر سرادقات عزاء أخرى نقدمها عندما نفقد "ناهض" من جديد، راح ضحية الإيمان بوهم حرية التعبير والاعتقاد!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.