وزارة الزراعة: المجازر الحكومية تستقبل 7900 أضحية في اليوم الثالث للعيد    محافظ مطروح يُقيل نائب رئيس مدينة براني ويحيل مدير النظافة للتحقيق بسبب تردي الأوضاع    «الزراعة» تتابع برامجها البحثية على مستوى الجمهورية في إجازة العيد (تفاصيل)    سرايا القدس تبث مشاهد لكمين استهدف قوة إسرائيلية شرق جباليا    محافظ الدقهلية ينعي شهيد الشهامة السائق خالد عبد العال ابن مركز بني عبيد    أوفا يقود هجوم إنبي أمام البنك الأهلي    عمرو أدهم: كأس مصر شهدت منافسة شريفة وطبيعية.. وأحداث تافهة أخذتنا عن تقدير عبد الشافي    تقارير: أحد أندية الدوري القطري يرغب في التعاقد مع لاعب باريس سان جيرمان    ريندرز: سأسافر إلى مانشستر سيتي لإجراء الفحص الطبي    النيابة تصرح بدفن جثمان سائق السيارة ضحية حريق محطة وقود العاشر من رمضان    الوطني للأرصاد: منى ومكة المكرمة ومزدلفة تسجل 45 درجة    باسل محارب ضيف برنامج سعد الصغير اليوم    وفاة طفل إثر لدغة عقرب في قنا.. ومديرية الصحة توضح تسلسل التعامل الطبي مع حالته    صحة أسيوط تكثف حملاتها لمكافحة ناقلات الأمراض لمواجهة بؤر توالد الحشرات    حالة الطقس غدا الإثنين 9-6-2025 في محافظة الفيوم    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    قصور الثقافة تطلق احتفالات عيد الأضحى في شرم الشيخ والطور وأبوزنيمة    فرحة العيد جوه النيل.. إقبال على الرحلات النيلية بكفر الشيخ ثالث أيام العيد    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    عمال الشيوخ: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع "مؤشر ممتاز"    "الوطني الفلسطيني" يدعو المجتمع الدولي إلى ترجمة مواقفه لإجراءات لوقف الحرب على غزة    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    إيرادات السينما السبت 7 يونيو: "المشروع X" يكتسح شباك التذاكر و"ريستارت" يلاحقه    المتحف المصري بالقاهرة يحتفي بزوار عيد الأضحى المبارك |صور    مى عز الدين تتألق في جلسة تصوير جديدة وتعلن عودتها للتفاعل مع جمهورها    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    طريقة عمل كفتة الحاتى بتتبيلة مميزة    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    خلال احتفالات العيد.. 3 جرائم قتل في مغاغة وملوي بالمنيا    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    اللواء الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك الملقب ب"نبي الغضب" يحذر من وصول إسرائيل إلى نقطة اللاعودة وخسارة حروب المستقبل!.. كيف ولماذا؟    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قتل "ناهض حتر"؟
نشر في الأهرام العربي يوم 02 - 10 - 2016


عزمي عبد الوهاب
ثقافة غارقة في العنف والدم لا يمكن أن تنتج شيئا غير هذا المشهد: جثة لرجل يذهب إلى المحكمة، بتهمة "إثارة النعرات المذهبية والعنصرية" بعد أن احتجز لمدة شهرين، ثم أفرجت عنه السلطات السياسية في بلاده، بكفالة مالية، وأمام قصر العدل، كما يسمونه هناك، يقترب رجل ملتح، ليحتل قلب المشهد، كان عائدا للتو من أداء فريضة الحج، وقبلها كان يقاتل في سوريا، ضمن صفوف الإخوة المجاهدين.

ثلاث رصاصات، أطلقها الملتحي، أودت بحياة الرجل، الذي لم تكن بضاعته سوى الكلمات، بعدها طار الخبر: اغتيال الكاتب والسياسي "ناهض حتر" أمام باب قصر العدل بالأردن، لأنه شارك في نشر كاريكاتير "مسيء للذات الإلهية" على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رغم أنه حذف الكاريكاتير، وكتب معتذرا:"شاركت منشورا يتضمن كاريكاتيرا بعنوان "رب الدواعش" وهو يسخر من الإرهابيين، وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الإرهابيون".

صنف "ناهض حتر" من غضبوا من الكاريكاتير إلى: أناس طيبين، لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين، وتنزيها للذات الإلهية، عما يتخيل العقل الإرهابي، وهناك صنف آخر عبارة عن داعشيين، يحملون الخيال المريض نفسه، لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية، وهؤلاء استغلوا الرسم، لتصفية حسابات سياسية، لا علاقة لها بما يزعمون".

تلك هي نظرة الطائر لما حدث، لكن ما وراء الدم الذي سال على باب العدل، شيء آخر، له علاقة بأزمة تعانيها السلطات السياسية العربية، في التعاطي مع الدين، شأنها في ذلك شأن الإرهابيين وجماعات الإسلام السياسي، فتوظيف الدين هو المشترك في معادلة الحكم بين الإرهابيين والسلطويين، وما حدث في الأردن أن السيد رئيس الوزراء الأردني "هاني الملقي" قد أوعز إلى وزير داخليته، للقبض على "حتر" والتحقيق معه على خلفية نشر الكاريكاتير الفج (حتى الآن لا يعرف من رسمه) وعلى هذا تم التحقيق مع "حتر" واحتجازه، ثم إطلاق سراحه على ذمة القضية، ليكون القاتل في انتظاره بالقرب من سلالم العدل العريضة.

هنا يدخل رئيس الوزراء الأردني ساحة المزايدة على جماعات الإسلام السياسي، بتقديم رأس "ناهض حتر" عربون محبة أمام الشعب المتدين بطبعه، وبذلك يتخلص الحكم من خصم عنيد، رفض اختيار "الملقي" رئيسا للوزراء، وسجل انتقاداته للانتخابات البرلمانية، ووضع الأقليات فيها، وبالتالي لابد من تأديبه، ربما لم يكن في الحسبان، أن هناك يدا متربصة، تنتظر اللحظة، التي تضغط فيها على الزناد، خصوصا أن "حتر" تعرض من قبل لمحاولة اغتيال فاشلة، عام 1998.

معركة "حتر" كانت في أكثر من اتجاه، فهو مثلا كان يرفض أن يمنح الفلسطينيون الذين يعيشون في الأردن الجنسية الأردنية، وهاجم ياسر عرفات، لأنه طرح حل الفيدرالية على الأردن، بعد وفاة الملك حسين، لكنه كان يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وضرورة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وهو منحاز لخيار المقاومة، كما قدمه "حزب الله" وله كتاب في هذا اسمه "المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ" ويرفض الوجود الأمريكي في المنطقة وله أيضا كتاب بعنوان "العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأمريكي" وفي كل الأحوال كانت مواقفه السياسية تدفع السلطات لاعتقاله، وفي إحدى المرات وجهت إليه "تهمة إطالة اللسان".

كان «حتر» يقول:"الواقع أن مشروعي هو أن أكون مثقفا مستقلا، وهذا المشروع ينطلق من قناعة بأن المجتمع دائما، يحتاج إلى نموذج المثقف المستقل، يحتاج إلى مثقفين يرفضون التعامل مع التواطؤ العام" إذن التهمة الحقيقية التي أخذتها السلطات السياسية في الأردن على "ناهض حتر" أنه يرفض التعامل مع التواطؤ العام، لأن المثقف النقدي المستقل يكشف عما هو مضمر، عما هو مسكوت عنه، ويساجل في التواطؤ العام، ويكشفه بإظهاره إلى السطح.

بشكل شخصي لا أعفي الحكومات العربية من التواطؤ مع تنظيمات الإرهاب، التي تضرب في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من بلاد العرب، فطريق هذه التنظيمات الإرهابية إلى الدم، مفتوح بمباركة هؤلاء، وسيظل المثقفون العرب يقدمون أكثر من "ناهض" قربانا للدم، ما دام أولئك المثقفون يسعون للتواطؤ مع السلطات السياسية، التي تسعى لاستخدامهم في معركة السلطة.

وبمجرد أن تنتهي معركتها تنفض يدها منهم، ألم يكن رحيل نصر حامد أبو زيد عن مصر، واغتياله بداء الغربة عن الوطن، جزءا من هذا السيناريو القبيح؟ فالرجل صدق هو وغيره أن الدولة المصرية، ترفع راية التنوير، فانبرى مدافعا عن قيم الحرية والعدل، لكن الدولة كانت قد انتهت من حربها ضد جماعات الإرهاب وأطلقت الزغاريد في فرح "مبادرة وقف العنف".

على المثقفين ألا يصدقوا ما يقال عن تجديد الخطاب الديني والثقافي، حتى لا يجدوا أنفسهم في مواجهة مصير "فرج فودة" أو "إسلام البحيري" ولننتظر سرادقات عزاء أخرى نقدمها عندما نفقد "ناهض" من جديد، راح ضحية الإيمان بوهم حرية التعبير والاعتقاد!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.