اضطراب جديد تشهده الساحة الأردنية، فما لبثت المملكة الخروج من اضطرابات الانتخابات، حتى أتت حادثة اغتيال الكاتب الأردني، ناهض حتر، لتضيف المزيد من التوتر على المشهد السياسي، حيث تفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول الخروقات الأمنية التي تتصاعد في العاصمة الأردنية خلال الفترة الماضية، بدءًا من الانتخابات وما جرى فيها وإطلاق العيارات النارية في مقرات النواب الجدد، وصولًا إلى اغتيال الكاتب الأردني في وضح النهار. حيث اغتيل حتر صباح اليوم الأحد أمام قصر العدل بمنطقة العبدلي وسط عمان، بثلاث رصاصات في الرأس من شخص أثناء توجهه نحو بوابة قصر العدل مع بعض أصدقائه، وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض عليه فيما بعد، ووفق وسائل الإعلام الأردنية فإن القاتل دخل الأردن أمس السبت، قادمًا من بلد مجاور، وكان يرتدي "دشداشة" وله لحية طويلة. من هو ناهض حتر؟ ناهض حتر كاتب وصحفي يساري أردني، من مواليد 1960، تخرج في الجامعة الأردنية قسم علم الاجتماع والفلسفة، ويحمل درجة الماجستير في الفكر السلفي المعاصر، وتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة عام 1998، وعرف بمقالاته المناهضة للسعودية ورعايتها للوهابية والإرهاب، وفق كتاباته، الأمر الذي أدى إلى إيقافه عن الكتابة في الصحافة الأردنية منذ سبتمبر عام 2008. في 8 سبتمبر الجاري أطلقت محكمة بداية عمان سراح حتر مقابل كفالة مالية، وكان مدعي عام عمان الأول القاضي، عبد الله أبو الغنم، أسند له جرم إثارة النعرات المذهبية والعنصرية وفقًا لأحكام المادة 150 من قانون العقوبات الأردني. في 12 أغسطس الماضي أوعز رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، بالقبض على الكاتب وتحويله للحاكم الإداري، وذلك على خلفية نشره على صفحته على فيسبوك رسمًا كاريكاتوريًّا فيه عبارات رأى البعض أنها "تحمل إساءات للذات الإلهية"، وهي الصفحة التي شطبها الكاتب الأردني عقب انتشار هذه الشائعات، وقام بتسليم نفسه للأجهزة الأمنية، بعد صدور مذكرة جلب من محافظ العاصمة بحقه. ومن جانبه نفى ناهض حتر الإساءة للذات الإلهية، قائلًا إن الكاريكاتير يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهيه عما يروجه الإرهابيون، وأضاف في منشور له على فيسبوك: الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان، أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، وإخونج داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية، وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون. إلى من توجهت أصابع الاتهام؟ قالت بعض وسائل الإعلام الأردنية نقلًا عن الأجهزة الأمنية إن الرجل الذي أطلق النار على الكاتب الأردني وتسبب في مقتله اعترف في التحقيقات أنه قتل حتر بسبب منشوره والذي تمت محاكمته عليه، وقالت الأجهزة الأمنية إن القاتل هو إمام مسجد سابق في حي الزغاتيت بمنطقة الهاشمي الشمالي يدعى "رياض إسماعيل أحمد عبد الله"، وإنه غادر الأردن، وعاد لها مؤخرًا. من جانبها حملت عائلة الكاتب السلطات المسؤولية وعلى رأسها رئيس الوزراء، هاني الملقي، خاصة أنه تلقى العديد من التهديدات من شخصيات معروفة بسحله وقتله خلال الفترة الماضية أمام أعين أجهزة الدولة دون اتخاذ أي إجراء بحقها، ورفضت العائلة استلام جثته؛ احتجاجًا على ما اعتبرته تقصيرًا من جانب السلطات في حماية ابنها، في حين تداعت عشائر أردنية لاجتماع عصر اليوم الأحد لبحث القضية، والتعبير لعائلته عن حزنها وألمها لما حل به، الأمر الذي يأتي بعد بدء موجة تضاد في الآراء بين الأردنيين حول قتل الكاتب على مدخل قصر العدل. غضب شعبي وسياسي أثارت حادثة مقتل الكاتب الأردني ردود فعل كبيرة أدانت هذه الجريمة، حيث احتج وزير البلاط الملكي الأسبق، مروان المعشر، على الحادثة بقوله: اغتيال الكاتب ناهض حتر يجب أن يدان من الجميع بغض النظر عن آرائهم ومواقفهم، إما أننا دولة قانون ومؤسسات أو أننا نسمح لشريعة الغاب أن تسود، التعبير عن موقف موحد يعكس الوحدة الوطنية مطلوب اليوم. من جانبه استنكر التحالف الوطني للإصلاح جريمة قتل الكاتب حتر، مؤكدًا إدانته لهذه الجريمة، وموجهًا دعوة لضرورة ضبط النفس وعدم إثارة الفتنة، مؤكدًا أن حل الخلافات لا يكون بهذا الشكل في دولة المؤسسات والقانون، كما استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي حادثة القتل التي أودت بحياة الكاتب، مؤكدًا رفضه تجاوز القانون وأخذ دور المؤسسات القضائية والأمنية، مضيفًا: نستنكر مبدأ العقاب بصورة فردية، ونحذر من أن يكون هذا الحادث بداية لفتنة طائفية، ونسأل الله أن يحفظ بلدنا من كل مكروه.