خالد عبيد: ما حدث كان متوقعا ولم يأت مصادفة - وائل درويش: الدولة تراخت فى الإجراءات الأمنية - حسن بن عثمان: قرار حظر التجوال يحقق أهداف الإرهابيين عشرات من القتلى والجرحى هم من دفعوا ثمن الهجوم الإرهابى العنيف الذى داهم حافلة كانت تقل عددا من عناصر قوات الأمن التونسى منذ أيام، وهو ما دفع رئيس الدولة الباجى قايد السيبسى إلى فرض حظر التجوال والحصار الأمنى على كثير من المدن التونسية المهددة إرهابيا، خصوصا أن هذه الحادثة جاءت بعد وقوع مثيلتها فى مدينة سوسةالتونسية أيضا منذ خمسة أشهر تقريبا، وبرغم اتخاذ السلطات التونسية كثيرا من الإجراءات الأمنية، فإنها لم تنجح فى الوقوف بوجه الإرهاب منذ أيام. «مجلة الأهرام العربي» انفردت بلقاءات مع عدد من الشخصيات البارزة فى المجتمع التونسى عبر سطورها المقبلة. فى البداية يؤكد الأستاذ الجامعى والمؤرخ السياسى التونسى خالد عبيد، أن ما حدث فى تونس لم يكن مفاجأة بل كان متوقعا، وحتى الأجهزة الأمنية كانت لديها المعلومات، بدليل حدوث حالات الإنذار المبكر والتعبئة التى سبقت الحادثة لكنها لم تتمكن من تحديد المكان الحقيقى للعملية المرتقبة. ويتفق مع الرأى نفسه الليبرالى التونسى المستقل وائل درويش، مؤكدا أن هذا الحادث الإرهابى كان متوقعا برغم أنه يعد الأول من نوعه منذ بدء العمليات الإرهابية بتونس، ويضيف قائلا: لكن وبشكل عام هذا العمل الإرهابى قد حذر منه العديد من الخبراء الأمنيين أمام تواصل تراخى الدولة فى ردع الإرهاب وهو المتوقع ما دام أن حركة النهضة الراعى الرسمى للإرهاب والداعم له لا تزال شريكاً فى الحكم وما زلنا اليوم نجنى ثمار حكم الإخوان منذ توليهم السلطة، فالإخوان هم من فتحوا الأبواب للإرهاب من خلال تعييناهم التى مست المراكز الحساسة فى الدولة، وأدت إلى اختراقات تهدف إلى التفكيك التدريجى لأجهزة الدولة لتجعلها غطاء أو حضانة للإرهاب وقد نجحوا نسبيا فى ذلك أمام ما نراه من أحداث فى تونس اليوم، وبرغم أن الجهات الرسمية لم توضح طريقة وقوع الحادث فإن المعطيات والفرضيات تؤكد ما ذكر سابقا. ويحلل درويش ما حدث فى هذه الواقعة الإرهابية من وجهة نظره من خلال عدة افتراضات قائلا: الفرضية الأولى: أن الحافلة كانت مفخخة من داخل القصر الرئاسى وهو مكان انطلاقها الأول مما يعنى أن هناك خيانة من داخل القصر. أو أنّ هناك من فجر نفسه داخل الحافلة، أى أن الإرهابى الذى فجر نفسه هو أحد عناصر الأمن الرئاسي، وقد تتأكد هذه الفرضية بعد ورود معلومات عن اختفاء أحد عناصر الأمن الرئاسى الذى قد يكون تحول إلى أشلاء بعد التفجير. والفرضية الثالثة: هى أن هناك من ألقى قنبلة على الحافلة وهناك من أخبره أن هناك حافلة للأمن الرئاسى ستمر من ذلك المكان فى ذلك التوقيت إن لم يكن هناك تواطؤ أمني. ويرى وائل درويش أن الحادثة الأخيرة تمثل منعطفا خطيرا فى العمليات الإرهابية، إذ إنها استهدفت تفجير حافلة خاصة بنقل الأمن الرئاسى فى شارع محمد الخامس بالعاصمة على بعد أمتار من وزارة الداخلية ومن أماكن عرض مهرجان أيام قرطاج السينمائية التى يحضرها ضيوف من كل أصقاع العالم، وقد أدى ذلك إلى استشهاد 12 عنصرا من الأمن الرئاسى وإصابة 20 آخرين منهم 3 فى حالة حرجة، برغم أن الأمن الرئاسى يعد من أقوى الأجهزة الأمنية الأكثر قوة وصرامة ويضم النخب الأمنية ويعمل دون أخطاء ولا يترك المجال للمصادفة. من جانب آخر أعتقد أن قرار حظر التجوال يمثل دعما للإرهابيين، لأنه سيتسبب فى شل حركة التونسيين وبث الرعب فيهم وهو الهدف الأول للإرهاب، ونرجو ألا يتم استغلال هذه الحادثة للحد من الحريات وقمع الاحتجاجات الاجتماعية السلمية. من جانبه يقول المذيع والإعلامى التونسى سعيد زوري: إننا نواجه حربا شاملة على الإرهاب وقد جاءت هذه الواقعة ردا على الضربات التى وجهت للإرهاب. بينما يرى حسن بن عثمان، رئيس تحرير جريدة الصحافة اليوم التونسية أن التجربة التونسية ليس لها أهل وهى لقيطة وتعانى فى سياقها الرهيب الخانق. ويستكمل الحديث قائلا: لكنها تحاول أن تقيم ثورة سلمية على غرار التجربة الثورية المصرية، حيث كان للثورة المصرية جسم وطنى ملتحم وصلب وهو المؤسسة العسكرية. لكن فيما يخصنا فى تونس، فنحن عرضة للأهواء والإغواء والشراسة وكثرة الرياح العاصفة، والكثيرون يريدون تركيع تونس، وذلك محال ونحن فى لحظة عظيمة من خفوق قلوب الأمة العربية للدفاع عن حق البقاء. ويمضى بن عثمان فى الحديث قائلا: هى حملة إرهابية دولية مرعبة وشاملة تقضم الدول العربية وحدودها من أطرافها وتقسيم للجغرافيا من أناس يتصورون أنفسهم يعرفون التاريخ والحضارة ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، والماكرون معروفون ونحن داخل الشعب المتشعب موجودون ونشعل شعلة البقاء والأمل والتوحيد بين أقباط ومسلمين ويهود غير صهاينة وكل الخيرين والمسالمين أيضا. ويرى القانونى التونسى عصام محمد خماخم: أن هذه العملية الإرهابية الجبانة تتطلب من القوى السياسية والأحزاب الفائزة فى الانتخابات أن تقوم بإعادة هيكلة الحكومة وتشكيل فريق وزارى مضيق استثنائى كحكومة حرب كى تواجه الإرهاب الذى يتطلب سياسة حرب واقتصاد وثقافة، وهو ما افتقدناه منذ الحكومة التى تلت 14 يناير 2011. الوضع يتطلب منا اليوم القيام بإجراءات استثنائية، وسن قوانين جديدة لنعالج الثغرات القانونية التى يستغلها العديد من المحامين ورجال القانون لتبرئة الإرهابيين، ومن الإجراءات الضرورية القصوى التى تقتضيها حالة الحرب على الإرهاب، إعادة الأمنيين المعزولين وإلحاق المتقاعدين بالفرق الأمنية الميدانية اكتسبوه من خبرة وقدرة على مجابهة هذه الوضعيات الخطيرة والاستثنائية كما دعا إليها الاتحاد الوطنى لنقابات قوات الأمن التونسى والتى تعد أهم نقابة أمنية فى تونس. ويؤكد التونسي ياسين اليونسى المحامى ورئيس لجنة العلاقات الدولية بالجمعية التونسية للمحامين الشبان، على كون الإرهاب متغلغلا فى كل مكان بتونس وأن التونسيين مهددون مثلهم مثل الدول الأخرى باعتبار أن الإرهاب ظاهرة عالمية ويستكمل الحديث: أنا كمحام عضو فى جمعية المحامين الشبان فإنه على إثر العملية الإرهابية الغادرة والجبانة التى تعرض لها الأمن الرئاسي بشارع محمد الخامس بتونس العاصمة والتى أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات كان لا بد لنا أولا من التقدم بأحر التعازى إلى عائلات الأمنيين وإلى جميع الشعب التونسي، وثانيا لابد لى من الاعترف بأننى أحمل المسئولية إلى القيادات المختصة فى عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية الاستباقية اللازمة لوضع حد لسفك دماء أبنائنا حماة الوطن كما أدعو جميع الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدنى إلى الابتعاد عن الانشقاقات والمزايدات ووضع اليد فى اليد لمكافحة آفة الإرهاب واقتلاعها من جذورها وأطلب أيضا من الأطراف المسئولة إلى التعجيل فى عقد المؤتمر الوطنى لمكافحة الإرهاب، وأخيرا أدعو الجميع من المسئولين وجوب بعث صندوق لتدعيم مجهود الدولة فى مكافحة الإرهاب، خصوصا أن ما يحدث، إنما يدل على أنه ليس هناك تنسيق متميزو مكافحة جادة وإصلاحات مستميتة للمجتمع التونسي، لذلك لا بد من اتخاذ جميع الإجراءات للحد من هذه الظاهرة ومنع الدعم المالى و اللوجستى للإرهاب. ويختتم الحديث التونسى أحمد الهيشري الناشط وخبير فى التسويق والاتصال السياسى قائلا: أتفق تماما مع وجهة النظر التى تؤكد أن العمليات والتحركات الإرهابية استهدفت فى أغلبها أمنيين وعسكريين، إضافة إلى مدنيين فيما يخص حادثتى باردو وسوسة التى سقط فيها ضحايا أجانب فى محاولة لضرب قطاع السياحة الذى يعد قطاعا حيويا فى تونس. والعمليات فى جبل الشعانبي، من سقط فيها هم جنود من الجيش الوطنى التونسى إما عن طريق الألغام التى زرعها الإرهابيون أو عن طريق الكمائن. وكل هذه الحوادث تلتها انتصارات عدة من خلال القضاء على عدة جماعات إرهابية وإلقاء القبض على عديد من الإرهابيين واكتشاف مخازن أسلحة وتفكيك خلايا كانت توفر الدعم المادى والمعلومات، أما الآن فيجب إعلان حرب حقيقية ضد الإرهاب فى الداخل وحماية الحدود وتشديد الرقابة السياسية، إضافة إلى حجب المواقع الداعمة للإرهاب على الشبكات الاجتماعية ودعم الإمكانات العسكرية والأمنية من عتاد وإمكانات بشرية، لا سيما فى اتخاذ إجراءات عاجلة فى حق العائدين من بؤر التوتر كسوريا وليبيا.