علاء عزت جاءت قضية اللعب فى قطر، لتكشف مجددا عن إصابة الرياضة المصرية بمرض «الشيزوفرينيا»، أى الانفصام فى الشخصية، وتلك هى الحقيقة التى تكشفت بكل وضوح بعد أن رأينا قمة التناقض فى التعامل مع قضية واحدة، وموقف واحد.. اتحاد كرة اليد برئاسة خالد حمودة يؤكد مشاركته فى بطولة كأس العالم التى ستقام فى الدوحة مطلع العام المقبل، وتحديدا قبل شهرين من الآن، وبعدها بساعات قليلة خرج علينا اتحاد السباحة برئاسة المهندس ياسر إدريس يرتدى ثوب البطولة الوطنية، معلنا انسحابه من المشاركة فى بطولة العالم المقرر لها إقامتها فى الدوحة الشهر المقبل. قرار الانسحاب من المشاركة فى بطولة العالم للسباحة خرج مغلفا بصبغة سياسية بحجة مقاطعة قطر.. وفى الحالتين قامت الدنيا ولم تقعد سواء على الصعيد بقوة مع أو الجماهير، وجاء تناقض موقف اتحادين رياضيين ليس ليكشف فقط عن مرض الرياضة المصرية بداء الانفصام فى الشخصية، بل جاء ليجعل غالبية الشعب يصابون بهذا المرض أيضا، وهو الأمر الذى كان من السهل أن ترصده «الأهرام العربى» من خلال رصد ومتابعة ردود أفعال الشعب من خلال تعليقاتهم سواء على خبر مشاركة كرة اليد فى مونديال قطر، أم انسحاب السباحة من مونديال قطر، حيث وجدنا فريقا من الشعب يهاجم اتحاد كرة اليد ويصفق ويهلل لاتحاد السباحة ويرى هذا الفريق أن مقاطعة قطر، رياضيا، باتت واجبا وطنيا على خلفية تدخل قطر فى شئون مصر ورعايتها لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وأنه يجب مقاطعة قطر رياضيا تماما على غرار مقاطعة إسرائيل رياضيا، فيما يقف فريق آخر من الشعب على النقيض ويرى أنه يجب عدم الخلط بين السياسة والرياضة، وأن الرياضة المصرية هى الخاسر الوحيد من الانسحاب من أى بطولة، لاسيما وإن كانت تلك البطولة بحجم كأس العالم، واستند هذا الفريق إلى تقارير إعلامية أشارت من قبل إلى خوض منتخبات ولاعبين مصريين مواجهات رياضية مع إسرائيل، وأكدوا أن قطر أولا وأخيرا بلد عربى مسلم، ويجب التفرقة بين سياسة دولة قطر، وحقيقة شعبها الذى يحب مصر، وقالوا عندما يكون هناك قرار سيادى رسمى معلن بعدم اللعب مع إسرائيل، وقتها نفكر فى مقاطعة قطر رياضيا.. وهكذا وجدنا خيوط قضية اللعب مع قطر تشابكت وتلامست بقوة مع قضية اللعب مع إسرائيل. ومن بين انشغال الرأى العام لقضيتى اتحادى كرة اليد والسباحة، كان منتخب الإسكواش يتسلل ويطير سرا إلى الدوحة، حيث يشارك حاليا فى بطولة العالم!! وهى قصة ثالثة سنتناولها فى السطور التالية. الهروب الكبير ونتوقف أمام ما هو أغرب من حالة الشيزوفرينيا التى أصابت الرياضة المصرية، ألا وهى حالة تعامل القيادات الرياضية فى مصر مع أزمة التناقض، حيث وجدنا القيادات تتهرب ليس فقط من القضية، بل حتى من التعليق عليها، حيث خرج علينا المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، يؤكد أنه يتابع الموقف دون اتخاذ أى قرار سواء بمنع اتحاد اليد من المشاركة، أم إجبار اتحاد السباحة على المشاركة، واكتفى الوزير بردود دبلوماسية مفعومة بالروتينية، حيث أشار إلى أنه يتابع الأمر من خلال إجراء اتصالات مع رئيسى اتحادى اليد والسباحة، دون أن نشير من قريب أو بعيد عن اضطلاعه كوزير للرياضة بدوره فى اتخاذ أى قرار، بدعوى أن أى قرار سيصدر عنه سيدخل فى إطار «التدخل الحكومى» وهى الفزاعة، أو بمعنى أدق السيف الذى تسلطه اللجنة الأوليمبية المصرية برئاسة خالد زين على رقبة أى وزير، وهو السيف الذى استخدمته ونجحت فى الإطاحة برقبتى وزيرين سابقين وهما العامرى فاروق وطاهر أبوزيد، واكتفى المهندس خالد عبد العزيز بتأمين موقفه من خلال إجراء اتصالات مع رئيسى اتحادى اليد والسباحة، وفى النهاية لم يتغير شىء.. ورأينا الوزير يخرج علينا يدافع عن موقف اتحاد كرة اليد، تماما كما خرج يدافع عن موقف اتحاد السباحة بعد الاستماع إلى وجهات النظر إلى نقلها بدوره إلى الجهات السيادية التى طالبت بمعرفة ملابسات القرارين المتناقضين. أما اللجنة الأوليمبية برئاسة زين والتى تقاتل من أجل سلب مفاتيح قيادة الرياضة المصرية من وزارة الشباب والرياضة، ويخوض غالبية أعضائها حربا مقدسة للدفاع عن كراسيهم، وهم ما كان بالأمس يطالبون بتطبيق بند ال 8 سنوات، ها هم اليوم ينقلبون ويصرخون ويتوسلون كبرى الجهات الرياضية فى العالم من أجل إلغاء هذا البند، فقد فضل مسئولوها عند مواجهتهم بشيزوفرينيا قرارات الاتحاد الرياضية التى يشرفون عليها برفع شعار «لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم»، وكعادته دوما وقت الأزمات اختفى رئيس اللجنة الأوليمبية عن الأنظار، وتهرب من إدلاء رأيه وموقفه، وترك المهمة إلى نائبه المهندس هشام حطب الذى خرج علينا ليصدمنا بتصريح مضحك، وهو أن اللجنة الأوليمبية لا يمكنها التدخل فى أى قرار يخص أى اتحاد رياضى، أى أن اللجنة الأوليمبية تركت الحبل على الغارب لكل اتحاد يتخذ ما يشاء حتى دون الرجوع لا لوزارة الشباب والرياضية ولا للجنة الأوليمبية، وهى الحقيقة التى كشف عنها حمودة اليد، وإدريس السباحة اللذان أكدا أنهما اتخذا قرارهما المتناقض دون الرجوع لأى جهة فى الدولة، وكأن الاتحادات الرياضية باتت "عزب" منفصلة، وهى حقيقة لم تعد فى حاجة إلى براهين وأدلة. مبررات وأكاذيب ونعود إلى القضية، فقد وجد نفسه اتحاد كرة اليد فى مأزق حقيقى، عندما علم بأمر انسحاب البحرين والإمارات من مونديال قطر لدواع سياسية مغلفة فى اعتذارات فنية، وطالب الكثيرون اتحاد كرة اليد بالسير على نفس الاتجاه، إلا أن رئيس الاتحاد خالد حمودة خشى من إعلان انسحابه فى صورة اعتذار، بعد تلقيه فرمانا من صديقه الدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولى بعد الانسحاب، ومنح حسن مصطفى صديقه خالد حمودة مفتاح الهروب من المأزق، بالتلويح بالعواقب الوخيمة التى ستنزل لتقطع يد مصر فى حال الانسحاب، منها حرمان مصر من تنظيم بطولة إفريقيا، وغيرها من العقوبات الدولية والعالمية، وهو ما جعل حمودة يظهر فى دور الحمل الوديع أمام الإعلام ولسان حاله "مجبر أخاك لا بطل ". ولكن يبدو أن حملة الانتقادات الإعلامية والجماهيرية التى طالت حمودة، والذى وجد نفسه خائنا ومتآمرا فى عيون عدد من مقدمى برامج "التوك شو " السياسى، عاد للتفكير فى الأمر، ودعا لعقد اجتماع طارئ، أقيم الثلاثاء الماضى، وكان يسعى من خلاله إلى منح نفسه غطاء لمواجهة الحملات المضادة، والتأكيد أن المشاركة قرار جماعي. أما إدريس السباحة، فقد أغرق نفسه بفعل تناقض تصريحاته، فبعد أن خرج علينا عبر وكالة الأنباء الفرنسية مرتديا ثوب الوطنية، وهو يعلن انسحابه من بطولة كأس العالم بقطر، من أجل عيون مصر وشعب مصر، وتأكيدا على ثورة 30 يونيو، واختتم تصريحاته بمغازلة القيادات السياسية بجملة وشعار "تحيا مصر"، عاد سريعا ومع أول موجة انتقادات عاتية، انقلب إدريس وخرج فى وسائل الإعلام المحلية يكذب وكالة الأنباء الفرنسية، مدعيا أنه لم يعلن انسحابه بل اعتذاره عن عدم المشاركة لأسباب فنية، وأنه لم يخلط بين الرياضة والسياسة، إلا أن "الفرنسية" أكدت عدم تحريفها لأى من تصريحات رئيس اتحاد السباحة، وأنها غير معنية بتراجعه بعد تعرضه لانتقادات. والمهم، أنه ما بين انشغال الرأى العام بقضيتى كرة اليد والسباحة، فوجئ الجميع بخبر وصول بعثة منتخب الإسكواش المصرى للدوحة للمشاركة فى بطولة العالم، وضمت البعثة 14 لاعبا، ونقلت تقارير إعلامية أن قطر ردا على الحملات التى وجهت إليها من الإعلام المصرى، تجاهلت مصر فى حفل افتتاح البطولة بالرغم أن مصر من أكبر الدول فى اللعبة والدولة الوحيدة التى يلعب لها 4 أبطال ضمن أفضل 10 لاعبين فى التصنيف. فى حفل الافتتاح كان هناك عرض راقص للدول المشاركة مثل رقص هندى بالعلم الهندى ورقصة الفلامنكو بعلم إسبانيا، وهكذا وشملت العروض دولا مثل أسكتلندا وبوليفيا وبتسوانا ولم تشمل مصر أهم دولة فى البطولة، دون أن يعلق أى مسئول بالاتحاد المصرى عن تلك الواقعة .