رشا عامر جاءت اعترافات كل من بريطانياوالسويد أخيرا بالدولة الفلسطينية لتفتح باب النقاش فى فرنسا، خصوصا بعدما خرجت العديد من الدوريات الفرنسية هذا الأسبوع وقد حملت على غلافها عنوان القضية الفلسطينية، ومن بين هذه الدوريات كانت مجلة «ليبراسيون» الأسبوعية الفرنسية التى أوردت فى صدر صفحاتها أربع رسومات إنفوجرافية لمساعدة القارئ على فهم القضية الفلسطينية بشكل أفضل. تقول المجلة الفرنسية، إن اعتراف البرلمان البريطانى بدولة فلسطين فى 13 أكتوبر 2014 لتليه السويد فى 30 أكتوبر ليعيد إحياء الجدل فى فرنسا، وعليه فإن مجلس الشيوخ الفرنسى من المنتظر أن يصوت مجلس الشيوخ الفرنسى فى 11 من ديسمبر على مشروع قرار يطالب باريس بالاعتراف بدولة فلسطين، كما أعلن أعضاء فى المجلس يقفون وراء هذه المبادرة. والنص غير الملزم يقترح أن يعلن مجلس الشيوخ الفرنسى "رسميا تمسكه بمبدأ دولة فلسطينية قابلة للاستمرار تعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل ويعبر عن الرغبة فى أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين ديمقراطية وتتمتع بالسيادة". أما فى الجمعية الوطنية فيرغب النواب من الحزب الاشتراكى الحاكم أيضا أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين، وهم يستعدون لذلك بطرح مشروع قرار يعرض فى الأسابيع المقبلة يدعو الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بهذه الدولة، على أن يتم التصويت عليه خلال الأسابيع القليلة المقبلة..ورغم أن هذا التصويت - مثله مثل البرلمان البريطانى- سيكون رمزيا إلا أن الحكومة الفرنسية تقول إنها ليست أهلا له الآن.. ففرنسا تنتظر الاعتراف بدولة فلسطين فى الوقت المناسب، لأنها تريد أن يكون هذا الاعتراف مفيدا لقضية السلام وليس مجرد اعتراف رمزى على حد تعبير وزير الخارجية لوران فابيوس، خصوصا بعدما دعت الجمعية الوطنية الحكومة الفرنسية إلى جعل الاعتراف بدولة فلسطين أداة للحصول على تسوية نهائية للنزاع. كما أن الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية كان واحدا من 60 تعهدا لأولاند إبان ترشحه فى 2012. واليوم وقد اعترفت 135 دولة بالدولة الفلسطينية، وفقا لما ذكرته السلطة الفلسطينية، فإن معظم الدول التى اعترفت بفلسطين جاء اعترافها بعد إعلان قيام الدولة الفلسطينية فى 15 نوفمبر 1988 من قبل المجلس الوطنى الفلسطينى فى الجزائر. وتأتى السويد كأول دولة فى الاتحاد الأوروبى تعترف بفلسطين بعدما اعترفت بها سبع دول أخرى قبل دخولهم الاتحاد هم التشيك والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا ومالطا وقبرص وقد حذت العديد من دول أمريكا اللاتينية حذوهم عام 2010 فى إطار تأكيدها على عدم تبعيتها للسياسة الأمريكية . وفى نوفمبر 2012 جيئ بفلسطين كمراقب فى الأمم المتحدة بفضل تصويت فرنسا والذى جاء على عكس رغبة الولايات المتحدة التى كانت تخشى استغلال فلسطين لهذا الوضع لكى تضمن الوصول إلى المحكمة الدولية لتطالب بالتحقيق فى جرائم الحرب التى ارتكبها الجنود الإسرائيليون فى الأراضى المحتلة وقطاع غزة. وقد شهدت البلدة القديمة فى القدس فى 5 نوفمبر الماضى واحدة من أسوأ حالات العنف المتفشى بعدما دهس أحد الفلسطينيين مجموعة من الإسرائيليين متسببا فى وفاة أحدهم، الأمر الذى أدى إلى اندلاع اشتباكات فى ساحة المسجد الأقصى.. هذه الساحة التى تمتد على مساحة 14 هكتارا تطل على البلدة القديمة للقدس والأراضى المحتلة والتى ضمتها إسرائيل عام 1967 والتى يجاهد الفلسطينيون لكى تكون عاصمة دولتهم المستقبلية. والمشكلة فى هذه المنطقة تكمن أنها مناطق نزاع دينى. فمنطقة الحرم القدسى الشريف هذه يسميها اليهود بجبل الهيكل كما أنه يضم أيضا مسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى والذى سمى بهذا الاسم لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة فى الأرض كما أنه كان أقصى مكان على الأرض وصل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فضلا عن أنه هو أولى القبلتين، وثانى مسجد وضع فى الأرض بعد المسجد الحرام بمكة، وثالث مسجد تشد إليه الرحال بعد المسجدين الحرام والنبوى أى أنه ثالث الحرمين، أما المشكلة فتكمن فى أن اليهود يطلقون على ساحات المسجد الأقصى اسمَ "جبل الهيكل" نسبة إلى هيكل النبى سليمان، وتُحاول العديد من المنظمات اليهودية المتطرفة التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل حسب مُعتقدها. تطور دولة فلسطين من 1948 حتى يومنا هذا فى عام 1948 أعلن ديفيد بن جوريون أعلن بن فى 14 مايو "وثيقة الاستقلال" فى المراسم التى أقيمت فى تل أبيب للإعلان عن قيام دولة إسرائيل، وكان بن جوريون أول من وقع عليها. اندلعت الحرب على الفور بين الجيوش العربية مثل "مصر وسوريا والأردن والعراق" وبين إسرائيل عقب إعلان قيام دولة إسرائيل. وبعد مرور أيام قليلة على إقامة الدولة فى 26 مايو أصدر بن جوريون أمراً لإقامة الجيش الإسرائيلى، وكرئيس للوزراء ووزير للدفاع تولى إدارة المعركة طوال فترة حرب 1948 حتى الانتصار وبرمت اتفاقيات وقف إطلاق النار فى بداية عام 1949 لتصبح تلك هى أول حرب عربية إسرائيلية، حيث منيت الدول العربية بهزيمة كبيرة أجبرت مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار. وفى 1949، توسطت الأمم المتحدة لإبرام اتفاقات هدنة بين إسرائيل والدول المجاورة، فوقع العرب وإسرائيل اتفاقية الهدنة، وتم وضع خط الهدنة فى الخرائط باللون الأخضر، وبدأ عسكريون من الجانبين فى رسم الخط بناء على الواقع الأخير، وليس بناء على قرار التقسيم السابق. وبات لفظ "الخط الأخضر" يطلق على الخط الفاصل بين الأراضى المحتلة عام 1948 والأراضى المحتلة عام 1967. ورغم تحفظات القانونيين، فإن ذلك اللفظ استخدم فى المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية. وفى عام 1967 تندلع حرب الأيام الستة وهى الحرب التى نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 حزيران/يونيو 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى مضاعفة إسرائيل لحجمها ثلاث مرات بعد احتلالها لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربى - الإسرائيلى. وقد ضمت إسرائيل أيضا البلدة القديمة فى القدس لتصبح عاصمة لما أسمته بدولة إسرائيل لكن لم تعترف بها الغالبية العظمى من المجتمع الدولى. ويصبح هدف فلسطين القائم هو مجرد العودة إلى حدود 1967 وذلك لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة. عندما يعطى من لا يملك لمن لا يستحق ⢴ عبد الرحمن زيادة كان الجلسرين، تلك المادة شديدة الانفجار والتدمير، هو الدافع وراء إرسال آرثر جيمس بلفور، وزير خارجية بريطانيا فى الثانى من نوفمبر سنة 1917 م، رسالة قصيرة تتكون من 130 كلمة فقط، كانت السبب فى ضياع فلسطين، وقد وجه الرسالة إلى اللورد ليونيل وولتر دى روتشيلد المصرفى والسياسى البريطانى، وعميد عائلة روتشيلد، التى تعد إحدى أهم وأغنى العائلات اليهودية فى العالم، وهذا نص الرسالة: عزيزى اللورد روتشيلد يسرنى جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالى الذى ينطوى على العطف على أمانى اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومى فى فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التى تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة فى فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسى الذى يتمتع به اليهود فى أى بلد آخر". وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيونى علماً بهذا التصريح. المخلص آرثر جيمس بلفور عرفت هذه الرسالة البغيضة بعد ذلك باسم وعد بلفور الذى منح من لا يملك "بريطانيا " من لا يستحق "العصابات الصهيونية " أرض فلسطين المباركة لليهود، مما أسهم فى قيام دولة إسرائيل على أشلاء الفلسطينيين . وقد ظهرت عدة تفسيرات حول سبب صدور هذا الوعد من الحكومة البريطانية فى ذلك الوقت، فهناك نظرية مفادها أن بلفور قد أصدره لإحساسه العميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد، وبأن الوقت حان لأن تقوم الحضارة الأوروبية بعمل شىء لليهود. وهناك نظرية أخرى ترى أن لويد جورج، رئيس الوزارء البريطانى الأسبق كان وراء هذا التصريح تقديراً للدور الذى قام به حاييم وايزمان، الذى صار فيما بعد أول رئيس لإسرائيل فى خدمة بريطانيا إبان الحرب العالمية الأولى. وأصل القصة أن وايزمان كان يعمل فى مختبرات البحرية البريطانية، ومن ثم تمكن من تحضير الجلسرين وإنتاجه من تخمير السكر، فيسر للحكومة البريطانية الحصول على المفرقعات مثل الألمان فى الحرب العالمية الأولى. وعرضت إنجلترا على وايزمان شراء سر الاختراع، فاشترط على الحكومة البريطانية ممثلة فى لويد جورج، أن يكون ثمن بيع سر تحضير الجلسرين هو وعد بإقامة الوطن اليهودى فى فلسطين. ويرفض الباحثون هذه النظريات استنادا إلى أحداث وقراءات تاريخية مفادها أن بلفور "لم يكن يفكر فى مأساة اليهود الإنسانية، بل على العكس من ذلك فقد رفض التدخل لدى الروس لمنعهم من اضطهاد اليهود، كما أن مساهمة اليهود فى دعم بريطانيا فى الحرب كانت محدودة ومقتصرة على بعض اليهود غير الصهاينة"..أما الرؤية المتعمقة للموقف الذى أدى لصدور التصريح، فترى أنه كان هناك سعى صهيونى حثيث لربط الوعد الصهيونى بالحركة الاستعمارية لتحقيق أهدافهما فى المنطقة، خصوصا أنه أعقب الوعد بفترة قليلة بداية الاستعمار الفعلى لفلسطين، حيث أتم البريطانيون احتلالهم لفلسطين ما بين عامى 1917 و1918، ورافق الوعد سياستهم فى فلسطين منذ صدوره وحتى خروجهم منها..ولكن كيف اكتسب وعد بلفور شرعيتة الحقيقية؟ الوعد كان الأساس الذى منح بسببه الحلفاء بريطانيا حق الانتداب على فلسطين فى مؤتمر سان ريمو (1920)، كما أيدته عصبة الأمم عندما صادقت فى يوليو 1922 على صك إقرار الانتداب البريطاني، مما أضفى أهمية على الوعد، وأسهم فى بداية احتلال الدولة الفلسطينية، كما أصدر الكونجرس الأمريكى فى نفس سنة 1922 قرارًا أيد فيه وعد بلفور بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، وقد تفاقمت هذه السياسة مع تزايد النفوذ الأمريكى فى المنطقة حتى أصبح تعهدا إستراتيجيا أمريكا برعاية إسرائيل وحمايتها.