أحمد إسماعيل كارثة من العيار الثقيل فجرتها عملية استرداد لآثارنا المصرية التي نهبتها إسرائيل أثناء احتلالها لسيناء، لتوكد دون أدنى شك أن العدو الصهيونى سيظل عدواً.. ماكراً مخادعاً حتى النهاية. فرغم ما بيننا من اتفاقية سلام موثقة دولياً، ويلزمها تعهدات واجبة.. إلا أنها «إسرائيل» فى السلم والحرب. ببساطة وبعد ثمانى سنوات من استلام مصر 1700 صندوقاً على أنها آثارنا التى نهبوها.. كانت المفاجأة أن الصناديق تحوى ما يمكن تسميته «نفايات أثرية» لا قيمة لها. أكثر من ذلك حوت بعض الصناديق «بيادات» جنودنا الأسرى والشهداء فى 1967، تفاصيل المأساة وغيرها يرويها أساتذة الآثار المصريين. فها هو الدكتور نور الدين غبدالصمد مدير عام التوثيق الأثرى بوزارة الآثار يكشف لنا بداية ما حدث قائلاً: كان الدكتور محمد عبد المقصود مسئول عن الآثار فى شمال سيناء قد تولي مسألة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي لاسترداد الآثار المصرية وبالفعل أعطوه 1700 صندوق وتم وضعهم فى مخزن المتحف المصري عام 1993 وظلوا هناك حتي عام 2001 عندما تم نقلهم إلي القنطرة شرق فى مخزن هناك.. وكانت المفاجأة عندما بدأنا فتح هذه الصناديق وحصر ما بها، حيث وجدنا صناديق بها عينات تربة وصناديق أخري بها زلط وأخري قاسية جدا فقد كان بها أحذية لجنودنا الشهداء فى 1967 وكانت الحصيلة النهائية 1400 قطعة وتم تسجيلها وموجودة حاليا فى إدارة العباسية، لكنها ليست قطعا ذات أهمية، فهي ما نطلق عليه نفايات حفائر بمعني آخر فهم أعادوا لنا تقريبا 1% من ما جملة ما استولوا عليه من آثار لدرجة أن من ضمن ما أخذناه أيضا 6 قطع من موشي ديان عبارة عن شواهد قبور تنتمي للعصر اليوناني وليست حتي للعصر الفرعوني. كذلك تحدث علي أحمد علي - مدير عام الأثار المستردة - قائلا: للأسف العديد من الآثار المصرية تم تهريبها للخارج فى العالم كله وليس إسرائيل فقط ، والمسأله كلها تنحصر فى نقطة مهمة هل هذه الآثار خرجت بشكل قانوني ووثائق تثبت الملكية أم خرجت بشكل غير قانوني خصوصاً أننا كان لدينا قوانين تسمح بالاتجار فى الآثار، وإذا تحدثنا عن الآثار الإسلامية فمن الوارد جدا أن تظهر آثار إسلامية فى كل البلاد العربية ولا نستطيع نسبها لدولة معينة، لأن الحضارة الإسلامية كانت منتشرة من الخليج للمحيط، لذلك من الطبيعي أن نجد آثاراً إسلامية فى فلسطين علي سبيل المثال وهي التي استولت عليها إسرائيل بالطبع وعرضتها فى متاحفها الخاصة، أيضا تمت مصادرة 91 قطعة آثار من صالة مزادات عويبة فى القدس فى شهر أكتوبر، الماضي والموضوع الآن أمام القضاء الإسرائيلي، واستطعنا إثبات أنها خرجت بطريقة غير شرعية لعدم وجود مستندات ملكية لديهم، حيث قمنا عن طريق الاتصالات الدبلوماسية بالاتصال بهيئة الآثار الإسرائيلية التي تحفظت علي القطع لعدم وجود مستندات مع ما مالك صالة المزادات والذي قام بدوره برفع قضية لإثبات ملكيته لهذه الآثار والموضوع أمام القضاء الإسرائيلي الآن. وحسب تأكيدات د. حجاجى إبراهيم - أستاذ ورئيس قسم الآثار بكلية الآداب، أن البداية جاءت عندما تم الاتفاق بين الحكومة المصرية والإسرائيلية على إقامة متحف بلا حدود، وهو متحف افتراضى على الشبكة العنكبوتية كمرحلة أولى، وقيام مؤسسة "أغاخان" بدعم المشروع، وقدمت منحة للمجلس الأعلى للآثار، ثم أخذتها سريعا فى صورة مرتبات خيالية لمجموعة من المتخصصين الصهاينة فى العديد من المجالات مثل التصوير والترميم والديكور والذين جاءوا للعمل بالمشروع والإعداد له. وأشار إلى أن إسرائيل استطاعت تهريب المئات من القطع الأثرية المصرية إبان احتلالها سيناء 1967 وحتى 1973، وبالتالى فأنا أؤكد أن 99% من آثارنا المصرية المنهوبة والآثار العراقية أيضا ستظهر فى متحف إسرائيل . وهو ما أكده أيضا نور الدين عبد الصمد - مدير عام التوثيق الأثري بوزارة الآثار - قائلا : طبعا إسرائيل استطاعت أن تستفيد من فترة احتلالها لسيناء بعد حرب 1967 وطبقا للوثائق الرسمية أن تقوم بعمليات حفر فى 720 موقعا أثريا بالتعاون بين جامعة بنجوريون وهيئة الآثار الإسرائيلية فى شبه جزيرة سيناء ، وهذا ما اعترفوا به رسميا وهو طبعا رقم أقل كثيرا عن عدد عمليات الحفر التي قاموا بها فى شبه جزيرة سيناء، ناهيك أيضا عما تم فى الخفاء ، فمثلا موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها كان يستعين بشباب وجنود إسرائيليين فى الحفر خلسة فى بعض المواقع وبصفة غير رسمية، ونتج عن ذلك امتلاكه الآن لمتحف خاص كبير يضم المئات من القطع الأثرية المصرية والإسلامية والذي تديره ابنته الآن، خصوصا أن القانون الإسرائيلي يسمح للأفراد بامتلاك متاحف خاصة. أيضا تحدث د. عبد الرحمن العايدي - رئيس الإدارة المركزية للآثار المصرية - قائلا: أنا قمت بإعداد رسالة دكتوراة عن الأثار فى سيناء، وبإعداد ملف كامل عن آثارنا فى سيناء وعن الآثار التي نهبها الإسرائيليون من سيناء وطالبت وقتها بالمطالبة رسميا باستعادة هذه الآثار، خصوصا التي استولي عليها موشي ديان خصوصا أنه كان مغرما بالتنقيب عن الآثار وهو بالفعل يملك متحفا خاصا مليئا بالقطع الأثرية لدرجة أنه باع عدداً منها لمتحف فى أستراليا ، وأغلبها استولي عليه من متحف سرابيط الخادم فى جنوبسيناء، وكان ينقلها خاصة اللوحات الجدارية الضخمة بواسطة طائرات الهليكوبتر، وأتمني أن نسعي حاليا للسعي لاستعادة هذه الأثار خصوصا أن ما تم استرداده من إسرائيل يمثل 1% مما تم الاستيلاء عليه.