عمليات التهويد شملت مناطق هامة مثل «قلعة صلاح الدين» و«معبد سرابيت» الآثاريون المصريون تقاعسوا عن إعادة تأريخ سيناء عقب استردادها أطالب بمحاكمة إسرائيل و«ديان» دوليًّا أكد د.عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى، أن إسرائيل نهبت أكثر من 35 موقعًا أثريًّا بسيناء من عام 1967 حتى عام 1982، وأن إسرائيل قامت بتهويد العديد من المواقع والمناطق الهامة بسيناء، مثل «قلعة صلاح الدين» بطابا، و«معبد سرابيت الخادم» أهم معابد مصر القديمة، مشيرًا إلى أن الآثاريين المصريين كان ينبغى عليهم عقب استرداد سيناء إعادة تأريخها. وطالب «ريحان» بحصول مصر على تعويض من إسرائيل بقيمة 1000 مليار جنيه. * ما الدليل أن إسرائيل سرقت آثار مصر؟ بعد احتلال سيناء قامت إسرائيل بعمل حفريات فى أكثر من 35 موقعًا أثريًّا بسيناء فى الفترة من 1967 حتى 1982 بطرق غير علمية لمجرد الحصول على قطع أثرية لعرضها بمتاحفها أو الاتجار بها وسرقة كل محتوياتها. * وما هى الآثار التى تم سرقتها؟ شملت مناطق تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، عثروا بها على أدوات حجرية هامة نقلت إلى إسرائيل، ومناطق آثار مصرية قديمة فى وادى المغارة، حيث توجد مناجم الفيروز، عثروا بها على لوحات أثرية هامة نقلت إلى متحف «هاآرتس» بتل أبيب، كما سرقت 120 لوحة أثرية من معبد «سرابيت الخادم» بجنوبسيناء، وكان به لوحات هامة يطلق عليها أهل سيناء «سربوت»، كان ينقش عليها تاريخ وأخبار الحملات التى كان يقودها ملوك مصر منذ عهد الدولة القديمة إلى سيناء لاستخراج الفيروز والنحاس من منطقة المغارة ووادى النصب قرب هذا المعبد، وقد أثبت الصحفى الإسرائيلى «شروش موك» فى صحيفة «كولهائير» عند اكتشافه صورًا التقطها طيار من طائرة هيلوكوبتر لواقعة السرقة الفعلية للأعمدة الحجرية بمعبد «سرابيت الخادم»، والتى أرسلت إلى مبنى موشى ديان نفسه، بالإضافة إلى 35 تابوتًا فريدًا يعود تاريخها إلى عام 1400ق.م، وتماثيل ل«حتحور» انتزعت من المعبد نفسه. كما سرقت مقابر وادى فيران الأثرية؛ ففى عام 1978 قامت بعثة آثار إسرائيلية برئاسة «أفينير جورين» تابعة لجامعة تل أبيب، بأعمال مسح أثرى لعدد 1166 مقبرة بوادى فيران، وأخذت كل ما فيها، وهى مقابر فردية وعائلية تشمل رهبان ومدنيين من القاطنيين بالمدينة، كما عثروا بهذه المقابر على آثار كانت تدفن مع الرفات، منها صلبان من الصدف وأسورة سرقت مع ما سرق من رفات الرهبان، وقاموا بالعبث بهذا الرفات، حيث قام فريق متخصص فى علم الأنثروبولوجى تابع لقسم التشريح والأنثروبولوجى بجامعة تل أبيب بأعمال أنثروبولوجى على 72 نموذجًا من الرفات الذى تم استخراجه من 1166 مقبرة لتزوير تاريخ سيناء من خلال هذا الرفات، لإثبات أن قاطنى وادى فيران -وسيناء عامةً- من أصول غير مصرية. * هل استولت إسرائيل على آثار عربية قديمة أو آثار مسيحية؟ إسرائيل قامت بأعمال نهب بمدينة دهب، عن طريق عمل مجسات عميقة على شكل مربعات بميناء دهب البحرى الخاص بالعرب الأنباط الذى يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، وسرقوا منه كل ما تم العثور عليه، وبخصوص الآثار المسيحية دمروا مدينة الفرما بشمال سيناء (بيلوزيوم القديمة) التى تحوى آثارًا من العصر الرومانى إلى العصر الإسلامى ونهبوا مقتنياتها، وفى الفترة من 1967 حتى 1976 حولوها إلى محجر لعمل الطرق للمواقع العسكرية الإسرائيلية وهدموا المدينة بالجرافات واللوادر واستخدموا بقاياها كمواقع عسكرية، كما دمروا الكنائس بشمال سيناء بمنطقة الفلوسيات «أوستراسينى» التى تقع على الطرف الشرقى لبحيرة البردويل، وكانت مدينةً عامرةً فى العصر المسيحى ولها أسقف خاص، وكان بها دير بناه الإمبراطور «جستنيان» فى القرن السادس الميلادى. كما كشفت جامعة بن جوريون عام 1976-1977 عن كنيسة مساحتها 33× 20م يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادى، كانت تتميز بالفخامة والثراء فى عناصرها المعمارية والزخرفية وذخائر ومقتنيات نادرة ولوحات رخامية هامة نقلت إلى متحف «هاآرتس». كما دمروا كنيسة تل مخزن بالفرما، وحولوها إلى معسكر للجيش الإسرائيلى. وكل هذه الكنائس تقع على طريق الحج المسيحى عبر سيناء، والذين ادّعوا أنه طريق حجٍّ لليهود وكذّبت ذلك أثريًّا. * وماذا عن الآثار الإسلامية التى دمرتها إسرائيل بسيناء؟ دمرت إسرائيل الآثار الواقعة على درب الحج المصرى القديم عبر سيناء، حيث دمروا قلعة نخل بوسط سيناء، فدمروا جزءًا منها فى عدوان 1956، وحين احتلوا سيناء كان بها مسجد بمئذنة تم تدميره مع جزء كبير من القلعة ونهبوا محتوياتها، وفى طور سيناء دمرت المنطقة الأثرية برأس راية، التى تحوى قلعة إسلامية من العصر العباسى كشفت عنها بعثة آثار مصرية يابانية مشتركة، ودخلت البلدوزورات لتدمر الجزء الجنوبى الشرقى من منطقة رأس راية الأثرية، كما دمروا الميناء الأثرى الهام الذى يعود إلى العصر المملوكى بمنطقة تل الكيلانى بطور سيناء (648-922ه ، 1250- 1516م)، وقاموا بأعمال حفائر بقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون وأعمال مسح أثرى حول الجزيرة عام 1968، وعثروا على آثار حاولوا عن طريقها تزوير تاريخ القلعة بادعائهم أنها ميناء يهودى، وقمت بتكذيب هذه الادعاءات ونشر ذلك بالدورية العلمية الخاصة بالاتحاد العام للآثاريين العرب. * بعد استرداد سيناء.. ما الدور الذى كان ينبغى على مصر القيام به؟ كان على الآثاريين بسيناء واجب إعادة تأريخها، بعد أن صبغتها إسرائيل بالصبغة اليهودية ونشر ذلك بتقارير إسرائيل الأثرية المنشورة فى كبرى الدوريات العلمية خارج مصر شاهدتها بنفسى فى أثناء دراستى للآثار البيزنطية لمدة عامين بجامعة أثينا، وجئت بها إلى مصر لأكذبها من خلال أعمال حفريات بعثات الآثار المصرية بسيناء. * ماذا عن المحاولات الإسرائيلية لتهويد قلعة صلاح الدين بطابا؟ ادَّعى الإسرائيليون فى أثناء احتلال سيناء أن قلعة صلاح الدين يهودية، واتضحت هذه الادعاءات فيما ذكره الباحث الإسرائيلى «ألكسندر فلندر» الذى قام بأعمال مسح أثرى حول جزيرة فرعون عام 1968م، ونشر بحثه عام 1977م فى مجلة متخصصة عن اكتشافات الآثار البحرية، وهذا البحث هو المصدر الأساسى فى الغرب عن جزيرة فرعون؛ إذ يذكر «فلندر» أن جزيرة فرعون كانت ميناء ومرسى قديم أيام نبى الله «سليمان»، واعتمد على أشياء غير علمية تم دحضها بالكامل، ومنها أن السور الدفاعى المحيط بالجزيرة مكون من كتل حجرية كبيرة وهى من سمات التحصينات اليهودية، وقد كذَّبتُ هذه الادعاءات من خلال أعمال الحفر العلمى لبعثة آثار منطقة جنوبسيناء للآثار الإسلامية والقبطية بعد استرداد سيناء. * وماذا عن تهويد طريق الرحلة المقدسة عبر سيناء؟ منذ عام 1967 زار منطقة وادى حجاج، التى تقع فى طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء، عدة علماء يهود وصورا أكثر من 400 نقش بوادى حجاج، الذى يقع على طريق الحج المسيحى بسيناء، منها نقوش نبطية – يونانية – لاتينية – أرمينية – قبطية – آرامية، ورغم ذلك يذكر عالم الآثار اليهودى «أفينير نجف» أن هذا الطريق كان للحجاج اليهود، وقد حاول اليهود ترسيخ هذا المفهوم إبان احتلالهم سيناء؛ فقاموا بحفر بعض الرموز المرتبطة بتاريخ اليهود رغم عدم وجود أى أساس تاريخى لها، وهو نقش «الشمعدان» أو «المينوراه» التى تأخذ شكل شجرة يخرج منها سبعة فروع، وذلك لإثبات أحقيتهم بهذا الطريق كطريق لخروج بنى إسرائيل، ومن ثم فهو طريق للحج اليهودى لأغراض استيطانية ليس إلا. * هل حاولت إسرائيل تهويد معبد «سرابيت الخادم» أهم معابد مصر القديمة؟ اشترك جنود الاحتلال الإسرائيلى مع معهد الآثار بجامعة تل أبيب بأعمال حفر غير علمى بمعبد سرابيت الخادم بجنوبسيناء، ونشرت نتائج هذه الأعمال فى مجلة الاكتشافات الإسرائيلية بالعدد 38 عام 1988، حيث قام بنشرها الباحث الإسرائيلى «رافائيل فنتيرا» Raphael Ventura من جامعة تل أبيب، تحت عنوان (المحور المنحنى أو الاتجاه الخطأ.. دراسات على معبد سرابيت الخادم) وقد قام الباحث المذكور بنقد الدراسات التى دحضت أراء عالم الآثار البريطانى «بترى» الذى قام بأعمال حفائر بالمعبد عام 1906، وذكر أن المصريين القدماء مارسوا فى هذا الهيكل الطقوس السامية لا المصرية، وأن العمال الساميين ساعدوا المصريين فى التعدين فى سرابيت الخادم ولهم كتابة خاصة، وتعمد الباحث الإسرائيلى تأكيد صحة آراء «بترى» والذى اكتشفت فيما بعد عدم صحتها وقمت بتكذيبها. * لماذا طالبت بتعويضات 1000مليار جنيه ولم تطالب بعودة الآثار إلى مصر؟ طالبت بهذا المبلغ تقديريا فقط وهو بعيد عن قيمة الآثار، لأنها لا تعوض بمال، ولكن هذا التعويض مقابل الآثار التى تم تدميرها وإخرابها، ولكن الآثار التى سرقت طالبت بعودتها فورا إلى مصر؛ فمصر أحق بآثارها. * هل طالبت بمقاضاة إسرائيل دوليا؟ وما مستنداتك المرتكز عليها فى القضية؟ فى دراسة للصحفى البريطانى «بالتريك كوكبرن» نشرها بصحيفة «الإندبندنت» أن موشى ديان سرق كل الآثار التى وصلت إليه من سيناء عن طريق الوحدات العسكرية التى كان يرسلها بشكل متكرر للمواقع الأثرية بسيناء لجمع القطع الذهبية والنحاسية لضمها إلى مجموعته النادرة والتى لا يعرف منها إلا ألف قطعة أثرية بيعت لمتحف القدس، وكل هذا بهدف طمس هوية سيناء بنهب الأدلة المادية الدامغة التى تؤكد مصريتها وعروبتها والتى أكدتها الاكتشافات الأثرية بسيناء بعد استردادها. وطالبت بمحاكمة إسرائيل فى شخص موشى ديان، لأن هذه القضية لا تتعلق بفرد بل بالدولة التى ينتمى إليها الفرد بالتهم الآتية: 1- مخالفة اتفاقية 1954 الخاصة بحماية الآثار فى أثناء النزاع المسلح. 2- الحفر فى مواقع أثرية لا تخص الدولة التى ينتمى إليها موشى ديان، وهى مصر كدولة محتلة بقوة السلاح، مما لا يجوّز الحفر فيها بأى شكل من الأشكال، سواء علمية أو غير علمية. 3- عدم تخصص «ديان» فى أعمال الحفر ولا يملك شهادة تسمح له بالحفر. 4- استخدام المواقع الأثرية كمعسكرات للجيش الإسرائيلى، مما أفضى إلى تدميرها تمامًا، بل قام هو بتدميرها بنفسه بعد نهب محتوياتها. 5- سرقة العديد من الآثار، وخصوصًا آثار معبد سرابيت الخادم، ويجب الضغط على الدولة الصهيونية عن طريق اليونسكو بتقديم إحصاء شامل بعدد قطع الآثار المصرية بالمتاحف الإسرائيلية حاليًا وتقارير علمية شاملة لكل أعمال الحفر بسيناء وكل أعمال الأنثروبولوجى. كل ما سبق موثق بالتقارير العلمية المنشورة وأعمال الحفائر والدراسة الميدانية. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة