وليد سلام الريف المصرى الذى ظل على مدار السنوات الماضية فى طى النسيان نتيجة التركيز على توفير الخدمات بالقاهرة الكبرى دون غيرها يقف فى طابور الانتظار أملا أن تلتفت إليه خطط التنمية لينال أبسط الحقوق والخدمات الآدمية من مياه شرب نظيفة وصرف صحى ومدارس ومستشفيات.. باختصار الريف المصري فى حاجة إلى قبلة الحياة التى تعيده إلى سيرته الأولى كقبلة للنقاء والرخاء والإنتاج. "الأهرام العربي" تجولت فى بعض المناطق الريفية وسجلت شكاوى الأهالى ومطالبهم. طالب حميد سلامة، المحامى بالنقض وأحد أهالى محافظة السويس، من الرئيس القادم منح الأراضى الصحراوية الصالحة للزراعة من أملاك الدولة والتى يقيم عليها مزارعون وفلاحون وبدو من سنوات طويلة لهم، وتوفير عوامل تنمية الثروة الحيوانية فى المنطقة من أعلاف وأدوية علاجية وتهجين لتنمية الثروة الحيوانية وزيادة الاقتصاد الحيوانى من اللحوم والألبان وتوفير العمالة من الفلاحين والقضاء على جزء من البطالة التى استفحل فى السنوات الأخيرة. وذكر سلامة أن الفلاح المصري من أعظم العمال في العالم والتاريخ يشهد علي ذلك، فهو لا ينقصه سوي دعم وتشجيع من الحكومة، فهناك ثلاثة محاور ولابد منها الأول، هو دعم الحكومة لهم في تشجيع زيادة الثروة الحيوانية وتقديم المساعدة لهم من حيث دعم هذ المصدر المهم والقوي بتوفير الحيوانات بسعر مخفض من وزارة الزراعة بالدين الآجل وتوفير الأعلاف وخفض ثمنها، والمحور الثاني، وهو توفير الأراضي الزراعية ففي مناطق كثيرة صحراوية تتواجد أراضى قابلة للزراعة ولم تستثمر من الدولة أو تستغل وهي أرض خصبة ومستوية أي صالحه للزراعة ولا ينقصها سوي توافر المياه فقط، فلابد من توفير المياه بشق الترع أو شق أو حفر الآبار، فعلي سبل المثال الأراضي التى تقع علي جانبي طريق الزعفرانة الكريمات فى بداية طريق السويس، فهي أرض متباعدة الأطراف بطول الطريق كله، أي بأكثر من طول 100كيلو متر وهى أرض خصبه وبالتأكيد المياه الجوفية قريبة موجودة تحتها فى المنطقة، ولكن بدون حفر آبار لأنها مكلفة على المزراع جدا وعند حفر هذه الآبار ومنحها للمزارعين، فإن ذلك سيدر على البلد دخلا وفيرا وهناك أراض أخرى كثيرة ولا ينقصها سوي التشجيع وتخصيصها من قبل الرئيس القادم. وتابع سلامه: مع الأسف الفلاحون انتقلوا إلي المدن وتركوا الأراضي الزراعية لأن هذه الأراضى بنيت عليها العمارات والفيلات، فهاجر الفلاح للمدينة ودفع أبناءه للعمل على التوك توك بحثا عن لقمة العيش، أما المحور الثالث فهو إسقاط الديون المتراكمة على الفلاحين من قبل بنك التنمية والائتمان الزراعي. فيما طالب إبراهيم حسين عبدالظاهر، أحد مشايخ قرى جنوبالجيزة من الرئيس القادم، بأن يلجأ أولا للاهتمام بالريف المصرى ومعرفة مشاكله قائلا: تعودنا أن أى رئيس يأتى لا يذكر الريف المصرى فى برنامجه، وغالبا ما يركز على المدن فقط، وكأن الفلاحين نوع من الجرب ممنوع الاقتراب منه، وطالب عبدالظاهر بإنشاء مجمعات مدارس فى المحافظات الريفية لتعليم أبنائها وإصلاح المدارس القديمة وتجديدها والاهتمام بالعملية التعليمية فى الريف المصرى للنهوض به قائلا: إن تعليم الفلاح المصرى وأبنائه سيرقى بدولة مصر لأنه البذرة الأولى لتخريج النشء. كما طالب عبدالظاهر بالاهتمام بإنشاء وحدات صحية ومستشفيات داخل قرى الريف المصرى لما يراه من الإهمال الجسيم فى عدم وجود وحدات صحية وإذا وجدت فيها وحدات أو مستشفيات، فإنها إما بعيدة أو لا ترقى لعلاج الآدميين من الأساس، فلا يوجد بها أطباء متخصصون أو أجهزة حديثة أو تنفس صناعى أو أجهزة غسيل كلوى كافية إلا جهاز أو اثنين وهكذا، فطالب بالاهتمام بالرعاية الصحية فى الريف المصرى. فيما قال محمد حسن منديل، مقاول أنفار بمصانع الطوب بالصف جيزة « تركنا الأراضى الزراعية لأنه لا يوجد دخل من ورائها فى الوقت الحالى وذهبنا للعمل فى مصانع الطوب لأننا لو اعتمدنا على دخل الأراضى الزراعية هنعيش على الشحاتة، نظرا لغلو أسعار الأسمدة والبذور والمبيدات وقلة إنتاج المحاصيل ورخص ثمنها وغلو أسعار إيجار الأرض الزراعية الذى تخطى الخمسة آلاف جنيه للفدان الواحد فى السنة، كما طالب منديل بالاهتمام بوصول الدعم التموينى من بقالة تموينية تتمثل فى الزيت والسكر والأرز المدعم والدقيق المدعم بالمخابز الى مستحقيه قائلا أصحاب المخابز والبقالين التموينيين يسرقون دعم المواطنين بدون رقابة عليهم من التموين لأن موظفى التموين لهم مرتبات شهرية، على حد زعمه، مطالبا بتشديد الرقابة عليهم حتى يصل الدعم لمستحقيه، وطالب منديل بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين ابن الفلاح وابن الوزير فى دخولهم الوظائف العليا فى مصر كالشرطة والنيابة وأستاذ الجامعة قائلا: لو حصل ابنى على مائة فى المئة لن يستطيع دخول كلية الشرطة لأن أباه ليس من البهوات، وبالتالى فأنا لست مواطنا من الدرجة الأولى، بل من الدرجة العاشرة، فطالب بالعدالة الاجتماعية والعيش والحرية ومبادئ ثورية. وأوضح الحاج ناصر على عويس، أنه لابد من أن يضع الرئيس الحاج فى حساباته أن الريف المصرى يشرب مياهاً ملوثة ويعيش فى مستنقع من الأمراض. لذا لابد من إحلال وتجديد شبكات المياه من الاسبووستوس المسرطنة من عشرات السنين فى الأرض ولازالت تستعمل مما سببت لهم الأمراض المزمنة والكلوية والكبدية وتطهير مياه الشرب عن طريق محطات حديثة كالموجودة بالقاهرة بدلا من استخدام الطلمبات الحبشية التى تسبب لهم الأمراض لما تحمله من مياه جوفية ملوثة بالمبيدات والأسمدة الكيماوية وأيضا بمياه الصرف الصحى لاختلاطها بالطرنشات والبيارات بجوار منازل القرى بالأرياف، كما طالب عويس بتخفيض سعر الأسمدة الكيماوية قائلا: « أنا أؤجر الأرض من صاحبها الأرض بسعر خمسة آلاف جنيها سنويا للفدان وصاحب الملك يقوم بأخذ السماد خمسة جوالات على كل فدان من الجمعية الزراعية، ثمن الجوال 75 جنيها ويقوم ببيعه فى السوق السوداء لأنه مؤجر لأرضه ولا يزرعها وأقوم أنا بشراء هذا الجوال من السوق السوداء بثمن يتراوح بين 150 إلى 180 جنيها بالإضافة إلى شراء البذور والمبيدات وأيضا تأجير العمال لرى وحرث الأرض وتأجير الآلات وبالتالى لن يكون سعر بيع المحصول الناتج يكفى لتغطية نفقاته فقط، فما الذى يدفعنا لنزرع وننتج. وهذا ما دفع المزارعين إلى ترك الأراضى الزراعية والعمل كبوابين للعمارات فى القاهرة أو العمل فى مصانع الطوب أو المقاولات، مضيفا « الفلاح لو وجد كرامته فى أرضه مثل زمان لن تجد التكدس الموجود فى القاهرة حاليا، وسيعود الفلاح ليزرع أرضه من جديد، أما بالنسبة لسوق العمل فى القرى ميت وسيئ جدا، فالريف المصرى حالته أصبحت أسوأ بكثير من العشوائيات، لأنه لا يوجد به لا صرف صحى ولا غاز ولا مياه نظيفة ولا وظائف للشباب. وأوضح محمد أبوالفضل، الأمين العام لحزب نصر بلادى وأحد أبناء الصعيد بمحافظة أسيوط أن مطالب أبناء الريف من الرئيس القادم تتمثل فى حل مشاكلهم وهي من النوع الذي يكتوي لحمهم الحي بنارها، فلقد عاني الفلاح من تكرار أزمات الري باستمرار بجانب التلوث في الترع الذي وصل إلي حد مخيف والذي يؤثر علي جودة وكمية المحصول وخروج بنك التنمية والائتمان الزراعي عن مساره في السنوات الماضية حتي أصبح بنكا تجاريا وليس بنك للزراعة أو الفلاح وأصبحت القرض للفلاح بفائدة عالية تصل إلي 16% وفي بعض المشروعات الاستثمارية قد تصل إلي 24% مثل مشروعات الثروة الحيوانية، فتراجع مشروع تسمين البتلو وأيضا ما يعانيه الفلاح من مشكلات التقاوي وقلة السماد وصرفه بعد وقته وندرة المياه أيضا ونطالب بضرورة تغيير الرؤية المستقبلية لحل مشكلات الفلاح والزراعة ونطالب بإعفاء الفلاحين من غرامات التأخير والفوائد الإضافية علي القروض المستحقة لبنك التنمية والائتمان الزراعي وإعاد ة جدولة القروض والتي يستفيد منها بهذا التيسير 24 ألف مزارع. وأوصى على أبو السعود، المحامى بالنقض بأسيوط بأنه لابد للرئيس القادم بالعمل على تخفيف الأعباء التي تثقل كاهل الفلاح البسيط في ظل التفاوت بين تكلفة العملية الإنتاجية وأسعار بيع الحاصلات الزراعية وعدم حصوله علي العائد المجزي و يضاف إلي ذلك مبادرة الحكومة لإخراج المزارعين المتعثرين من السجون.