جامعة بنها الأهلية ضمن أفضل الجامعات الخضراء عالمياً    الجمعية العمومية لنقابة المحامين تقرر زيادة المعاشات وتناقش تطوير الخدمات النقابية    وزير الاتصالات يفتتح مكتب بريد المنصورة الرئيسي بعد تطويره    جولد بيليون: الذهب العالمي يتحرك في 100 دولار خلال أسبوع    وزير الاتصالات ومحافظ الدقهلية يتفقدان موقع تنفيذ شبكة الفايبر المعلق بالمنصورة    وزير الخارجية التركي لرويترز: يجب تشكيل إدارة فلسطينية وقوة شرطة في غزة    الشرع: قاتلت لأكثر من 20 عاما على جبهات متعددة ولم أستهدف مدنيا في أي معركة    ماريسكا يعلن تشكيل تشيلسي أمام بورنموث في البريميرليج    مرموش بديلا.. هالاند يقود تشكيل مانشستر سيتي أمام سندرلاند    لأول مرة.. توافر الكتب المدرسية بنسبة 100% منذ اليوم الأول للدراسة    المخرج خالد جلال يشيد بفيلم "الست": منى زكي مبهرة ومؤثرة في الأرواح    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    بالصور.. مياه الأمطار تغرق شوارع الغردقة.. والأمن يحذر السائقين    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    روشتة أحمد زكي لتجسيد السير الذاتية.. دروس خالدة من زمن الفن الجميل    السفيرة الأمريكية تلتقي أصحاب البازارات السياحية عقب جولتها بمعبد خنوم في إسنا    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تدمير مواقع الطاقة والبنية التحتية بأوكرانيا    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    شارك بروايتك في جائزة نجيب محفوظ بمعرض الكتاب 2026.. والجائزة 500 ألف جنيه    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    إنفوجراف|حصاد منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    وزير الخارجية يكشف تفاصيل العلاقات مع قطر والصفقات الاقتصادية    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    وزير الصحة يعقد مؤتمراً صحفيًا غداً الأحد للإعلان عن الوضع الوبائي والإصابات التنفسية    وزير الخارجية القطري: استقرار قطاع غزة المدمر لن يتم إلا حال الانسحاب الإسرائيلي الكامل    أول تعليق من بيطري الشرقية على ظهور تماسيح صغيرة داخل مصرف مائي بالزوامل    بعد الإعلان عن عرضه 31 ديسمبر.. أزمة فيلم الملحد تتجه للنهاية    رئيس مصلحة الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام ACI على الشحنات الجوية يناير المقبل    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    مدرب سوريا: مباراة فلسطين صعبة وتركيزنا على حسم التأهل فى كأس العرب    رانيا المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    اليوان الصيني يسجل 6.73 للبيع في البنك المركزي بمنتصف تعاملات اليوم    شهر و 5 أيام إجازة نصف العام لهؤلاء الطلاب.. اعرف التفاصيل    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفط ودماء ومفاوضات.. رياك مشار «مهندس» تقسيم السودان!
نشر في الأهرام العربي يوم 09 - 05 - 2014


ريم عزمى
قال حكيم العرب ورئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: «إن البترول العربى ليس بأغلى من الدم العربي»، ربما البعض لن يتفق معه ويفضل البترول على أبناء وطنه، وها نحن أمام واقعة تؤكد ذلك بجنوب السودان حيث يصفها الخبراء بأنها تقسيم للمقسم بالفعل وبطلها هو المدعو رياك مشار، صاحب تاريخ حافل بالتمرد! هو نائب رئيس جنوب السودان سابقا وهو من قبيلة النوير ويشغل هذا المنصب منذ يوليو 2011 بعد الاستقلال مباشرة، وكان عضوا فى الوفد المفاوض لدولة جنوب السودان فى أديس أبابا ومن بعده فى الخرطوم وهو من مؤسسى الحركة الشعبية لتحرير السودان ويدين بالمسيحية الإنجيلية، وقام فى منتصف ديسمبر الماضى بمحاولة انقلابية فاشلة ضد غريمه سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان، وتفجر على إثرها نزاع قبلى بين الدينكا والنوير!
وبدأت الحرب الأهلية عقب اشتباك داخل الحرس الجمهورى تصاعد بسرعة مع اصطفاف الجنود إما مع الرئيس سلفا كير أو نائبه المقال رياك مشار، والأكثر تعقيدا هو انضمام "الجيش الأبيض" سييء السمعة من قبيلة النوير، إلى المعركة إلى جانب قوات مشار المتمردة التى تضم العديد من الفصائل الأخرى، بينما دعمت أوغندا كير، فيما دخلت ميليشيات متناحرة من السودان إلى القتال، لذا لا نتعجب من كم الانتهاكات التى جرت أو ستجري! واتهمت القوات الحكومية وقوات المتمردين بارتكاب جرائم حرب من بينها مجازر وعمليات اغتصاب وتجنيد الاطفال كجنود!
وربما تأتى هذه الأحداث بشكل آلى أو توقعها البعض بالفعل، لأن مشار يحتفظ بسجل معروف من الانشقاق والتحالف وإعادة التحالف والانقلاب مع رفاقه وخصومه على حد سواء، فقد انشق عن الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1991 وتمرد على جون قرنق مؤسس الحركة ورئيس حكومة جنوب السودان الراحل الذى قتل فى ظروف غامضة عندما تحطمت مروحيته وهو عائد من أوغندا فى عام 2005، وأسس مشار مع بعض المنشقين ما عرف بمجموعة الناصر (نسبة إلى مدينة الناصر فى جبال النوبة)،كما أسس الحركة الموحدة عام 1992، وحركة استقلال جنوب السودان عام 1995، ثم قاد مشار عملية تفاوض مع حكومة عمر البشير بالسودان وآلت إلى ما عرف باتفاقية الخرطوم للسلام 1997، وبعد توترات عديدة سعت دول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات غير حكومية مع مطلع هذا القرن إلى مساندة ورعاية عقد اتفاق بين قرنق ومشار وإزالة كل أسباب سوء التفاهم بين قبيلتيهما الدينكا والنوير، تمهيدا لبناء جبهة جنوبية ذات قاعدة عريضة ولها أذرع عسكرية وسياسية، بهدف محاصرة أقوى مؤيدى الحكومة فى المنطقة وهو اللواء فاولينو ماتيب (من قبيلة النوير) ذو النفوذ القوى فى ولاية الوحدة التى يوجد بها أكبر احتياطى نفطى فى السودان.
وتخرج رياك مشار 61 عاما فى كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، وحصل على الدكتوراة فى الهندسة الصناعية والتخطيط الإستراتيجى عام 1984 من بريطانيا، قبل أن ينضم إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان بعدما اندلعت الموجة الثانية من الصراع المسلح بين الحركة والنظام السودانى التى امتدت من 1983 إلى 2005، وتزوج من فتاة بريطانية كانت تعمل فى أعمال الإغاثة، لكنها توفيت فى حادث سيارة فى نيروبى عام 1993 عن 29 عاما، وتزوج بعدها أنجيلينا تينى التى تعد واحدة من أقوى القيادات النسائية فى الجنوب، ومثّل مشار بلده الوليد يوم 15 يوليو 2011 فى الأمم المتحدة، عندما أعلن دولة مستقلة ورفع علمه على مبنى المنظمة الدولية.
وتأجلت محادثات السلام فى جنوب السودان مرة أخرى الأسبوع الماضي، فيما تكافح قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لحماية نحو 22 ألف مدنى فى قاعدة فى بلدة بانتيو، شمال جنوب السودان، حيث جثث القتلى تصطف فى الشوارع المتربة بعد مذبحة عرقية أثناء استيلاء المتمردين على البلدة النفطية.وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين فى نيويورك: إن قاعدة الأمم المتحدة التى يقوم بحراستها 500 من أفراد قوات حفظ السلام تعرضت لإطلاق صواريخ، وتزايد عدد المدنيين الباحثين عن ملاذ هناك إلى أربعة أمثال بدءا من إبريل، وطالبت الأمم المتحدة بفتح تحقيق فى المذبحة التى راح ضحيتها مئات المدنيين على أيدى قوات المتمردين فى بانتيوومحاكمة المسئولين عن هذه الأعمال "الوحشية"، واستنادا إلى بعثة الأمم المتحدة فى جنوب السودان، فإن قوات مشار التى تحارب منذ منتصف قامت بذبح مئات المدنيين على أسس إثنية (عرقية) خلال سيطرتها على بنتيو، عاصمة ولاية الوحدة، وأوضحت البعثة أن أكثر من 200 شخص قتلوا فى مسجد وقتل عدد كبير آخر فى كنيسة وفى مبنى مهجور للأمم المتحدة وفى مستشفى المدينة، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة دوجاريك: إن البعثة "تدين بشدة جرائم القتل هذه المحددة الأهداف وتطالب بإجراء تحقيق مفصل فى هذه الأفعال البشعة ومعاقبة مرتكبيها وقادتهم"!
وها هى الدولة المجاورة التى لا ترغب فى مشاكل على الحدود تنتقد أكبر منظمة دولية قائلة:"كان ينبغى للأمم المتحدة فعل المزيد لمنع مذبحة بجنوب السودان"، وقال الجيش الأوغندى الذى يدعم جنوب السودان فى مواجهة تمرد مستمر منذ شهور"ينبغى لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فعل المزيد لمنع المتمردين من قتل مئات المدنيين هناك"، وأرسلت أوغندا قوات إلى جنوب السودان بعد فترة وجيزة من اندلاع القتال، وقال الرئيس الكينى أوهورو كينياتا إنه لن يسمح للصراع فى جنوب السودان المجاور بأن يصل إلى حد الإبادة الجماعية لكنه لم يحدد أى تحركات لإنهاء القتال الذى يغلب عليه الطابع العرقى بشكل متزايد، وفى أحدث أعمال عنف كبيرة فى الصراع الذى يصطبغ بشكل متزايد بصبغة عرقية ذكر تقرير للأمم المتحدة أن متمردين طاردوا رجالا ونساء وأطفالا لجأوا إلى مسجد وكنيسة ومستشفى فى بلدة بانتيو النفطية حيث توجد قاعدة للمنظمة الدولية، ونفى المتمردون تنفيذ الهجوم الذى أثار غضبا دوليا ووصفه البيت الأبيض بالمروع، ولجأ قرابة 22 ألف شخص إلى قاعدة الأمم المتحدة فى البلدة عاصمة ولاية الوحدة المنتجة للنفط بعد أعمال القتل التى وقعت الأسبوع الماضي، ويبلغ قوام مهمة الأمم المتحدة فى جنوب السودان نحو 8500 من جنود حفظ السلام وقوات الشرطة فى بلد يبلغ عدد سكانه نحو 11 مليون نسمة، فى حين نفى المتحدث باسم المتمردين لول رواى كوانج، مسئولية المتمردين عن القتل وألقى باللوم على القوات الحكومية.
ورأى محللون أن إنهاء المجازر فى جنوب السودان يتطلب جهودا دولية كبيرة، ومع تزايد المجازر العرقية فى جنوب السودان وخروجها عن السيطرة، ومع فقدان السياسيين سيطرتهم على الميليشيات التى تعيث فسادا فى البلاد، فالسبيل الوحيد لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة هو بذل جهود دولية مشتركة، وقد وصف مسئول دولى بارز ما يحدث فى جنوب السودان بأنها "أسوأ حقبة" فى تاريخ البلاد! ويرى جون بريندرجاست المؤسس الشرياك لمشروع "كفى" المناهض للإبادة الجماعية، أن الفرصة الوحيدة لمنع إطالة النزاع ووقوع المزيد من الفظائع هو "إطلاق مبادرة عالية المستوى من قبل المجتمع الدولي"، أما كيسى كوبلاند من مجموعة الأزمات الدولية وحل النزاعات الدولية، فقالت إن دولة جنوب السودان ليست لديها أى نية الآن لوقف القتال، برغم أنهم يتحدثون عن محادثات السلام التى تجرى فى إثيوبيا، ووقعت اتفاقا لوقف لإطلاق النار فى يناير، وأضافت أن "الأطراف المتحاربة الآن تفضل محاولة التوصل إلى حل فى ساحة المعركة وليس من خلال محادثات السلام".ويرى فيرديناند فون هابسبرج - لوثرينجين السويسرى الذى يعمل فى جنوب السودان منذ 16 عاما، والمستشار السابق فى الأمم المتحدة والحكومة، أن تاثيرات القتال "كارثية" محذرا من أن "مستقبل الدول الجديدة غير مضمون الآن كما لم يكن مضمونا فى السابق". وأشار إلى أن "المساعدات الإنسانية ليست سوى ضمادة صغيرة لجروح البلاد العميقة" مؤكدا أن البلاد تركت "تعانى من موقف المجتمع الدولى المقسم وغير الفعال"، وتتصارع الحكومة والمتمردون الآن على الثروة النفطية فى جنوب السودان، إلا أن هذه الثروة قد تكون مفتاحا لتسريع أى مبادرة دبلوماسية من خلال تدخل الصين المستثمر الكبير والقوى العظمى، وختم بالقول بأن "هذه فرصة للولايات المتحدة وبعض الدول لتعزيز تعاونها مع الصين والعمل معا لإيجاد الحلول لمساعدة الأطراف على العثور على حلول للنزاع"، ويزور جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى كل من إثيوبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنجولا فى جولة إفريقية تهدف إلى "نشر حقوق الإنسان وتعزيز السلام"، وتستضيف إثيوبيا مفاوضات السلام الرامية إلى إنهاء النزاع الدموى الدائر فى جنوب السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.