ملك عبدالعظيم اتفق رجال الصناعة والتجارة والاستثمار على رفض دمج وزارة الاستثمار مع وزارة التجارة والصناعة، واختلفت أسباب رفضهم، فمنهم من يرى أن عبء الوزارات الثلاث سيكون ثقيلا جدا على شخص لم ينجح فى حمل حقيبة وزارة واحدة من قبل «السياحة»، فكيف به يحمل حقائب ثلاث وزرات؟ ومنهم من يرى أنه كان يجب أن تنفصل وزارة الصناعة تماما عن التجارة والاستثمار لمشاكلها وأعبائها المتزايدة وهو ما يتطلب تفرغاً كاملاً ممن يحمل حقيبتها، ومنهم من يرى أنه قرار غريب ليس له فائدة. أما الذين لم يعترضوا على هذ القرار، فكان المبرر أن حكومة محلب حكومة تيسير أعمال وبالتالى ضم الوزارات الثلاث وضع مؤقت ولن يستمر طويلا.. «الأهرام العربى» تفتح الملف. ونبدأ بمن يرفضون قرار الدمج حيث يؤكد رجل الصناعة محمد جنيدي، رفضه لقرار الدمج بوضوح، ويقول: لست موافقا على قرار الدمج، لأن وزير التجارة والصناعة عنده كم من المشاكل والمهام التى لا يتحملها جبل، فكيف يقبلها هو!، فمثلا أنا شخصيا أريد عقد مؤتمر فى الصعيد وبطلب من الوزير شخصيا منذ ثلاثة أشهر ومع ذلك لم نستطع تحديد موعد أو تاريخ انعقاد المؤتمر حتى يومنا هذا. وبالنسبة للاستثمار فيشمل السياحة والزراعة والصناعة والعقارات، وكل ما يعد استثمارا وبالتالى هو يحتاج شخصا متفرغا ليكون المنسق بين المستثمرين وجميع أجهزة الدولة ويكون المسوق فى ذات الوقت، وهو ما يتعارض مع منصب وزير الصناعة. وكرجل صناعة كنت أريده أن يتفرغ للصناعة فقط حتى التجارة الخارجية، كنت أفضل أن تنضم إلى وزارة الخارجية حيث إنها عبارة عن تمثيل تجاري، والتمثيل التجارى موجود فعليا فى السفارات التى تتبع وزارة الخارجية. واتفق معه المهندس محمد فرج عامر، صاحب 28 مصنعاً يعمل بها 20 ألف عامل فى مدينة برج العرب، مشيرا إلى أن الحمل ثقيل جدا على الوزير وقال: وزير الصناعة عليه ضغوط ضخمة ويحتاج جهود خارقة كى يستطيع القيام بمهام ثلاث وزارات وهو كوزير للصناعة يبذل أقصى ما فى وسعه ومع ذلك هناك أشياء تفوق قدرته وصلاحياته، فهو رجل محترم وشخصية متفتحة، ولكن تم تحميله بما لا طاقة له به، ولذلك أطلب منه أن يحسن اختيار مساعديه ويعطيهم الصلاحيات الكافية لحل مشاكل الصناعة والصناع. وطالب فرج عامر، الحكومة بعمل ورقة بيضاء توضح خطة الدولة بالنسبة للصناعة تؤكد أنها تشجع الاستثمار تشجيعا حقيقيا وتعمل على تعزيز الصادرات وتلتزم بسياسة دعم الصادرات، وشدد عامر على أن يبدأ تشجيع الاستثمار بالمستثمرين المصريين، قائلا: إن الاستثمار الوطنى يمثل نحو 90 فى المئة من حجم الاستثمار فى مصر، والمستثمر الأجنبى لن يستثمر فى بلد إن لم يكن أهله يستثمرون فيه. وأخذ على الحكومة الحالية عدم اهتمامها بالمستثمرين الوطنيين واهتمامها بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، متسائلا وماذا عن الصناعات المتوسطة والكبيرة، ما مصيرهما؟ إن كل مصنع فى مصر، مصنع وطنى لذلك أطالب الدولة بالقضاء على الأيادى الخفية التى تلعب فى المصانع بما يؤدى إلى التدمير وعدم الاستقرار، وكل من يقوم بتحريض العمال على الإضراب المفتعل يكون مجرما يعاقب على جريمته كما يحدث فى دول العالم، فيكفى أن المصانع تعمل فى ظل ظروف صعبة للغاية تعوق زيادة الإنتاج منها افتقارها إلى الوجود الأمنى المنعدم فى الفترة الأخيرة، والطرق السيئة وبالأخص مداخل ومخارج برج العرب. من جانبه يقول أحمد فريد شلبي، صاحب الشركة الدولية للاستثمار العقاري، إن دمج ثلاث وزارات فى وزارة واحدة سيكون عبئاً شديدا على فخرى عبدالنور، وقال: بصراحة برغم أن علاقتى مقتصرة على التجارة والاستثمار العقاري، فإن وزارة الصناعة بالذات تحتاج إلى تفرغ كامل لمشاكلها المتزايدة. وكان ينبغى أن تدمج وزارة الاستثمار مع أى وزارة أخرى غير وزارة الصناعة، فكل ما يهمنا كمستثمرين حل المشاكل التى تواجهنا والقضاء على المعوقات أو الحد منها، فهذا هو المهم بالنسبة لنا العمل والحل والمتابعة. وأكد شلبى أن كل ما يحتاجه المستثمر سواء كان من أهل البلد أو أجنبياً أن تكون الإجراءات سريعة وسهلة مع وجود منظومة واضحة وصريحة فى القوانين والإجراءات. وأشار إلى تفاؤله بالحكومة الجديدة، ولكنه تفاؤل حذر قائلا: عندنا فى الصعيد يقولون إن "الغربال" الجديد له شدة، فكل ما أتمناه ألا تكون هذه الشدة فى البداية فقط، وتظل حكومة عمل وميدانية نشطة وتتخذ قرارات جريئة تشجع على الاستثمار وزيادة الإنتاج. ونحن كرجال أعمال ومستثمرين دورنا أن نساعد الحكومة فى إنجاز العمل الفعلى على أرض الواقع وليس مجرد كلام فى مؤتمرات وفضائيات، فقبل أن نطالب بتحقيق مطالبنا علينا أن نقدم رؤية للشباب ونجتهد فى عملنا، فالبلد يمر بمرحلة حرجة ويحتاج من كل مواطن شريف أن يبذل أقصى جهده فى العمل كى يصبح لدينا إنتاج حقيقي. ومن منبر "الأهرام العربي" أنادى كل مستثمر وطنى شريف أن يتجه إلى الاستثمار فى محافظة "الوادى الجديد" الواعدة خصوصاً أن محافظها يحفز على العمل بها. ومن جهتها أكدت سيدة الصناعة سحر عامر، أن قرار الدمج غريب قائلة: أشعر أنه غير مفهوم ولن يحفز على العمل ولا الإنتاج، فيبدو أن الحكومة محتارة فى هاتين الوزارتين، ونحن كأصحاب مصانع نتعذب من الروتين والمعوقات المميتة، فالوضع سيئ للغاية. وتقول سحر عامر: لقد قررت الاتجاه إلى التصدير هربا من وقف الحال فى الداخل إلا أن إجراءات التصدير أيضا مازالت عقيمة كما هي، ويكفى أن أقول لكي: إنى مضطرة أجدد رخصة تشغيل مصنعى كل سنة ولن تصدقى أن حصولى عليها يستغرق 8 أشهر، وأضطر لتجديدها سنويا برغم أنها لم تستخدم فإنى أحصل من خلالها على السجل الصناعى وبعد إهدار كل هذا الوقت أحصل على سجل مؤقت. هناك آخرون رفضوا قرار دمج وزارة الاستثمار مع الصناعة والتجارة، كما رفضوا الحديث فى هذا الموضوع.. فمثلا قال المهندس أحمد حلمي، رئيس المجلس التصديرى السابق – الذى علمت "الأهرام العربي" أنه عرض عليه حمل حقيبة وزارة الاستثمار إلا أن ظروفه حالت دون قبوله هذه المهمة، لا أستطيع الحديث باستفاضة عن قرار رئيس الوزراء بدمج الوزارات الثلاث لأن شهادتى ستكون مجروحة، لكنى أتوقع ألا يستمر الوضع هكذا لأن ( الشيلة ) ثقيلة جدا ولا أقلل من قدر ولا مقام أحد ولا أسيء لأحد، فوزارة الاستثمار تحتاج لشخص فى سفر دائم للخارج، ووزارة الصناعة تحتاج شخصا يبذل مجهودا مضاعفا لمتابعة الصناع وحل مشاكلهم وإزالة التعقيدات ويغير القوانين والقرارات التى تعيق العمل. أما المهندس ماجد الشناوي، فرفض الحديث كلية قائلا: الموضوع شائك.. وسأتصل بك، ولم يتصل ولم يرد على اتصالي. أما الذين وافقوا على قرار الدمج فبدت موافقتهم على استحياء واتفقوا جميعهم على أن هذا الوضع لن يستمر طويلا.. فقال الدكتور شريف الجبلي، رئيس غرفة باتحاد الصناعات، هذا القرار به نوع من المنطق حيث إن الصناعة مرتبطة بالاستثمار ارتباطا مباشرا، وما يجعلنى مطمئناً هو وجود هيئة استثمار ووجودها هو الأساس مع وجود وزير فى هذه المرحلة، ولذلك لست قلقا على الاستثمار فى وجود هيئة استثمار ونائبة للوزير" نفين الشافعي" ومساعدة للوزير أى أن فريق العمل موجود مع قوة منير السياسية أعتقد أن الأمور ستسير. وأضاف الجبلى قائلأ: لقد جربت منير فى بعض المشاكل وحلها وأقول هذا عن تجربة عملية وليس لمدحه، فقد جلسنا معه وحل لنا مشكلة السماد بقرارات كما تدخل بقدر الإمكان فى مشكلة استعمال الفحم فى صناعة الأسمنت، فوقت ما طلب منه التدخل تدخل. وبالنسبة لرجال الصناعة الآخرين ربما يجب عليه التواصل معهم أكثر وأن يتواصل مع اتحاد الصناعات ويقعد معهم أكثر، لكن يبدو أن ظروف البلد صعبة لدرجة لا تعطى الوزير الفرصة للتركيز فى هذه المتطلبات. وقال الجبلى بحسم: دعينا نضع نقطة مهمة حاليا وهى أنه مازال يوجد تخوف من المستثمرين الأجانب كى يأتوا ليستثمروا فى مصر سواء الوزير تولى وزارة واحدة أم اثنتين أم ثلاث وزارات، لكن بعد أن ننتهى من خارطة الطريق ويتحقق الاستقرار سيتم فصل وزارة الاستثمار عن الصناعة وسيكون لها وزير خاص بها. وكرجل صناعة كل ما أحتاجه استقرار مناخ الاستثمار، وهذا سيتحقق بالاستقرار السياسى وتنفيذ خارطة الطريق وتوفير الأمن، ثم بعد ذلك نهتم بمتطلبات الصناعة ذاتها من طاقة وأراض زراعية ومياه وتدريب صناعى وتراخيص والأخيرة يجب أن تكون مجانا، فلا يوجد شيء اسمه رخصة بفلوس ومن يريد عمل مصنع يعمله طالما سيأخذ الطاقة بسعر عالمى أو عادل والأرض بسعرها الحقيقى يبقى لا يوجد ثمن للرخصة، كما يجب العودة للمطور الصناعى من أجل المدن الصناعية لأن الحكومة لن تنشئ مدناً صناعية مرفقة كثيرة. ومن جهته قال عبد الله غراب، الذى فاز أخيرا برئاسة الشعبة العامة للمخابز بالتزكية، نحن نعيش حاليا مرحلة انتقالية وبالتالى قرار رئيس الوزراء بضم ثلاث وزرات ليس خاطئا ولن يعوق العمل خصوصاً أننا نعيش مناخا غير آمن، لا يساعد على الاستثمار إلى جانب التعقيدات الإدارية والروتين الموجود فى مصر، ومن جهة أخرى فالصناعة والاستثمار مرتبطان ببعضهما البعض. واتفق معه محمد إسماعيل عبده ، ورئيس شعبة الأجهزة الطبية باتحاد الصناعات قائلا: إن مثل هذا القرار غير مؤثر على الحكومة لأن جل اهتمامها حل مشاكل المجتمع العالقة وأبرزها الخدمات وجذب استثمارات خارجية جميعها استثمارات سياسية موجودة بالفعل، لكنها وضعت فى قالب اقتصادى من خلال شركات، إلى جانب أنها حكومة مؤقتة قد تتغير بعد انتخابات الرئاسة، فيكون أمامها ثلاثة أو أربعة أشهر، وقد تتغير بعد الانتخابات البرلمانية، فيصبح أمامها خمسة أو ستة أشهر. وقال عبده: إن الاندماج قد يكون أفضل من الفصل فى ظل الظروف التى تمر بها البلد، خصوصاً إذا كان سيفعل نظام الشباك الواحد الذى يوفر فى الوقت والمجهود ويقضى على الروتين. كما أنه قد يفيد فى إيجاد هيئات عليا تتعامل مع المواطنين جميعاً - سواء كانوا صناعاً أم مستثمرين أم مواطنين عاديين - ومشاكلهم مباشرة.