علاء الخضيرى عندما كان عاطف عبيد، رئيس الوزراء المصرى الأسبق يتحدث عن إنجازات حكومته في بيانه في مجلس الشعب، عارضه النائب كمال أحمد، ورفض ما يقوله قائلا له: «أنت فاشل»، مما جعل الدكتور فتحي سرور، آنذاك رئيس المجلس يصدر قراراً بطرده من البرلمان، هذه واحدة من مواقف النائب السابق الذى دخل مجلس الشعب مستقلا لثلاث دورات برلمانية قبل أن يسقطه تزوير أحمد عز، فى برلمان 2010، وهو من التيار الناصرى القومى برغم أنه ليس عضوا فى أى حزب، "الأهرام العربى" حاورته فى قراءة للمشهد الراهن: كيف ترى المشهد السياسى فى مصرالآن؟ الأمور فى مصر الآن تسير إلى الأفضل منذ ثورة 25يناير، برغم وجود أحداث وحالات من الإرباك المتعمد، وحالات من الخروج عن القانون، وتلك سمات المراحل الانتقالية عقب الثورات حتى تتمكن من استعادة التوازن المطلوب والبعض مازال يتمسك بالأوضاع القديمة ويتوهم أنه يمكن إعادة عقارب الساعة للوراء سواء من الإخوان عبر استخدام العنف أم من الحزب الوطنى عبر الطفو على المشهد السياسى، لكن الأمور تتحسن برغم بعض المشاهد المفتعلة كل يوم جمعة أسبوعيا أو عبر العمليات الإرهابية لإرباك المشهد السياسى ودفع المرشح الأبرز لانتخابات الرئاسة فى أن يحجم عن المشاركة، وبالتالى تصبح هناك إمكانية للتفاوض مع أى من المرشحين الآخرين وتمريرصفقة لعودة الإخوان للمشهد السياسى تضمن الإفراج عن قيادات الجماعة مقابل وقف العنف والتظاهر، لكن لا شك أن هذا لن يحدث خصوصاً أن المشير السيسى هو المرشح الوحيد الذى لن يقبل بالتفاوض مع الإخوان أبدا، لأن المعركة أصبحت حياة أو موتاً والإخوان لن يترددوا فى اغتيال السيسى. هل الإخوان انتهوا على الأرض أم لا تزال لديهم قدرة على الاستمرارية؟ الأفكار لا تموت إلا بأفكار أخرى، والفكرة ستستمر ولو لفترة مع الانحسار المميت، لأن مشكلة الإخوان الآن هى المحافظة على أعضائها، وليس كسب أعضاء جدد، كما كان فى السابق، وبالتالى يمكن أن يكون الجيل الحالى هو الأخير للجماعة، فالأحداث والتجربة الجديدة ستكسران منهج الجماعة القائم على السمع والطاعة، والتنظيم الحديدى المغلق ساعتها لن تكون الفكرة جماعة، ولكن الفكرة رؤى مختلفة تتصارع وبالتالى تكون الجماعة انتهت. ما رأيك فى البعض الذى يطالب المشير السيسى بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية؟ من يطالب بالديمقراطية يرفضها، ومن يرفض الإقصاء يمارسه، فالديمقراطية هى تعبير الناس عن رأيها ومصالحها فى مناخ طبيعى، ومن بين كل عشرة هناك سبعة أو ثمانية أشخاص يؤيدون الرجل، هذه إرادة الشعب ويجب احترامها وحتى فى الديمقراطية الغربية اصطف الفرنسيون خلف جاك شيراك، ليفوز بنسبة تجاوز ال80% عندما واجه مرشح اليمين المتطرف "لوبين" الناس لا تصطف وراء شخص بهذا القدر، إلا إذا كانت هناك أزمة أو مشكلة كبيرة ومخاوف تهدد الوطن وهنا يذوب الجميع ويصبح الشعار الكل فى واحد، فالمصريون هم من أعاد عبد الناصر للحكم، وهو رئيس مهزوم عقب نكسة67 لأنهم يثقون فيه ويعلمون حجم المعركة التى كان يخوضها وهنا توحد الجميع لمواجهة خطر لا يمكن مواجهته إلا معا ومصر الآن فى موقف شبيه بذلك. وماذا عن صديقك حمدين صباحى وترشحه للانتخابات الرئاسية؟ أتمنى أن يكون هناك عدد من المرشحين ليخوضوا الانتخابات الرئاسية على أرضية الثورة المصرية في 25يناير و30يونيو، وبالطبع المنافسة لا تعنى تشويه المرشح الآخر، فالاختيار يكون وفقا لمن ترشح وليس وفقا لمن يصلح، وفى الانتخابات السابقة كان الاختيار بين السيئ والأسوأ خصوصاً فى مرحلة الإعادة بين شفيق ومرسى، ولكن نحن الآن فى انتخابات سيكون الاختيار فيها بين الجيد والأفضل ومشكلة صديقى حمدين، أن هناك مجموعة حوله تريد أن تضع الثورة فى مواجهة الجيش وهو خطأ بالغ وخطير، فالجيش المصرى أسمى وأرقى من أن نضعه فى معركة انتخابية مؤقتة ستزول وتنتهى، والحقيقة المؤكدة أنه لولا الجيش المصرى لما نجحت ثورة يناير أو ثورة 30 يونيو، ولكانت مصر مثل سوريا بالضبط، ولا شك أن الدول تستطيع بناء جيوش قوية، لكن الجيش المصرى هو من بنى مصر الحديثة منذ أيام محمد على، وجمال عبدالناصر، وحتى الآن، وصوتى للمشير السيسى لأنه مرشح الضرورة واستمرار الدولة المصرية قوية أمام مؤامرة مستمرة لم تنته لتقسيم الشرق الأوسط من جديد. ماذا عن شباب الثورة الذى يطالب بحقه فى تولى المناصب القيادية؟ الشباب كان فى مقدمة الثورة ضد نظام مبارك، وضد جماعة الإخوان، ولكن ليس بالضرورة أن قيادة الثورة تترجم إلى قيادة دولة كبيرة بحجم مصر دون أن يكون مؤهلا لقيادتها، فيمكن أن تكون ثائراً رائعاً أو قائداً جيداً لمظاهرة، لكن هذا ليس هو المعيار عندما تتقدم لقيادة مؤسسة حكومية أو حتى أهلية، فقد ترث سيارة، لكن يجب أن تتعلم القيادة قبل ركوبها، وحتى تتعلم لابد أن يكون هناك سائق يعلمك كيف تقود، فهنالك فارق شاسع بين ملكية الثورة وبين إدارة تلك الثورة فى مؤسسات الدولة، فلو أنى أريد وكيلاً لوزارة السياحة من الشباب، فلابد أن تكون لديه خبرة بالسياحة وليس خبرة بالتظاهر وكذلك غيرها من المجالات، فالاختيار لابد أن يكون فى نفس المجال والقطاع، وبالتالى يجب أن نعمل من القاعدة للقمة، وليس العكس هذا يتطلب بعض الوقت لأن من يهبط على الموقع بالبارشوت لن يستمر، فمشكلة جمال مبارك، أنه أراد أن يهبط على حكم مصر بالباراشوت، ولذلك سقط هو ووالده، والبعض الآن يفعل ما استنكره على جمال بدعوى تمكين الشباب ووجدت طبيبا يعين نائبا لوزير الشباب دون خبرة سابقة أو علاقة بهذا الملف. لكن بعض الدول معظم قيادات الدولة فيها فى سن الأربعينيات ووزير خارجية النمسا 27 عاما، وهناك الرئيس الأمريكى أوباما، ورئيس الوزراء البريطانى "كاميرون"؟ بالطبع لن نكون أمة يحكمها العجائز فلابد أن نربى الشباب ونشجعهم على المنافسة، وكذلك لابد من تغيير القوانين، فلا يمكن أن يخرج رئيس مجلس الإدارة عند باب الستين ويدخل من الشباك مستشارا، والبعض يجمع بين عشرات المناصب فى وقت واحد، فالكبار دورهم أن يدربوا ويعلموا الشباب، فالمدرب يجلس على الخط يوجه، لكنه لا يلعب على الأرض والدستور الجديد أعطى فرصة لتمكين الشباب فى المحليات، وفى البرلمان، لكن نصيحتى أن يجمع الشباب نفسه فى أحزاب تعبر عنه، ويمارس العمل على الأرض وبين الناس حتى يكتسب خبرة ويجرب فتصبح له جذور شعبية وليس جذوراً فضائية عبر القنوات والإعلام. هل ستترشح لانتخابات البرلمان المقبل أم لا؟ وهل ستنضم لأى من الأحزاب؟ فى الحقيقة المرحلة المقبلة نحن بحاجة إلى إعادة البنية القانونية والتشريعية المصرية لتعبر عن تطلعات المصريين بعد ثورتين، فالبرلمان المقبل سيتحمل ثورة التشريع والقوانين فى ظل الدستور الجديد، والدستور كما تعلمنا يخاطب المشرع أو نائب البرلمان قبل غيره حتى يكون القانون دستوريا، وهناك آلاف القوانين يجب مراجعتها لأنها أصبحت لا تعبر عن الواقع الجديد، وفى ظل هذا الظرف أجد أن من واجبى أن أتطلع للجماهير فى دائرتى ورغبتها فى أن أعبر عنهم أم لا، فهم من حملونى تلك الأمانة ثلاث دورات برلمانية لمجلس الشعب دون اعتماد على حزب أو أموال، فقد دخلت المجلس مستقلا طوال تاريخى البرلمانى وسأظل. ماذا عن النظام الانتخابى المتأرج بين الفردى والقائمة ورغبة الأحزاب مثل الوفد والمصرى الديمقراطى فى القائمة خصوصاً أن القوائم لا تخدم المستقلين؟ نظام القائمة يحتاج إلى أحزاب قوية وليس فى مصر أحزاب قوية تعبر حقيقة عن مصالح الشعب وليس مصالح أصحابها، بعضها شركات للاستثمار تبحث عن نواب للإيجار وبعضها أحزاب إعلامية ليس لها جذور على الأرض وبين الناس لذلك هم يبحثون عن نظام للمحاصة وتقسيم الانتخابات والمقاعد قبل أن تجرى الانتخابات، والمواطن فى مصر ألف النظام الفردى فهو يصوت سواء فى القوائم أم الفردى لأشخاص وليس لأحزاب أو برامج، وبالتالى أنا مع النظام الفردى تماما هذه الدورة حتى تقوى الأحزاب فى المرة المقبلة ونتجه لهذا النظام بالتدريج. ماذا عن وجود التيار الدينى سواء من الإخوان أم غيرهم من السلفيين والجماعات الإسلامية؟ البعض يحاول أن يمنع ولو صوتاً واحداً لهؤلاء ضمن أى من المؤسسات، لكن هذا لا ينفع فى المؤسسات المنتخبة ولابد من وجود من يعبر عنهم فى المرحلة المقبلة للقضاء على عملهم تحت الأرض، وبعض الأحزاب مثل النور لديها مواقف محترمة. عاصرت الحزب الوطنى والإخوان ثلاث دورات ولمدة 15 عاما، كيف ترى كلاً منهم؟ بالنسبة للإخوان فقد عاصرتهم فى برلمان 2000 وكان من بينهم مرسى، هم كانوا دائما يبحثون عن توحد المعارضة ضد مبارك وكانوا يتحركون كمجموعة وليسوا أفراداً آداؤهم عندما كانوا 17 نائبا فى 2000 أفضل من آدائهم كانوا 88 فى 2005 وبالنسبة للوطنى لم يكن هناك نواب بالمعنى الحقيقى، ولكن كانوا وكلاء وتجار مصالح ورأيت أحمد عز يحركهم كالعرائس. وماذا تحمل ذاكرتك عن فتحى سرور وزكريا عزمى؟ فتحى سرور كفاءة قانونية وبرلمانية قلما يجود الزمان بمثلها، لكن نظام مبارك شيطنه، فإبليس كان من الملائكة قبل أن يعصى الله، وزكريا عزمى، كان مندوب الرئاسة فى المجلس ولم يكن نائبا بالمعنى الحقيقى. كيف ترى زيارة المشير السيسى لروسيا وهل أعاد السيسى زمن عبدالناصر؟ فى الحقيقة أن عبدالناصر فى فترة كان به الكثيرمن الزعماء مثل ديجول، وتيتو، وايزنهاور، وسوكارنو وغيرهم، والسيسى زعيم بجد لأنه يراهن فقط على الشعب المصرى، ولا يراهن على أحد غيره وتلك أهم معطياته والبعض من المتأمركين يرفض السيسى لأنهم يريدوا رئيس تحت الطلب والوصاية وليس قائدا لايقدروا على كبح جماحه. وعلاقات الدول ببعضها علاقات مصالح وليست علاقات إنسانية بها مجاملات والروس استقبلوا المشير السيسى كرئيس قوى برغم أنه وزير دفاع فى حكومة. بينما استقبلوا مرسى كوزير أو أقل برغم أنه رئيس فعلى هم يوقنون حقيقة الموقف فى مصر ويدركوا الشعبية والأرضية الصلبة التى يقف عليها الرجل والتجمع الشعبى الواسع خلفه، ولاشك أن خلفية الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، المخابراتية تلعب دورا فى هذا الأمر فهو أول من أشار إلى أن مرسى رئيس راحل وبشار رئيس مستمر.