تصوير: موسى محمود يواصل اللواء برهان حماد وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، النجل الأكبر للواء جمال حماد، الخروج عن صمته بعد سنوات من التقاعد، ويكشف ل «الأهرام العربي» فى أول حوار صحفى له ، الكثير من الأسرار حول الجوانب الخفية من شخصية اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة الأسبق، نائب رئيس الجمهورية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ومشاعره بعد تقاعده ورحيل مبارك عن السلطة.. - ما الجوانب الخفية فى شخصية عمر سليمان؟ يحب القراءة جدا ولا ينام قبل أن يقرأ ساعة على الأقل، كما أنه كان يقرأ كل ما يدخل يوميا لمكتبه، وهو رئيس للمخابرات وهذا كم هائل من المعلومات والأوراق والتقارير السرية أو العلنية التى يوجد لها تحليل سياسى، ويملك قدرة ممتازة على اتخاذ القرار المناسب والسريع بعد الدراسة طبعا، وما لا يعرفه الكثيرون أنه كان خفيف الظل جدا وغير صحيح على الإطلاق أنه كان شخصاً متجهما باستمرار فهو ابن بلد وبسيط ومجامل ويستطيع إذا أراد أن يجعلك تشعر فى مقابلتك الأولى له معه أنك تعرفه من فترة طويلة، وكان ذلك يظهر فى جلساته غير الرسمية كما أنه دمث الخلق وشديد الذوق. - ماذا كان شعوره بعد تقاعده وتركه لمنصب النائب وقبل أن يترشح للرئاسة؟ بكل أسف حاول البعض تشويه صورته والطعن فى وطنيته وفى مقابلاته مع الرموز الإسرائيلية وكان ذلك ظلما بالغا للرجل الوطنى الذى أمضى حياته كلها يقاتل إسرائيل ويدافع عن مصر ومصالحها منذ كان عمره 21 عاما، فكل لقاءات رؤساء المخابرات العامة لا تتم أبدا وهم منفردون وحتى الضباط الذين هم أقل رتبة من منصب الوزير أو رئيس المخابرات، فنجد دائما أثناء مقابلاتهم بممثلى أجهزة مخابرات دول أجنبية شخص آخر لتسجيل ما يدور فى الاجتماع حرفيا، وبالتالى كل ما كان لدى عمر سليمان من معلومات موجود بالفعل فى ملفات المخابرات العامة. - ما حقيقة تبادل المعلومات مع أجهزة المخابرات الصديقة، وهل حذرت القاهرة من هجمات سبتمبر؟ تفاصيل ذلك لا أعلمها، ولكن كل ما أستطيع أن أقوله: إن تبادل المعلومات يكون بقدر محدود وله قواعد محدده وله نظام صارم ويقوم به ضباط متخصصون وقياديون وبتعليمات واضحة من رئيس المخابرات العامة أياً كان اسمه، وهو وبكل تأكيد شخص مصرى ووطنى وذو خبرة كبيرة، وإلا ما كان قد وصل إلى هذا المنصب المهم والحساس بأية حال ولكن جهاز المخابرات المصرى جهاز شديد الكفاءة والفاعلية وهو جهاز قوى ولا يقل كفاءة إن لم تزد عنه أجهزة المخابرات فى أوروبا أو بالطبع فى المنطقة حولنا ويضم كفاءات وطنية صادقة ومخلصة وتعمل فى صمت وإنكار ذات كاملين. - وماذا عن قضية سقوط الطائرة المصرية قبالة السواحل الأمريكية ودور اللواء عمر سليمان فيها؟ هذا الحادث كانت له نتائج كارثية على سمعة شركة مصر للطيران، ولقد استطاع اللواء عمر سليمان بتحويل مجرياته وبشكل كامل وبقدراته الشخصية وبعلاقاته المتميزة، حيث كان الاتجاه المبدئى فى أمريكا مبنيا على أساس أن قائد الطائرة جميل البطوطى رحمة الله عليه قد انتحر، وبالتالى فهذه كارثة لأنك لن تجد شخصا واحدا يقبل أن يركب طائرة مصر الطيران، هذا بخلاف التعويضات الرهيبة التى ستدفعها الشركة للمتضررين. - ظهور اللواء عمر سليمان فى الوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل هل أفاد ذلك المخابرات العامة؟ نحن لا نعمل لكى نستفيد شيئا محددا بل نحن نعمل من أجل مصالح مصر العليا والقومية، ومن أجل الأمن القومى المصرى والعربي، ونعمل طبقا للتعليمات أما موضوع ظهور اللواء عمر سليمان فى موضوع الوساطة فإنه لم يزد أو ينقص لا المخابرات العامة ولا اللواء عمر سليمان، فلقد كان جهاز المخابرات العامة المصرى دائما مرهوب الجانب من العدو قبل الصديق بحرفيته والقضايا المهمة التى حققها والمعروفة للكافة، ومن الغريب أن البعض من ضعاف النفوس هاجم اللواء عمر سليمان عندما ظهر فى بعض الصور يصافح بعض المسئولين الإسرائيليين مثل رئيس الوزراء أولمرت أو نتنياهو أو باراك أو غيرهم، والغريب أنهم تناسوا أن هناك علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وأنه أمر طبيعى عندما يزور عمر سليمان إسرائيل فهو يمثل مصر كلها، وهذه الصور هى موضوع برتوكولى وجزء من العمل الدبلوماسى الصرف ولا يدل على أى شىء ولكن فى الغرف المغلقة قد يكون الوزير عمر سليمان ينتقد ويقول لهم كلاماً يسم البدن وهل نسينا زيارة الرئيس أنور السادات إلى كامب ديفيد ولقاء بيجن معه وكيف كانت الصور تخرج للإعلام يوميا وهم يبتسمون ويتصافحون بينما كانت الحقيقة والواقع مختلفين تماما وكان الرئيس السادات يريد أكثر من مرة قطع المباحثات بل حزم حقائبه بالفعل وكاد أن يغادر وما لا يعلمه الناس أن اللواء عمر سليمان فى إحدى المرات هاجم شارون بشكل عنيف وبصوت عال، أثناء نقاش حول موضوع القدس بعد الانتفاضة الفلسطينية وإثر زيارة شارون للمسجد الأقصى فى 28 سبتمبر 2000 ومن يشكك فى وطنية اللواء عمر سليمان مخطئ لأن تاريخه العسكرى كمقاتل وقائد عسكرى فى القوات المسلحة المصرية أو كمقاتل بطريقة أخرى من المخابرات العامة، خير شاهد على وطنيته وبمصريته الشديدة وهو لا يحتاج أن يدافع عنه أحد. - ما علاقه اللواء سليمان باللواء مراد موافى الذى خلفه فى رئاسة الجهاز؟ كان اللواء مراد موافى يحترمه جدا والعلاقة كانت بينهما ممتازة منذ كان اللواء موافى رئيسا للمخابرات العسكرية ثم محافظا لشمال سيناء وعموما فإن أى قائد للجهاز لابد أن يكون وطنيا لأنه قادم من القوات المسلحة وهى مؤسسة وطنية منذ نشأتها. - وما حقيقة البوسترات التى تم توزيعها فى شوارع القاهرة فى أواخر حكم مبارك لترشيح اللواء عمر سليمان للرئاسة؟ كانت بعض عناصر المعارضة وبتمويل من بعض رجال الأعمال الموالين لجمال مبارك يحاولون استثارة الرئيس الأسبق مبارك ضد اللواء عمر سليمان وإظهاره أنه يريد أن يخلف مبارك ويعمل على ذلك فى الخفاء وهذا طبعا غير حقيقى فلو حتى افترضنا أن اللواء عمر سليمان كان يرغب فى ذلك وهذا شىء طبيعى، لأن لكل إنسان طموحه الشخصى فإن من يعرف اللواء عمر سليمان عن قرب يعرف أنه لا يمكن أن يخون قائده أو يعمل فى الخفاء. - وماذا كان شعور اللواء عمر سليمان فى مرحلة المجلس العسكري؟ كان طبعا حزين على ما كان بحدث من اعتصامات واضطرابات وانهيار اقتصادى، وكان شديد الخوف من أن يصل الإخوان للحكم فتكون كارثة من وجهة نظره لأنهم سيحاولون الاحتفاظ بالحكم بأى صورة أو بأى طريقة شرعية أو غير شرعية، كما كان حزينا من مهاجمة الإخوان أو غيرهم له فى بعض الصحف الصفراء فى محاولة لهدم صورته أو تشويهها أمام الشارع المصرى وكان ذلك يؤلمه جدا. - وماذا كانت وجهة نظره فى أمريكا؟ وكيف كان ينظر للاتصالات الأمريكية فى أواخر عهد مبارك مع الإخوان؟ كان يقول دائما إن الأمريكان ليس لهم أمان ومعندهمش عزيز، وإن المتغطى بيهم عريان وإنهم يمكن أن ينقلبوا على أى شخص وأى بلد بلا أسباب واضحة، وكان يضرب مثالا لذلك بالطريقة التى تعاملت بها أمريكا مع شاه إيران أما عن اتصالاتهم بالإخوان فكان لا يعول كثيرا عليها ويقول خليهم يعرفوهم ويعرفوا تفكيرهم. - وما حقيقة أن عمر سليمان توفى فى تفجير مركز القيادة السورية؟ هذا موضوع لا أساس له من الصحة وبعيد كل البعد عن الحقيقة فلقد كانت العلاقات المصرية السورية فى آخر خمس سنوات من حكم مبارك فى تدهور مستمر، وفى إخفاقات مستمرة وبكل صراحة لم تستجب سوريا بشار الأسد إلى ما كانت مصر تريده منها سواء فى العلاقات السورية الإيرانية والتى كانت مصر تحاول دائما أن تكون علاقات متوازنة وألا تكون علاقات تبعية لأن ذلك سيعرض سوريا والمنطقة لتبعات خطيرة، وكذلك فى علاقات سوريا مع حزب الله الشيعى فى لبنان ومده بالسلاح المقبل من إيران وأشياء أخرى لا أريد التعرض لها كثيرا الآن كما أن موضوع اغتيال الرئيس الحريرى فى لبنان فى فبراير 2005 أكمل على البقية الباقية من العلاقات الثنائية، وتأثرت كثيرا القناة التى كان اللواء عمر سليمان قد فتحها مع القيادة السورية عن طريق آصف شوكت زوج شقيقة بشار الأسد والتى تدعى بشرى وبالتالي، لم يكن هناك أى علاقة يمكن أن تحفز اللواء عمر سليمان للسفر إلى سوريا خصوصا وهو فى الظروف الصعبة التى كان فيها. - فى رأيك ماذا كان سيحدث لو نجح سليمان فى انتخابات الرئاسة بدلا من مرسي؟ كان سيعمل على استتباب الأمن والنظام والقانون وعلى سرعة دوران عجلة الإنتاج بأسرع ما يمكن فى السنة الأولى لحكمه، وبعد ذلك وكان سيعمل على وضع ضوابط لانتخابات رئاسة الجمهورية، بحيث لا يمكن لأى كائن من كان أن يرشح نفسه لو كان على أساس دينى أو من الأحزاب التى تتاجر بالدين وكان سيعلم الشعب كيف يختار ثم سيبدأ فورا فى السير إلى الديمقراطية الحقيقية. - ماذا تقول للشعب المصري؟ لقد مرت مصر بواحدة من أصعب فتراتها فى التاريخ الحديث ونجحنا بعون الله وبفضل قواتنا المسلحة الباسلة فى اجتياز هذه الفترة الصعبة وانتهينا من حكم الإخوان المسلمين الذى عانينا منه كثيرا خلال عام كامل، ولكننا مازلنا نعانى من مشاكل اقتصادية حادة ولن يكون سهلا أن نتجاوزها بدون أن نتحد وأن نعمل بجدية وإصرار على الخروج من هذه الأزمة الطاحنة حتى يعم الرخاء والأمل فى بناء مصر الحديثة، وأن علينا أن نتذكر دائما أن قواتنا المسلحة كانت هى درع الأمة وسيفها, وأن التحدى الثالث هو التعليم وبالتعليم فقط يمكننا تغيير كل شىء ونستطيع أن نكون دولة محترمة ذات سيادة تبنى الأمل والحياة للأجيال المقبلة بل تبنى مصرنا الجميلة والحديثة.