تحقيق أحمد سعد الدين فوجئ الوسط الفنى نهاية الأسبوع الماضى، بقرار مجلس إدارة مهرجان القاهرة السينمائى بإلغاء الدورة ال 36 للمهرجان، والتى كان مقررا لها نهاية شهر نوفمبر المقبل، يأتى هذا الإلغاء عقب اجتماع وزير الثقافة محمد صابر عرب بمجلس إدارة المهرجان برئاسة الناقد سمير فريد والذى نقل للوزير تعذر إقامة هذه الدورة لضيق الوقت، وأيضاً لوجود مشاكل أمنية تحول دون خروج هذه الدورة بما يليق باسم المهرجان، موضحاً فى بيانه الذى أصدره، أن الوقت ضيق للغاية مما جعلنا نتخذ قرار الإلغاء حتى لا تخرج الدورة دون المستوى، وهو ما أثار حفيظة النقاد السينمائيين الكبار والمسئولين عن المهرجان فى الدورة الماضية، التى تم التحضير لها فى أقل من شهرين، «الأهرام العربى» استطلعت رأى كبار السينمائيين فى قرار التأجيل فى التحقيق التالى. فى البداية تحدث الناقد الكبير على أبو شادى قائلاً: مع كامل احترامى للزميل سمير فريد الذى أكن له احتراما كبيرا، فإن هذا القرار جانبه التوفيق تماماً لعدة أسباب أولاً من يدعى أن الوقت لا يسعف إدارة المهرجان لإقامة دورة مميزة فالرد ببساطة أننا أمام دورة استثنائية ليس مطلوبا منها تحقيق النجاح بدرجة امتياز، ثانياً الدورة الماضية تم التحضير لها فى أقل من ثلاثة أشهر وحققت نجاحاً بدرجة جيد فلماذا الحديث عن عنصر الوقت؟ ولا ننسى أنه كانت هناك إدارتان للمهرجان خلال العام الماضى الأولى تمثت فى الأستاذة سهير عبدالقادر، والثانية تمثلت فى الناقد أمير العمرى، وبالتأكيد أخذوا خطوات لتحضير الدورة المقبلة فلماذا لم يتم الحديث معهم عما قدموه حتى نبنى عليه، وبذلك نختصر عنصر الوقت، أما الحديث عن الحالة الأمنية فأعتقد أن الوقت لا يزال أمامنا وهناك تحسن ملحوظ فى الحالة الأمنية فى الأسبوعين الماضيين بمعنى أنه لو سيرنا على نفس النهج سيستتب الأمن فى الشارع خلال أسابيع قليلة، على الجانب الآخر علينا أن نفكر فى الشق السياسي الذى سيعود على مصر من إقامة المهرجان، لأن وجود المخرجين والنجوم الأجانب يبعث برسالة مهمة للعالم الغربى بأن الحياة فى مصر تسير بشكل طبيعى والناس هنا يتفاعلون مع خارطة الطريق التى ارتضوها لأنفسهم، وهذه الرسالة من القوى الناعمة فى رأيي أهم بكثير من الرسائل التى تصدر للغرب عن الطرق الرسمية، لذلك أرى أن هذا القرار جانبه التوفيق تماماً. أما سهير عبد القادر نائب رئيس المهرجان خلال الدورات السابقة فتعجبت قائلة لست أدرى ما سبب الإلغاء الذى يستند إليها الأستاذ سمير فريد، خصوصا أنى اتصلت بالجهات الأمنية المعنية بالمهرجان وسئلتهم عن هذا القرار فجاءت إجابتهم بالنفى القاطع بل قالوا لو أردتم إقامة الدورة غداً نحن مستعدون، لكن بدون إقامة الحفلات الخارجية وهذا حقهم الأصيل، لذلك كان من الأفضل عمل محاولات مع الدول الصديقة لجس النبض لعمل دوره استثنائية مثلما فعلنا العام الماضي، والتي أشاد بها كل الضيوف، فكان يجب علينا إرسال رسالة للعالم لا تقل أهمية عن المؤتمرات التي تقوم بها كل المؤسسات الرسمية التى تخضع للتفسيرات الدبلوماسية، لكن من الواضح للعيان أن أول تصريح للإدارة الجديدة كان بها تلويح بإلغاء الدورة وهو ما تم بالفعل وخسرت مصر معركة إعلامية كان من الممكن أن تكسبها بسهولة وتكسب معها تعاطف العالم أجمع الذى ينظر للمهرجان على أنه إحدى الركائز الأساسية للقوى الناعمة التى تعمل بإرادة شعبية وفنية، وعن نفسى أتعجب من القول بأن الوقت المتبقى لا يسعف لإقامة دورة ناجحة، فالرد الطبيعى أننا العام الماضى أقمنا دورة فى 85 يوماً حققت نجاحاً شهد به الأجانب قبل المصريين وحققنا أرباحا بلغت نحو مليون ونصف المليون جنيه فى خزانة الوزارة، وأذكر هنا أن الراحل دكتور رفيق الصبان كان فى حالة صحية سيئة للغاية، ومع ذلك أصر على الاشتراك فى الدورة وقام بتقسيم فريق لجنة المشاهدة إلى قسمين وتابع عمل كل قسم على حدة برغم حالته الصحية الصعبة، أما الجانب الإدارى والفنى فحدث ولا حرج فكل واحد منهم كان يقوم بثلاثة أضعاف جهده حتى اكتملت الدورة على خير، وأضافت نائب رئيس المهرجان إلغاء الدورة هذا العام يعطى انطباعاً سيئاً لدى العالم مما يؤثر سلبا على السياحة، مع العلم أن الفترة الباقية لإقامة المهرجان ضعف مدة العام الماضى وعن نفسى قابلت السفير الهندى الأسبوع الماضى والذى بادرنى قائلاً: إن نجوم السينما الهندية أبدو موافقة على الحضور للقاهرة، هناك أيضاً ما يفيد بأن بعض الدول مثل روسيا واليونان على استعداد لتقديم ما لديهم من أفلام وضيوف وهو ما يعنى أننا نستطيع إقامة دورة ناجحة لو توافرت لدينا الحماسة وحب البلد. أما الناقد طارق الشناوى فيقول: علينا أن نفرق بين شيئين الأول هل تأجل المهرجان لدواع أمنية؟ فإن كان ذلك صحيحاً فلا نملك إلا أن نستجيب للأمر، خصوصا أنه من غير المعقول أن نتنبأ بما ستكون عليه الحالة الأمنية فى شهر نوفمبر المقبل، لكن فى نفس الوقت أنا أستغرب جداً عندما يوافق الوزير على تأجيل المهرجان بسبب الأمن فى الوقت الذى وافق فيه الوزير منذ يومين على إقامة مهرجان الإسكندرية برغم حظر التجوال؟ أما على المستوى الفنى فالأمر يختلف لأن سمير فريد كرئيس للمهرجان لديه طموحات سينمائية كبيرة ويريد أن يقدم دورة مختلفة، لكن علينا أن نضع فى الاعتبار أننا أمام دورة استثنائية تقوم على اختصار بعض الأقسام والتركيز على الأساسيات فقط حتى نعمل دورة جيدة ترسل للعالم رسالة مهمة نقول فيها إننا كمصريين نعمل ونتذوق الفن ونستطيع أن نعيش برغم السحب الكثيفة التى تحاول أن تغطى سماء الفن، أما الشىء الغريب الذى قرأته فى البيان فهو تغير ميعاد المهرجان من الأسبوع الأخير فى شهر نوفمبر إلى إقامة المهرجان فى شهر سبتمبر، وهذه النقطة لا أفهمها لأن ميعاد المهرجان ثابت منذ أكثر من 15 سنة لا يتغير ويتحكم فيه الاتحاد الدولي لجمعيات المنتجين السينمائيين الذى يعطى الشارة الدولية فكيف يتم تغيير الميعاد بقرار من رئيس المهرجان فى رأيي أن عدم إقامة الدورة قرار سييء وليس فى مصلحة الحركة الفنية فى مصر إلا إذا كانت هناك اعتراضات أمنية. أما منيب شافعى، رئيس غرفة صناعة السينما فقال: فى عام 2011 اتصلت بالاتحاد الدولى وطلبت منه تأجيل المهرجان نظراً لأنه العام الذى قامت فيه ثورة 25 يناير، وبعد جهد كبير تفهم أعضاء الاتحاد الموقف ووافقوا على التأجيل، لكن ما حدث هذا الأسبوع هو عقد اجتماع لمجلس إدارة المهرجان لم أدع إليه وقرأت فى الصحف البيان الذى أصدروه، لكن حتى الآن لم يتصل بي أحد ولم يطلب منى أحد أن أرسل طلب تأجيل للاتحاد الدولى، لكن ما يقلقنى فى هذا البيان أننى قرأت عن تغيير موعد إقامة الدورة فى سبتمبر بدلاً من نهاية نوفمبر بداية ديسمبر، وهذا يعنى أننا غيرنا الموعد بأنفسنا فقط، وهذا خطأ كبير لأننا مرتبطون بالاتحاد الدولى الذى يشارك به 14 مهرجانا ولكل منهما موعد محدد لايستطيع أحد تغيره وإلا سحبت منه الشارة الدولية، فلماذا نزج بأنفسنا فى حرب مع الاتحاد الدولى؟ فمسألة فرض العضلات لا تصلح مع الخارج وإلا سنخسر، لأنهم يستطيعون اصطياد أى خطأ لسحب الشارة الدولية من المهرجان فى الوقت الذى تتمناها مهرجانات أخرى بفارغ الصبر . الناقدة صفاء الليثى عضو جمعية نقاد السينما قالت: فى رأيي أن تأجيل أو إلغاء الدورة ال 36 هذا العام قرار خاطئ جداً لأننا بهذا نبعث برسالة خاطئة للعالم الغربى نقول فيها إن مصر لا تستطيع إقامة دورة لمهرجان القاهرة السينمائى فكيف يتحدثون على أنهم بلد الأمن والأمان؟ وعن نفسى أرى أن هناك العديد من دول العالم التى تساند الموقف المصرى تستطيع أن تبعث لنا أفلامها ونجومها مثل روسيا والصين والهند واليونان وغيرها، بالإضافة لبعض الدول العربية، وأذكر هنا أنه فى العام الماضى حضر معظم المخرجين وأبطال الأفلام وأصروا أن يذهبوا معنا إلى قلب ميدان التحرير والتقاط بعض الصور هناك للذكرى التى قالوا عنها إن من لم يزر الميدان فهو لم يزر مصر من الأساس، فلماذا نخسر هذا التأييد الدولى من القوة الناعمة العالمية؟ وأرى أننا نستطيع إقامة دورة استثنائية كما حدث العام الماضى داخل الأوبرا وحتى الآن الوقت يسمح بذلك، خصوصا أن هناك إدارات سابقة قطعت مشوارا كبيرا فى العمل فلماذا نهدر هذا الجهد؟