ستبقى مصر للشعب.. لا للطغاة.. ولن تموت ثورة شباب 25 يناير.. ولن ينتصر سماسرة الدم وتجار الدين وأمثالهم من نافخى الكير ومأجورى الغير.. وستنكسر رقاب وظهور كل جبار يريد النيل من هذه الدولة المحروسة بإذن الله. هذه حقائق يجب الإيمان بها، والوعى لها من جانب كل مصرى «رئيس ومرؤوس، ثورجى وفلول، مسيحى ومسلم، مؤمن وملحد، سنى وشيعى، متمرد فى التحرير ومتجرد فى رابعة». ولا بد أيضا أن نعلم أن «التغيير» سنة الله فى كونه، وحق شرعى يكفله الدستور والقانون وتحكمه آليات وسنن ومبادئ يجب احترامها وعدم الحياد عنها. كما يجب أن نعلم أنه رغم قتامة الحاضر، وأن القريب أشد قتامة وفظاعة.. فإن الأمل مازال يلوح فى الأفق لاقتناص الفرصة الأخيرة فى عمر مباراة مصيرية فاصلة فى حياة 90 مليونا، يمكن أن تكتب لهم النجاة والنصر، أو الخسارة المروعة فى اقتتال شعبى متوقع بسبب جرعات التحريض والخصام الزائدة، وتنامى المشاعر العدائية من جميع الأطراف على الساحة المصرية التى احتلت - بجدارة - المركز الأول فى الاحتجاجات و«التمرد» على كل «شرعى»، و«التجرد» من كل «وطنى»!! أقول ذلك بعدما استجاب الله تعالى لدعاء بعض المخلصين من أن يخرج من بين «الولاة ومعارضيهم ومعانديهم» رجل رشيد يدعو إلى «مصالحة» وطنية شاملة، ترعاها أكبر مؤسسات الدولة وطنية وإخلاصا وفداء لهذا الشعب. لنتجنب صداما يحاك لنا لا يعلم نتائجه إلا الله، وينجى شعبا ويلات إضافية على ويلاته ومصائبه التى ورثها من عهود بائدة، ومن سياسات نظام جديد فشل فى تخفيفها، بل أضاف عليها الكثير والكثير فى 12 شهرا فقط، لنرى -لأول مرة- طوابير البنزين والسولار تمتد عشرات الكيلومترات، وتموت الأجنة فى الحضانات بسبب انقطاع الكهرباء! الغريب حقا أن تخرج علينا بعض الشخصيات التى أقل ما توصف ب «البلهاء» لتدعى أن مبادرة القوات المسلحة هى اعتداء صارخ وانقلاب صريح و إجهاض كامل لكل ما تحقق لهذا الشعب عبر العامين الماضيين، بحسب تعبير قائلها المدعو «حازم صلاح أبوإسماعيل»، والذى زاد الطين بلة عندما أردف قائلا: «إن المسئولية الكاملة لا تزال بغير استثناء فى عنق جماعة الإخوان والمتفاعلين معها»، فى تحد سافر لرغبة أمة فى تغيير واقع أليم، وكابوس يهدد مستقبلها كل ساعة يبقى فيها على الحكم، ما لم يستجب الحاكم المنتخب لرغبة الشعب فى تطهير شامل لكل ما تم من «أخونة» المؤسسات، وإجراء إصلاحات جذرية لكل أوجه الخلل الموجود فى عصب الدولة حاليا . إن مثل هذا الشخص - وللأسف كثيرون - لا بد أن يحجر الشعب عليهم لانفصام شخصياتهم وقلة قواهم العقلية، أو يعيدهم إلى زنازين طرة ووادى النطرون، قبل أن يضيعوا فرصة حقن الدماء والعيش فى استقرار لشعب تمرد على الظلم والفساد، أو ينيلهم مبتغاهم فى أن يبقى المواطن المصرى يرزح تحت أفكارهم المريضة، وإذا ما رفض حرضوا على قتله واستباحوا دمه بفتاويهم الخرقاء، فبئس قوم ضاعت بينهم كلمة الحق . إننا نكرر - مجددا - لسنا خصوما للنظام أو المعارضة أو غيرهما من التيارات، وإنما نحن ضد سياسة «حرق الأرض» وتصفية الحسابات والتمكين من أجل أوهام الإمارة الإسلامية التى لم ولن تتحقق إلا بإرادة الشعوب، وأنه لا بد من الجلوس للحوار الذى لا يكون على أسوار قصر الاتحادية أو فوق أسطح الأحزاب، أو فى غرف مغلقة بسفارات مشبوهة، وإنما بشكل علنى غير مفضوح، كما حدث فى اجتماع «سد النهضة»! كما نكرر أن الدم المصرى كله حرام مسلما كان أم مسيحيا، رجلا أم امرأة، سنياً أم شيعياً، مدنياً أم شرطياً، وأن من يشارك ولو بشطر كلمة فى تكفير أو سفك دم أو يحرض على كراهية مواطن، أو مسئول فهو شريك فى الجريمة. ونرفض القتل والسحل المذهبى اللذين جاءا نتيجة خطاب دينى منفلت وعنصرى. لقى طريقه بين المتشددين فى ظل حالة شطط ممنهج فى المطالب وغلو فى المطالب وهياج فى المشاعر. وعلى جماعة الحكم أن تتحمل ما اقترفته من تصريحات وسياسات عدائية كانت سببا مباشرا فى تحويل الصراع السياسى إلى نزاع دينى وتكفيرى وتخوينى وتحريضى ضد شركاء الوطن، والإساءة إلى المرجعيات الدينية والوطنية، والاستقواء بالخارج لكسر إرادة شعب يرفض الاستقطاب الطائفى والسلطوى. وأخيرا ..إن مصر بحاجة إلى عقلاء وحكماء لإدارة زمام أمورها أكثر من أى وقت مضى، ووقف تقدم الجهلاء للصفوف الأولى، أو حسم الخلاف الفكرى والمذهبى ب «الذراع أو «خناقة فتوات الأفراح الشعبية».. فليس هناك أحد فى مأمن ولا أحد محصناً ضد الدخول فى عوالم المأساة إذا ما وقعت فى 30يونيو، لا قدر الله! قال تعالى: «إن الله لا يصلح عمل المفسدين».