أن تفكر في الوصول حتى آخر درجات السلم، دون أن تحرِّك قدميك، فلن تصل .. الفكرة في حد ذاتها رائعة، لكنها إذ تبقى مجردة من الروح، فإنه لا معنى لها، بل هي أشبه بوردة من البلاستيك، جميلة، وملفتة وخلاّبة، لكنها بلا روح، لأنها بلا رائحة.. التفكير في توطين الإعلام، أمر مهم، وضروري، ليس عندنا فحسب، بل في كل بقعة من بقاع العالم، لأن الإعلام يمثل روح الوطن ورائحة الأرض، ولون الثقافة المجتمعية، وفي النهاية هو الصوت والصيت، لذلك، فإن الدعوات المجردة، وبلا خطوات عملية، وهذه الخطوات لا تتم بقرارات، وإنما بقناعات أولاً وأخيراً من قادة الإعلام الذين يديرون دفة هذه المؤسسات، فإذا لم تتوفر القناعة، تبقى الإرادة بهذا الاتجاه ضعيفة، وفي نهاية الأمر، نصبح بين نارين، نار الضرورة، ونار الإحجام، وما بينهما، تعيش الحالة كما هي ونقاط الضعف تكبر وتكبر لتصبح دوائر تلتهم الطموحات بشراهة ونهم. لدينا مؤسسات صحفية أصبحت مدارس تستطيع أن تستقطب العديد من الكوادر، وتدربها، وتشذبها، وتهذبها، وتعدها كعناصر قوة ضاربة في مجال الإعلام، وتاريخ هذه المؤسسات الصحفية، يعطيها الحق والقدرة على تقديم هذا العون للمجتمع ومساعدة أبنائه على شق طريق هو من أنبل الطرق وأعظم الرسالات، رسالة الإعلام التي تحتاج إلى بناء ثقة بين مسؤولي الإعلام، ومن يتوخون فيهم المساندة، والدعم لكي تقوى السواعد، وتترسخ القناعات بأهمية التوطين لتحقيق البناء، وتوثيقه، بجمل فعلية نابعة من عطر التراب، ويقين الماء عندما يصير حبراً، يزين صفحات التاريخ بجهود أهل المكان. وما من شك في أن الصحافة في الإمارات جزء من هذا المجتمع الفسيفسائي، الملون بأزاهير الثقافة المتنوعة، والناصعة، لذلك، فإن تلاقح الخبرة وامتزاج الحبر بالحبر، سوف يقدم مزاجاً معرفياً، ناضجاً، وافياً متكاملاً، يصب في النهاية في المخزون الثقافي الإماراتي العربي، القادم من جبال التراكم والتلاحم، والتلاؤم، الثقافي العربي بشكل عام. لدينا مؤسسات صحفية عملاقة وقادرة على الاستيعاب، وعلى الاستقطاب، وعلى توفير الأسباب لنجاح عملية التوطين، مؤسسات لديها إمكانات مادية وبشرية، ومعرفية، قادرة على تحقيق الهدف، والوصول بإعلامنا إلى أعلام ترفرف في فضاءات واسعة، تحمل صوت الإمارات تفصح عن إنجازاتها، الرائعة بصدق ترسخ مبادئ الامتياز والتفرد، في تحقيق المراكز الأولى في كل مجال ومآل، تستطيع أن تحقق أحلام الذين أسسوا، وطمحوا إلى أن تصبح في يوم قريب، جل مؤسساتنا، مثار الإعجاب والدهشة، لوصولها إلى المراتب الأولى، بفضل الأبناء المجتهدين المثابرين، المبحرين عميقاً باتجاه شطآن المجد، بوجد العاشقين المخلصين المحبين للعمل، المتفانين من أجل إنجاح المسيرة الإعلامية، وتحقيق أهدافها السامية، وترسيخ قواعدها بأوتاد العلم، وعتاد الفهم. * نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية