تنشر مجلة "الأهرام العربي" في عددها الجديد الصادر السبت تقريرا عن الأزمة الشديدة التي يعانيها الاقتصاد اللبناني في ظل عقاب دول الخليج لبيروت على مساندتها لنظام بشار الأسد بعدة إجراءات مما أدى لأزمة اقتصادية طاحنة. حيث تشكل دول الخليج مصدرا ل 60 % من تحويلات اللبنانيين، وتمثل استثمارات الخليجيين المباشرة 80 % من إجمالي الاستثمارات في لبنان، وتستقطب بلدان الخليج 20 % من الصادرات اللبنانية، وتقدر الجاليات اللبنانية في الخليج ب 500 ألف لبناني، ومع ذلك قررت دول الخليج خصوصاً السعودية والكويت وقطر والإمارات تحذير رعاياها من السفر إلي لبنان، ودعوة رعاياها الموجودين علي الأراضي اللبنانية إلي مغادرتها خوفا علي حياتهم مما يعني أن القرارات الخليجية بمنع رعاياها من زيارة لبنان قد ضربت لبنان في مقتل، فلماذا فعلت دول الخليج ذلك؟ وماحجم خسارة لبنان من القرارات الخليجية، التي جاءت في ظاهرها الخوف علي رعاياها وباطنها معاقبة لبنان علي موقفه من الثورة السورية؟ كان لبنان قبل اندلاع الثورة السورية منذ ما يقرب من عامين مقصدا أساسيا للسياحة والاستثمارات العربية من دول الخليج خصوصاً السعودية والكويت والإمارات وقطر، ومنذ بداية الأزمة السورية اتخذت الحكومة اللبنانية موقفا محايدا عرف فيما بعد بموقف "النأي بالنفس" عما يحدث في سوريا، ولأن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، لم يكن الواقع بعيداً عما يحدث في سوريا، حيث انقسم الشارع السياسي اللبناني إلي فريقين أحدهما مؤيد للثورة السورية وداعم لها ويدعمه عربيا السعودية وقطر وغربيا أوروبا وأمريكا، والفريق الآخر مؤيد للنظام السوري وبشار الأسد، مدعوم إيرانيا وسوريا، ولكل فريق من الاثنين مؤيدوه في الداخل اللبناني، ولذلك انتقل الخلاف في الرؤي والمواقف السياسية إلي أرض الواقع، فنشبت الخلافات والصراعات المسلحة بين مؤيدي الفريقين، وبدأ الصراع خفيفا حتي وصل أشده بين العلويين المحسوبين علي فريق 8 آذار وسوريا في جبل محسن، وبين السنة المحسوبين علي فريق 14آذار في باب التبانة بمدينة طرابلس كبري مدن الشمال اللبناني، ومع اشتداد الصراع بين الفريقين، صاحبه عمليات خطف لرعايا من الكويت وقطر من السياح الخليجيين الموجودين في لبنان، مما استدعي إصدار قرارات متتالية من دول الخليج (السعودية وقطر والكويت والإمارات) وتبعها البحرين وسلطنة عمان، بمنع رعاياها من زيارة لبنان ودعوة رعاياها علي الأراضي اللبنانية بضرورة توخي الحذر ومغادرة لبنان في أسرع وقت خوفا علي حياتهم من انعدام الأمن في لبنان نتيجة الأحداث المصاحبة للثورة السورية. فما أثر القرارات الخليجية علي لبنان إقتصاديا وسياحيا منذ اندلاع الثورة السورية وحتي الآن؟ يظهر أثر القرارات الخليجية علي لبنان من ناحيتين: الأولي الداخل اللبناني اقتصاديا وسياحيا، والثانية تخص الجاليات اللبنانية داخل دول الخليج وما تشكله من داعم أساسي للاقتصاد اللبناني عبر التحويلات النقدية من اللبنانيين العاملين بالخليج.