على الرغم من عدم معرفة كثير من المصريّين الجمهورية الإسلامية الموريتانية العربية الشقيقة إلا أن مركز تفكير موريتانيا هو مصر، ككل الدول العربية، وآلاف الطلاب الموريتانيين يدرسون في الجامعات المصرية في مختلف التخصصات. على أحد مقاهي الجيزة أثناء جلوسي مع الصديق الموريتاني أحيد ولد محمد الذي يحضر الدراسات العليا في كلية الإعلام جامعة القاهرة، بالإضافة إلى دراسته بمعهد الدراسات الأفريقية بالجيزة. وفي خضم حديثنا عن الأوضاع في الوطن العربي أخبرني أنه على الرغم من حملات التشويه المنظمة والممنهجة التي تطالها مصر من بعض وسائل الاعلام العربية والأجنبية، إلا أن مصر ما زالت حلم كل موريتاني لم يزرها حيث الثقافة والفن والتاريخ من دار أوبرا وسينما وآثار وغيرها.
يحكي الصديق حسام خلف صحفي وإعلامي رياضي موريتاني أن المنتخب المصري لكرة القدم هو المنتخب الأول الذي يشجعه الموريتانيين في جميع المحافل الأفريقية والدولية، وعبر عن سعادته لتنظيم مصر كأس الأمم الأفريقية القادمة يونيو2019 التي سيشترك فيها المنتخب الموريتاني لأول مرة في تاريخه، وسينتهزها فرصة لزيارة مصر مع البعثة الإعلامية الموريتانية المصاحبة لمنتخب بلادها.
كثيراً ما طلب مني الصديق الإعلامي والصحفي الموريتاني الكبير أقريني ولد أمينوه تدبير دعوة له في محفل ثقافي عربي أو أفريقي من أجل تحقيق حلمه بزيارة مصر، وتحقق حلمه أخيرا الشهر الجاري في ندوة تكوينية صحفية ينظمها الاتحاد الافريقي بالقاهرة، ممثلة بواحد وعشرين دولة أفريقية ترشح كل منها صحفي واحد، وقد كان هو مرشح دولته وتضمن برنامج الزيارة بالإضافة إلى القاهرة مدينتي الإسكندرية والغردقة ليسقط الرجل أكثر وأكثر في عشق أم الدنيا بعد أن شاهد بحريها العظيمين الأبيض والأحمر وجلس على ضفاف نيلها.
في حديث مقتضب لي مع السيد محمد ولد أمين الأديب الموريتاني الكبير والمستنير ووزير الإعلام السابق الحاصل علي جائزة كتارا للرواية العربية الذي سبق له زيارة مصر إبان حكم الإخوان، وصف الإخوان المسلمين بأنهم مثل السرطان الذي ينخر في الجسد العربي، وأثنى على أهمية دور مصر في المنطقة واصفا إياها بالاكتشاف العظيم، وذكر مصدقاً على قول نابليون بأنها "أهم بلد في العالم "، القول الذي لم أكن أعرفه شخصياً وتطرق إلى مؤسسة الأهرام والأستاذ هيكل الذي أخبرني أنه سبق أن التقاه مرة واحدة في لندن.
على المستوى السياسي لا يخفى على أحد التقارب السياسي الواضح بين الرئيسين المصري والموريتاني منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الرئاسة في مصر سنة 2014، حيث زار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مصر منذ ذلك التاريخ أربعة مرات متفرقة. فلم يسبق لأي رئيس موريتاني زيارة مصر منذ زيارة الرئيس المؤسس مختار ولد الداده في ستينيات القرن الماضي. وهو ما يترجم التوافق الفكري والسياسي بين الرئيسين حيث يعبر دائما الرئيس ولد عبد العزيز عن دعمه لسياسات الرئيس السيسي في المنطقة في محاربة الإرهاب وتبنى نفس وجهة النظر تجاه القضايا الإقليمية مثل ما يحدث في ليبيا والسودان، وقد سبق له وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنهم أخطر على الأوطان من اسرائيل التي سبق له أن طرد سفيرها وجرف سفارتها في نواكشوط، وأطلق اسم القدس على الشارع الموجود به السفارة الأمريكية ليجبر السفير الأمريكي على كتابة أسم القدس في جميع مراسلته.
على مستوى الداخل الموريتاني فإن النشيد الوطني الموريتاني الذي تم إقراره العام المنصرم باستفتاء شعبي لحنه الملحن المصري راجح داود الأمر الذي أستحق عليه تقليده " وسام فارس " أحد أرفع الأوسمة في البلاد. ويوجد في موريتانيا حزب سياسي ناصري على اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. ويتبني أفكاره وأطروحاته .