صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    القاهرة الإخبارية تنفي مزاعم إسرائيلية بمحاولة نزوح فلسطينين للجانب المصري    الأردن: نتنياهو يخاطر بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار بقصفة لرفح    موعد مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    4 ساعات فارقة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف أماكن سقوط الأمطار في مصر    إخلاء سبيل مطرب المهرجانات عصام صاصا في واقعة دهس شاب بكفالة مالية    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 7 مايو بالمصانع والأسواق    ضياء السيد: أشك في وجود اتفاق رسمي بين اتحاد الكرة وفيتوريا.. ومواجهة الأهلي والاتحاد صعبة    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال اليوم بعد إصابته أمام فيوتشر    ميدو: تقدمت باستقالتي من الإسماعيلي بسبب حسني عبد ربه    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    ميدو: فخور ب سام مرسي.. وعلى حسام حسن ضمه للمنتخب    كيف جاءت المواقف الإقليمية والدولية على قبول حماس مقترح وقف إطلاق النار؟    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    يوسف الحسيني: اتحاد القبائل هو اتحاد من الشعب المصري    ياسمين عبد العزيز: لما دخلت الإعلانات كان هدفي أكون مسؤولة عن نفسي    أول رد من ياسمين عبدالعزيز على توقع خبيرة أبراج زواجها مرة أخرى.. ماذا قالت؟    ياسمين عبد العزيز: تم تركيب فيديوهات غير حقيقية لي أنا والعوضي    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    هل تقدم كابونجو كاسونجو بشكوى ضد الزمالك؟ اللاعب يكشف الحقيقة    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 7 مايو 2024    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    مصرع شاب التهمته دراسة القمح في قنا    «الصحة العالمية» تحذر من أي عملية عسكرية في رفح: تفاقم الكارثة الإنسانية    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة.. فيديو    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    لا تأكل هذه الأطعمة في اليوم التالي.. نصائح قبل وبعد تناول الفسيخ (فيديو)    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    تعرَّف على مواصفات سيارات نيسان تيرا 2024    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 7-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ياسمين عبد العزيز: «كنت بصرف على أمي.. وأول عربية اشتريتها ب57 ألف جنيه»    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنور قرقاش.. المُغرد داخل السرب.. الصادق الصادم
نشر في الأهرام العربي يوم 20 - 08 - 2017

للوهلة الأولى حينما تتابع تغريدات أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية، عبر موقع «تويتر» ستكون انطباعًا بأنه مسئول حكومى يُسّوق سياسات بلاده، لكن بالمزيد من التأمل ومتابعة برقياته وتحليل مضمونها، ستكتشف أن الانطباعات الأولى كثيرًا ما تكون مُخادعة وتنقصها الموضوعية، فالرجل يمارس مهام سفير وطنه، وحلفائه لدى شريحة هائلة تشارك بوسائل التواصل الاجتماعي، وأنه يمتلك روحًا شابّة ومهارات أخرى تؤهله ليصبح ظاهرة سياسية اجتماعية بلورتها الأزمة القطرية، واختطفت الأضواء من النجوم التقليديين، فقد أصبحت تغريداته التى تتسم بالاختزال غير المُخّل واللغة المهذبة ووضوح الرؤية وحيوية التفاعل موضع اهتمام شرائح شتى، بدءًا بصُنّاع القرار بالمنطقة، مرورًا بوسائل الإعلام التى تتسابق لنشر برقياته والتعليق عليها سلبيًا أو إيجابيًا، وصولاً لشباب بعمر أبنائه.

وكشف دبلوماسى عربى عن تكليف وزير خارجية دولته المحورية بمتابعة تغريدات قرقاش وعرضها عليه بانتظام، وحين تكون لإحداها أهمية خاصة يبلغه فورًا دون انتظار المسارات البيروقراطية، الأمر الذى يؤكد أننا حيال ظاهرة تستحق التأمل بدوائر السياسة فى دولة اختارت طريقها وحسمت أمرها مُبكرًا، وأقصد الإمارات التى انحازت للحداثة وتمكين الشباب للمساهمة بصياغة المستقبل، دون المساس بالأعراف الاجتماعية المحافظة، والتقاليد الدبلوماسية، عبر صيغة تبدو سهلة، لكنها بالغة الحساسية، وتعرف طريقها لوجدان متابعى قرقاش وعقولهم، الذين يتجاوز عددهم شعب قطر، لدرجة تخلى فضائية «الجزيرة» عما تصفه بالمهنية والموضوعية التى صدعتنا بها، وبثت تقارير تشبه «الردح البلدي» وسمته «الوزير المُغرد» كأنها سُبّة.

يستحق قرقاش ذلك الوصف بجدارة لوعيه بذهنية الأجيال الشابّة فلم يتشرنق بمكتبه كغالبية المسئولين العرب، ولعل السبب يرجع لتنوع روافده بدايةً بتلقى التعليم الإلزامى بمدارس «دبي» الحكومية، لترسخ داخله بمرحلة التكوين الروح الوطنية، ومنظومة القيم الاجتماعية والصلات بأقرانه، وانتقل بعدها لخطوة جديدة بأمريكا، نال خلالها درجتى البكالوريوس «1981» والماجستير «1984» بالعلوم السياسية فى جامعة «جورج واشنطن» بالإضافة لوعيه بمجتمع سمته تعايش مختلف المتناقضات بروح التنوع، وحملته مسيرة التكوين لبريطانيا المحافظة لمواصلة دراسته بجامعة «كمبريدج» العريقة عام 1990، ليستكمل مؤهلاته الأكاديمية، وبرغم انغماس معظم عائلته بمجال البيزنس، لكنه فضّل الالتحاق بهيئة التدريس بجامعة الإمارات بمدينة «العين» ليحاضر بشئون النظم السياسية المقارنة، وقضايا الأمن القومى لمنطقة الخليج.

وواصل مسيرته الأكاديمية والسياسية، وخاض تجربة «البيزنس» حيث عمل منذ 1995 حتى 2006 بالقطاع الخاص، ولعل تكوينه الشخصي، وشغفه بالعمل العام، وإيمانه بضرورة تنوع خبراته وتعدد مشاربه جعله عضوًا بمجلس إدارة غرفة تجارة دبى ومكتبها التنفيذي، والمجلس الاقتصادى بدبي، ليصبح بذلك أحد أبناء الرعيل الأول لمدرسة أبناء الشيخ زايد، ذلك الحكيم الذى أدرك بوعيه الفطرى أهمية الاستثمار بالإنسان، ليكون مؤهلاً للعمل العام والخاص، لهذا كان منطقيًا تكليفه عام 2006 بحقيبة شئون المجلس الوطنى الاتحادي، المعنية بترسيخ البنية التحتية السياسية والاجتماعية لتجربة وحدة الإمارات، وأثبت جدارته بهذه المهمة ليُكلف بعد عامين بحقيبة وزارة الدولة للشئون الخارجية، بجانب مواصلة توطيد أواصر العلاقات بين الإمارات التى تُشكل الدولة، لهذا اكتسب خبرات عميقة بآليات الوحدة واحتفاظ مكونات الدولة بهويتها تحت المظلة الجامعة للعلم الواحد، لهذا يصبح اتهام خصومه باعتباره مصدر تفرقة للفضاء الخليجي، محض لغو وافتراءات لأنه ربيب مدرسة الوحدة وأحد عرّابى الحلول الوسط، بإتقانه الممارسات العملية لتقريب الرؤى بين مكونات دولة الإمارات، وتراكم الخبرات السياسية والمهارات التفاوضية بهذا المضمار.

يتحدث مقربون منه بانبهار عن إبداعه بتهيئة مناخ التناغم بين الأصالة والحداثة، ومهارات السياسى الساعى للحلول الوسط و«فن الممكن»، والأكاديمى المسكون بالدراسات العلمية الموضوعية الرصينة، فتولى رئاسة تحرير سلسلة «دراسات إستراتيجية» الصادرة بالعربية والإنجليزية عن «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية» لقناعته المُبكرة بأهميتها لمساعدة صانع القرار، بنفس الدرجة التى أدرك خلالها أهمية الإعلام بتشكيل الوعى السياسى والحضاري، لهذا انضم لعضوية مجلس إدارة «أبوظبى للإعلام» منذ نشأتها، ومؤسسة «الاتحاد للصحافة والنشر»، بالإضافة لرئاسة مجلس أمناء «مؤسسة العويس الثقافية»، وعضوية مجلس أمناء «أكاديمية الإمارات الدبلوماسية» وغيرها.

وخلال تقلده لهذه المناصب المتعددة أتاح آلاف الفرص لشباب الباحثين والإعلاميين والموهوبين بالعلوم والآداب والفنون ليس لأبناء الإمارات فحسب، بل تجاوزها لمحيطها الإقليمي، لقناعته بخطورة تأثير «القوة الناعمة» الداعمة لخيار «الدولة الوطنية» المؤمن بها، ومسئوليتها الحضارية برعاية أجيال ستكون مخزون بلاده الإستراتيجى مستقبلاً، فوعيه بتشابك مصالح وتلاقح ثقافات المنطقة، دفعه لتأسيس «لوبى إماراتي» ستحتاجه الدولة أى دولة إن عاجلاً أو آجلاً، ليكون ظهيرها بقناعة متجذرة وطوعية، خلافًا لسلوك النخاسة بشراء الذمم والمواقف، الذى أمسى لعبة مُستهجنة ومُبتذلة تضر ولا تفيد.

وعبر مسيرته تبلور وعى قرقاش الوحدوى فأصبح أحد أبرز الدعاة لوحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وأدرك مكامن قوة هذا الكيان الفاعل، وتأثيره على محيطه الإقليمي، ولم تتوقف مساهماته على الصعيدين السياسى والأكاديمى لكنه بادر لتوضيح مواقف دول الخليج بالقضايا الدولية والإقليمية، لدرجة الاضطلاع بمهمة «محامى الأمة» الذى استثمر فى الإنسان بدءًا بالإماراتى والخليجى ثم العربى والدولي، وساعدته بإنجاز مهمته رؤية «رجل الدولة» وواقعية رجل الأعمال، وموضوعية الباحث الأكاديمى ليستشرف المستقبل متكئًا على طبقات مُتراكمة لثلاثة أجيال صارت أبرز إنجازاته بعيدة المدى، ومتنوعة المشارب فالشعوب ليست مستنسخات متطابقة، لكنها أقرب لبنية الجيوش الهرمية، فالصراعات الراهنة تجاوزت التحديات العسكرية للمعارك الفكرية، وساحات الواقع الافتراضى تؤكد المفهوم، لذلك راهن عليها متجاوزًا تحفظات الساسة المتكلسين الكلاسيكيين، والمساحات التى يحرصون عليها بتواصلهم بالأجيال، مستندًا لحيوية ذهنية وفاعلية «المثقف العضوي» لتشريح الأزمات وتفكيكها بسلاسة لتتوالى بعدها الحلول بعفوية وبساطة تُعيد النظر بدور السياسى النمطى الذى تقتصر أدواته على التصريحات والمؤتمرات وأحاديث الغرف المُغلقة والأبراج العاجية، لتضعهم تجربة قرقاش بمأزق يدفعهم لمراجعة أنفسهم، فالمسئول الموظف «كائن ديناصوري» سينقرض حتمًا.

ولعل حملة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الانتخابية أكدت فاعلية التواصل والمكاشفة والمواقف الصريحة، فهناك فريق يشمل خبراء بمختلف العلوم السياسية والاجتماعية والنفسية أسهموا بالمعركة وربحوها.

وأخيرًا شكرًا للأزمات لأنها تنير بصيرتنا، وتدفعنا للتوقف مع الذات دون مُكابرة، ولأنى لست من هواة تقديم النصائح، أعتبرها دعوة صادقة لحُكّام قطر لاستقراء التاريخ والواقع واستشراف المستقبل ببصيرة المتصالحين مع محيطهم الحضارى والجغرافى والتاريخي، ولست متفائلاً بأن أحدًا بالدوحة سيكلف خاطره بمراجعة «برقيات قرقاش» الصادقة الصادمة، لأنه طراز من الرجال اتفقت أو اختلفت معهم لكنهم واثقون بعدالة قضاياهم، لهذا لا يمارسون الاستعلاء والاستقواء، اللذين سيدفع فواتيرهما الأجيال المقبلة، وتعلمنا أن للتاريخ حكمته وأحكامه التى لن ترحم أحدًا، وليس بوسع مخلوق شراؤها مهما امتلك من ثروات، فكم زالت إمبراطوريات عظمى، لأن القائمين عليها أساءوا تقدير المواقف وافتقدوا الحكمة ويقظة الضمير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.