يرتبط شهر رمضان بعادات وطقوس لا يحيد عنها أي بيت مصري سواء غنى أو فقير، ورغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، فإن شراء "ياميش" رمضان أمر مفروغ منه، حتى ولو بكميات قليلة من أنواع بعينها، واستثناء أخرى. أصل الياميش: كلمة دخلت قاموس اللهجة العامية المصرية من ايام الدولة الفاطمية ومعناها مكسرات وحلويات وفواكه مجففة وحرص الفاطميين على عادة شراء الياميش كل رمضان وكان الخلفاء الفاطميين يقومون بتوزيع الياميش على الفقراء والمحتاجين طول الشهر. الياميش عبر التاريخ: من بعد الدولة الفاطمية أصبح الياميش عادة اصيلة عند الناس فى رمضان، وكان الناس ايام الدولة العثمانية يذهبون إلى سوق الحلويات ليشتروا الياميش ومن حينها أصبح الياميش ركن اساسي من أركان رمضان. تجولت "الأهرام العربي" بأسواق "الياميش" للتعرف على أسعاره، ومقارنتها بالأعوام السابقة، وكذلك مدى تأثرها بالأحداث السياسية، وقال الحاج «محمد عبد الحميد» من أحفاد منطقة الحمزاوى بشارع الأزهر، أحد أهم –بائعى الياميش- الأشهر بالمنطقة،إن المواطن فى فترة الخمسينات يستطيع أن يشترى ياميش رمضان وإحتياجات المنزل الأساسية خلال الشهر الكريم، بجنية واحد، فكان سعر الياميش ب15 قرشا والمكسرات ب 30 قرش والعصائر وقمر الدين ب 20 قرش، والكنافة والقطايف ب30 قرشا، ويتبقى مع الشخص 5 قروش فكه ال 5 قروش حوالى 50 مليم، وكان يستيطع أن يوزعهم على أولاده لشراء الحلوى والخروج. وأضاف «عبدالحميد»: «أن أيام رمضان فى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات فى مصر، تختلف عن الأن وكانت الأسعارمراقبة وكان من حق الفقير أن يعيش رمضان بدون حرمان من أى شىء ياكلة الغنى، وكانت فئة الموظفين من أول فراش حتى مدير عام متوسطة الحال ومستورة، ونجد أيامها مائدة الافطار عامرة فى كل بيت وكل يوم أسرة تعزم الأخرى على الأفطار، بدون عناءوكان الجميع يملا أطباق الطعام ليتبادلها مع جيرانه، فكان الخير والرضا بالقليل هو الذى يعم مصر، فلم نجد ما نعيشة الآن من غلاء أو عدم وفره فى العطف على الغير، فالآن أصبح الكثير يحتاج إلى الطعام والبحث عن وجبه الإفطار».
وكان من أهم وأشهر الأسواق والوكالات التى كانت تنشط بها الحركة خلال شهر رمضان فى مصر وكالة ”قوصون” بشارع باب النصر بالقرب من وكالة قايبتاى ، والتى ترجع إلى سنه 1341م، التى أنشأها الأمير سيف الدين قوصون وهي تشبه الخانات، ينزلها التجار ببضائع بلاد الشام من الزيت والصابون والديس والفستق والجوز واللوز والخرنوب، ولكنها لم تستمر فقد تم هدمها فى القرن التاسع الميلادى وانتقلت تجارة المكسرات إلى وكالة مطبخ العمل بالتمبكشية بحى الجمالية، وكانت متخصصة لبيع أصناف النقل كالجوز واللوز وغيرهما، ومن الطعام الغريب الذي كان يباع في الأسواق في شهر رمضان، الدجاج المطبوخ بالسكر، وقد يضاف إليه الفستق فيعرف بالفستقية أو الجوز، وكان يسمى ب«الجوزية». كما يوجد عدد من الأسواق، أهمها سوق «الحلاوين» الذى كان من أبهج الأسواق ومن أجمل الأشياء، فقد كان يصنع فيه من السكر أشكال خيول وسباع وغيرها تسمى «العلاليق» ترفع بخيوط على الحوانيت، فمنها ما يزن 10 أرطال إلى ربع رطل، وتشترى للأطفال، فلا يوجد أحد في السوق سواء كان فقيرا أو ثريا حتى يبتاع منها لأهله وأولاده. وعن بعض الصور الحية وما كانت عليه الأسواق فى العصر المملوكى والتى تخضع لمراقبة «المحتسب»، الذى كان يمر من حين لآخر على أسواق المدينة يتقدمه عامل يحمل الميزان والصنج، وخلفه الجلادون والخدم،يقوم بالمرور على الدكاكين والأسواق واحدا بعد الآخر يفحص الموازين والمكاييل، ويستفسر عن ثمن المأكولات، ويتأكد من نظافتها، وإذا اكتشف مخالفة يعاقب مرتكبها على الفور. وكان هناك أيضاً سوق يسمى «الشماعين»حيث كان بمنطقة النحاسين وكان يمتد من جامع الأقمر إلى سوق الدجاجين فى القاهرة، من أهم الأسواق خلال القرنين ال8 وال9 الهجريين، فكان به في شهر رمضان موسم عظيم لشراء الشموع الموكبية التي تزن الواحدة 10 أرطال أو أقل». حيث كان أرباب سوق الشماعين يحتفلون بهذا الشهر بتعليق الفوانيس المصنوعه من الشمع على واجهات الحوانيت وعلى جوانبها، وكانت أحجام الشموع تتنوع ما بين كبيرة وصغيرة فمنها شموع المواكب الكبيرة، ومنها ما يزن 10 أرطال. وكانت مشاهدة هذا السوق في الليل من الأشياء المحببة للمصريين، وبفضل هذا السوق وتقاليد تجارته نشأت فوانيس رمضان التى نعرفها الآن. وهناك أيضاً سوق «السكرية»، التي كانت تبيع به أصناف الياميش وقمر الدين وكان أصحاب البقالة يفرشون على أبواب محالتهم الياميش وقمر الدين، وكانت رخيصة السعر فى متناول الجميع، حتى كانت تقدم للضيوف في رمضان للتفكه والتسلية، بل كانت توزع على الأطفال الذين يسيرون في زفة بالفوانيس.