ما زالت السياحة المصرية تعانى بسبب توقف السياحة الروسية حتى الآن، ومازالت وزارة السياحة حائرة فى كيفية استعادة معدلات السياحة كالسابق برغم التحركات شرقاً وغرباً لجذب دول أخرى، ومنها أمريكا اللاتينية لتعويض خسائر السياحة الروسية لمصر، فى الوقت الذى توجد فيه جهود فردية من الخبراء والعاملين فى المجال السياحى التقينا بأحد هؤلاء الخبراء الدكتور محمد عز الدين، رئيس النادى الثقافى الإسبانى لمحبى الحضارة المصرية القديمة الإسبانى الجنسية من أصل لبنانى، ليؤكد ضرورة استعادة السياحة الروسية لمصر مرة أخرى ولا بديل عن ذلك، موضحاً أن السياحة فى الوطن العربى تمر بأزمة حقيقية حالياً، وهى خارج نطاق قناعة السياحة العالمية، مشيرا إلى أن هناك 350 ألف سائح إسبانى يزورون الدول العربية سنوياً معظمهم يتجه للمغرب .. وإلى نص الحوار: هل ترى السياحة الوافدة من أمريكا اللاتينية لمصر بديلة عن الروسية وتستطيع إنقاذ الاقتصاد المصرى؟ لا توجد دولة فى العالم بديلة عن السياحة الروسية الوافدة لمصر، لذلك يجب العمل على احتضان روسيا بأى طريقة واستعادة السياحة الروسية لما لديها من فوائد كثيرة، وروسيا دولة تحب السياحة بالدرجة الأولى، ولا يمكن للسياحة من أمريكا اللاتينية أن تعوض السياحة الروسية، لكن لا يعنى إغفال الأسواق الأخرى، لكن هذه الأسواق هى داعمة بجانب السياحة الروسية، وذلك بسبب معدلات دخل السائح الروسى أفضل من دخل السائح من أمريكا اللاتينية، إلى جانب قرب روسيا من مصر جغرافياً وسياسياً وانخفاض تكاليف السفر من روسيا إلى مصر، بخلاف القادم من أمريكا اللاتينية، فمثلا تذكرة الطائرة فقط من أمريكا اللاتينية تقدر ب 3000 دولار وهى مرتفعة جداً بالمقارنة بروسيا . كيف تقيم وضع السياحة بالوطن العربى فى الوقت الراهن؟ للأسف وضع السياحة فى عالمنا العربى مأساوى ويجعلنا خارج نطاق القناعة العالمية، وتزداد شكوك الأوروبيين فى الوضع الأمنى بالمنطقة. نقوم نحن خبراء السياحة ومنظمات الأعمال العربية بمجهودات كبيرة لكى نعيد السياحة العربية إلى وضعها السابق، ونقوم بعمل زيارات متتالية إلى المنطقة العربية لنعود بانطباعات جيدة ونقدمها للصحافة والتليفزيون الأوروبى، ليشاهدوا مدى الأمان الموجود بالدول العربية الجاذبة للسياحة . وما أهم الدول العربية الجاذبة للسياحة فى الوقت الراهن؟ أرى أن المغرب تعتبر الدولة الأولى عربياً فى جذب السياحة تليها دولة السودان، فهناك إقبال كبير من السياحة الأوروبية إليها بما تمتاز به من فنون أثرية قديمة، ثم يأتى لبنان برغم الوضع المتأزم فى سوريا، إلا أن لبنان يحظى بنصيب كبير من السياحة الأوربوية، أما دول الخليج العربى فتمتاز بجذب السياحة الترفيهية والتسويقية وحققت فيها تقدماً ملحوظاً. ما حجم السياحة الإسبانية بالوطن العربى؟ عدد السياح الإسبان بالوطن العربى لا يتجاوز نحو350 ألف سائح سنوياً، موزعين بالدول العربية ومعظمهم يتجه للمغرب لقربها من إسبانيا وانخفاض أسعار السفر، ومن ناحية أخرى، فإن هناك أعدادا عربية كبيرة تتجه إلى إسبانيا فى وقت الصيف لقضاء العطلة السنوية وهناك الكثير من العرب يمتلكون بيوتاً ومنازل وقصوراً فى إسبانيا. ما أهم المعوقات التى تواجه السائح الأوروبى فى الوطن العربى؟ أهم عائق يواجه السائح الأوروبى هو الوضع الأمنى وحالة عدم الاستقرار التى تواجه كثيراً من الدول العربية، أما غير ذلك فإن الإنسان العربى يمتاز بأنه مضياف وينشر الأمن الاجتماعى وهناك خدمات ممتازة، كما أن الأسعار مناسبة ومعقولة جداً. كيف نستطيع تنمية التجارة العربية الأوروبية؟ فى البداية يجب إبعاد الأمور السياسية عن الحياة الاقتصادية وضرورة قيام منظمات الأعمال العربية بدور فاعل فى تنشيط وتنمية هذه العلاقات، والتواصل البينى مع المستثمرين ورجال الأعمال العرب والأوروبيين بشكل مباشر، إلى جانب ضرورة حضور الفاعليات الاقتصادية الأوروبية والتعرف على السوق الأوروبى، وما يحتاجه من السوق العربى والقيام بحملات إعلامية مركزة لإظهار المنتج العربى بشكل قوى، وتوفير تسهيلات وامتيازات للمستثمر الأوروبى . ما تأثير ارتفاع أسعار العملات الأجنبية على الرحلات السياحية؟ هناك تراجع فى الرحلات السياحية الأوروبية إلى دولنا العربية، والمطلوب ضرورة تقديم خدمات بأسعار منخفضة حتى لا يتجه السائح إلى أسوق بديلة أرخص مثل لندن وتركيا. كيف نستطيع تنمية السياحة العربية البينية؟ تنمية السياحة العربية البينية يتطلب غسل الأدمغة العربية، بمعنى أن يفهم العرب أن المكان الأنسب للسياحة وقضاء العطلات والإجازات هو الوطن العربى، بما يمتاز به من ثروات سياحية طبيعية غير عادية أنه المكان الآمن بدلاً من أن يدوروا فى شوارع أوروبا وهم غير مرغوب بهم فى أوروبا، ويجب أن يوجهوا كل أموالهم إلى الدول العربية ويتمتعوا بكل المزارات السياحية العربية. لماذا لم يستفد العرب من التعاون الاقتصادى الأوروبى بشكل يكون فى صالح العرب؟ لأن كل دولة عربية تفاوض الاتحاد الأوروبى بمعزل عن الدول العربية، فهناك 24 دولة عربية تتفاوض كل منها على حدة، مما يظهر مدى صغرها فى التفاوض مع الكيانات الغربية الكبيرة، فيظهر ضعفها فى التفاوض التجارى والاقتصادى، فإن لم تتحد دولنا العربية اقتصادياً بعمل سوق عربى تجارى موحد، لن تستطيع التفاوض مع التكتلات العالمية الكبيرة، فإن إنشاء سوق عربية مشتركة سيظهر مدى قوة العرب الاقتصادية، وإنشاء مجلس اقتصادى عربى موحد سيحقق طفرات اقتصادية للعرب غير مسبوقة وسيظهر قدرة العرب الاقتصادية ويستطيع العرب معه التفاوض مع الاتحاد الأوروبى وغيره من الأسواق العالمية وتحقيق المطلوب من التعاون معها. هل العلاقات الاقتصادية بين مصر ولبنان ترقى للعلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين؟ أنا موجود فى إسبانيا منذ خمسين عاماً وأرتبط ببلدى الأصل لبنان ارتباطاً كبيراً وبالنسبة لمصر فهى أم الدنيا وأم العرب ويجب يعود دورها التاريخى، وتحتضن العالم العربى كله كما كان فى السابق فى الستينيات من القرن الماضى. لكن أخيراً نجد نشاطاً وتحركاً ملحوظا فى العلاقات المصرية - اللبنانية؟ نعم وكانت هناك زيارات على أعلى مستوى بين الرئيسين المصرى واللبنانى، وعقد اجتماعات للجان المشتركة بين البلدين، واستغلال الخبرات الخاصة باللبنانيين فى الخارج والذى يقدر ب 15 مليون لبنانى تقريباً فى دول العالم المختلفة لتسويق المنتجات المصرية، مما يعود بالفائدة على الشقيقتين، لذلك هناك علاقة روحية وتاريخية بين مصر ولبنان وحاليا الوضع فى لبنان أفضل من السابق. ما الذى يقدمه النادى الثقافى الإسبانى لمصر؟ نحن نعمل منذ السبعينيات بعد إنشاء النادى على الترويج للسياحة المصرية، ونعقد فاعليات فى العديد من دول العالم للتعريف بالمقصد السياحى المصرى ونشرح تاريخ مصر القديمة، لذلك قدمنا لمصر حالياً لتقديم تكريم للدكتور زاهى حواس عالم المصريات ووزير السياحة الأسبق لجهوده فى تنشيط السياحة المصرية والنادى الثقافى الإسبانى، يعد أول ناد ثقافى تأسس فى أوروبا يختص بالحضارة المصرية وهو يسهم بشكل كبير فى جذب السياحة الإسبانية واللاتينية والأوروبية لمصر وفى عام 1973 كان يزور مصر حوالى 970 سائحاً فقط قمنا برفع هذه النسبة فى 1977 و1978 إلى حوالى 5 آلاف سائح والآن ما زلنا نعمل ونقدم جهودنا لخدمة الحضارة ومصر وسنقدم دعوات للسياح الإسبان للعودة لمصر.