في الوقت الذي نحتاج فيه بشدة كل شجرة مثمرة ونصرخ ليل نهار من أجل أن نزرع لننتج طعامنا, ونشجع من يجتهد ليحيل الرمال الصفراء إلي أراضي مستصلحة خضراء, كان هينا علي البعض أن يطلق البلدوزرات فوق الزراعات لتقتلع أشجار الزيتون والنخيل وتحيل أرضا خضراء إلي جثة هامدة في مشهد يفوق أي دراما سينمائية مؤثرة, لأنه للأسف كان جزءا من الواقع الأليم الذي يؤكد حقيقة أن المسئول في مصر كان يستطيع أن يتحدي القانون, ويصدر قرارا تكون نتيجته تبوير أرضا زراعية والإعتداء علي ملكية, رغم عدم ثبوت أي مخالفة قانونية من أي جهة رسمية! أحداث الواقعة التي جرت في محافظة الفيوم, تحولت إلي بلاغ علي مكتب المحامي العام لنيابات الفيوم المستشار عبد الحي فازورة ضد كل من أحمد المغربي وزير الإسكان السابق والدكتور جلال مصطفي السعيد محافظ الفيوم السابق والمهندس محمد مصطفي وهبة رئيس الجهاز التنفيذي لمدينة الفيومالجديدة أما بداية القصة فنتعرف عليها من أبطالها الحقيقيين, المستشار عمر سويدان المستشار بمحكمة الإستئناف العالي بأسيوط وعضو جمعية الأرض الخضراء التعاونية الزراعية يقول: في عام1986 مع إتجاه الدولة إلي تشجيع الحصول علي أراض بغرض الإستصلاح والزراعة, قامت الجمعية بالحصول علي مساحة قدرها ألف فدان تم تقسيمها وتوزيعها علي أعضائها, الذين بدأوا علي الفور في عمليات الإستصلاح والزراعة, وإقامة المشروعات الزراعية حتي نجحوا في تحويل الأرض الصحراوية لأراض زراعية وتم في عام1992 إدخالها ضمن حوض زراعي رقم14 قطعة7 بناحية دمشقين بمركز الفيوم وذلك طبقا لقرار السجل العيني رقم(5736). ويضيف: إلي هنا والأمور تسير علي أكمل وجه وظلت كذلك حتي عام2000 الذي شهد صدور القرار الجمهوري رقم(193) بإنشاء مدينة الفيومالجديدة علي مساحة ألف وثلثمائة فدان,ليصبح جزء من أرض الجمعية في مواجهة المدينة وبدأت تظهر خلافات مردها زعم رئيس الجهاز التنفيذي لمدينة الفيومالجديدة أن الجمعية متعدية علي مساحة حوالي23 فدانا من الأرض المخصصة لإنشاء المدينة وطلب في مذكرة أرسلها بهذا الشأن إلي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة, إستصدار قرار بإزالة كل ما علي هذه المساحة من زراعات وأشجار, وبالفعل أصدر وزير الإسكان( المغربي) قرارا بإزالة تلك المساحة. وهنا بدأت الجمعية رحلة الكفاح من أجل إظهار الحقيقة وإنقاذ أرضها ومزروعاتها من الدمار,فتقدمت بطلب لمديرية المساحة بالفيوم لبيان ما إذا كانت الجمعية متعدية علي أرض المدينة أم لا, وجاء تقرير المساحة لينفي تماما وجود أي تعد, مؤكدا أن كامل مساحة أرض الجمعية تقع داخل حوض زراعي وليست أرضا خارج زمام, ومشيرا لإستحالة التعديل في نظام السجل العيني إلا بحكم قضائي. وخاطبت الجمعية كذلك محافظ الفيوم وسكرتير عام المحافظة بمذكرة بهذا الشأن, تمت إحالتها إلي إدارة أملاك الدولة لفحصها, وجاء تقريرها ليؤكد أيضا أنها أرضا زراعية وأنه ليس ثمة تعد واقع من الجمعية, بل أنها أشارت لإستيفاء الجمعية لجميع الموافقات الرسمية المطلوبة من: الآثار والزراعة والمحاجر والقوات المسلحة ووزارة الري والموارد المائية, وأشارت كذلك إلي حظر قانون هيئة المجتمعات العمرانية إنشائها علي أرض زراعية. ومع ذلك لم تفلح كل هذه التقارير الصادرة عن جهات حكومية في أن تمنع المصير المؤلم الذي تعرضت له الأرض في صورة مذبحة مفاجئة لأشجارها ومزروعاتها, إذ فوجئت الجمعية وبدون أي إنذارمسبق يوم13 سبتمبر2009 بأعداد كبيرة من قوات الأمن وموظفي جهاز مدينة الفيوم يترأسهم رئيس الجهاز شخصيا, لتنفيذ قرارا بالإزالة, وإمتلأت الأرض بالبلدوزرات وسيارات النقل الثقيل, ولم تغادرها إلأ بعد أن أصبحت وما عليها حطاما, واقتلعوا أشجار الزيتون المثمرة وأشجار النخيل والرمان, كما قاموا بإتلاف خط الري ولم يكتفوا بذلك يكمل المستشارعمر سويدان وكما يقول المثل الشعبي: موت وخراب ديار, إذ قام رئيس جهاز مدينة الفيومالجديدة بإرسال عدد من المطالبات للجمعية بالآتي: أولا سداد مبلغ250 ألف جنيه تكاليف الإزالة, ثانيا: سداد مبلغ سبعة ملايين جنيه مقابل إنتفاع عن فترة التعدي المزعومة من الجمعية علي الأرض