الانتخابات في بلدنا لاتفرز سوي اسوأ العناصر, بينما اجودها وأفضل الشخصيات والكفاءات المستحقة بجدارة للمناصب العليا تنأي بنفسها عن الترشح تجنبا لمهازل الانتخابات ومايشوبها من بلطجة وتجريح وتشويه للسمعة وتبادل الاتهامات, هذا بجانب تكلفتها غير المعقولة ولا المقبولة والتي لايقدر عليها في اغلب الاحيان سوي من تحوم حول ثروته الشكوك والشبهات. وإذا كان نظام الانتخابات ناجحا في الخارج وبالاخص في الدول الغربية, فلايعني هذا نجاحه هنا لمجرد استنساخه فالناخب بالخارج علي دراية ثقافية وسياسية واقتصادية وعلي مستوي تعليمي عال, واحتياجاته المعيشية متوافرة تماما ومؤمنة حتي لو تعطل عن العمل, بينما الناخب المصري وانا اتكلم هنا عن أكثر من70% من الناخبين المصريين المتعاملين مع الصندوق وليس المسجلين بقوائم الانتخابات والذين في ايديهم كل اوراق لعبة الانتخابات ونتائجها, فمازالوا يعانون من الأمية وهي ليست الأمية التكنولوجية أو الكمبيوترية فقط بل ايضا أمية القراءة والكتابة, الانتخاب لايصلح لمن لايملك قوت يومه وليس لديه رفاهية الانتقاء والاختيار, بالاضافة إلي ان الناخب لايعرف شيئا عن السير الذاتية للمرشح ومزاياه ونقائصه وفكره ورؤاه للمستقبل ان كان للمرشح ذاته فكر ورؤي ومنهجه لرفعة الوطن وتيسير معيشة المواطن وحل مشاكله وخطته لسداد ديوان مصر المتلتلة. اننا إذا اعتمدنا نظام الانتخابات لاختيار اعضاء مجلس الشعب أو من يترأس قيادة الدولة مستقبلا, فكأننا يا أبوزيد ما غزيت وستعود ريما لعادتها القديمة والف رحمة علي ثورة يناير وشهدائها ومصابيها, وستفرز الانتخابات الجديدة ذات عيوب وسوءات النظام السابق وسيعودافراد الحرس القديم بذات سحنتهم وقبليتهم وانتهازيتهم, وسيكون المجلس الجديد ليس مشابها فقط, لمجلس المخلوع بل هو مطابق له تماما مادام الناخب المصري قبل25 يناير هو نفس الناخب بعد25 يناير بفقر الاغلبية واحتياجها وجهلها. واري الغاء الانتخابات مؤقتا اذا كنا جادين حقا وصادقين في بدء صفحة مشرقة لهذا الوطن, وذلك لحين اختفاء الأمية وتأمين حياة المراطن المعيشية حتي علي الأقل في مستوياتها الدنيا, وحتي ما تتحرر ارادته وترتقي ثقافته, فإلغاء الانتخابات هو بداية طريق الاصلاح الحقيقي والخطوة الأولي الصحيحة في مشوار الألف ميل وبدونه فاننا نتخبط ونخدع انفسنا بديمقراطية زائفة كما كنا نحيا منذ نحو مايزيد عن نصف القرن في ظل وهم كبير اسمه الانتخابات. وباختصار فإن الانتخابات كلمة حق يراد بها باطل, يتشدق بها كل ساع ومشتاق للسلطة, وعندما يظفر بها فهو أول من يحذفها من قاموسه هي وكل اخواتها من كلمات وقيم مثل العدالة والمساواة والمواطنة, بعد ان ان اصبح لاحاجة له إليها بعد انتصاره في غزوة الكرسي. وإذا ما نحينا الانتخابات جانبا وبلاها انتخابات هذا العام, يحق لنا ان نتساءل, ماهو النظام البديل, وهذا هو تساؤلي والغاية من مقالي اطرحه علي مفكري ومثقفي هذا الوطن للمشاركة في الاجابة عليه, ومن جانبي كفكرة اولية متواضعة وعلي سبيل التجربة, فأني اقترح تشكيل لجنة من الحكماء أو لجنة قضائية أو لجنة مشتركة بكل محافظة لفحص طلبات كل المرشحين سواء للرئاسة مستقبلا أو لعضوية مجلس الشعب واختيار افضلهم لتمثيل المحافظة حسب سيرتهم الذاتية والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والحيدة, وان الأخذ بهذا الاقتراح سيضرب عدة عصافير بحجر واحد, فبجانب انه سيوفر ملايين الجنيهات التي تنفقها الحكومة علي الانتخابات, سيوفر ايضا الملايين التي ينفقها المرشحين انفسهم علي العملية الانتخابية وليست كل هذه الملايين تجد طريقها في شرايين الاقتصاد المصري الذي يعاني من انسداد شبه كامل, كما سيقضي في ذات الوقت علي النسب غير الدستورية المخصصة للعمال والفلاحين, ويفتح المجال علي مصراعيه للاكفاء والأمناء من كل فئات المجتمع المصري من مسلمين واقباط رجال ونساء بلا نسب محددة لاحد, فالكل مصري والجميع في خدمة مصر أولا وأخيرا. نبيل صليب عوض الله مستشار رئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة