10 رمضان... الحلم يتحقق(18) علي مدي السنوات الست التي أعقبت هزيمة يونيو1967 لم تفقد القوات المسلحة المصرية الأمل والثقة في قدرتها علي رد الاعتبار وكان الحلم الذي يراود العسكرية المصرية حلما بسيطا ومتواضعا. يتمثل في أن توفر لهم الظروف فرصة جديدة لمواجهة مباشرة مع تلك الأسطورة المزيفة التي صنعتها بعض عناصر القصور في منهجنا عام1967 بأكثر مما وفرته عناصر التفوق لدي إسرائيل مع التسليم بوجودها! كان المطلوب هو مجرد فرصة للمواجهة لكي يعرف الرأي العام العربي والدولي أننا قادرون علي أن نضع خطة للقتال تتفوق علي خطتهم وأن نثبت علي أرض الميدان أن أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر ليست سوي أسطورة نفسية تمكنت في لحظة خاطفة عام1967 أن تزرع رعبا في القلوب لا أساس ولا مبرر له. ولعل من عاشوا هذه اللحظة المجيدة يتذكرون كيف كان الدق الإعلامي- عربيا ودوليا- يصب في اتجاه التيئيس من استحالة التفكير في تحدي القوة العسكرية لإسرائيل ومن ثم فإنه بعد أن نجحت عملية العبور تبدلت الأجواء وتبدلت الظروف وتبدلت معها المشاعر وما أعظمها مشاعر أولئك الأبطال الذين شقوا طريقهم إلي الخطر معبئين بكل أدوات الإرادة لتغيير الصورة التي ظلمت العسكرية المصرية عام.1967 كان هؤلاء البواسل من طلائع العبور يختزنون في داخلهم شعورا بأن عليهم أن يثبتوا نيابة عن وطنهم وأمتهم وجيشهم أنهم ظلموا دون ذنب جنوه في عام1967 وأنهم برغم جراح الألم التي مازالت في أجسادهم وصدورهم فإنهم ليسوا فقط قادرين علي القتال والمواجهة وإنما هم أيضا واثقون من النصر أو الشهادة! والحقيقة أن مشاعر الفرحة الطاغية التي عمت العالم العربي بعد نجاح عملية العبور يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر1973 لم تكن مجرد انفعال طارئ وإنما كانت انعكاسا لمخزون عميق من الترقب والأمل بعد سنوات من الجمود الذي عكسته حالة اللاحرب واللاسلم التي كان يراد تحويلها إلي نوع من الأمر الواقع. كانت أحاسيس الفرحة الطاغية التي عمت العالم العربي بأسره تعبيرا عن الإدراك الصحيح بأن ما حدث يوم العاشر من رمضان لم يكن مجرد عملية عبور عسكرية فقط وإنما كان معجزة خارقة فاقت كل الأحلام والتقديرات والتوقعات وأدت إلي كسر جمود أزمة الشرق الأوسط وأعادتها إلي دائرة الاهتمام العالمي بأوراق مؤثرة عبرت عن نفسها بما استطاعت القوات المسلحة المصرية أن تنجزه بروح قتالية عظيمة أعادت الهيبة والاحترام للإنسان العربي بفضل دقة التخطيط وجسارة التنفيذ لكل مراحل العبور تحت عاصفة من الدم والنار. خير الكلام: كان الدرب طويلا وكان الهم ثقيلا ولكن الحلم كان ممكنا وليس مستحيلا! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله