مازال هناك تخبط واضح فيما يتعلق بأتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وهذا يبدو في عدد من المجالات ومنها اختيار الأسلوب الأمثل في إدارة المجتمعات العمرانية الجديدة, فلقد صدر قرار بفصل مدينة السادس من أكتوبر عن محافظة الجيزة وإنشاء محافظة6 أكتوبر لتوفير أراض جديدة علي طريق الواحات وهو ممر مهم للتنمية من ناحية ومن ناحية أخري لتخفيف الاعباء عن محافظة الجيزة وفي14 ابريل2011 وأثناء عملية تغيير بعض المحافظين بعد ثورة يناير صدر قرار مفاجيء من رئيس الوزراء بإلغاء محافظتي حلوان وأكتوبر وانضمت مدينة أكتوبر مرة أخري لمحافظة الجيزة. إن الالغاء أو الابقاء علي محافظة6 أكتوبر يثير تساؤلات بخصوص الطريقة المثلي لإدارة المدن الجديدة حتي لا تضيع المليارات التي انفقت في انشاء هذه المدن وحتي تحقق دورها المأمول في تحقيق التنمية خاصة ونحن نتحدث الآن عن بعض المشاريع المهمة لبناء الوطن. لقد تولت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة من البداية إدارة هذه المجتمعات طبقا للقانون رقم59 لسنة.1979 وبعد أن أدت المركزية الشديدة في أسلوب إدارة تلك المجتمعات إلي عرقلة نموها, صدر قرار وزاري في منتصف الثمانينات بتشكيل مجلس الأمناء كخطوة لتطبيق شكل من أشكال الادارة الذاتية في المجتمعات الجديدة. ويعد هذا المجلس تطويرا للمجالس الشعبية المحلية الموجودة في المحافظات ويعتمد في أداء وظائفه علي الموارد والجهود الذاتية والتفاعل بين مواطني المدينة والمستثمرين والجهاز الرسمي للدولة وفي هذا خفيف للاعباء الملقاة علي عاتق الدولة وتدعيم للامركزية الادارية. وبعد ان انحصر دور مجلس الامناء في مجرد تقديم التوصيات والمقترحات, صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم1056 لسنة2003 بأنشاء شركة قابضة للمجتمعات العمرانية لتخفيف الأعباء المالية عن كاهل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وطرحت فكرة تحويل أجهزة المدن الجديدة إلي شركات تابعة علي غرار شركات مصر الجديدة والمعادي ولكن هذا القرار لم يري النور. واستبشر المهمومين بقضايا المدن الجديدة خيرا في التوجه نحو تطبيق نوع من اللامركزية الادارية في إدارتها بعد انشاء محافظة السادس من أكتوبر لأن فكرة الحاق بعض المجتمعات الجديدة إلي محافظات قديمة تؤدي إلي قصور واضح في تلبية الاحتياجات وتوفير الخدمات المطلوبة. لقد أبرزت الابحاث الميدانية تفضيل المقيمين في المدن الجديدة وخاصة الكبري منها كمدينة6 أكتوبر والعاشر من رمضان في أن تصبح المدينة محافظة مستقلة, كم أن الغاء محافظة6 أكتوبر قد ترتب عليه إهدار للمال العام بنحو نصف مليار جنيه إلي جانب تفاقم مشكلة البطالة, ويري الكثيرون أن هذا القرار لم تتم دراسته بشكل كاف. لذلك فالمطلوب القيام بدراسة متأنية متخصصة لأوضاع المجتمعات العمرانية الجديدة واتخاذ القرارات التي تتناسب مع ظروف كل مدينة علي حدة مع إعادة النظر في حدود جميع المحافظات الحالية لأنها كما يري المتخصصون لا تتناسب مع التوجه للأخذ بمفهوم اللامركزية وهي من المطالب الملحة لأحداث التغيير المطلوب في المرحلة الراهنة. لذلك فإن الأمر لا يقتصر علي الاهتمام بتغيير المحافظين فقط ولكن الامر يتطلب اجراء بعض التغييرات في المحافظات أيضا.