قبل سنوات حاولت أن أوجه لوما لاذعا لوزير الداخلية الآثم حبيب العادلى، وكان ذلك لأمر لا أتذكر منه حاليا سوى أنه يتعلق بفساد جهاز الشرطة وقسوته فى التعامل مع المواطنين ولم يعلق فى ذهنى منذ ذلك الحين سوى أن توجيه مجرد اللوم لوزير الداخلية تحديدا أمر مستحيل، فلقد منعنى رؤسائي بالجريدة من التعبير عن رأيى بحرية.. واختفت مقالتي وربما مزقت بلا هوادة! هذه المرة أكتب معاتبا، ملقيا اللوم على اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية فيما وصلت إليه الأمور فى مصر من انعدام الأمن والأمان، بل أحمله مسئولية الانفلات الأمني الذى شهادته وتشهده سيناء حاليا، فماذا فعلت يا سيادة اللواء حتى الآن، ولماذا لم تنجح أنت ورجالك فى إعادة الإنضباط والأمان إلى الشارع المصرى.. وكيف نسمع كل يوم عن هروب مساجين من سجن مدجج حراسه بالسلاح أو حتى قسم شرطة وأعمال بلطجة وتخريب.. وأين التواجد الشرطى المكثف فى الشارع المصرى.. ماذا تريد.. أن نترحم على أيام مبارك ورجاله.. لن يحدث لأنك أنت ورجالك مقصرون ولن يستمر صبرنا طويلا عليكم! المهم أن اختيار "عيسوي" رغم أنه لم ينجح فى محو الصورة النمطية للشرطة، إلا أن الشعب تقبل وجوده كوزير على رأس الجهاز الشرطى، مثله مثل الغريق الذى يتعلق بقشه حتى ولو كان اللواء "عيسوى"، واستبشرنا خيرا بهذا القرار على أمل أن يعود رجل الشرطة إلى عمله الطبيعي فى خدمة أمن المواطن، وانتظرنا يوما بعد آخر لنرى أفراد الشرطة فى الشارع ولم نجدهم وطال انتظارنا، فى الوقت الذى يطل فيه الوزير علينا بتصريحات يومية مفادها جميعا إن عودة قوات الأمن بكامل أعدادها وتشكيلاتها لمباشرة أعمالها بالشارع المصرى باتت مسألة وقت..! إلى متى يا سيادة الوزير؟.. إن كل دقيقة تمر فى ظل حالة الفراغ الأمنى يدفع ثمنها الكثير من أبناء هذا الوطن، هل تعلم أن المواطن المصرى لم يعد آمنا على نفسه وأبناؤه فى الشارع وربما داخل منزله، وهل تعلم أيضا أن كل يوم يمر تنهك فيه قوى الجيش وهى تطارد اللصوص والفارين من سجونك بدلا من أن تحمى حدود الوطن وتقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المساس بأمنه.. وما أكثر ما رصدته تقارير الأمن وأجهزة المخابرات من محاولات خارجية مستميتة لإشعال الفتنة وإيقاع مصر فى مستنقع المعارك الداخلية. سيادة الوزير ما أصعب الشعور بعدم الاطمئنان وفقدان الأمان.. فلقد كان الأولى بك قبل أن تنشغل بتغيير خريطة وزارتك بحركة تنقلات تحرك فيها القيادات الأمنية مثل قطع الشطرنج وهم لك صاغرين منكسرين، أن تعيد الثقة لأبناءك من رجال الشرطة وتعطى أوامرك الفورية بنزول كامل القوات إلى الشارع بقوة وتتواجد بينهم لضبط الخارجين عن القانون والالتفات فقط إلى تحقيق الأمن ومعاقبة من يخالفون تعليماتك من رجال الشرطة بتحويلهم إلى مجالس التأديب حتى ولو اضطررت إلى إبعادهم عن الجهاز الأمني برمته، وبعد أن تحقق الأمن والأمان الذى يريده الشعب كحق أصيل له.. لك كامل الحرية فى إعادة صياغة الخريطة الأمنية من جديد يا سيادة اللواء لن أطلب منك الإستقالة أو الإعتذار عن الحقيبة الوزارية لأنني أعلم تماما أنك أحد ضباط الشرطة الأقوياء والشرفاء والمنضبطين ولكن كل ما أطلبه منك أن تعمل فى صمت وأن تكون أحد ابناء هذا الوطن الذين يعملون بلا ضجيج إعلامي وزفة كذابة.. المواطن ليس فى حاجة الأن إلى تغيير أسماء بقدر ما هو فى حاجة إلى سياسات أمنية جديدة واضحة وقوية يعود معها الأمان إلى الشارع المصري، وتعود الثقة المفقودة بين الشرطة والشعب. المزيد من مقالات محمد غانم