يعد فانوس رمضان من أشهر ملامح الشهر الكريم الذي تحول لجزء من التراث الشعبي الأصيل, وتبدأ حكايته منذ العصور الإسلامية الأولي في مصر مع العهد الفاطمي وتحديدآ في شهر رمضان عام 358 من العام الهجري، حيث وافق هذا التاريخ زيارة الخليفة المعز لدين الله من أستقبله أهل مصر بالفوانيس الملونة ليلا فبهر بهذا المشهد الجمالي الرائع وأمر منذ حينها بإقامة أماكن مخصصة لإنتاج مراحل تصنيعه المختلفة حتي أصبح له دور رئيسي بالمجتمع القديم ليجمع بين القيم الجمالية وبين الجانب الوظيفي و بات يضئ الشوارع والطرقات يوميا بعد غروب الشمس معلقا علي أبواب الجوامع والمنشآت, وكان دليلا علي سير النساء حين يسبقهن صبي ممسك بالفانوس ليرشدهن للطريق,وارتبط بالمسحراتي الذي جوب الشوارع به لإيقاظ الناس في رمضان, كما استخدمه رجال الشرطة في جولاتهم الليلية لتأمين البيوت والممتلكات,أما الصغار فكان لهم النصيب الأكبر عبر الأجيال حتي الآن لتمثل الفوانيس عادة متوارثة تدخل أجواء الفرح والاحتفال بشهر الخير وتنطلق معه الألعاب والأغاني الشهيرة مثل حالو يا حالو رمضان كريم, و تنوعت أشكال وأحجام الفوانيس حتي استقرت علي الهيئة المتعارف عليها مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي, ومع أنتشار أسواقها وزيادة الطلب عليها ظهرت طائفة من الحرفيين والفنيين المتخصصين عرفوا باسم السمكري البلديالذين أبتكروا العديد من التقنيات وحرصوا علي استحداث خامات متغيرة من معادن ورقائق النحاس المطروق والمزخرف بالطراز الإسلامي وأضافة قطع من الزجاج الملون وقد يستعان ببعض كتابات الخط العربي من آيات القرآن الكريم أوالاستعانة بالعبارات المأثورة. وعندما كانت صناعة الفانوس يدوية بعيدا عن الميكنة والآلآت كان العامل حريصا علي وضع اسمه كتوقيع شرفي علي كل قطعة أبدعها, وحتي الآن مازالت تتجمع مراكز لتلك الحرفة حول طرقات القاهرة التاريخية في مناطق الدرب الأحمر,السيدة زينب,باب الخلق,الأزهر لتظل من أهم الرموز الجمالية والدينية التي تعبر عن هويتنا رغم تنافس الصادرات الصينية علي مدار سنوات سابقة.