كلام خطير يدعو إلى الدهشة سمعته من وفد القبائل الليبية الذي يزور مصر حاليا خلال اللقاء الذي جمعهم برئيس حزب السلام المستشار أحمد الفضالي لشرح حقائق الموقف وأبعاد مخاطر التدخل الأجنبي في الأزمة، أن هناك تقارير موثقة تتحدث عن اتفاق بشأن مشروع إنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية في منطقة الجبل الأخضر بالقرب من الحدود المصرية الليبية، ووجود أشخاص يحاولون تجنيد مصريين من خلال عقود عمل وهمية وإجبارهم على القتال مع الثوار في بنغازي عند وصولهم إلى ليبيا، وأن بعض وسائل الإعلام العربية والغربية لا تنقل الحقيقة لعدم وجود مراسلين لتلك الوسائل متواجدين في العاصمة الليبية طرابلس يتم من خلالهم نقل الحقيقة كما هي على أرض الواقع. لقد رأيت علامات الذهول والدهشة على وجه رئيس حزب السلام والصديق حازم أبو دومة الصحفي المتخصص في شئون الأحزاب، عندما تحدث أحد أعضاء الوفد قائلا إن هناك مؤامرة تقودها دول حلف الأطلنطي "الناتو" من أجل تقسيم ليبيا الموحدة إلى عدة مناطق، وأن هناك إعلاما عربيا ودوليا لا يتحرى الدقة في نقله لمجريات الأمور وتطورات الأوضاع على الساحة الليبية واكتفائه بالجلوس في المنطقة الآمنة التي يؤمنها حلف "الناتو" في بنغازي، وأن كل ما يقال في الإعلام عن انضمام بعض اللواءات والمجندين لصفوف الثوار ليست صحيحة وبعضها مغلوط، مدللا على ذلك بأن الإعلام ذكر أن أحد اللواءات التابعين للجيش الليبي يدعى خميس أعلن انضمامه للثوار على الرغم من أنه ليست له أي علاقة بالجيش الليبي نهائيا بالإضافة إلى أن هناك ليبيون من سكان الجنوب أصحاب البشرة السمراء يتم قتلهم على أنهم مرتزقة. واللافت للانتباه أنه لا يوجد بما يسمى بكتائب القذافي وإنما هناك طلائع الشعب المسلحة والمكونة من متطوعين للدفاع عن المدن والمرافق والمنشآت الليبية، وأن المتمردين كما أطلق عليهم الوفد الليبي يحصلون على أحدث الأسلحة وبكميات كبيرة من بريطانيا وفرنسا، وأن وسائل الإعلام التابعة لهم تقوم ببث الأكاذيب المغرضة التي تعمل على الوقيعة بين الشعب الليبي. وفي هذا الصدد أشير إلى البيان الختامي الصادر عن مؤتمر شيوخ وأعيان قبائل ليبيا الذي حضره ما يقرب من ألفي شخص وعقد في طرابلس يومي 5 و 6 من شهر مايو وتم من خلاله تجريم الاستقواء بالأجنبي أو تسهيل التدخل في الشئون الداخلية أو تسهيل العدوان، واعتبار هذا الاستقواء خيانة عظمى يحاكم من يقترفها بهذه التهمة ويحال كل من اقترف ذلك إلى المحاكمة، ووقف الفتنة وإعلان التسامح إزاء الذين يلقون السلاح، والبدء في تضميد الجراح بتشكيل لجان لحصر الشهداء والجرحى والمفقودين وتقدير الأضرار المادية الناجمة عن هذه المرحلة، ووضع آلية للتعويض عن كل الخسائر البشرية والمادية، وتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الأزمة وتحديد المسؤولية عن اندلاع العنف، وتجريم مساندة الخونة والعملاء ودعوة قبائلهم إلى التخلي عنهم وعدم مساعدتهم بأي صورة كانت ورفض الحوار أو التفاوض معهم، والعمل على استصدار قانون للعفو العام يتم بمقتضاه العفو عن الذين انخرطوا في الأحداث وحملوا السلاح تمهيداً لحقبة جديدة يسودها الوئام والتسامح. إذن كل هذه المعطيات تؤكد أن هناك مؤامرة خارجية تحاك ضد ليبيا من خلال تدخل حلف شمال الأطلنطي "الناتو" الذي لا يتوان في توجيه الضربات اليومية ضد المدنيين والأبرياء والأطفال والمدارس والمستشفيات، فهناك تساؤل يطرح نفسه في ظل هذا الوضع المتأزم لماذا وافقت الجامعة العربية على تدخل قوات حلف "الناتو" للأراضي الليبية؟ ولماذا تم تجميد عضوية ليبيا في جامعة الدول العربية حتى لو كان ذلك بتوافق أعضاء الجامعة في حين لم يتم وقف عضوية بعض الدول العربية التي توجد بها ثورات حاليا؟ وهل ستعترف الدول العربية بالمجلس الانتقالي في بني غازي؟. الأيام المقبلة وحدها هي الكفيلة بالرد على هذه الأسئلة، لكن الحذر كل الحذر من أن يغفل الشعب الليبي عن هذه المؤامرة التي تحاك ضد وحدته وأن تتحول لبيبا إلى صومال ثان في القارة الإفريقية، وهذا من شأنه أن يزعزع استقرار منطقة شمال إفريقيا بأكملها. المزيد من مقالات عماد الدين صابر