الجدل الدائر الآن حول أيهما يجب أن يسبق الآخر الانتخابات التشريعية والرئاسية, ثم الدستور, أم الدستور أولا ثم الانتخابات, يجب ألا يدفعنا الي الانزلاق نحو تبادل الاتهامات والتهديدات بين المؤيدين والمعارضين لهذا الرأي أو ذاك. فالحرية التي أتاحتها لنا ثورة25 يناير الظافرة تحتم علي كل مصري ومصرية أن يحافظ علي ماتحقق من خطوات إيجابية ومهمة علي طريق تحقيق الديمقراطية, التي ظللنا نحلم بها, ليس فقط طوال الثلاثين عاما الماضية, وإنما منذ نحو ستين عاما! وأول خطوة تحققت علي طريق الديمقراطية كان الاستفتاء الشعبي في مارس الماضي, الذي قرر إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور الجديد. وكان هذا رأي الأغلبية, وبالتالي فليس من المنطقي الآن هدم ما جري, والعودة مرة أخري الي إثارة هذه القضية. وإذا كان هناك تخوف من أن جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين وفلول الحزب الوطني سوف يسيطرون علي مقاعد مجلس الشعب المقبل باعتبارهم الأكثر تنظيما والأوفر مالا, فإن ذلك يجب ألا يبعدنا عن ممارسة الديمقراطية بشكل عملي, لأن الديمقراطية قادرة علي إصلاح نفسها وتصحيح مسارها بنفسها. ويجب أن يدرك الجميع أن الشعب المصري يتمتع بذكاء, ووعي سياسي فطري يؤهله لحسن الاختيار بين جميع من يعرضون أنفسهم عليه لتمثيله في البرلمان. ثم إذا كنا سنحتكم للصندوق طبقا للأعراف الديمقراطية المعروفة, فلماذا يتخوف البعض من الاختيار الشعبي الصحيح خاصة إذا كانت الانتخابات ستجري في علنية تامة, وتحت إشراف قضائي كامل.