من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    الإخوان: حل المشكل بين أفغانستان وباكستان واجب الدول الإسلامية    مباشر السوبر الإفريقي - بيراميدز (0)-(0) نهضة بركان.. الشناوي يتألق    نادية فكرى بعد الفوز بذهبيتى الرواد فى بطولة العالم للأثقال الباراليمبى: وجعوا قلبى وكسروا فرحتى وأفكر فى الاعتزال    التموين تكشف حقيقة تقليل عبوة الزيت التمويني إلى 700 مللي.. وتوضح التفاصيل الكاملة    موعد صرف معاشات نوفمبر 2025 بعد تبكير مرتبات أكتوبر.. اعرف التفاصيل الكاملة    وزير الاتصالات: مصر الأسرع في خدمات الإنترنت على مستوى القارة الإفريقية    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتدي على طفلين في الخليل    الوطنية للانتخابات: تفعيل التسكين المبدئي وتوحيد الأسرة في مقر انتخابي واحد لتشجيع الناخبين    بعد ارتفاع أسعار البنزين.. أرخص سيارة موفرة للوقود في مصر    الرماية المصرية تتألق فى أثينا.. أحمد توحيد وماجي عشماوي رابع العالم    تأجيل محاكمة 37 متهما بخلية التجمع لجلسة 20 ديسمبر    الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة خلال 72 ساعة: ماتلبسوش شتوي    لن تصدق كيف أصبح شكل بطل فيلم الساحر بعد 25 عام غياب    مي الصايغ: اعتراض أول شاحنة مساعدات كبّد الهلال الأحمر المصري خسائر كبيرة    عمر محمد رياض يفجر مفاجأة بشأن مسلسل لن أعيش في جلباب أبي    يسرا والهام شاهين ولبلبة وهانى رمزى على ريد كاربت فيلم أب أم أخت أخ بالجونة.. صور    «الصحة» تبحث التعاون مع وفد عراقي في مجالات تنمية الأسرة والصحة السكانية    بتهمة ممارسة الفجور.. السجن 5 سنوات للطالب المنتحل صفة أنثى لنشر مقاطع فيديو تحت اسم «ياسمين»    10 أدوية لا يجب التوقف عن تناولها من تلقاء نفسك    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة آرسنال × فولهام Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-26    الفلبين تجلي عشرات الآلاف خوفًا من العاصفة "فينغشين"    إثارة وتشويق.. طرح البرومو الرسمي ل فيلم «قصر الباشا» بطولة أحمد حاتم ومايان السيد    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    يلا شووت بث مباشر.. الهلال VS الاتفاق – مواجهة قوية في دوري روشن السعودي اليوم السبت    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    غادة عادل عن ماجد الكدواني: فنان حقيقي وعميق وحساس وبيحب شغله جدًا    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 6630 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    رامي ربيعة يقود العين ضد بني ياس في الدوري الإماراتي    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    مصرع سيدة وإصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بوسط سيناء    ضبط لحوم غير صالحة وتحرير 300 محضر تمويني خلال حملات مكثفة بأسيوط    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    منافس بيراميدز المحتمل.. المشي حافيا وهواية الدراجات ترسم ملامح شخصية لويس إنريكي    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    أسعار الفراخ اليوم السبت 18-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعا عن حرية الصحافة والإعلام والمعلومات

لا جدال في أن علي الصحفي‏-‏ خلافا لمروج الشائعات ورجل الدعاية‏-‏ أن يلتزم في نشر المعلومات بقواعد الصحافة الثلاث‏:‏ الدقة أولا‏,‏ والدقة ثانيا‏,‏ والدقة ثالثا‏,‏ كما كتب الصحفي والناشر الأمريكي جوزيف بوليتزر‏,‏ صاحب أرفع جائزة تمنح للصحافة المكتوبة في أمريكا والعالم! وحتي يتمتع الصحفي والإعلامي والمدون بالمصداقية ويتجنب المساءلة, عليه التثبت من صحة المعلومات قبل نشرها, وهو ما تمليه المعايير المهنية والأخلاقية للإعلام. لكن ممارسة هذه الحرية المسئولة تتطلب تحقيق شرط مسبق هو إصدار قانون مصري لحرية وتداول المعلومات; يكون كشف المعلومات هو القاعدة وحجبها هو الاستثناء.
وبدون إنكار دور الصحافة في إعلام الرأي العام بالأحداث المؤثرة علي مصالحه وفي تعرية الفساد, فان دورها الأهم يكمن في توفير المعلومات للرأي العام وتعريفه بوجهات نظر شتي التيارات السياسية والفكرية. وتتحمل الصحافة مسئولية محورية في إدارة الحوار بين التيارات الفكرية والقوي السياسية وتشكيل التيار الرئيسي في المجتمع; وهو ما يملي عليها ضرورة استهداف الحقيقة في التقصي وتحري الموضوعية في التعبير عن الرأي. ومن شأن النهوض بهذا الدور أن تسهم الصحافة ايجابيا في تمكين الأمة, شعبا ونخبة وقيادة, من المفاضلة الواعية والاختيار الرشيد بين الرؤي البديلة الهادفة الي تحقيق المصلحة الوطنية.
وقد أصدر القضاء المصري أحكاما تاريخية تؤكد أهمية حرية الصحافة, أوردت إثنين منها في مقال دور الصحافة وحريتها, المنشور بجريدة الأهرام في9 أبريل.2006 الحكم الأول, قضت به المحكمة الدستورية العليا معلنة أن:' حرية التعبير هي القاعدة في كل تنظيم ديمقراطي, لا يقوم إلا بها. وحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها بكل وسائل التعبير هي الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها, وبدونه تفقد حرية الاجتماع مغزاها, ولا تكون لها من فائدة. وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا, ولا يترددون وجلا, ولا ينتصفون لغير الحق طريقا. وإن لحرية التعبير أهدافا لا تريم عنها, هي أن يظهر من خلالها ضوء الحقيقة جليا. وإن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير هو التماس الآراء والأفكار, لا يحول دون ذلك قيد يكون عاصفا بها'.
والحكم الثاني قضت به محكمة أمن الدولة العليا معلنة بدورها أن: حرية الصحافة مقدمة وركيزة أي إصلاح ديمقراطي, لأنه بدونها لا تستقيم أي حقوق أو حريات, ولأنها شرط لقيام الصحافة المصرية برسالتها في تعزيز مسيرة الديمقراطية والتنمية الشاملة. وإن حرية الرأي هي أهم حقوق الإنسان وأول حقوق المواطن, لا ينبغي تأثيمها مهما كان ولا الحجر عليها بأي سبيل, طالما لم يصل بالدعوة إلي الإرهاب والعنف. وأي قيد يوضع علي حرية الرأي- مهما كان وكيفما دق- لابد أن ينتهي إلي مصادرة الحريات جميعا حلقة بعد حلقة وحالة إثر حالة, مما يؤدي إلي نظام ديكتاتوري بغيض, تضيع فيه كل القيم, وتختفي كل المبادئ, وتتلاشي فكرة المواطنة, ويتبدد مبدأ سيادة القانون'.
وأكرر هنا ما كتبته في مقال حرية المعلومات شرط للصحافة المسئولة, المنشور بجريدة الأهرام في9 مارس2008 أقول:' إن بناء الثقة, الذي يمكن أن تسهم فيه صحافة موضوعية, يستحيل في ظل حجب المعلومات, ومنها ما لا يخضع لأي اعتبارات سرية في مصر والعالم! وهكذا, مثلا, فيما يتصل بما تبشر به الحكومة من نمو اقتصادي وما تدعو إليه من عدالة توزيع! قد أشير إلي حجب بيانات الاستثمار الأجنبي علي مستوي النشاطات والمشروعات ومدي مساهمته في التنمية والتصنيع! وعدم الإعلان عن تقدير الحكومة لتكلفة الحد الأدني للمعيشة مقارنة بالحد الأدني الذي تقترحه للأجور! وعدم الشفافية في بيان أثر ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج المستوردة علي تكاليف' الإنتاج المحلي' مقارنة بمستوي الأجور المحلية ودعم الطاقة, وعدم الإفصاح عن موازين العرض والطلب المحلي ومعدلات الأرباح الصناعية والتجارية ومستويات الدخول قبل فرض' الأسعار العالمية'! بل وتجدر الإشارة لتوقف إصدارات رسمية كانت تتيح مقارنة النمو الاقتصادي والتقدم الصناعي في مصر مع الحال في غيرها'!
ولا جدال أنه علينا نحن الصحفيين والإعلاميين, في شتي وسائل الإعلام المطبوع والمرئي والإليكتروني والمسموع, أن نزداد إدراكا لحجم المسئولية المضاعفة الملقاة علي عاتقنا بعد ثورة25 يناير. بايجاز, لأن ما ينشر- ضمن أخبار أو تقارير أو تحقيقات أو مقالات أو حوارات- يؤثر بدرجة متعاظمة إيجابا أو سلبا علي معارف وآراء ومواقف المواطنين, وينهض بدور مركزي في نجاح أو إخفاق أي حوار وطني جاد, وتكريس الشقاق المجتمعي أو بناء الوفاق الوطني. لكن ممارسة الحرية المسئولة في الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام تتوقف بدرجة مهمة علي تيسير وصول الصحفي إلي مصادر موثوقة للمعلومات. وهو ما ينبغي أن يكفله وبسرعة إصدار المجلس الأعلي للقوات المسلحة مرسوما بقانون مصري لحرية وتداول المعلومات, يكون الكشف فيه هو المبدأ والحجب هو الاستثناء.
وبعد الدور المشهود للصحفيين المصريين في خلق مقدمات ثورة25 يناير رغم كل القيود, تتعاظم أهمية دور الصحافة الحرة والمسئولة في قيادة الانتقال الي بناء نظام جديد, باعتبار وسائل الإعلام قاطرة التحول الديمقراطي والتغيير المنشود في ظل ضعف الأحزاب السياسية في مصر. لكن تعزيز الحرية المسئولة في ممارسة المهام المنوطة بالصحافة يتطلب توفير آليات الحماية القانونية للصحفيين, خاصة بإتاحة المعلومات الدقيقة والموثقة والمبنية علي الحقائق للصحفيين, لأنهم خلافا لغيرهم من ناقلي المعلومات يعتمدون فقط علي المعلومات الموثقة وعليهم أن يدينوا بولائهم الرئيسي للجمهور. وأعرف ما يتصل بقوانين المعلومات من استثناءات لحماية المصلحة العامة والأمن القومي والنظام العام ومنع الضرر وحماية الخصوصية والسمعة, وسجلت ما عرفت حين شاركت ببحث عن هذه الاستثناءات في إعداد مشروع هام لقانون حرية وتداول المعلومات في مصر, مع أساتذة وزملاء أفاضل ضمن مبادرة المجموعة المتحدة بقيادة الزميل نجاد البرعي.
وأخيرا, أقول إنه بدون صراخ حول الانتقاص من الحرية أو العدوان عليها, وبإصدار قانون حرية وتداول المعلومات مع استثناءات تتوافق مع المعايير العالمية, تصبح ممكنة محاسبة ومساءلة ومقاضاة من ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية من الصحفيين بنشر معلومات مغلوطة أو منقوصة أو مغرضة وبالحيدة عن النشر النزيه والمنصف والمستقل! ويسمح مثل هذا القانون للصحفيين بأن يجتهدوا لتقديم مادة صحفية, متكاملة ومنصفة ودقيقة وصحيحة, وعدم الخلط بين الحقيقة والرأي أو الشائعة, لأنهم يدركون أن أعظم رصيد للصحفي ووسيلته الإعلامية هو المصداقية, التي تكتسب بصعوبة وتفقد بسهولة!
المزيد من مقالات د‏.‏ طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.