دون التقليل من اهمية المساعدات السعودية والامريكية التي جري الاعلان عنها هذا الاسبوع الا انه كان من الاوفق ان تلجأ الدولتان في مساندتهما للثورة والاصلاح في مصر. لضخ استثمارات مباشرة في الاسواق المحلية بدلا من المساعدات المالية التي هي في اغلبها قروض تستحق السداد, وهي في النهاية ستمثل عبئا علي الخزانة العامة المثقلة بالديون. السعودية عرضت4 مليارات دولار بينها3.8 مليارات دولار قروضا وودائع تستحق السداد بفوائدها, اما الامريكيون فقد حولوا مليار دولار من الديون المستحقة الي ديون ايضا ولكن بالجنيه المصري تخصص لمشروعات محلية, اما قرض المليار دولار الذي عرضه الرئيس اوباما فسيخصص, كما جرت العادة, لشراء بضائع امريكية ممايفقده الكثير من الفائدة المرجوة. صحيح ان مصر اعلنت عن حاجتها لاقتراض12 مليار دولار بصورة عاجلة واعلنت تونس عن احتياجها لاقتراض25 مليار يورو خلال السنوات الخمس المقبلة وهذه مبالغ لم تعد كبيرة بالقياس الي ماتحتاجه اليونان والبرتغال مثلا وما استدانته بالفعل دول اوروبا الشرقية عند خروجها من عباءة الاقتصاد الشيوعي ومع ذلك فإن اقتصاد هذه الدول لم يتحسن الا بعد ضخ استثمارات اجنبية معتبرة اشتملت علي نقل التكنولوجيا الحديثة. وقبل نحو الشهر اعلنت السعودية عن استثمار65 مليار دولار في صناعات البتروكيماويات في الصين, ولاشك ان رقما مشابها عند استثماره في مصر في مصافي البترول والبتروكيماويات وغيرها من الصناعات يمكن ان يحقق عوائد تفوق تلك المتوقعة من الاستثمارات السعودية في الصين, فمصر تصنف دوليا علي انها بين اكثر الدول المؤهلة لاستقبال استثمارات جديدة, وكان الفساد هو اهم معوقات تحقيق هذا الهدف وقد قامت الان ثورة من ابرز اولوياتها القضاء علي الفساد. الامريكيون ايضا عليهم ترجمة امانيهم في مساندة الاقتصاد المصري في ضخ استثمارات حقيقية في مجالات الصناعات المتقدمة وتقنيات المعلومات, وقد فعلوا هذا من قبل مع تركيا واسبانيا وغيرها.. ولو قررت شركة سيارات امريكية وضع مصر ضمن خريطة تجميع سياراتها في الخارج وقامت بانتاج نحو مليون سيارة او اكثر كل عام في السوق المحلي, فإن هذا الاستثمار بمفرده قادر علي تدشين مئات الصناعات المغذية والتكميلية وتوفير ملايين فرص العمل وهو اكثر بركة من قروض بعشرات المليارات من الدولارات. المزيد من أعمدة عماد غنيم