ماجد عطيةمجموعة الأرقام التي أعلنت عن مساعدة مصر واخراج اقتصادها من دائرة «التعثر» وحتي لا تنزلق إلي «هوة الافلاس» كما زعمت بعض فصائل الإسلام السياسي المنتعشة هذه الأيام بفضل حكومة وصفها الدكتور جابر عصفور بأنها (حكومة لايصة) وبفضل سياسة المؤسسة العسكرية التي تعلن عن أنها (تدير ولا تحكم) وأن كان كاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل يصفها بإنها (تحكم ولا تعلن).. هذه الأرقام قد يبدو أنها «تنعش الأمل» وواقع الامر وحقائق الأمور تدفعنا إلي القول بأنها «أوهام الأرقام».. أو «ارقام الأوهام».. لنبدأ من الإعلان الأمريكي علي لسان الرئيس اوباما الذي دغدغ الأمل بإعدام «مليار دولار» من مجموع الدين المصري 5ر3 مليار دولار وبذلك تنخفض أعباء هذا الدين من 350 مليون دولار إلي 250 مليون دولار سنويا وهي قيمة المعونة الأمريكية التي تقدم لمصر هذا العام ،بالإضافة إلي ما اسماه قروض لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة (تحت اشراف المؤسسات الامريكية) .. لكن سرعان ما تبدد الأمل إذ تعلن أمريكا عن أن المليار دولار ستقدم وفق برنامج «مبادلة الديون» ويؤمن وزير ماليتنا الموقر د. سمير رضوان علي ذلك معلنا أن «مصر لم تطلب خفض الديون». باراك اوباما كان واضحا في نقطتين «اشراك الخليج والاوبك في صندوق مساعدات للديمقراطيات الجديدة بداية بمصر وتونس، والنقطة الثانية تتحدث عن تنشيط التجارة والاستثمار في دول المنطقة مع (رفض عزل اسرائيل). القرض السعودي القرض الذي اعلنت عنه السعودية بقيمة 4 مليارات كما ادعي البيان يبدأ باعتماد 500 مليون دولار لدعم الميزانية المصرية و500 مليون دولار أخري كقرض لدعم الميزانية و500 مليون ثالثة لشراء سندات خزانة ذات العائد المرتفع من القرض السعودي ومليار دولار يوضع في شكل وديعة توضع في البنك المركزي المصري.. والباقي 750 مليونا لدعم الصادرات السعودية لمصر (أي منافسة للانتاج المحلي) والباقي لتمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة تحت اشراف صندوق التنمية السعودي. ارقام مذبدبة جدا إسرائيل تدخل «المزاد» وانها علي استعداد لدعم الاقتصاد المصري في حدود سبعة مليارات دولار.. وتدخل قطر المزاد لتعلن أنها ستساعد مصر في حدود عشرة مليارات دولار.. لكن كلتا الدولتين لم تحدد شكل المساعدة وإن كان واضحا نية قطر في تقديم «وديعة» في البنك المركزي المصري نظرا للعائد المرتفع علي العوائد التي تحصل عليها من بنوك أمريكا وأوروبا. أرقام أخري يعلن عنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.. ولكن إجراءات التنفيذ تستغرق وقتا قد يطول لآخر العام المقبل حسب إعلان البنك الدولي، الاتجاه نفسه ظهر مع إعلان المجموعة الأوروبية وقمة الثماني وهو «عدم امكانية تقديم مساعدات عاجلة» مع تأكيد الرغبة في «دعم الديمقراطيات الجديدة» في دول المنطقة خاصة كما يقولون : (في مصر وتونس».. لكن كل القروض المقترحة تلمح بوضوح إلي المشاركة في تحديد «التمويل» لنوع من المشروعات التي تدعم «البنية التحتية» وايضا- وبوضوح- المشاركة في الاشراف علي الانفاق ومعدلات التنفيذ.. وهكذا (للمال شروطه وسلطته).. البدائل الوطنية.. علاج افضل للأزمة هل يمكن لمصر أن تعتمد علي ذاتها؟.. ليس بالضرورة اعتماد كامل، ولكن علي الأقل نعلن عن القدرات الوطنية في مواجهة انتشال البلاد من التدهور الحادث والذي تمثل في خفض معدلات الإنتاج بنسبة 25% علي الأقل وخض الصادرات بنسبة 40% كما أعلنت الحكومة.. كيف نواجه عجز الموازنة ونقص الموارد السياسية وغير السيادية.. خاصة أن عجز الموازنة المتوقع، كما أعلن وزير المالية يصل إلي 180 مليار جنيه أي يرتفع علي رقم «الموارد» المتوقعة. في بداية التسعينيات من القرن الماضي طرح رئيس الوزراء وقتئذ د. عاطف صدقي أذون خزانة بسعر فائدة مرتفع بدأ بنسبة 16% وتصاعد حتي وصل إلي فائدة 20% واستطاع بذلك مواجهة عجز الموازنة ومواجهة الموازنة الاستثمارية..وحقق الرجل لأول مرة في تاريخ مصر «احتياطي مصري من النقد الاجنبي» بلغ 22 مليار دولار انخفض بعد ذلك إلي 14 مليار دولار في عهد حكومتي د. كمال الجنزوري ود. عاطف عبيد لأسباب مختلفة منها أزمة جنوب شرق آسيا.. وخفض قيمة الجنية المصري. ومنذ عامين فقط لجأ وزير المالية السابق د. يوسف بطرس غالي إلي طرح اذونات واحدة بالدولار في الخارج بسعر فائدة متميز.. وسندات بالجنيه المصري من خلال بنكي الأهلي ومصر باسم (الشهادة البلاتينية) بسعر فائدة متميز بلغ 12% وكان الاقبال عليها شديدا حتي قام محافظ البنك المركزي إلي خفض العائد بعد ذلك إلي 9%. ولم يتخلف القطاع الخاص عن طلب التمويل من خلال شهادات بسعر فائدة متميز 12% علي نحو ما لجأت إلي ذلك مجموعة «اوراسكوم» وتمت تغطية الطرح خمس مرات خلال اسبوع واحد. أمريكا فعلت ذلك استخدام سعر الفائدة في طلب التمويل ليس جديدا ولم تلجأ إليها مصر منفردة فقد سبق لأمريكا أن استخدمت سعر الفائدة علي الدولار حماية له من الانخفاض وطلب الزيادة في التمويل لتغطية التزامات أخري.. رفع بنك الاحتياط الفيدرالي سعر الفائدة علي الدولار إلي 20% في مستهل ثمانينيات القرن الماضي.. واستخدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية عملتها «الدولار» في زيادة الاحتياطي الدولي إلي 75% من الاحتياطي العالمي وبذلك تأكدت عملة «الدولار» كاحتياطي نقدي للدول كبيرها وصغيرها وأن كانت النسبة قد انخفضت الآن إلي قرابة 60% من الاحتياطي الدولي. هل نلجأ لذلك أخيرا.. هل نلجأ إلي سعر الفائدة كعلاج لمشاكلنا المالية والاقتصادية؟ تجاربنا الحديثة تقول بجدوي ذلك.. تجارب العالم تؤكد الأمر.. لماذا نخاف.. ولماذا لا نقدم..؟ قول يطرح تخوفات من «التضخم» وردي علي ذلك أن انعاش الأسواق وزيادة الإنتاج ودوران آلات المصانع وامتصاص البطالة .. بالتأكيد سوف تحاصر التضخم وأن كان هناك قول آخر.. التضخم أفضل من مضار الركود.