إنشاء هيئة موحدة للرقابة علي سلامة الأغذية هو اتجاه عالمي سبقتنا إليه العديد من الدول نتيجة للمشكلات التي ترتبت علي تعدد الجهات الرقابية وفشلها في تأمين غذاء آمن, ومثال ذلك المملكة المتحدة التي كانت الرقابة فيها تتم من خلال العديد من الوزارات وبالرغم من هذا ظهرت. مشكلة جنون البقر التي أدت إلي قيام المملكة باجراء مراجعة لنظم سلامة الغذاء بها نتج عنها إنشاء هيئة مستقلة لسلامة الغذاء, وتعددت المشاكل بتعدد الدول الأوروبية, مما أدي إلي إنشاء جهاز لسلامة الغذاء علي مستوي الاتحاد الأوروبي, وقائمة الدول التي قامت بتطوير أنظمتها وإنشاء أجهزة لسلامة الغذاء كثيرة لا تقتصر علي المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بل تمتد إلي استراليا ونيوزيلندا وكندا بل أيضا دول عربية مثل السعودية والإمارات والأردن والمغرب وغيرها. وبالتالي فان إنشاء هيئة خاصة بسلامة الغذاء هو التطور الطبيعي لنظم الرقابة علي سلامة الغذاء للأخذ في الاعتبار التطور المذهل في علوم سلامة الأغذية وتكنولوجيا الأغذية ونتيجة لنظام العولمة وانفتاح الأسواق العالمية علي بعضها البعض بما يصاحبه من مخاطر انتقال الأمراض بأنواعها المختلفة ومنها بالطبع الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء. وترجع فكرة إنشاء هيئة سلامة الغذاء في مصر إلي أكثر من01 أعوام إلا أن, تفعيل اقتراح فكرة إنشاء هيئة سلامة الغذاء في مصر يعود إلي عام7002 بالتنسيق بين وزراء الصحة و الزراعة والتجارة, حيث تم تشكيل لجنة من ممثلي هذه الوزارات, بالإضافة إلي جهاز حماية المستهلك وغرفة الصناعات الغذائية وتم وضع مقترح قانون إنشاء هيئة سلامة الغذاء رفع إلي مجلس الوزراء في يوليو8002, ووافقت اللجنة التشريعية التابعة لمجلس الوزراء, علي مشروع القانون في4 فبراير9002 إلا أن السيد وزير الصحة السابق, بالرغم من فشله التام في درء المخاطر عن الغذاء, أعاق ظهور الهيئة بحجج واهية لم تراع المصلحة العامة, وتجاهل العديد من التقارير الصادرة بشأن سلامة الغذاء المطروح للاستهلاك في السوق المحلية بما فيها تقارير حكومية لوزارات وجامعات ومراكز بحثية مختلفة وأخري غير حكومية مثل تلك الصادرة عن منظمات تمثل المجتمع المدني وحماية المستهلك, ليس هذا فقط بل يمتد نطاق التقارير ليشمل تقارير من هيئات ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية أيضا, وبالرغم من هذا التنوع فإن كل هذه التقارير علي اختلاف أنواعها تشير إلي وجود مشكلات تتعلق بوضع سلامة الغذاء في مصر والحاجة إلي التطوير, ورفض الأسواق الخارجية لبعض شحنات الأغذية المصرية عن فحصها بالخارج, بالرغم من فحصها محليا وإعطائها شهادات صحية, مما يسبب خسائر اقتصادية فادحة, وقد أدي هذا الوضع إلي تحفظات دولية وقيام عديد من المنظمات العالمية المعنية بصحة الإنسان في مواقعها علي شبكة الإنترنت وكذلك الدول الأجنبية باصدار التحذيرات للمسافرين إلي مصر من تلوث الغذاء والنصح بتناول المياه المعبأة فقط. يعتبر مشروع إصدار قانون هيئة سلامة الغذاء بمثابة استجابة مباشرة لاستعادة دور الحكومة في الرقابة الفعالة لتوفير غذاء آمن, واستعادة ثقة المواطن المصري من خلال إنشاء هيئة متخصصة ذات هدف واحد هو تحقيق سلامة الغذاء, فلا يعقل أن تستمر الرقابة علي سلامة الأغذية في مصر من خلال العديد من الأجهزة المثقلة بمهام ومسئوليات جسيمة أخري. قد لا تكون سلامة الغذاء هي الأولوية العظمي لها, بل يجب إنشاء هيئة مستقلة مهمتها ومسئوليتها الأساسية سلامة الغذاء من خلال التنسيق وجمع المتخصصين من الجهات الرقابية المختلفة للعمل تحت مظلة الجهاز في ظل إمكانات متطورة سواء البشرية أو المادية توفر الغذاء الآمن الذي يتمناه المواطن المصري وتفتح آفاق التصدير للمنتجات الغذائية المصرية. ويتم ضمان استقلالية وحيادية الهيئة في المهام المسندة إليها من خلال: 1 تبعيتها إلي السيد رئيس مجلس الوزراء. 2 تشكيل مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء, وعضوية الوزراء المتخصصين بشئون الصناعة والتجارة الخارجية, الصحة والسكان, الزراعة واستصلاح الأراضي, وشئون البيئة, والسياحة, التضامن والعدالة الاجتماعية, لرسم السياسات العامة لعمل الهيئة, وإقرار الخطط الرئيسية المتعلقة بتنفيذها, ومتابعة وتقييم عمل الهيئة, ورسم السياسة العامة لضمان سلامة الغذاء وإقرار الخطط اللازمة للنهوض بمستوي سلامة الغذاء وتنميته, وخطط الرقابة علي سلامة الغذاء وصلاحيته للاستهلاك الآدمي. 3 تشكيل مجلس إدارة للهيئة لتفعيل حيادية الأداء, بقرار من رئيس الوزراء, ويضم ممثلين عن الوزارات المختصة, بالإضافة إلي ممثل عن وزارة الداخلية وهيئة حماية المستهلك, والاتحاد العام للغرف التجارية وغرفة الصناعات الغذائية. ويمكن تلخيص أهم المسئوليات التي ستقوم بها الهيئة فيما يلي: 1 ضمان أن يتم الفحص علي طول السلسلة الغذائية وليس علي المنتج النهائي, مما يضمن سلامة المنتج الغذائي المقدم للمستهلك, وهذا لم تقدمه جميع الجهات الرقابية المتعددة حتي الآن بالرغم من تعددها. 2 اقتصار فحص الغذاء علي المعامل القادرة والمعتمدة لمنع تضارب نتائج الفحص التي تؤدي إلي بلبلة الرأي العام, وحفاظا علي شفافية الرقابة والتشريع, فقد حرص قانون الإنشاء علي عدم قيام الهيئة بنقل أي معامل حالية. 3 تبني أنظمة تتبع لإمكان سحب للمنتج من الأسواق عند ثبوت عدم صلاحيته للاستهلاك الآدمي. 4 تطبيق نظم الجودة العالمية علي الانتاج, مما يحقق تقليل الفائض وضمان سلامة المنتج الغذائي, مما ينعكس علي زيادة الانتاج وسلامته وانخفاض تكلفته. 5 توعية مستهلكي ومنتجي ومقدمي ومتداولي الأغذية بالممارسات الصحية اللازمة أثناء تداول الطعام وتدريب جميع العاملين في قطاع الغذاء. وعليه فان وجود هيئة موحدة مسئولة بصفة مباشرة يجعل أمر المحاسبة علي أي قصور يخص سلامة الغذاء ممكن وهو ما لا يتحقق الآن حيث تتنصل كل جهة من تحمل المسئولية وتلوم غيرها. فأهداف إنشاء هيئة سلامة الغذاء لا يقتصر علي المردود الصحي بخفض معدلات الإصابة بالأخطار الناجمة عن الإصابة بالأمراض المنقولة بالغذاء وباتباع نظم متقدمة حديثة لمراقبة الأغذية استنادا إلي إدارة المخاطر ورصد مراقبة سلامة المنتجات المحلية والمستوردة وفقا للمعايير والمواصفات القياسية للغذاء, مما يحقق سلامة الغذاء وصلاحيته واحتفاظه بقيمته الغذائية بل يمتد ليشمل المردود السياحي والاقتصادي والاجتماعي. كلي ثقة أن الهيئة ستري النور علي أيدي السيد الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المنحاز لمستقبل أفضل لشعب مصر وامنه , ويتم إصدار قانون الغذاء الجديد والاستفادة من جهد العديد من علماء مصر المتخصصين في سلامة الغذاء واصرارهم علي تفعيل قانون الغذاء والقضاء علي عدم مسايرة التشريعات الحالية لمتغيرات ومتطلبات العصر والقضاء علي إهدار الموارد البشرية والمادية المتاحة في ظل تكرار أنشطة الأجهزة الرقابية الحالية دون فاعلية وتضارب نتائج فحوص الغذاء. إن شعب مصر يستحق هيئة متخصصة لسلامة الغذاء.. رئيس وحدة سلامة الغذاء المزيد من مقالات د.حسين منصور