فساد جهاز الشرطة لم يكن مقصورا علي وحشية جهاز أمن الدولة مثلا ولا تدخله في كل صغيرة وكبيرة ولم يكن متمثلا فقط في أنه موجود لحماية النظام الحاكم وليس لحماية النظام العام!! لكن أوجه الفساد كانت كثيرة منها المالي ومنها التنظيمي, فضلا عن تلك الفجوة الهائلة في الدخل والمزايا بين قطاعات الداخلية والرتب المختلفة مابين قادة يتقاضون الملايين من مخصصات وعمولات وأفراد يتقاضون بضع مئات من الجنيهات شهريا هي بمثابة دعوة صريحة للرشوة والتربح وابتزاز الموطنين! ولذلك كان الانهيار مدويا بعد الثورة في نفس الوقت الذي أراه فيه متعمدا أيضا من جانب هذه القيادات الكبيرة, والتي لا أري صلاحا لهذا الجهاز في وجودها, ناهيك عن أن يكون الإصلاح موكولا إليهم. لذلك أيضا لا أستغرب استمرار القصور الأمني الذي تلا مرحلة الفراغ الأمني وكلاهما يؤدي لنفس النتيجة وهي غياب الأمن والأمان عن الوطن والمواطن, واجتراء المجرمين والمنحرفين والمتطرفين علي الدولة, ولا أقول هيبة الدولة فهذه لا وجود لها الآن! ولا حل إلا بالتخلص من هذه القيادات التي تعد عقبة رئيسية في طريق إصلاح هذا الجهاز الحيوي ثم تعديل لوائحه الخاصة بالأجور والمرتبات لكي تتضاعف مرات عديدة, وصولا الي الاستقرار المادي لرجل الشرطة, مع وضع الخطط طويلة الأجل لتحسين نوعية ومواصفات حماة القانون اختيارا وتدريبا وتأهيلا مستمرا, وتوفير كل سبل الرعاية الاجتماعية لهم حتي يحتلوا مكانتهم بين الطبقة الوسطي من كبار موظفي الدولة, بما يتناسب مع خطورة مهمتهم. وبحيث يكون مجرد مظهرهم المحترم وسلوكهم الجاد الواعي دون حتي تدخلهم رادعا لكل من يفكر في خرق النظام العام. انظروا لمظهر رجل الشرطة وسلوكه الآن, جنديا أو أمينا أو حتي ضابطا وهم يدخنون السجاير علي قارعة الطريق وفي اليد الأخري كوب شاي!! مظهر مخجل مؤسف لا يقاربه سوي تجمع لرجال شرطة عند أحد التقاطعات المهمة وهم يتبادلون النكات والضحك والضرب كفا بكف, بينما الآخرون مشغولون بحديث علي المحمول, والكل في حالة لا مبالاة وعدم احترام لمهمتهم الخطيرة ولأنهم يمثلون هيبة الدولة وسلطان القانون. فكيف يحترمهم الناس؟! [email protected] المزيد من أعمدة عصام عبدالمنعم