مدبولي يتفقد المركز التكنولوجي في طحانوب بمركز شبين القناطر    الهلال الأحمر الفلسطيني يدعو إلى تكاتف الجهود الدولية لإلزام إسرائيل بفتح المعابر وتدفق المساعدات    الفوج الثاني من البعثة المصرية يغادر إلى أنجولا للمشاركة في دورة الألعاب الأفريقية    بي بي سي: الجالية العربية في ليفربول تدعم صلاح وسط أزمته مع سلوت    مصرع وإصابة 5 من أسرة واحدة في قرية الدير جنوب الأقصر.. صور    مدبولي يؤكد دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء    صرح طبي متقدم يوفر 390 سريرا.. رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل الجديد بالعاصمة الجديدة    وكيل صحة سوهاج ل«الشروق»: صحة المواطن على رأس أولوياتي ونعمل على الارتقاء الشامل بالخدمات الطبية    ناقلة نفط فنزويلية صادرتها أمريكا شريان الحياة السرى لكوبا.. ما القصة؟    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا لأكثر من 1000 شخص    شعبة المواد الغذائية: زيادة تصل ل 10 جنيهات في أسعار آيس كريم نستلة    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    رئيس مصلحة الجمارك: متوسط زمن الإفراج الجمركي عن 75%؜ من الواردات حاليًا لايتجاوز 4 أيام    تأجيل دعوى تعليق تنفيذ أحكام الإعدام بعد تعديلات الإجراءات الجنائية إلى 28 مارس    طقس متقلب وتحذيرات علمية.. لماذا يجب التوقف عن ري الأراضي؟    حماية المستهلك يحرر 129 محضرا بحملات رقابية بالشرقية    التنمية المحلية: انطلاق الأسبوع التدريسي ال 19 بمركز سقارة غدًا    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    «الست» يحقق 7 ملايين جنيه في أول 3 أيام عرضه بالسينمات    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    القاهرة الإخبارية: منخفض جوي يٌغرق غزة.. تدمير 27 ألف خيمة وتضرر ربع مليون نازح    خبراء: لولا مصر لتمت تصفية القضية الفلسطينية.. وتحذيرات من كارثة شتوية    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية لضمان جودة الأمصال واللقاحات    احذري، قلة النوم تؤثر على المناعة والذاكرة والمزاج    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    تحرير 804 مخالفات مرورية لعدم ارتداء الخوذة    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    تعليم الغربية تنشر جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول لصفوف النقل والشهادة الإعدادية    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    قطاع أمن المنافذ يضبط مخالفات وجرائم تهريب متنوعة خلال 24 ساعة    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    السكك الحديدية تعتذر للركاب لهذا السبب    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    المشاركون في ماراثون الأهرامات يلتقطون الصور التذكارية في المنطقة التاريخية    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور .. وتجارب الأخرين
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 05 - 2011

كتبت:ليلي حافظ يتساءل العديد من المواطنين في مصر عن المستقبل وكيف سيكون شكل مجلسي البرلمان المقبل وكيف سيتم تشكيل اللجنة التي سوف تضع الدستور وتصيغه‏,‏ هذا الدستور الذي سيحدد شخصية مصر لسنوات قادمة. ويبحث الجميع عن دروس الدول الأخري التي سبقتنا الي الديمقراطية نستشف منها الخطوات لنطمئن علي المستقبل ونضمن استمرار الديمقراطية. ويبرز التساؤل الاساسي: وضع الدستور قبل الانتخابات التشريعية ام الانتخابات التشريعية قبل الدستور؟
وان كان لكل دولة خصوصيتها وظروفها في وضع دساتيرها فانه من المفيد ان نعرف كيف وضعت الدول الديمقراطية التي سبقتنا دساتيرها خاصة الدول التي شهدت ثورة شعبية مثل فرنسا او تلك التي نشأت حديثا مثل الولايات المتحدة الامريكية.
في كل الحالات لم تكن الساحة السياسية في الدول السابق ذكرها خالية من المؤسسات كما هو الحال اليوم في مصر, ففي الولايات المتحدة الامريكية التي يعتبر دستورها اقدم دستور لازال يجري العمل به حتي الآن قام الكونجرس الذي تشكل من ممثلي12 ولاية من بين الولايات الثلاث عشر في ذلك الحين بالدعوة لعقد لجنة من ممثلي الولايات لوضع دستور للبلاد بعد ان تبين ان قوانين الكونفدرالية لم تعد مناسبة لتسيير أمور البلاد فلم يكن للكونجرس في ذلك الوقت أية سلطات حقيقية كما كانت اوضاع الفيدرالية في تدهور مالي واقتصادي وسياسي لذا كان لابد من تغيير المواد القانونية ووضع دستورا للبلاد. وهو ما تم في عام1787 وقام ممثلو الولايات بالتصويت علي المواد النهائية له. واستمر الدستور الامريكي حتي اليوم ليصبح اقدم دستور لازال يعمل به.
بالنسبة لفرنسا ففي العهد الملكي وكلما واجهت البلاد أزمة كان الملك يدعو الي تشكيل ما اطلق عليه' المقاطعات العامة' وهي مجالس استثنائية تضم ممثلين عن الطبقات الثلاث المختلفة في فرنسا وهي رجال الدين والنبلاء والبرجوازية من مختلف المقاطعات الفرنسية لبحث سبل الخروج من الازمة. وكان الملك هو الذي يحل هذا المجلس في الوقت الذي يختاره. وفي عام1789 دعا الملك الي تشكيل المقاطعات العامة لمناقشة الازمة المالية التي كانت فرنسا تعاني منها فتحول الي مجلس دستوري حيث تقرر وضع دستور جديد لفرنسا كان نقطة انطلاق الثورة الفرنسية لانه وضع المبدأ الاساسي ألا وهو الحرية والمساواة. وتم وضع دستور جديد لفرنسا يضم المبادئ الاساسية لحقوق الانسان مستلهمة من افكار الفلاسفة الفرنسيين وميثاق الحقوق الامريكي.
ولقد شهدت فرنسا العديد من التغييرات في النظام السياسي من الملكية الي الجمهورية الي الامبراطورية ثم الملكية ثم اخيرا الجمهورية كما شهدت خمس جمهوريات حتي يومنا هذا فكانت الجمهوريات تسقط عندما تواجه ازمات سياسية او عسكرية عنيفة ويتم وضع دستور جديد يدعو الي جمهورية جديدة. فنشأت الجمهورية الخامسة الاخيرة بعد ان واجهت الجمهورية الرابعة أزمة الحرب في الجزائر ودعت الجنرال ديجول ليرأس الحكومة من اجل اخراج البلاد من تلك الازمة. فاشترط ديجول ان يكون له سلطة الحكم من خلال قوانين استثنائية لمدة ستة اشهر وسلطة الدعوة الي تغيير الدستور. ولقد وافق البرلمان الفرنسي علي تلك الشروط واصدر القانون الدستوري الذي يعطي حكومة ديجول السلطة لاقتراح تغيير دستوري. علي ان يتم طرح الدستور الجديد علي الشعب في استفتاء عام. وقام ديجول بالدعوة لتشكيل مجموعة مصغرة غير رسمية تضم خبراء من كبار الموظفين ولجنة وزارية تضم ديجول ووزير العدل مهمتها صياغة مشروع دستوري, وبعدها تم تشكيل لجنة دستورية استشارية قام البرلمان بتشكيلها من اجل مناقشة المشروع واقتراح اية تغييرات بشرط الا تقوم بتغييرات في الأسس العامة واخيرا قام مجلس الدولة بدراسة الصياغة الاخيرة. وفي سبتمبر طرح الدستور علي الشعب في استفتاء عام ووافق عليه بنسبة تتجاوز79% من الاصوات. وصدر دستور1958 ليكون الدستور رقم16 في تاريخ فرنسا الذي تم تطبيقه وليشكل الجمهورية الخامسة.
من تجارب الأخرين يمكن ان نتفق علي نقطتين اساسيتين: الاولي ان الدستور لا يتشكل في غياب المؤسسات, ففي كل الحالات هناك دائما مجلس تمثيلي من النظام السابق يدعو الي تشكيل مجلس دستوري لينهي وضعا متأزما سابقا ويسمح بحلول نظام اكثر ملاءمة لمتطلبات العصر الجديد.
والثانية ان الدستور ليس كيانا جامدا فعلي مدي سنوات تم تعديل العديد من مواد الدساتير سواء الامريكية او الفرنسية بدون اللجوء الي تغيير الدستور بالكامل, عندما كانت تلك المواد تعرقل او لا تناسب التطورات الاجتماعية والعصرية, فعلي سبيل المثال شهد الدستور الامريكي علي27 تعديلا منذ إنشائه في عام1787 عشرة منها كانت وضع' وثيقة الحقوق' التي استلهمت منها الثورة الفرنسية بيان حقوق الانسان.
وفي احيان أخري حتي ان لم تتوافق بعض المواد مع التطورات السياسية والاجتماعية فقد كانت تلك المواد تتأقلم مع التطورات بدون اللجوء الي تغييرها ففي الولايات المتحدة يتم حتي اليوم انتخاب الرئيس من خلال مجمع انتخابي وهو الاسلوب الذي وضع قبل مائتي عام بسبب تنامي اراضي الوطن مما يجعل من الصعب علي المواطن النائي ان يتعرف علي المرشحين, ولكن مع الثورة الاعلامية التي نعرفها اليوم والتي تسمح لكل مواطن مهما كان بعيدا ان يتعرف علي مرشحيه بشكل كامل لم يتم تعديل المادة بعد بل يمكن القول انه تأقلمت علي الوضع الجديد ولم يعد احد يهتم بالانتخاب الحقيقي الذي يتم من خلال المجمع الانتخابي.
وبالنسبة لفرنسا فقد شهدت الجمهورية الخامسة تغييرات عديدة في الظروف جعلت البعض يتصور ان الدستور سوف يسقط ولكنه تأقلم مع الاوضاع المستحدثة, فبعد تنحي الرئيس الاسبق ديجول عن الرئاسة تصور البعض ان الدستور الذي يعطي الرئيس سلطات واسعة ليتناسب مع حجم الرئيس ديجول لم يعد مناسبا ان يظل العمل به مع رؤساء اخرين ولكن تقلصت السلطات لتناسب الرؤساء اللاحقين دون وقوع أزمة. ومرة ثانية وقعت أزمتان سياسيتان, الأولي عندما جاءت الانتخابات التشريعية بأغلبية مخالفة للحزب الذي ينتمي له الرئيس فاضطر في المرة الاولي الرئيس الاشتراكي ميتران ان يدعو من اليمين شخصا لتشكيل حكومة يمينية وفي المرة الثانية اضطر الرئيس اليميني شيراك دعوة رئيس الحزب الاشتراكي لتشكيل حكومة يسارية ووقع التعايش في الهيئة التنفيذية بين اليسار واليمين ومرة أخري تأقلم الدستور علي الوضع الذي لم يكن في الحسبان وتم التعايش بدون ان تثار أزمة دستورية.
المهم في الدستور ان تكون له رؤية واضحة للشكل العام للنظام الجديد وهل هو ديمقراطي أم سلطوي يحمي الحريات الاساسية ويحافظ علي حقوق الانسان أم يعمل لمصلحة فئة او طبقة او مذهب معين ومع الحفاظ علي تلك الرؤية يمكن اجراء كل التعديلات التي تصبح ضرورية مع مرور السنين لتتناسب مع تطور المجتمع. ولكن الرؤية العامة لا تتغير لأنها ستكون شاملة في اركانها عادلة في تطبيقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.