ولاية تكساس الأمريكية تدرج الإخوان ومنظمة "كير" على قائمة الإرهاب    أكثر من 20 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    أحدثهم بنما وهايتي وكوراساو، المنتخبات المتأهلة لبطولة كأس العالم 2026    طقس اليوم: مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 28    خيرية أحمد، فاكهة السينما التي دخلت الفن لظروف أسرية وهذه قصة الرجل الوحيد في حياتها    الرئيس السيسي: البلد لو اتهدت مش هتقوم... ومحتاجين 50 تريليون جنيه لحل أزماتها    أسعار طن الحديد في أسوان مستقرة نسبيًا اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    إسعاد يونس ومحمد إمام ومى عز الدين يوجهون رسائل دعم لتامر حسنى: الله يشفيك ويعافيك    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    البيت الأبيض: اتفاقية المعادن مع السعودية مماثلة لما أبرمناه مع الشركاء التجاريين الآخرين    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    نمو الطلب على السلع المصنعة في أمريكا خلال أغسطس    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    وزير المالية: مبادرة جديدة لدعم ريادة الأعمال وتوسيع نظام الضريبة المبسطة وحوافز لأول 100 ألف مسجل    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏ مني عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية‏:‏
سد الألفية الإثيوبي يسبب ضررا مائيا لمصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 05 - 2011

من المنتظر أن يقوم رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف مع وفد رفيع المستوي خلال مايو الحالي بجولة مهمة لدول حوض النيل‏,‏ وستبدأ الجولة بزيارة إثيوبيا بعد أن وصل ملف مياه النيل إلي طريق غير واضح المعالم وتشوبه الكثير من ضبابية الرؤية‏. خاصة بعد إعلان إثيوبيا منذ أقرب من شهر عزمها علي اقامة ما يعرف باسم سد الألفية العظيم, والذي يمكن أن يتسبب في كارثة مائية لمصر خاصة بعد أن وصلنا إلي ما دون حد الفقر المائي طبقا للمعايير الدولية للأمم المتحدة ومن قبلها تم التوقيع علي الاتفاقية الإطارية لدول منابع النيل بعيدا عن مصر والسودان..والتي يمكن أن يتم تنفيذها في أي وقت.
ووصلنا للأسف إلي الاتهامات المتبادلة بين وزيري الاشغال المائية السابقين علي صفحات الجرائد مما أدي إلي سخونة الملف علي المستوي العام.
وبهذا أصبح ملف مياه النيل من أولويات ومن أكبر التحديات التي تواجه حكومة شرف في الفترة الحالية والقادمة فيما يعرف بمرحلة مابعد مبارك وما حدث منها من إهمال وتقصير.
وفي حديث لا تنقصه الصراحة لمساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية السفيرة مني عمر التي تميز حديثها بالتفاؤل والأمل إلا أنه لا يمنع التخوف والحذر.
فما حقيقة هذا الملف وملابساته الحقيقية ولماذا وصلنا إلي حائط سد وصد مع دول حوض النيل مما أدي إلي صعوبة موقف مصر؟
ومن خلال هذا الحوار فجرت الكثير من التصريحات المهمة التي وقفنا عندها كثيرا وبدأنا الحديث.
طبقا للمعايير الدولية التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة بالنسبة لنصيب الفرد من المياه170 م مكعب, وبالنسبة لحد الفقر0001 متر مكعب, أين نحن من هذين الرقمين؟
للأسف الشديد نحن نبعد كثيرا عن نصيب الفرد من المياه الطبيعي, أما بالنسبة لحد الفقر الذي يبلغ1000 متر مكعب وفقا لمعايير الأمم المتحدة, فنحن تحت خط الفقر المائي, حيث يصل نصيب الفرد في مصر إلي ما يقرب من008 متر مكعب أو أقل, وأي تأثير في كم المياه التي يمكن أن تصل إلينا سيؤثر بطريقة ملموسة, ولهذا فنحن أقل من مستوي خط الفقر وفقا للمعايير الدولية.
ملف مياه النيل وعلاقتنا بدول حوض النيل شابه كثير من الإهمال والقصور أحيانا, والتهوين في كثير من الأحيان.. كيف تقرئين بحكم موقعك الدور المصري الذي تقلص كثيرا منذ التسعينيات مع دول حوض النيل مما أدي إلي ما نحن فيه الآن؟
هذا صحيح.. لكن الدور المصري إذا كان قد أصابه شيء من الوهن والقصور برغم أنه كانت هناك جهود كثيرة تبذل ومن الضروري أن نعترف بها, لكن يجب ألا نعتبر أن كل ما تم تنفيذه خلال الفترة السابقة كأن لم يكن.. فهذا ظلم.
لكن لا أنكر أنه كان هناك وهن, وكان هناك قصور, وهذا يرجع إلي عدة عوامل, أولا علي المستوي الرئاسي لم يكن هناك اهتمام كاف بإفريقيا, وكانت الزيارات مقصورة فقط علي استقدام رؤساء الدول الإفريقية إلي مصر, ولم يكن هناك رد لهذه الزيارات من الجانب المصري, كما كان الرئيس السابق قليل المشاركة في القمم الإفريقية, خاصة بعد حادث أديس أبابا, لهذا كانت هذه الدول تأخذ موقفا مضادا من مصر.
وبناء علي ذلك كانت تفسر بالنسبة لهم بقدر من التعالي وعدم الاهتمام, مما يؤثر بالتالي تأثيرا سلبيا بالنسبة لوضعية ومكانة مصر بالنسبة لإفريقيا.
وأري أن علاقاتنا بإفريقيا بالذات لابد أن تكون قائمة بقدر أكبر علي العلاقات الشخصية والحميمية بين الرؤساء, لأن كثيرا من القضايا والمشكلات التي تتعرض لها الدول بعضها بعضا يمكن أن يتم حلها من خلال الحوار المباشر لرؤساء الدول أنفسهم.. وهذا ما كنا نفتقده.
هل كان الغياب الرئاسي عن الساحة الإفريقية, خاصة من دول حوض النيل هو أحد الأسباب التي أدت إلي تفاقم مشكلة مياه النيل؟
هذا كان أحد العوائق المهمة, ثم هناك نقطة ثانية من أوجه الإهمال والتقصير هي أنه لا يوجد أي دور للمجتمع المدني ولا للبرلمان المصري للتواصل مع شعوب هذه الدول, وبالتالي كنا في معزل عن بعضنا بعضا, ولم تكن هناك أي آلية يمكن أن تقرب أو توصل وجهة نظرنا أو وجهة نظرهم.
أما نقطة التقصير الثالثة فهي افتقاد دور الإعلام المصري, فالمكاتب الإعلامية غير كافية في الدول الإفريقية, فلا وكالة الأنباء المصرية ولا حتي التليفزيون المصري بقنواته الفضائية يصل إلي هذه الدول, أو حتي يتم نقل من البرامج ما يساعد علي تعريف المواطن المصري بالتطور الحادث في إفريقيا, والتقدم الديمقراطي, وأن هذه الدول حققت تقدما اقتصاديا وأصبحت مختلفة تماما عن الصورة القديمة.
حتي رجال الأعمال المصريون لم يتوجهوا إلي إفريقيا, ويفضلون الشمال برغم أن إفريقيا هي السوق الطبيعية لمصر حيث إنها منضمة إلي منظمة الكوميسا التي تعطي مميزات تفضيلية للصناعات والمنتجات المصرية للنفاذ إلي إفريقيا.
كل هذه العوامل مجتمعة هي التي أدت إلي التقصير والتهوين من شأن إفريقيا, ووصلنا إلي ما نحن فيه من تعثر, وانعكس بالتالي علي ملف مياه النيل.
هل كل ما ذكرته سابقا أدي إلي عدم الثقة بين دول المنبع ودول المصب مما أدي إلي تفاقم الوضع؟
طبعا كل هذا أدي إلي عدم ثقة.. لعدم وجود تواصل بيننا, لكن يجب ألا نلقي باللوم والتقصير فقط علي مصر, لأن العملية تبادلية بين الجانبين, وبرغم هذا فإننا بذلنا جهودا, خاصة وزارة التعاون الدولي, وعلي رأسها فايزة أبو النجا, قامت بجهد غير طبيعي للتواصل مع دول حوض النهر, وكانت هناك أفكار خلاقة لتعزيز الوجود المصري هناك, وعملنا استثمارات كبيرة في دولة مثل إثيوبيا بنحو ملياري دولار في فترة زمنية قصيرة, وأرسلنا قوافل طبية إلي جميع أنحاء إفريقيا, وكذلك وزارة الري لها مشروعات قائمة ولها دور فني أكثر.
وأري أنه إذا كانت هناك أوجه تقصير فيجب أن نتلافاها ونبني علي ما تم إنجازه, ولابد أن تدخل مصر في تحالفات اقتصادية مع الدول الإفريقية وتشجع التوجه إلي إفريقيا, خاصة الدول التي تمثل لنا عمقا وبعدا استراتيجيا.
منذ أكثر من شهر علمنا عن مخطط إثيوبيا بإقامة مشروع سد الألفية العظيم عن طريق وكالات الأنباء وليس من وزاراتنا المعنية بملف حوض النيل, مما سيؤثر علي حصة المياه لمصر.. ألم يكن هناك إخطار مسبق بالنسبة لهذا المشروع؟
حقيقة بعدما علمنا بهذا الأمر طلبنا من الحكومة الإثيوبية موافاتنا ببيانات ودراسات فنية حول سد الألفية العظيم الذي سيكون ضمن شبكة من عدة سدود, لكن إلي الآن لم تصل إلينا أي بيانات أو رد من الحكومة الإثيوبية.
وإن كانت وجهة نظرهم المعلنة في هذا الأمر أن هذا السد لن يسبب أي ضرر علي دولتي المصب( مصر والسودان), بل علي العكس سيؤدي إلي فوائد لكل من الدولتين, حيث إنه سيمنع كمية الطمي الكبيرة التي تؤثر علي جسم السد العالي, كما أنه سيمنع كم الفيضانات الهائلة التي في السودان والتي تؤدي إلي غرق كثير من القري السودانية.
وما هي وجهة النظر المصرية في هذا الشأن؟
لاشك في أن إقامة سد عملاق علي النيل الأزرق تهدد تدفق مياه النيل إلي مصر, حتي لو أعلنت إثيوبيا أنها لن تضر بالأمن المائي لكل من مصر والسودان.
هذا السد لم يبدأ العمل فيه بعد, وإن كانت هناك شركة إيطالية ستتولي تنفيذه, وقد صرحت إثيوبيا بأن التمويل سيتم ذاتيا من خلال الخزانة الإثيوبية, وطرح سندات والتبرع من الشعب, لكن تكلفة هذا السد ستكون عالية جدا.
وحقيقة لابد أن نؤكد أن ملف المياه بالنسبة لمصر ليس قابلا للمساومات والمواءمات, ولن نسمح لأي دولة من دول المنبع بأن تنتقص من حقوقنا المائية شيئا.
إذن ما هي آليات التحرك المصري إذا لم يتم تغيير موقف إثيوبيا في هذا الشأن؟ وهل نحتاج إلي أي وساطة إقليمية أو دولية؟
نحن لا نحتاج إلي أي نوع من الوساطة بيننا وبين دول حوض النيل, لأن بيننا وبينهم علاقات قوية ومباشرة, وكان لدينا أخيرا لقاء بين رئيس مجلس الوزراء المصري والوزير الإثيوبي, ونحن نقوم باتصالات متواصلة ومكثفة, خاصة خلال الفترة الأخيرة.
لهذا أدعو إلي استمرار الحوار مع دول حوض النيل وإقامة المشروعات والاستثمارات بما يحقق الوجود والتواصل المصري مع هذه الدول.
ومن جانب الوساطة نري أنه لابد أن تلعب الكنيسة المصرية والأزهر دورا في هذا الملف الحيوي حيث إن الكنيسة المصرية لها تاريخ طويل وعلاقة قوية مع الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية, لهذا رحبت الكنيسة بالقيام بهذا الدور بالفعل.
ونحن الآن نحاول أن نستنفد كل الطرق الودية, وأنا واثقة تماما أنه من خلال الاتصالات التي تجري بين مصر وإثيوبيا سنصل إلي اتفاق ونقطة التقاء.
لكن ماذا لو لم يتم الاتفاق بالنسبة لهذا السد, هل من الممكن أن نلجأ إلي التحكيم الدولي والضغط الدولي أو أنها فكرة مستبعدة؟
أتمني ألا نصل إلي هذا الوضع, لكن كل الخيارات متاحة, ولابد أن نعلم أنه بسبب هذا الموقف من إثيوبيا, فإن مصر بالفعل قد تحركت تحركا قويا جدا ومكثفا علي المستوي الدولي نحو الدول والهيئات المانحة لوقف أي مشروعات يمكن أن تسبب ضررا بالنسبة لمصر واحتجاز المياه, وبالتالي أصبحت لدي إثيوبيا مشكلة في التمويل, وهذا كان نتيجة تحرك مصر الدولي في هذا الإطار, لأن إقامة سد الألفية في إثيوبيا ستحدث ضررا بالغا بالنسبة لمصر, وذلك وفقا لما أقرته كل الاتفاقيات الدولية لأي حوض من الأحواض, خاصة دول حوض النيل, بألا يقدم طرف علي تصرف يحدث ضررا لأي طرف من الأطراف, وهذا هو سبب المشكلة بالفعل.
وأود أن أوضح نقطة بأن السدود الهدف منها توفير ما يحتاجونه من طاقة كهربائية, ونحن مقدرين ذلك تماما, لكن كل ما نطلبه ألا تؤثر هذه السدود علي دول المصب, وقد صرح وزير الموارد المائية والري الأسبق محمود أبوزيد بأن السدود التي تبني لتوليد الطاقة لا تؤثر علي تدفق المياه!!
ومن وجهة نظركم ما مرجع الاتهامات المتبادلة بين كل من الوزير الأسبق أبوزيد, والوزير السابق محمد نصر الدين علام بشأن ملف مياه النيل؟
حقيقة كان شيئا مؤسفا, وأنا في حالة استغراب مما وصل إليه كل منهما من تبادل الاتهامات علي صفحات الجرائد, وبهذا أصبح هذا الملف أشد وأكثر سخونة.
ومن وجهة نظري فإن كل من تولي هذا الملف في فترة من الفترات, سواء الدكتور محمود أبوزيد, أو الدكتور نصر علام كلاهما بذل جهدا كبيرا في هذا الملف برغم إلقاء كل منهما المسئولية علي الآخر, لأن هذا الملف ليس خاصا بوزير, لكنه بالفعل ملف أمن قومي علي أعلي مستوي, ويجب ألا يتهم كل منهما بالتقصير في هذا الملف الحيوي, وألا يكون خائنا, وهذا غير صحيح علي الإطلاق.
كيف تزيد من وجهة نظركم تداعيات الاتفاقية الإطارية علي مصر والسودان؟ ولماذا لم يتم التفاهم بشأنها بدلا من أننا وصلنا إلي حائط سد؟
طبعا.. طبعا.. لكن هذا التخوف مرجعه أن كل طرف غير متفهم لمتطلبات الطرف الآخر بين دول المنبع ودول المصب ليس لديه ثقة في نياته, لهذا يجب أن نرسي قاعدة قوية من الثقة المتبادلة, وهذا ما نأمله في الزيارة المتوقعة لرئيس مجلس الوزراء عصام شرف مع وفد رفيع المستوي, خلال الأسابيع القليلة المقبلة, خلال شهر مايو, وسيبدأ بزيارة إثيوبيا.
بالنسبة للاتفاقية الإطارية لابد أن أوضح أن هذه الاتفاقية جاءت بناء علي مبادرة مصرية بحتة ظهرت من خلال الاتفاق الإطاري.. كان ذلك في نهاية التسعينيات في وقت الدكتور أبوزيد وزير الري الأسبق, بحيث نعمل علي إقامة ما يسمي مفوضية تجمع كل دول حوض النيل, مهمتها العمل علي إقامة مشروعات لتحقيق تنمية, والعمل علي التعاون فيما بينها, وبالتالي كان علينا أن نعمل جميعا علي الاتفاق الإطاري الذي ينظم العمل الخاص لهذه المفوضية, ونحن كمصر متفقون علي90% من بنود الاتفاق الإطاري.
إذن لماذا حدث الخلاف إذا كانت مبادرة مصرية ووصلنا إلي ما نحن فيه مع دول المنبع؟
كان الخلاف في الاتفاقية علي أربعة بنود كان أهمهما أولا: ضرورة الإخطار المسبق, فلابد لأي دولة من دول منابع النيل تقوم بتنفيذ مشروع لابد أن يسبقه إخطار لدول المصب, وهذا لا يعني أننا نتدخل في حق أي دولة في إقامة مشروع ما, أو التدخل في سيادة أي دولة, لكن يعني أنه لا يقع ضرر علينا لا أكثر ولا أقل.
أما البند الثاني وهو الخاص بالأمن المائي المصري الذي نعتبره بحق مسألة حياة أو موت, فهو أنه يجب أن نحمي حصتنا من المياه المتفق عليها طبقا للاتفاقيات التاريخية السابقة, لكنهم مع الأسف غير معترفين بهذه الاتفاقات التاريخية, مرجعهم في ذلك أنها غير ملزمة لهم, لأنها تمت في عهود استعمارية سابقة.
ومن هنا نشأ الخلاف واحتدم حقيقة, ولا يوافقون في المقابل علي أي بند خاص بالأمن المائي تقدمه مصر, وبالتالي كان موقفنا أننا غير موافقين علي النصوص الحالية التي يمكن أن تنتقص وتؤثر علي حصتنا من المياه, وهذه بنود كما قلت حياة أو موت بالنسبة لنا, لهذا لا يمكن أن ننضم إلي الاتفاق بصورته الحالية, لأنه لا يحقق الأمن المائي لمصر, حتي الاستخدامات الحالية لمصر غير مضمونة. نحن لا نطلب زيادة حصتنا في المياه, لكن فقط الاحتفاظ بحقوقنا المعترف بها طبقا للاتفاقات السابقة.
متي نستطيع القول إن الاتفاقية الإطارية دخلت حيز التنفيذ, وذلك بعد أن اكتمل النصاب القانوني بالفعل بانضمام بوروندي إليها؟
يمكن أن يحدث ذلك في أي وقت, لكن إلي هذه اللحظة لم يتم التصديق عليها من برلمانات دول حوض النيل حتي الآن.
ما هي الدول اللاعبة في منطقة حوض النيل؟ وهل هناك أياد خفية تحرك هذا الملف؟
هذه ليست أيادي خفية لكنها أياد معلنة, فهناك في هذه المنطقة المهمة كل الدول لها مصالح, فهناك معظم الدول الغربية ودول الخليج وإيران وتركيا, وأيضا إسرائيل, ومصر أيضا لها مصالحها في المنطقة, فلدينا مصانع ولدينا مشروعات صحية في إثيوبيا, وكذلك في أوغندا لدينا مشروعات ري, كما أننا ساعدنا في إحياء قري كاملة علي بحيرة فيكتوريا, لكن للأسف لدينا قصور في الجهد المصري.
ظهرت في الفترة الأخيرة نتيجة لتداعيات الموقف بين مصر ودول المنبع, عملية ما يسمي بيع المياه عن طريق ما يسمي بنك المياه.. ما حقيقة هذه الشائعة؟
هذه أفكار ظهرت للأسف الشديد من خلال الشبكات الإلكترونية بما يسمي بنك المياه, وأن هناك اتجاها لبيع المياه لمن يرغب من الدول, وهذا المبدأ مرفوض أساسا قولا وفعلا, ولا يوجد علي أرض الواقع ما يسمي بنك المياه, ولم يطرح من قبل بشكل رسمي أو غير رسمي, وهذا مبدأ متفق عليه منذ فترة طويلة بين دول حوض النيل, وكذلك عملية نقل المياه خارج الحوض.
توقعت دراسة أمريكية أخيرا إمكان حدوث صراع إقليمي بين دول حوض النيل في حالة الفشل في التوصل إلي اتفاق جماعي حول إدارة هذا الملف الخطير؟ فما هي توقعاتكم بما قيل في هذا الشأن؟ وهل يمكن أن يحدث؟
أنا واثقة تماما من أننا لا يمكن أن نصل للصراع مع دول حوض النيل بأي شكل من الأشكال, لأن التعامل والتفاهم والحوار المستمر الطريق الوحيد والمطروح أمامنا مع دول الحوض, وهذا هو التوجه المصري ولم ولن نحيد عنه.
ما هي توقعاتكم للجولة المنتظرة للدكتور عصام شرف خلال شهر مايو؟
الجولة المنتظرة لرئيس مجلس الوزراء إلي دول حوض النيل في الفترة القليلة المقبلة ستكون علي أعلي درجة ممكنة من الأهمية, ولابد من القيام بها ولا يمكن تأجيلها, وهناك حقيقة تحرك مصري علي المستوي الدولي وعلي المستوي الإقليمي, ولا توجد أي وسيلة إلا ونتطرق إليها, وكان هناك خلال الفترة الأخيرة تحرك مكثف مع دول حوض النيل, وظهرت عدة مؤشرات توحي بأنه سيحدث نوع من الانفراج بالنسبة لملف النيل, وسنبني علي ما يحدث من خلال الروح الجديدة, وأنا أتوقع بناء علي ما سبق أن جولة رئيس مجلس الوزراء عصام شرف ستحدث انفراجة أكبر, وستكون إيجابية بصورة كبيرة, وهذا ما نتوقعه إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.