بعد نحو عشر سنوات من المطاردات الدولية للعقل المدبر لاعتداءات11 سبتمبر2001, وفي انتصار يحسب لإدارة الرئيس باراك أوباما, قتلت قوة أمريكية خاصة أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. الإرهابي في هجوم علي مبني سكني فاخر وحصين مكون من ثلاثة أدوار وتقدر قيمته بأكثر من مليون دولار رصدته الأجهزة الأمنية الأمريكية في بلدة ابوت أباد شمال غرب باكستان. نفذت القوات الأمريكية العملية العسكرية- التي استغرقت40 دقيقة فقط- باستخدام الطائرات المروحية والقوات البرية التي هاجمت المبني الذي يبعد نحو56 كيلومترا عن العاصمة الباكستانية, حيث أسفرت العملية عن مصرع بن لادن وأحد أبنائه واثنين من أعوانه, بالإضافة إلي سيدة لم يتم الكشف عن هويتها استخدمها أحد أعوان بن لادن كدرع بشرية. وأكدت مصادر مطلعة في الإدارة الأمريكية أن العملية العسكرية تأتي كثمرة لأربع سنوات من الجهود المخابراتية الحثيثة لمراقبة وتتبع زعيم تنظيم القاعدة, عبر أحد اتباعه المقربين, والذي تم التعرف عليه قبل عدة سنوات ووصفه عدد من المعتقلين في جوانتانامو بأنه من أهل الثقة المقربين من بن لادن. وأضاف المصدر- الذي رفض الكشف عن هويته- أن المخابرات الأمريكية حاولت علي مدي سنوات طويلة الوصول لهذا الشخص, الذي أكد المعتقلون أنه يقيم مع بن لادن ويتولي مهمة حمايته. وأشار إلي أنه في أغسطس الماضي تلقت المخابرات الأمريكية معلومات حول مقر إقامة هذا الشخص وعائلته في مبني حصين بمنطقة متطرفة خارج العاصمة الباكستانية. وتؤكد التقارير الرسمية أن أبوت أباد تعد مقرا شبه رسمي لضباط الجيش الباكستاني المتقاعدين, إلا أن المنزل الذي كان يقيم فيه بن لادن يتجاوز حجمه ثمانية أمثال المنازل المجاورة. ويخضع هذا المنزل المعزول نسبيا لإجراءات أمنية مشددة, حيث إنه محاط بأسوار عالية تعلوها الأسلاك الشائكة, والمبني له بوابتان كبيرتان يخضعان لإجراءات أمنية مشددة, وحرص سكان هذا الحصن علي مدي الأعوام الماضية علي إحراق مخلفاتهم داخل أسوار المنزل حتي لا يتم استخدامها في التعرف علي هوياتهم. ولم يتم تزويد المنزل بخدمات الإنترنت أو الهاتف لمنع رصده عبر أجهزة الكشف عن الاتصالات أو الأقمار الصناعية. وأوضحت مصادر رسمية أمريكية أن عملية قتل بن لادن تم تنفيذها بعد ظهر أمس الأول بتوقيت واشنطن علي يد قوة أمريكية محدودة, حيث بدأت العملية بغارة جوية لطائرة مروحية علي مقر إقامة بن لادن أعقبها هجوم بري واشتباكات وتبادل لإطلاق النار. وأشارت وسائل الإعلام الأمريكية إلي أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قتل بطلق ناري في الرأس خلال العملية, مستندة في ذلك إلي معلومات حصلت عليها من أعضاء في الكونجرس أطلعوا علي سير العملية من البيت الأبيض, مشيرة إلي إصابة سيدتين واعتقال ثلاثة من زوجات بن لادن. كما أعلن مصدر أمريكي مسئول أنه تم إجراء اختبار للحمض النووي لجثمان بن لادن قبل دفنه ومن المنتظر ظهور نتائجه خلال أيام. وفي كلمة تحمل نبرة النصر قبل بداية معركته الانتخابية, أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما النبأ للعالم فجر الأمس- بتوقيت القاهرة- في بيان للأمة الأمريكية من البيت الأبيض, وأعلن أن القوات الأمريكية نفذت عمليتها ضد زعيم تنظيم القاعدة أمس الأول بعد أن رصدت تحركاته لمدة أسبوع كامل, مشيرا إلي أن العملية نفذتها القوات الأمريكية, وأن جثة بن لادن في حوزة الولاياتالمتحدة حاليا دون تقديم أي تفاصيل حول دور القوات الباكستانية في العملية وسط توقعات بان ترد حركة طالبان الباكستانية بعنف علي مقتل زعيم القاعدة. وقال أوباما في الكلمة التي استمرت9 دقائق إنه يمكنني أن أبلغ الشعب الأمريكي والعالم أن الولاياتالمتحدة نفذت عملية أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن, وهو ما اعتبره أعظم إنجاز في الحرب علي الإرهاب, وأوضح أن أجهزة المخابرات الأمريكية تلقت معلومات في أغسطس الماضي تفيد بأن بن لادن زعيم تنظيم القاعدة موجود في باكستان. وقال: إن مسئولين أمنيين باكستانيين ساعدوا في قيادتنا إلي بن لادن والمبني الذي يختبئ فيه, وأعرب عن شكره للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري علي هذا التعاون, وأكد أنه خلال الأسبوع الماضي قرروا أن لديهم معلومات كافية لشن الهجوم, وأنه أصدر تفويضا بالقيام بعملية للقبض علي أسامة بن لادن وتقديمه للعدالة, وشدد علي أن فريقا صغيرا من الأمريكيين نفذوا المهمة بشجاعة وكفاءة غير عادية, وأضاف أنه لم يتعرض أي أمريكي للضرر, وأضاف أنه بعد معركة بالأسلحة قتل بن لادن واحتفظت الولاياتالمتحدة بجثته. وقال لقد تحققت العدالة.. مقتل بن لادن يعد أهم إنجاز اليوم.. في الجهود المبذولة لهزيمة القاعدة. وأشار إلي إنه جعل العثور علي بن لادن أولوية كبري في حربه ضد القاعدة وقدم تعازيه إلي عائلات ما يقرب من3000 شخص قتلوا في11 سبتمبر2001. وفي الوقت نفسه, أكدت شبكة سي.إن.إن الأمريكية أن الولاياتالمتحدة وضعت كل منشآتها الدبلوماسية حول العالم في حالة تأهب وأصدرت تحذيرا من السفر للخارج بعد خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أعلن فيه مقتل بن لادن. وجاء في التحذير الصادر عن الخارجية الأمريكية صباح الأمس أنه: نظرا للوضع الراهن, فإنه علي الأمريكيين الموجودين في الخارج, البقاء في الفنادق أو المنازل وتجنب الوجود في تجمعات. وعلي الرغم من هذه التحذيرات لم يتم رفع المستوي التأهب الأمني الداخلي من الأعمال الإرهابية في الولاياتالمتحدة حتي الآن. وفي الوقت الذي أشاد فيه رئيس الوزراء الباكستاني بعملية اغتيال بن لادن واعتبرها نصرا كبيرا, إلا أنه أشار إلي أنه لم يكن لديه معلومات مفصلة عن العملية وإن كانت هناك مشاركة من قبل المخابرات الباكستانية, وهو ما تزامن مع تأكيد مصدر مطلع في الإدارة الأمريكية أنه لم يتم اطلاع الجانب الباكستاني علي تفاصيل العملية.