نتيجة الانفلات الأمني في المرحلة الأخيرة, ولضعف القيم لدي بعض الأشخاص, تكررت حوادث الخطف بأنواعه للسرقة أو الاغتصاب أو للحصول علي فدية, وهي كلها ظواهر تهدد المجتمع في أهم عوامل قوته وهو الأمان, لذلك فإن خبراء علم الاجتماع والنفس والجريمة يرصدون خطر. هذه الظاهرة معتبرين أنها غير مسبوقة في مصر لدخول عناصر غير إجرامية إلي ميدان الجريمة من خلال باب الخطف, مؤكدين ضرورة مواجهتها بقوة لأنها تهدد بالأساس فئة الأطفال وتثير قلق الأسر حول تحرك أولادهم. يري الدكتور حسين زهدي الشافعي استشاري الطب النفسي أن مقدمات هذه الظاهرة تعتبر خطيرة إلا أنها تحتاج لتحليل دوافعها وكيفية علاجها, لأن من يرتكبونها من الشخصيات التي لديها استعداد شخصي للجريمة حتي لو لم يسبق لهم ارتكابها, حيث حدد علم النفس هذه الشخصية بالحماقة والرعونة والاندفاع دون النظر في العواقب بدرجة من اللامبالاة نتيجة الضرر الذي يسبهه هذا الفعل من إيذاء للآخرين, فهذا الشخص الذي يبادر بخطف إنسان أو أنثي يتمركز تفكيره وسلوكه حول ذاته, وتكون طبيعتة انتهازية إذ أن خياله يصور له أنه من الذكاء بحيث يتصور أنه أذكي من الآخرين ويحصل علي مايريد بمهارة تساعده علي الافلات من العقاب والوقوع تحت طائلة القانون. وأضاف أن شخصية الخاطف في صورة فرد أو جماعة تكون دائما من النوعية التي نشأت في ظروف الانحلال الاخلاقي أو لسوء التربية خاصة في المناطق الشعبية شديدة الزحام والتي يكون منطقها القوة فقط, فالثقافة هنا قد تكون منحرفة ولكن الأغرب من ذلك أن فئة متعلمة دخلت هذا المجال مما يدل علي أن التعليم لم يكن له تأثيير فيها ولايحقق الهدف من النهوض بشخص وفكر الانسان, وربما يرجع ذلك لمشكلات متأصلة في المجتمع المصري الآن مثل الفقر الشديد أو البطالة وهذا ما حدث في معظم الحوادث الأخيرة فهناك من يطلبون الفدية أو يرتكبون الجريمة بغرض الانتقام من أهل الفتاة أو الطفل لعداوة مسبقة اعتمادا علي غياب الأمن في بعض المواقع, وترجع خطورة مثل هذه الأفعال إلي أن المجتمع يصاب بنوع من الزعزعة تجاه الأمن والأمان وارتباك أحوال الأسر التي تسمع أو تري مثل هذه الأفعال. التربية السليمة ويري الدكتور حسين زهدي أنه لابد من اتخاذ اجراءات مختلفة لمواجهة هذه الظاهرة أولها من خلال تحقيق التربية السليمة السوية بدءا من المنزل إلي المدرسة ودور العبادة والأندية الاجتماعية للتوعية بخطورة تأثير الخطف علي شخص وأسرة المختطف وعلي المجتمع كله فضلا عن تأكيد العقوبات التي سيتعرض لها الانسان آجلا أو عاجلا أمام القانون وأمام الله, كما يجب الاهتمام الشديد بدور الأجهزة الأمنية التي نجحت بالفعل في اكتشاف وضبط الجناة في حادث ابنة السادات أخيرا, ويجب الانفاق علي هذه الأجهزة فالأمن أهم شيء للمواطن قبل الغذاء. وتوفير الامكانات المادية الأساسية لهذا الجهاز, فضلا عن مضاعفة العقاب الرادع لمرتكبي هذه الجرائم لأن الله قال فيها:( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) لأن ساعات الرعب والهلع التي تتعرض لها الفناة وكذلك أسرتها لا توصف عصبيا أو نفسيا فالكل مهدد مادام في مجتمع تحدث فيه هذه الجرائم. وتضيف د. فادية أبو شهبة استاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن سلبية المواطن وعدم اشتراكه في مواجهة مثل هذه الحالات تعتبر أحد أسباب انتشار مثل هذه الجرائم فالمواطن يقول: ماليش دعوة ويترك المجرم يفعل ما يريد مثلما حدث من اختطاف أحد المجرمين لثلاث سيدات من وسط ركاب الميكروباص دون أن يعترضه رجل أو السائق مما يعني أن النخوة نفسها قتلت لدي البعض, فالشخص الذي حدثت الواقعة امامه يخاف أن يضربه المجرم بمطوة أو مسدس فلا يتحرك ولايساعد الضحية ولو بالاتصال بالأمن, وهذا يستوجب أن تتغير المفاهيم وأن يعتبر الانسان أو المواطن الصالح نفسه رقيبا أو رجل شرطة لحماية الضحية حتي يعطي مثلا في مقاومة الجريمة ولأن روح52 يناير الثورية يجب أن تمتد لروح كل المصريين الشرفاء لأن أمن الوطن واجبنا جميعا. غير السوابق وأشارت د. فادية إلي أن خطورة معظم الحوادث الأخيرة في الاختطاف دخلها أناس ليست لهم سوابق في حوادث أو جرائم بل إن كثيرا منهم من ذوي المؤهلات العليا بما يعني أن مفاهيم ومتغيرات جديدة دخلت المجتمع من حيث المفهوم والتعاملات, وربما يرجع ذلك إلي أن رموز الوطن من القيادات سقطت أخلاقيا وكشف النقاب عن أنها كانت مجموعة من اللصوص الذين سرقوا المليارات فيهون ذلك علي ضعاف النفوس أن يتجهوا للابتزاز والخطف والسرقة من منطلق أن الجميع حرامية وسرقتهم حلال خاصة مع ارتفاع الأسعار وانتشار البطالة وقالت: إننا في حاجة لاستعادة النظام والأمن في هذه المرحلة وبسرعة لمنع التسيب والضياع الذي يتعرض له المواطنون والتركيز علي الاعلان الهادف البناء الذي يرشد ويوضح للمواطنين أبعاد المشكلات وأنها تحت سيطرة الدولة من حيث الرقابة والعقاب, وأن ننبذ الاعلان الهدام للقيم والأخلاق الذي يجعل من اللصوص والمجرمين أبطالا سواء بالافلام أو الحوارات, فضلا عن تطبيق القانون الفوري حتي تكون الجريمة متواكبة مع القصاص الذي يصل للاعدام. أما السيد محمود عبدالهادي عناني المحامي بالنقص والدستورية العليا فيري أن الحوادث الأخيرة أصابت الناس بحالة من الخوف والهلع نتيجة أعمال البلطجية مما جعل الأسر تخاف علي ابنائها ونتفرغ أحيانا لتوصيلهم للمدارس وإعادتهم, فالمشكلة هنا أن المجرمين يعتقدون أن الدولة كنظام وقوة وأمن, وأنه يمكنهم الخطف العلني في صورة عصابات لم تشهدها مصر من قبل سواء للانسان أو الممتلكات, مما يستوجب وضع برامج لتأهيل المواطنين ولو إعلاميا لمواجهة المشكلة وعبر التحرك وإلا بلاغ والمواجهة إضافة لتفعيل مواد القانون الخاص بأن الخطف جناية خاصة قانون العقوبات الذي الذي يركز علي سرقة الأطفال وخطف البنات. السجن المشدد وأشار إلي أن المادة882 من قانون العقوبات تحدد عقوبة السجن المشدد لكل من خطف بالتحايل أو الاكراه طفلا ذكرا لم يبلغ السادسة عشرة من عمره سواء قام الجاني بالخطف مباشرة أو بواسطة غيره ويستتبعه نقل الضحية بالقوة والتهديد وتكون العقوبة السجن المشدد3 سنوات وتصل إلي51 سنة, وأن المادة982 من القانون ذاته تنص علي أن العقوبة تشدد إذا كان المختطف أنثي, أما إذا اقترنت جريمة الاختطاف باغتصابها فتكون العقوبة هي السجن المؤبد ليقضي المتهم كل حياته بالسجن, وأنه إذا كان اختطاف الأنثي بالتحايل أو الاكراه سواء من خلال المجرم أو من يساعده فالعقوبة تكون الاعدام.