رأفت سليمان لوعدنا الي الوراء قليلا, وقبل5 سنوات من الان, عندما طفت علي السطح مشكلة نحو90 الف متعثر, وحاولت الحكومة السابقة البحث لهم عن حلول, لإعادتهم الي الحياة من جديد لتنشيط الأقتصاد القومي للأسف تم حل مشكلة جزء قليل منهم, ولم يجد الباقون من يتحمل مسئولية إعادة الحياة لمصانعهم بقرار صائب, وتركوها بلا حلول ليدخل بعضهم السجون, ويهرب البعض الأخر خوفا من السجن, واغلقت الالاف من المصانع, وتشرد عشرات الالاف من العاملين اضيفوا الي طوابير البطالة واصبحت حياتهم الاسرية يرثي لها. وفي عام2005 عندما طرح الرئيس السابق برنامجه الانتخابي, بإقامة الألف مصنع, قامت آلة اعلامية جبارة لهذا البرنامج لنفاجاء بعد انتخابه بشهور قلائل بوزير التجارة والصناعة الاسبق رشيد محمد رشيد يظهر ويعلن أنه تم انشاء عشرات المصانع, وكأنها كانت معلبة وجاهزة, واستمر الاعلان عن الزيادات في عدد المصانع, حتي تجاوزت الالف في اقل من5 سنوات, مع تزايد النفاق الاعلامي للرئيس السابق بهدف اسعاده والكذب علي الشعب. ويكشف الواقع أن عددا كبيرا من برنامج الالف مصنع كان قد بدأ إنشائها قبل البرنامج المزعوم, في نفس الوقت تظهر الحقائق أنه مقابل تنفيذ البرنامج خلال فترة الرئاسه السابقة, اغلقت اضعافها مصانع لم يعلن عنها, لاسباب عديدة علي قمتها التعثر المالي, وعلي سبيل المثال في مدينة6 أكتوبر وحدها يوجد نحو311 مصنعا مغلقة بسبب التعثر..هذا الوضع يطرح سؤالا حول ضرورة حل مشكله المصانع المتعثرة وإعادة تشغيلها بما يساهم في زيادة وتيرة النمو الاقتصادي ومواجهة جيوش البطالة لتكون أول ثمار الثورة تشغيل المصانع المغلقة. طرحت هذا السؤال علي المهندس مصطفي عبيد امين عام جمعية مستثمري6 اكتوبر الذي فاجاءني بالقول ان هناك عديد من المبادرات كانت قد أتخذت من قبل لحل هذه المشكلة..لكن للأسف ونظرا لطبيعة النظام الديكتاتوري لم تفعل هذه المبادرات بالكامل.. وعلي سبيل المثال منذ5 سنوات اتفقت البنوك علي مبادرة تعتمد علي قيام المصنع المتعثر بسداد نسبة30% من اصل الدين علي ان يتم التنازل عن القضايا من جانب البنك لإعادة تشغيل المصنع, وفي حالة سداد نسبة50% يتم إبراء ذمته كاملة, وتم تطبيق المبادرة للمصانع المتعثرة في حدود مديونيات قدرها مليون جنيه للعميل الواحد, واستفاد منها شريحة كبيرة من المصانع الصغيرة والمتوسطة, اعاد اصحابها تشغيلها وكانت المبادرة إيجابيه للغاية.. لكن للأسف توقفت المرحلة الثانية للمبادرة والتي كانت ستطبق علي المديونيات التي تصل الي نحو5 ملايين جنيه لكل شركة, ورفضت البنوك تكملتها.ويضيف لو طبقت المبادرة في مرحلتها الثانية لاستعادة آلاف المصانع والشركات المتوسطة والصغيرة نشاطها, واستوعبت حجم هائل من العمالة. الكلام السابق يعني ان هناك مشكلة قائمة وحلها في يد اللطات النقدية برئاسة الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي المصري بالاتفاق مع كافة البنوك لأعادة تفعيل المبادرة بمرحلتيها الاولي والثانية, وتشغيل آلاف المصانع المتوقفة, وفي هذه الحالة نستطيع تقليل نسبة البطالة وزيادة القيمة المضافة للاقتصاد المصري وتصبح هذه المبادرة حل سريع وعاجل لمواجهة تداعيات وتحديات مرحلة التغيير الثوري. وخلال السنوات الماضية عانت الصناعة المصرية والاستثمار بصفة عامة من انفلات في حدوث عمليات التعثر وغلق المصانع والشركات في كافة قطاعاتهما الانتاجية والخدمية, ويرجع ذلك الي الطريقه المتبعة في مصر لاقراض البنوك للعملاء للحصول عليالتسهيلات الائتمانية وهي لاتمت بصلة الي القانون التجاري الدولي, فعندما يتقدم العميل الي البنك بطلب تمويل لمشروع ما ويطلب تسهيلات ائتمانية يقوم البنك بطلب ضمانات اصلية وضمانات اضافية, ومن الضمانات الاضافية توقيع العميل علي شيكات بأجمالي قيمة الائتمان كاملا مسحوبة علي بنوك اخري غير البنك المتعاقد معه, وعندما يتعثر العميل لظروف خارجة عن ارادته, وبدلا من ان يدعم البنك العميل ويعومه, يتخذ ضده الاجراءات القضائية جنائيا بالشيكات, ويحصل علي احكام بالحبس وبذلك لايستطيع العميل ان يدير مصنعه, ويختفي او يهرب ويتعثر المصنع ويغلق, ليبدأ مسلسل طويل من المشكلات بين البنك الدائن والعميل المدين المحكوم عليه بالحبس, ويصل الامر في احيان كثيرة الي الافلاس, مع استمرار النزاع قضائيا الي عشرين عاما من الاجراءات القضائية والنتيجة النهائية..مصنع مغلق اصبح خرابه لا يصلح للعمل بعد هذه الفترة مع تصريف العمالة وتضاف الي طابور العاطلين. وفي هذه الحالة لايمكن بأي حال من الاحوال أن يحصل البنك علي ديونه وقد يحصل البنك بعد البيع نتيجة الافلاس ما بين20% الي40% علي اقصي تقدير من قيمة الاموال التي منحها للمستثمر بعد20 سنه من التجميد. وتلك المعاناة يؤكدها ترتيب مصر المتأخر في مؤشر تصفية النشاط واغلاق المشروعات فهي تحتل المرتبة131 عالميا من183 دولة عام2010 وهذا يعني ان المستثمر يعاني صعوبات عديدة في الخروج الآمن من السوق وهو ما يعد عائقا لاتخاذ قرارا استثماريا في مصر هذا علي الرغم من مؤشر تأسيس المشروعات جاءت مصر في الترتيب الثامن عشر عالميا وفقا لمؤشرات البنك الدولي. وهنا نطرح سؤالا مهما لماذا لايطبق في مصر مثلما يحدث في اوروبا وبعض الاقتصاديات المتقدمة في مثل هذه الحالات تمشيا مع روح الديمقراطية وبناء مصر الحديثة؟..وان يكون القانون الفاصل هو القانون التجاري, وأي شركه تتعثر لايمكن تطبيق القانون الجنائي علي صاحبها الا اذا ثبت تلاعبه, وماعدا ذلك فلا احكام حبس ومطاردة. في ذات السياق وربما لاتكون مغالاة في الطلب الذي ينادي به العديد من دوائر الاعمال والسياسة بضرورة اعادة الالاف من المصانع المتوقفة والمغلقة الي دائرة الانتاج والعمل لعمل, ومن وجهة نظر الكثيرين سيكون افضل حل لعلاج الخلل في سوق العمل وايجاد عشرات الالاف من فرص العمل في كل ربوع مصر في ضرورة صدور قرار سيادي فورا باعدام الديون علي المصانع المغلقه واعادة تشغيلها وعادة عندما يكون في دولة ثورة وفي اعقاب الثورات تصدر قرارات سياديه مثل الافراج عن المساجين السياسين واعفاء الديون, وفي حالة صدور مثل هذا القرار في الوقت الحالي سوف يكون ذلك قرارا تاريخيا لصالح الاقتصاد المصري حيث سيقضي علي نسبة كبيرة من البطالة, وسيعاد ادارة الشركات المتوقفه سواء بأصحابها او بشركات اداره محترفة مما يزيد الانتاج السنوي لصالح الاقتصاد المصري وفي حالة تعثر وصعوبة مثل هذه القرار السيادي تقترح جمعية مستثمري6 اكتوبر عمل مبادرة المديونيات التي تصل الي50 مليون من اصل دين لجميع الشركات المتعثرة بحيث لو سدد المستثمر20% من اصل الدين, وفي هذه الحالة قد نجد اكثر من70% من الشركات المغلقه قد بادرت بالموافقة علي هذه المبادرة فورا, وهذا في حد ذاته افضل بكثير من الانتظار سنوات طويلة لبيع المصانع في مزاد علني والحصول علي20% الي40% من اصل الدين وربما هذه الشركات بعد بيعها في مزاد تتحول علي مشروعات غير صناعية كما انه من الواجب القومي في هذه الفترة وهذا النداء نوجهه الي محافظ البنك المركزي بضرورة قيام البنوك المصريه ضخ ائتمان بشكل مرن لتحريك عجلة الانتاج بسرعة تتناسب وتتوازن مع الاستهلاك بما يحسن الاقتصاد المصري في السنوات القليلة المقبلة, خاصة وان هناك مايقرب من400 مليار جنيه ودائع في البنوك غير مستغله ائتمانيا ونسبة القروض الي الودائع52% مما يعني ان هناك سقفا للتمويل جاهز للمشروعات الجديدة, وهذا في منتهي الخطورة علي الاقتصاد.واخيرا الموقف بعد ثورة25 ينايريحتاج الي ثورة فكريه سريعة الحركه لتحويل السلبيات الي ايجابيات وانا شخصيا متفائل الي اقصي حد.