الصباح مازال مبكرا علي هذا القدر من الفوضي العارمة في الشارع, السيارات متراصة خلف بعضها بعضا وفي مواجهة بعضها بعضا في مشهد عبثي, وكل سائق يشخط وينطر ويصرخ, المدهش أن للشارع اتجاها واحدا, فكيف أتت كل هذه السيارات من الاتجاه المعاكس؟! سألت نفسي: هل السير في عكس الاتجاه جزء من الثورة المضادة أم هي فوضي مضادة؟! هل فيكم من يعرف إجابة؟! اقتحام الملعب في مبارة الزمالك والإفريقي التونسي ثورة مضادة, اعتصامات وتعطيل دولاب العمل ومطالب فئوية ثورة مضادة, قطع أذن مواطن مصري قبطي ثورة مضادة, حرق ضريح في المنوفية ثورة مضادة, ارتفاع أسعار السلع ثورة مضادة, هجوم عنيف من أولياء الأمور علي مدرسة إعدادي وطرد مدرسيها وإغلاقها ثورة مضادة, توحش الميكروباصات في كل المدن المصرية ثورة مضادة, سقوط أكثر من1200 قتيل في شهر واحد ثورة مضادة, السطو المسلح علي ركاب قطار رشيد المعمورة ثورة مضادة...الخ. ما كل هذه الثورات المضادة؟! ولماذا هي بهذا الحجم الكبير الذي يكاد يوقف حياتنا عن الدوران؟! كيف تبدو كما لو أنها أكثر تأثيرا من ثورة المصريين في25 يناير؟! لكن السؤال الأهم: لماذا لم نضبط ولا واحد من الثوار المضادين لنعرف أصل الحكاية؟! هل هم من الأشباح أو الشياطين أو الكائنات الفضائية أو من لابسي طاقيات الإخفاء؟! هل سنظل نسمع فقط عن الثورة المضادة ونصف كل حادث بشع يقع لنا ويعوق تقدمنا إلي الأمام بأنه من تدبير طيور الظلام وذيول العهد البائد وخفافيش الفساد؟! قطعا هناك أصحاب مصالح مع النظام القديم, وقطعا هم يحاولون تعطيل المراكب السائرة وتجميد الزمن عند هذه اللحظات فلا يأتي زمن جديد, لكن أيضا نحن لم نتغير, ولم نعرف بعد قيمة ما صنعنا وكيف ندفعه إلي الأمام, فنحن مازلنا نرتكب نفس الحماقات والتصرفات التي عشنا بها في الزمن الماضي, وكانت تزيد من صعوبة حياتنا في الشارع والعمل, لم نتحل بعد بالقيم التي فاحت من ميدان التحرير إلي كل أرجاء مصر, بل اشتعلت فينا قيم الفوضي, وأتصور أن هذا هو أخطر أعدائنا, أو علي وجه الدقة هذه هي الثورة المضادة الحقيقية..فهل يمكن أن نفيق؟! [email protected] المزيد من أعمدة نبيل عمر