تأكدت تماما من وجود ما يسمي بالثورة المضادة وقواها التي تعمل جاهدة للانقضاض علي ثورة 25 يناير وتعطيل أهدافها المجيدة بعد أن شاهدت تلك الأحداث المؤسفة التي صاحبت مباراة الزمالك والأفريقي التونسي واندفاع المئات إلي أرض الملعب من مختلف الاتجاهات قبل نهاية المباراة مباشرة يحملون الأسلحة البيضاء والعصي والشوم ويتجهون في مشاهد مذرية لضرب الحكم والاعتداء علي لاعبي الفريق التونسي. ولاشك أنهم ليسوا من مشجعي نادي الزمالك وشبابه الذين شاركوا بالتأكيد في ثورة التحرير ويعلمون جيدا أن تونس هي التي ألهمتنا شرارة الثورة وأن شبابها ظل يساند شبابنا منذ بداية الثورة حينما كانوا يرسلون إليهم كيفية استخدام زجاجات الخل والمياه الغازية للحماية من الأدخنة الخانقة للقنابل المسيلة للدموع وحتي نهاية الثورة بالتظاهرات المؤيدة لهم في كل مكان. وللأسف مما ساعد علي استفحال الوضع داخل أرض الملعب في استاد القاهرة الغياب الأمني الواضح ووجود عدد قليل جدا من رجال الشرطة والأمن المركزي الذين لم يتدخلوا بحجة الخوف من تطور الأوضاع بينهم وبين الشعب مرة أخري. ولا يخفي علي أحد أن ما حدث هو امتداد لما يحدث في مختلف أرجاء الوطن من انتشار للبلطجية والخارجين علي القانون وزيادة عدد الاعتصامات الفئوية التي كلما حل عدد منها ارتفع سقف مطالبها بصورة قد تبدو تعجيزية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية لأغراض غير معلومة ولا مفهومة غير أن الواضح منها هو محاولة إنهاك الجيش في الشئون الداخلية والوقيعة بينه وبين الشعب بنشر الأكاذيب وإطلاق الشائعات وبث الفتن والدسائس بهدف النيل من مكتسبات الثورة العظيمة ناهيك عن فتاوي رجال الدين المتشددين التي تضر بالمجتمع وتقلب عنصرية بعضهم علي البعض الآخر. ولا عجب من ذلك ففي كل الثورات المنتصرة يوجد ما يسمي بالثورة المضادة لها من يخطط وينفذ ويتابع بغرض إشاعة الفوضي في البلاد والندم والحسرة علي مافات المهم ألا ينقاد الشعب المصري وراء تلك الممارسات ويبتعد عن تصديق الشائعات.. وليعلم أن النظام السابق قد رحل ولن يعود وأن شباب 25 يناير لم يسمحوا لأصحاب تلك الثورة المضادة بالالتفاف علي ثورتهم العظيمة وسيقف الجيش جنبا إلي جنب لحماية الثورة العظيمة وتحقيق مطالب أصحابها. ولكن يبقي السؤال إلي متي سيظل الأمن غائبا عن أداء دوره في تلك الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد؟ من الواضح أن رجال الشرطة لديهم القدرة علي ضبط الأمن والتعامل مع المجرمين والخارجين علي القانون بدليل قيامهم بالقبض علي مختطفي زينة عفت السادات في خلال 24 ساعة فلماذا التخوف إذن وعدم الثقة في التعامل مع المواطنين وعدم التواجد في الشارع المصري؟ أعتقد أنه آن الأوان لنزول رجال الأمن بكثافة في جميع شوارع مصر وأن يتحملوا واجباتهم بكل دقة وحسم في تأمين الشارع المصري وردع البلطجية والمجرمين بالتعاون مع أفراد القوات المسلحة ليصبح الشعار «الجيش والشرطة والشعب إيد واحدة».