جاء قرار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر, بتشكيل لجنة قانونية وفقهية متخصصة لمراجعة القانون103 لسنة1961, واعادة تشكيل هيئة كبار العلماء. ووضع ضوابط جديدة تضمن نزاهة اختيار الإمام الأكبر, واختيار وكلاء لشيخ الأزهر مسئولون عن الأوقاف ودار الإفتاء وجامعة الأزهر.ليلقي الكثير من الجدل حول دور الأزهر وآليات تطويره!! هبت رياح التغيير علي الأزهر بعد نجاح ثورة يناير, ولم تعد تلك الرغبة وقفا علي شيوخه وعلمائه, ولكنها عرفت طريقها الي شبكة الانترنت, حيث أنشأ مجموعة من المدرسين الأزهريين علي الموقع الاجتماعي المعروف الفيس بوك جروبا يطالبون فيه بإعادة انتخاب الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر, إذا ما تم العمل بنظام الانتخاب, كنوع من رد الجميل بعد تثبيتهم, وفي رحاب الأزهر الشريف اندلعت مظاهرات أخري تطالب باعادة النظر في قانون الأزهر واختيار شيخه بالانتخاب لا بالتعيين, وطالبوا باستقلال الأزهر ماليا واداريا عن الجهة الإدراية. واستمر الجدل حول اعادة النظر في قانون الأزهر الي ان أعلن الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر عن تشكيل لجنة برئاسة المستشار طارق البشري لإعادة النظر في قانون الأزهر, وتشكيل هيئة كبار العلماء وانتخاب شيخ الأزهر, ولم تتوقف المطالب عند هذا الحد, فقد طالب الامام الأكبر بالاستقلال المالي والإداري التام عن الدولة, واختيار وكلاء للازهر للاوقاف والإفتاء. تاريخ المشايخ كان يتم انتخاب شيخ الأزهر عن طريق هيئة كبار العلماء التي ألغيت بعد إقرار القانون103 لتنظيم الأزهر عام1961 وتم استبدالها بمجمع البحوث الإسلامية, بحيث يتم انتخاب شيخ الأزهر من هيئة من كبار العلماء والباحثين في الشريعة الإسلامية تتولي ترشيح فئة من أهل العلم والرأي للاختيار من بينهم, كما كان معمولا به في السابق, حيث كان تنصيب شيوخ الأزهر يتم باتفاق شيوخ الجامع الأزهر وعلمائه فيما بينهم, فإذا أجمعوا أمرهم علي اختيار أحد العلماء أخطروا ديوان أفندي سكرتير عام ديوان القاهرة ليقوم بإبلاغ الوالي العثماني باسم الشيخ الجديد. ومع تولي أسرة محمد علي الحكم في مصر بدأ التدخل واضحا في عملية اختيار شيخ الأزهر, ومع تطوير الأزهر ظهرت جماعة كبار العلماء سنة1239 ه 1911 م في عهد المشيخة الثانية للشيخ سليم البشري, ونص القانون حينها علي أن يكون اختيار شيخ الجامع الأزهر من جماعة كبار العلماء, ومع صدور القانون رقم103 لسنة1961 الخاص بتطوير الأزهر ألغيت هيئة كبار العلماء وحل محلها ما عرف باسم مجمع البحوث الإسلامية, والذي يتكون من خمسين عضوا علي الأكثر, كان من بينهم في بداية نشأته ما لا يزيد علي عشرين من غير المصريين من كبار علماء العالم الإسلامي, ولا تسقط العضوية إلا بالوفاة أو الاستقالة أو العجز الصحي, والمجمع وحده هو الذي يقرر إسقاط العضوية,وهو من ينتخب أحد المرشحين بالاقتراع السري وبأغلبية الأصوات, ويتم اختيار شيخ الأزهر من بينهم عن طريق رئيس مصر. لجنة لتغيير القانون وحول دوافع هذا القرار يقول الدكتور أحمد الطيب: قانون الأزهر أضعفه كثيرا وعطل دوره الدعوي داخليا وخارجيا, ونال من صورته بعد ان كان المرجع الأول والأخير للمسلمين في كل مكان في شتي بقاع العالم, وقد آن الأوان ان يستعيد الأزهر تلك المكانة العالية, وعلي كل مخلص من ابناء المؤسسة الأزهرية أن يسعي جاهدا الي تحقيق هذا الهدف, مواكبة لما تمر به مصر والعالم الإسلامي من متغيرات بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وانطلاقا من الدور التاريخي والريادي للأزهر الشريف في دعم الحركات الإصلاحية التي نادي بها علماؤه المخلصون وعملوا علي تحقيقها قدر استطاعتهم طوال عمره المديد, وانطلاقا من تلك الرؤية فقد تم تشكيل لجنة لاعادة النظر في قانون الأزهر, يترأسها المستشار طارق البشري, وتضم في عضويتها عددا من خبراء القانون وعلماء الفقة من ابرزهم الدكتور محمد كمال امام استاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية, والدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر السابق, والدكتور محمد سليم العوا, ومن المنتظر الانتهاء من التشكيل النهائي للجنة خلال الأسبوع المقبل. كما تقرر تشكيل لجنة علمية أكاديمية مماثلة من المتخصصين من داخل الأزهر وخارجه للنظر في المناهج الأزهرية في جميع مراحله التعليمية وبما يحقق الاستفادة من علوم التراث والانفتاح علي علوم العصر التقنية والإنسانية والثقافية, وايضا تشكيل لجنة مالية متخصصة لفحص موارد الأزهر وسبل تأمينها وضرورة استعادة الأوقاف التي أوقفها اصحابها علي الأزهر وعلمائه وطلابه تحقيقا للاستقلال المالي للأزهر والذي هة شرط لاستقلاله وتحرره محليا وعالميا. انتخاب شيخ الأزهر هل يعني ذلك انتخاب شيخ الأزهر, وما الفرق اذن بين مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء؟! يجيب الدكتور أحمد الطيب قائلا: لا نمانع من اختيار شيخ الأزهر عن طريق الانتخابات, بدلا من التعيين, وسبق لي ان ناديت بذلك, وكان هذا الأمر من ضمن اولوياتي, وهذا هو الوقت المناسب لإعلانه في ظل تعطيل الدستور الحالي, ووضع دستور جديد للبلاد, ومنصب شيخ الأزهر كان بالتعيين في كل العهود السابقة لكن لا مانع من اختياره بالانتخاب الآن من هيئة كبار العلماء فقط, التي سيتم وضع شروط دقيقة لاختيار أعضائها, من مصر والعالم الإسلامي كما كانت في سابق عهدها, ولكن ذلك لايعني اختيار شيخ الأزهر من خارج مصر, بعد هذا العمر المديد للأزهر الشريف الذي تحول الي مؤسسة مصرية الجنسية عالمية المرجعية, ولكن يجب أن نوضح أنه لا يمكن أن يتم انتخاب شيخ الأزهر من قبل الجمهور لأن منصب شيخ الأزهر منصب ديني وليس شخصية عامة, ولابد أن ينتخب من قبل هيئة كبار العلماء التي سيعاد تشكيلها, وسينضم لها العلماء وفق ضوابط وشروط صارمة, لاختيار شيخ الأزهر من بينهم كما كان يحدث علي مدير التاريخ, فلم يحدث ان تم الاقتراع علي منصب شيخ الأزهر في انتخابات عامة, ومن شأن تلك الرؤية أن تحقق للأزهر استقلاله وتعيد اليه عالميته من خلال تلك التعديلات التي لن تكلف ميزانية الدولة شيئا. كما يتضمن تعديل القانون103 لسنة1961 قانون تطوير الأزهر بحيث يكون هناك ثلاثة وكلاء لشيخ الأزهر, كل منهم بدرجة وزير, مسئولون عن الأوقاف والجامعة والافتاء, والاقتراح يستهدف أيضا تحرير جامعة الأزهر حيث يربطها القانون103 بالمشيخة ورئيس الوزراء, و يجب أن تكون مثلها مثل أي جامعة مصرية بما يعني زيادة موازنتها التي لا تصل الآن إلي ما يعادل نصف ميزانية جامعة القاهرة رغم ان عدد طلابها ضعف عدد طلاب جامعة القاهرة. وقد تعهد الدكتور عصام شرف بدعم رؤية الأزهر التي تستهدف إعادته إلي سابق مجده, وهذا التصور المقترح يعد مسألة تنظيمية لا تكلف الدولة الكثير ماديا, وسيتم رفع مذكرة مختصرة بهذا التصور الذي يرتضيه الأزهر إلي مجلس الوزراء, والتنسيق مع وزارة الأوقاف لحصر أوقاف الأزهر, ودراسة أفضل طريقة لإدارتها. صعوبة الاستقلال جاء رأي الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية, وعضو لجنة تطوير الأزهر التي شكلها الدكتور أحمد الطيب مفاجئا, وقبل أن تبدأ اللجنة في عملها اعلن رفضه استقلال الأزهر عن الدولة تماما وتساءل: كيف لنا بميزانية تتجاوز المليارات ومع هذا نشكو ضعفها,وقال إن ما يطرح عن عائد أوقاف الأزهر لا يكفي للإنفاق علي التعليم وغيره من قطاعات الأزهر, ورأي أن تحقيق الإرادة الذاتية للأزهر وإصدار الفتاوي دون مجاملة الحكام إنما تتوقف علي شخص الإمام الأكبر نفسه والأجهزة التابعة له,وأشار إلي عدد من شيوخ الأزهر الذين ردوا عددا من المشاريع بعد ثورة1952, وصدرت آراؤهم بما يتفق والدين الاسلامي. كما تحفظ د.عبد الفتاح علي تحديد مدة الإمام الأكبر قائلا: هذا أمر غير سوي,فإذا توافرت الشروط التي نتمناها في شيخ الأزهر وعلي رأسها قول الحق والقدرة علي المواجهة والحكمة فلماذا نفرط فيه.. أما إذا لم يكن علي المستوي المطلوب فيمكن لهيئة كبار العلماء أن تسحب الثقة منه,وتحدث الشيخ عن قواعد اختيار هيئة كبار العلماء لتحل محل مجمع البحوث الإسلامية وفق ضوابط جديدة أو تماثل ضوابط مجمع اللغة العربية. وقال ان النظام القائم في المجمع حاليا هو التقدم بطلب لشيخ الازهر مزكي من فردين من اعضاء المجمع ويعرض للاقتراع, ويري أن هذا الاجراء غير كاف, فلابد ان يكون العضو علي درجة رفيعة في التخصص الشرعي وان يتقدم بابحاثه ونشاطه العلمي وايضا ألا تكون له فتاوي صدرت سابقا مخالفة لما عليه رأي جمهور المسلمين. وأضاف الدكتور عبد الفتاح الشيخ واري ان تقتصر هيئة كبار العلماء علي المتخصصين في العلوم الشرعية ويضم اليهم خبراء يستعان بهم عند الحاجة في الاستفسار عن أمر يتوقف عليه الافتاء,وهؤلاء الخبراء ليس لهم حق التصويت عند إبداء الرأي الشرعي. ورفض د.عبد الفتاح الشيخ ضم الإفتاء للأزهر واستحداث منصب وكيل الأزهر لشئون الافتاء,ورأي أنه هيئة مستقلة ويجب أن يظل منفصلا, كما رأي أن تبعية الأوقاف من خلال منصب وكيل للاوقاف يمثل عبئا علي شيخ الازهر الذي له مشاغله علي مستوي العالم العربي والاسلامي واضافة شئون الاوقاف والافتاء يحمله اعباء لا قبل له بها, حتي الوكيل سيكون تحت عينه في كل ما يصدر من قرارات وهذا شغل شاغل, والهيئة فيها من المشاكل والاعباء ما تجعلها ان تستقل عن الدعوة, من الممكن ان يتبع الدعاة الامام الاكبر, لان الدعوة احد العناصر الاساسية في هيئة الازهر,وهيئة الاوقاف يغلب عليها الجانب المالي فما الذي يوقع الامام في هذه المشاكل المالية. انجاح الفكرة واذا كان الدكتور عبد الفتاح الشيخ يرفض فكرة الاستقلال المالي والإداري للازهر, فإن الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية وعضو مجمع البحوث الاسلامية يري في اعادة تشكيل هيئة كبار العلماء التي تم استبدالها في السابق بمجمع البحوث الإسلامية, واعادة النظر في المناهج التعليمية هو السيبل للنهوض بالآزهر واعادته الي مكانته العالمية السابقة بعد ان عاني لسنوات طويلة من التهميش بسبب القانون103 لسنة1961, كما يطالب الجميع بإنجاح تلك التديلات وتحقيق الاستقلال المالي والإداري للازهر الشريف البداية من التعليم وحتي يعود الأزهر إلي رسالته السامية والعالية والجديرة بالاحترام لابد أن نهتم برسالة الأزهر الأولي ألا وهي الرسالة العلمية.. هذا ما أكده الدكتور عبد الله بركات عميد كلية الدعوة الأسبق الذي قال: الرسالة العلمية في الأزهر تسير علي مرحلتين, الأولي مرحلة ما قبل الجامعة, والثانية الجامعة, وبالنسبة لمرحلة ما قبل الجامعة نجد أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خطي بعض الخطوات من أجل أن يعود الأزهر في هذه المرحلة إلي سيرته, لكنها خطوات حسيسة وبطيئة, ومازلنا نحتاج إلي خطوات أخري مماثلة, ولا يمكن أن نحمل الشيخ ما لا يمكن أن يتحمله الإنسان, لكني أطالبه بأن يوزع أعباء عمله علي المخلصين من أبناء الأزهر فهم كثر, ويجب ألا يقتصر علي من يعرفهم فقط دون غيرهم, فكفي تهميشا للكفاءات وكفي إبعادا لمن يستطيع أن يعطي الأزهر, فيجب أن يستفيد من كل إنسان أفضل ما فيه. ويضيف: إن اللبنة الأولي في مرحلة التعليم قبل الجامعي تستطيع أن تؤتي ثمارها بثلاثة أمور.. الأول رفع يد خبراء المناهج في وزارة التربية والتعليم عما يدرس في الأزهر.. فمن العيب الشديد أن يدرس في الأزهر كتاب في التربية الدينية أو اللغة العربية أو أحد فروعها يأتي من وزارة التربية والتعليم والأولي أن يكون نابعا من الأزهر ويعطي للتربية والتعليم وليس العكس,والأمر الثاني الاهتمام بالقرآن الكريم, فالقرآن هو الذي يقيم اللسان العربي ويعطي قريحة الذهن أبعد مداها ويعطي الإنسان ملكة البيان وناصية التعبير عن مكنون نفسه, ولن يحدث ذلك إلا بعودة الكتاتيب مرة أخري فالكتاب هو الذي خرج عمالقة الأزهر قديما, والأمر الثالث لابد أن يعيش الطلاب مع المناهج المقررة الشرعية ميدان التربية, فالمشكلة الكبري أن الأساتذة في واد والطلاب في واد آخر, فلا يصلح في الأزهر أن يتحول المعلم إلي مضيع للمبادئ بمعني أنه علي سلوك يخالف ما يقول, فيأمر أولاده بالصدق في الآية التي يشرحها وهو يكذب عليهم مائة مرة, فنحن نريد أساتذة يغرسون القيم والمبادئ في الأطفال, فالتربية السلوكية هي الأساس الذي لا يمكن أن نغفله. وبالنسبة للتعليم الجامعي فأري أن أول ما يلزمنا في هذه الآونة ألا نتعلل بقانون ولا قيود فإن الثورة قد وقعت علي أرض مصر لتغير واقعها, وينبغي أن نحطم كل القيود, وأول خطوة يجب أن تتحقق لإصلاح التعليم الجامعي يتصل بإدارة الجامعة, فلابد أن يتم انتخاب عميد ووكيل الكلية ورؤساء الأقسام, والخطوة الثانية هي المقررات فالمناهج تحتاج أحيانا إلي تأصيل وأحيانا إلي تبسيط, فللأسف الكليات تعتمد علي الدراسات التلقينية وكم يحفظ الطالب, وليس له جهد لأن يفكر ولا أن يفعل ما يحفظ ولا يربطه بالواقع ولا يطبقها في واقع الحياة, كما أن الكليات تعاني نقصان الأدوات المساعدة التعليمية, ولابد للعميد المنتخب أن يبحث هذه الاشكاليات, وكيف يفعل دور الطلاب, وكيف يبني العقل الممنهج علميا, وكيف يعلمه ويربيه علي العطاء الجماعي وليس العطاء الفردي. وأشار إلي أنه من الأمور المهمة إصلاح العلاقة بين المعلم والمتعلم, فنحن في حاجة إلي إصلاح خلل كبير لا يمكن أن ننكره في شخصية الأستاذ, فيجب أن تختفي صورة الأستاذ الذي يري أنه أستاذ جامعي يرسب من يشاء وينجح من يشاء, ويفرض وجه نظره علي الطلاب, فالإسلام يرفض أن نفرض حتي الإسلام قال تعالي:( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي), فكيف يحمل استاذ طلابه علي أيدلوجية معينة أو علي مدرسة إسلامية بعينها أو علي مذهب بعينه أو علي فكرة بعينها, أو جماعة بعينها.. فهذا خلال ويجب أن ينتهي خاصة في العلوم الشرعية,. توفير الموارد قبل الاستقلال ولأن استقلال الأزهر عن الدولة ماليا وإداريا من أول المطالب التي طالما ينادي كثير من دعاة الإصلاح والتطوير بالأزهر, إلا أن ذلك بالقطع يقتضي توفير ميزانية هائلة لتلبية نفقات الأزهر بقطاعاته المتعددة الدعوية والبحثية والتعليمية, لاسيما إذا علمنا أن الأوقاف الخاصة بالأزهر التي كان يعول عليها للقيام بهذا الدور تم استردادها بالفعل, ولا تدر سوي مائة مليون جنيه سنويا في حين أن نفقات الأزهر مجتمعة قد تتجاوز ثلاثة مليارات! من هنا يحذر الدكتور محمد أبو زيد الفقي العميد الأسبق لكلية الدراسات العربية والإسلامية بكفر الشيخ من المطالبة باستقلال الأزهر ماديا وإنهاء تبعيته للدولة قبل توفير موارد حقيقية متجددة قادرة علي تلبية نفقات الأزهر, وإلا فإن الدعوة إلي الفصل كما يقول الفقي تكون كلمة حق يراد بها باطل, لأنه إذا تم فصل الأزهر بهذه الطريقة العشوائية فإن الأزهر سينكمش ثم يموت ويتم القضاء عليه نهائيا! وأردف الفقي قائلا: إن هذا لا يعني رفضه للاستقلال المادي, مؤكدا أن الاستقلال مطلب مهم ولكنه لابد أن يكون مقيدا بتوفير الموارد أولا, لكن النهوض بالأزهر يقتضي علي الفور استقلال الأزهر في خططه التعليمية, وفي آرائه ومواقفه وفتاواه بشكل واضح وقاطع, دون التقيد بسياسة أو حسابات معينة تحول دون قول الحق كما يرضي الله عز وجل. ولا شك أن انتخاب شيخ الأزهر يحقق هذا الاستقلال المعنوي الذي يتوقف علي شخصية شيخ الأزهر سواء استقل الأزهر ماديا أو لم يستقل. ويدعو الفقي إلي التركيزعلي العناية بالمبعوثين وتقديم لهم من الدعم لهم ما يناسبهم ويلبي ضرورياتهم, فهم سفراء مصر والأزهر في بلادهم, ويمكن استثمارهم في خدمة مصر واقتصادها فيما بعد إذا أحسن رعايتهم وإكرامهم خلال فترة الدراسة..ولتحقيق هذا الهدف يطالب د. الفقي بإنشاء هيئة أمناء لمدينة البعوث للوافدين مستقلة عن الأزهر تكون مهمتها تبني مشاكل الوافدين ومساعدتهم ماليا وعلميا. وكخطوة مهمة في سبيل الاستقلال المالي يقترح د. الفقي فتح فروع جديدة للأزهر من حيث المعاهد والكليات بالدول الغنية بالخارج, علي أن يكون التعليم بها بمقابل مادي تعليم خاص كما هو الحال لفروع الجامعة الأمريكية الموجودة في مصر, ونكون بذلك قد جمعنا بين نشر التعليم الديني والاستثمار في الوقت نفسه. ولا مانع أيضا من إنشاء صندوق خاص لدعم الأزهر ومخاطبة رجال الأعمال المسلمين في مصر والعالم الإسلامي كله للإسهام في هذا الصندوق ووقف هذه الأموال واستثمارها بما يدر عائدا متجددا للأزهر يستطيع علي أثره الانفصال عن الدولة دون القلق من انهياره أو تراجع دوره. نقطة أخري يلفت إليها الدكتور الفقي لعودة هيبة ومكانة الشيخ لدي الناس, وهي ضرورة عودة وزير الأزهر الذي يعني بشئون الأزهر الإدارية وأن يتفرغ الشيخ للنواحي العلمية والقرارات المهمة فقط التي يعجز غيره أن يقوم بها, فلا يليق بمن يشغل منصب شيخ الأزهر أن ينشغل بكل صغيرة وكبيرة وتوقيع أوراق إدارية تستهلك من وقته وجهده الكثير, ولا شك أن ذلك سيكون خصما من أمور أخري أجدر أن يقوم بها شيخ الأزهر, فضلا عن الشبهات المالية التي قد تدور حول الشيخ وهو في غني عنها. دولة الأزهر أما الدكتور محمد حسين توفيق عويضة نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق فيحمل رؤية مختلفة لاستقلال الأزهر حيث لم يكتف بمجرد الاستقلال المالي والمعنوي فقط, بل يطالب بأن يكون الأزهر دولة مستقلة داخل مصر مثل الفاتيكان في روما, يسمي دولة الأزهر هدفها نشر الإسلام الصحيح الوسطي المعتدل, وأن يكون لدولة الأزهر سفراء في كل بلدان العالم, وأوضح أنه لا يليق بالأزهر بما له من قيمة وقامة أن يكون مجرد مؤسسة عادية داخل الدولة, وقد آن الأوان أن يتحقق له ذلك. وأضاف عويضة أنه لتحقيق هذه الاستقلالية المرجوة للأزهر يجب سن ميثاق جديد لدولة الأزهر, يتكون من مجلس أمناء تشارك فيه جميع الدول الإسلامية ويكون الشيخ مصريا, علي أن تلتزم كل دولة بدفع اشتراك سنوي لدولة الأزهر الجديدة, كما هو الحال في اشتراكات جامعة الدول العربية أو الأممالمتحدة وغيرها, مع مراعاة أن يغطي هذا الاشتراك في مجموعه نفقات الأزهر وزيادة, بما يحقق الاستقلالية المادية المطلقة وعدم التبعية لميزانية الدولة, ومن ثم عدم التأثر بأي ضغوط سياسية.. هذا بالإضافة إلي فتح باب التبرعات لكل مسلمي العالم من رجال الأعمال والموسرين الغيورين علي الأزهر وما أكثرهم لتكوين موارد وأوقاف جديدة للأزهر, فالأزهر في غير مصر له من المكانة والتقدير ما لم يتخيله أي مصري, وأثق بأنه لن يبخل علي الأزهر مسلم في أي مكان بالعالم..وحينئذ ستكون لدولة الأزهر من الموارد ما يكفيها للاستقلال عن الدولة وعن النظام. ولفت عويضة إلي أهمية عودة هيئة كبار العلماء إلي سابق عهدها قبل أن يحل محلها مجمع البحوث الإسلامية, وأشار أيضا إلي التركيز علي دور الأزهر بالخارج لتحقيق عالميته وذلك باستعادة المراكز الإسلامية بالخارج والتوسع في هذه المراكز, بالإضافة إلي إنشاء إدارة جديدة تكون مهمتها الاتصال بالشعوب الإسلامية بالخارج.