البداية الحقيقية لثورة الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية التي أطلقتها ثورة52 يناير تتمثل في كشف الفساد السياسي الذي كرس مناخا معتما أفرخ ممارسات قمعية واستبدادية شوهت الحياة السياسية المصرية, وأدي إلي ظهور كيانات حزبية ضعيفة وهشة نظرا لمحاصرتها ووأد حركتها في الشارع. وكان الهدف أن يبقي الحزب الوطني الحاكم مهيمنا ومسيطرا استنادا إلي التزوير, وهو ما بدا فجا وصارخا ومناهضا لأي ممارسة ديمقراطية في برلمان1102, وهو أمر أفسد الحياة السياسية, وشكل هذا الفساد السياسي السبل لنهب ثروات الوطن, علي نحو ما يتضح من ملفين أساسيين هما الخصخصة, وبيع الأراضي, ناهيك عن الملفات الأخري. ومن ثم, كان إسقاط نظام مبارك مقدمة لبدء حياة سياسية ديمقراطية, وهي تعتمد علي إزالة المعوقات التي كانت تعترض تشكيل أحزاب جديدة, ومن هنا يأتي الاتجاه لتعديل قانون الأحزاب بحيث يسمح بإنشاء الأحزاب فور الإخطار. ويصبح المعيار لإمكان فوز أي حزب في الانتخابات هو برنامجه وأداء أقطابه وأعضائه, وهذا ما يحدث في كل الدول الديمقراطية في العالم. وهنا قد يمكن الإشارة إلي التجارب الديمقراطية التي بدأت في دول أوروبا الشرقية عقب ثورة التحول السياسي والديمقراطي التي أطاحت بالنظم الشمولية الاستبدادية, فقد كان مسار هذه الدول نحو الديمقراطية جادا ومدروسا, وتمكنت من تخطي العقات والرواسب القديمة. وثمة مسألة مهمة يتعين الإشارة إليها في هذا السياق, وهي أن الممارسة الديمقراطية من شأنها تهميش التيارات المتعصبة والمتطرفة. ولعل أبرز دليل علي ذلك أن ألمانياالغربية التي تشكلت عقب هزيمة النظام الشمولي النازي في الحرب العالمية الثانية, قد تمكنت من إرساء نظام ديمقراطي, قادر علي تهميش التيارات النازية وإقصائها بعيدا عن المشهد السياسي للبلاد. وفي ضوء هذا, فإن مصر الديمقراطية سوف تصنع حياة سياسية جديدة, تنهض بالوطن, وتحقق للمواطن الحرية والعدالة الاجتماعية.