مما لا شك أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر, قد أثرت تأثيرا كبيرا في جهاز الشرطة من نواح عديدة, فقد اختفي فجأة جهاز الشرطة في القاهرة الكبري والاسكندرية السويس, وبعض محافظات الصعيد, ولم يعد هناك أمن في البلاد, وسمعت استغاثات لمواطنين ومواطنات من أعمال نهب وسرقة وسطو, وحدثت تعديات علي أعداد كثيرة من مقار الشرطة. وتعرض مبني الوزارة الحصين لمحاولة اقتحام, لولا تدخل قوات الجيش. ومن ناحية أخري تعرضت بعض سجون مصر لهجوم كاسح من بعض الأشقياء والعصابات المنظمة, مما كشف عن هشاشة الحراسة وخطط التأمين, خلال ذلك كما سقط بعض الشهداء دفاعا عن مواقعهم. وهو الأمر الذي تسبب في حدوث كوارث أمنية قاسية, وربما لم يكشف النقاب عن الجزء الاكبر من تلك الكوارث وبعضها سوف يضيع بسبب بعض العادات الاجتماعية. بعد عشرة أيام من اندلاع تلك الاحداث وفي يوم4 فبراير1102 بدأ نزول رجال الشرطة علي استحياء فنزل رجال المرور في الشارع, وفتحت اقسام الشرطة ومديريات الأمن, كما تعالت أصوات بعض ضباط الشرطة في أجهزة الاعلام تحاول نفي تهمة الجبن والتراجع عن ابناء الجهاز الشرفاء والواقع ان جهاز الشرطة تعرض بعد الثورة لنكسات عديدة نذكر منها: انهيار جهاز الشرطة أمام موجات الجماهير في يناير7791 في اعقاب موجات الغلاء التي أحدثها رجال المجموعة الاقتصادية والوزارية. وحدثت أعمال تخريب لم يسبق لها مثيل, ونزلت القوات المسلحة الي الشارع وأنقذت البلاد من كارثة محققة. اقتحام مديرية أمن اسيوط أعقاب اغتيال الرئيس السادات في عام1891, وما استتبع ذلك من تعرض المواطنين للخطر, وسقوط قتلي. احداث الأمن ا لمركزي وتسرب أعداد غفيرة من جنود الأمن المركزي في شارع الهرم, وانضمام اعداد غفيرة من المتشردين والغوغاء في الشوارع عام6891 ونزول القوات الملسحة الي بلاد وفرض حظر تجول. وأخيرا ما حدث في نياير.1102 وقد ألقت تلك الأحداث بظلالها علي جهاز الشرطة وفي الفترات الزمنية ما بين تلك الأحداث تحول جهاز الشرطة الي جهاز للقمع واصبحت صورته الذهنية لدي المواطنين سلبية, وعلي الاخص المثقفين منهم, وانعدمت الثقة تماما في الجهاز, وأصبح أي حادث فردي يقع ضابط او فرد من أفراد هذا الجهاز, تسلط عليه أضواء الاجهزةالاعلام بصورة سلبية مما جعل قطاعا كبيرا من المواطنين ينظرون الي جهاز الشرطة علي أنه جهاز قمعي فقط دون النظر الي الجوانب الايجابية التي تقوم بها الشرطة. طبيعة عمل جهاز الشرطة, فمن حيث تكوينه كهيئة مدنية نظامية, جعلت تصرفات افراده محكوم بطابع خاص, جعلته اقرب الي الطابع العسكري وهو ما لا يتناسب مع مفردات التعامل اليومي مع مواطنين مدنيين وفضلا عن هذا ما ورثه الجهاز من ميراث عهود طويلة في ظل حكومات قمعية تعودت فيه تلك الحكومات علي استخدام هذا الجهاز لممارسة استبدادها. معايير تقييم ضباط الجهاز, وما يترتب عليها من كيفية اختيار القيادات بحسب الطاعة المطلقة وتنفيذ الأوامر والتعليمات دون تمحيص مما كان له تأثيره علي نظم الرقية والمكافآت وكيفية تسيير عمل الجهاز, وقيام الجهاز بلفظ ذوي الفكر والرأي من أبناءه. وفضلا عن ترقية من لا يستحق وظهور قيادات عاجزة عن اتخاذا قرارات هامة, وهو ما ظهر بوضوح في الأحداث الأخيرة, عندما غادر الوزير مكتبه, غادرت خلفه معظم القيادات. اختيار وزير داخلية من بين القيادات العليا للوزارة, وهو ما أورث الجهاز تقاليد بالية تتمثل في تحكم المجموعة المصاحبة للوزير في الوزارة, وحجب باقي القيادات التي يتوسم منها قوة الشخصية والنزاهة. تحكم الوزيرفي كل ما يخص الجهاز ابتداء من تعيين الأفراد وترقية الضباط, وصرف العلاوات والمكافآت, حتي انهاء الخدمة, وفي الفترة الاخيرة كان الوزير يوقع قرارات انهاء الخدمة بموجب كشوف تقدم من معاونيه, ولكثرة تلك الأسماء, فان الوزير لا وقت لديه ليطلع بنفسه علي أسماء هؤلاء الذي ينهي خدمتهم بتوقيع واحد. عدم وجود سياسة طويلة ثابتة وطويلة الاجلة لدي الوزارة تسير عليها, مما جعل كل وزير يأتي بسياسة جديدة ويلغي ما قبله, بل واحيانا ما يقوم الوزير الحالي بتسفيه اعمال الوزير الذي يسيقه, ولا ينظر أبدا الي الايجابيات التي يمكن ان يكون الوزير السابق قد أوجدها, كما أن القيادات الاولي والوسطي من ضباط الشرطة, منهم رؤساء نقط الشرطة ومأموري في المراكز والاقسام وبعض المواقع الشرطية ينفذون التعليمات الصادرة اليهم حرفيا. وللخروج من هذا الوضع فإننا نقترح: أن يكون وزير الداخلية من رجال السياسة, كان آخر وزير مدني وسياسي تولي وزارة الداخلية هو سليمان حافظ وكان تولاها من قبله عدد من السياسيين منهم احمد لطفي السيد وعلي ماهر ومحمود فهمي النقراشي وفؤاد سراج الدين وهم سياسيون ناجحون. تعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة رقم109 لسنة1978 بحيث تسمح للمجلس الاعلي للشرطة بأن يتولي اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون, ودون العرض علي الوزير, تماما كما في حالة المجلس الأعلي للهيئات القضائية كي يتحقق لرجال الشرطة حيدتهم ونزاهتهم وتشمل تلك الاختصاصات الترقيات وحالات انهاء الخدمة والاحالة الي الاحتياط للصالح العام, وتشكيل مجالس تأديب الضبا, واجراء التنقلات. ان تتبع الادارة العامة للتفتيش والرقابة للمجلس الاعلي للشرطة بعد تفعيل دره كي يضع الضوابط اللازمة والحاكمة لرجال الشرطة ويقنن الاخطاء المسلكية والادارية والانضباطية والعقوبات المقررة لها دون شطط أو تزيد. وضع نظام عادل للمخصصات المالية لرجال الشرطة وضرورة المساواة بينهم من حيث المتبات ولمكافآت والحوافز حسب تدرج الرتب, والغاء التمييز بين الضباط في المواقع المختلفة, بحيث تضمن تلك المخصصات حياة كريمة للضباط والأفراد علي السواء ومن المعروف أنه في وزارة الداخلية لا تخضع المخصصات الالية التي تمنح للضباط لأي نظام أو ترتيب وانما تتفاوت من شخص الي شخص ومن وظيفة الي وظيفة وقد لا يتساوي الضباط من يشغلون نفس الوظيفة والرتبة في الحوافز المالية. الغاء كافة ادارات الشرطة التي تعمل بعيدا عن مجال الأمن الجنائي بمفهومه الوظيفي, مثل ادارات حرس الجامعات, وشرطة النقل والمواصلات, وشرطة البريد والمسطحات المائية وشرطة الكهرباء وغيرها من أجهزة الشرطة التي تعمل في كافة الوزرات وأن يعود هؤلاء الي العمل في مجال الامن. اعادة النظر في أسلوب الدراسة وجدوي سنوات الدراسة التي يقضيها الطالب في كلية الشرطة والاستعانة بخريجي الجامعات. النظر في نظام أمناء الشرطة والمندوبين والعودة الي نظام فرد الشرطة المؤهل. إلغاء المادة60 من قانون هيئة الشرطة رقم109 لسنة1971 بما يسمع للضباط السابقون بالتعبير عن آرائهم في أجهزة الاعلام وتقدير فترة زمنية مناسبة للافراج عن وثائق الداخلية كما هو متبعفي الدول الديمقراطية. ومما لا شك أن الفرصة مواتية لتفعيل اصلاحات جذرية في جهاز الشرطة سوف تساهم تلك التعديلات في تحقيق أداء أفضل للجهاز